العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ

مساحة حرة - يموتون بموته

الإنسان، يخرج من بطنِ أمه رضيعاً نقياً. يكبر، يشيخ ثم يموت. عند موت الإنسان تموت معه أشياء عدة، ليس من ضمنها المال والممتلكات، لكن من ضمنها العشق، الفِكر، الأمل والدافعية. كيف ذلك؟ أسئلةٌ كثيرة تحتاج لإجاباتٍ مقنعة.

المال والممتلكات، أشياء لا تموت مع الإنسان لأنها "أشياء مادية"، عند موت الإنسان يتوارثها نسله، كل الأشياء المادية التي تخصه، غالية، عزيزةٌ أم نادرة فكلها أشياءٌ ماديةٌ زواله، لا تبقى مخلدةً معه عند موته.

العشق، الفِكر، الأمل والدافعية، أشياءٌ تموت مع الإنسان لأنها "أشياء معنوية". فالسؤال هنا، متى وكيف ولدت هذه الأشياء لتموت؟. حيرةٌ أخرى.

الإنسان، يموت مرة واحدة، و في بعض الأحيان يموت مرتين، مرتين مختلفتين غير متشابهتين.

طريقة الموت الأولى، وهي التي سيتذوقها الجميع، هي الموت الجسدي أيّ خروج الروح من الجسد، بما معناه يصبح الإنسان جثة هامدة لا تقوى على فعل شيء. عند موت الإنسان بهذه الطريقة، لا يموت المال ولا الممتلكات.

الطريقة الثانية للموت، هي الموت العقلي، وهي تختلف تماماً عن الموت الجسدي. الموت العقلي يعني عدم استخدام النعمة التي أنعمها الله تعالى للإنسان وهي العقل. عند موت الإنسان بهذه الطريقة، يموت العشق، الفِكر، الأمل والدافعية.

العشق، يولد مع إعجاب، حب ومعزَّة إنسان آخر وتبادل الشعور معه لحد الجنون. يموت العشق عند موت الإنسان عقلياً، فإن موته بهذه الطريقة لا يعرف كيف يحافظ على عشقه للإنسان الذي أحبه لأنه لا يستخدم عقله.

الفِكر، يولد مع تعلم الإنسان وجمعه للمعلومات التي من حوله، سواء من خلال القراءة أو الملاحظة أو من خلال نتائج تجارب سابقة. يموت الفِكر عندما يمتنع الإنسان عن استخدام عقله، فإذا أقفله لن يولد الفِكر، وإذا فتحه وكان يملك من الفِكرِ قليلاً ومن الجهلِ كثيراً بالنسبةِ لعمره، فمن المؤكد أن فكره سيموت بوجود الجهل الكثير، والعكس صحيح.

الأمل، يولد عند تفكُر الإنسان ورغبته في تحقيق هدف ما، ويموت عندما يصبح الإنسان عقيماً، غير قادر على ولادة الأمل.

الدافعية، تولد عندما يحفز الإنسان إنساناً آخر ويشجعه، فتتولد الدافعية لدى الإنسان المُشجَع لعملٍ عظيم، وتموت الدافعية لدى الإنسان عندما يأتي إنسانٌ آخر ويمحيها بعباراتِ نقدٍ جارحة أو تصرفات طائشة.

كل إنسان على وجه الأرض قُدِرَ له أن يعيش عليها ولهدف! ولا يوجد إنسان يعيش بلا هدف. الناس جميعاً سلسلة متكافلة بقدراتٍ مختلفة. موت الناس جميعاً بالطريقة الأولى، يدل على سلسلة مثالية. موت بعض الناس مرتين، يدل على سلسلة مشوهة، أما موت جميع الناس بالطريقة الثانية، يدل على سلسلة فاسدة. بأيدينا نتحكم بنوع السلسلة التي سنشكلها ونعيش فيها.

نوراء عبدالرزاق علي البناء

العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً