العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ

مساحة حرة - صلة الرحم تحت رحمة تطور التكنولوجيا

ليلى حسين نعمة
ليلى حسين نعمة

في خضم التطورات التقنية الأخيرة في عصرنا الحاضر من وسائل الاتصال والأجهزة الإلكترونية والبرامج المتجددة، نرى الكثيرين قد انشغلوا بها كباراً وصغاراً وبات التواصل مع الآخرين عن طريقها إلى أن أصبحنا نراها كمادة أساسية لا نعيش من دونها! ولقد بدأ المجتمع في «تقطيع» صلات الرحم تدريجياً، عندما استغنى بالهاتف عن الزيارة، ثم بالرسالة عن المكالمة.

ولما لصلة الرحم من فضل وأثر كبير على المجتمع فلا عجب أن الله سبحانه وتعالى قد أمرنا بها، بل وشدد على تطبيقها بيننا ونهى عن قطعها. ولا ننكر أن وسائل الاتصال الحديثة ساعدتنا كثيراً في البقاء على اتصال مع الأقارب والأصدقاء والأحباب وخصوصاً مع اتساع الفجوات بين المجتمع وبعد المسافات، إلا أنها أفقدت مستخدميها الدفء والحنان الأسري وجعلتهم يكتفون بالتواصل الافتراضي بدلاً من التواصل الحقيقي وقضاء الأوقات السعيدة مع أهليهم وذويهم.

يبرر البعض ذلك بضغوط واجبات العمل وتكدس المرور وزحام المواصلات وضيق الأوقات ولكن تقع المسئولية على الوالدين تجاه الأبناء في ضرورة صلة الرحم ليعرفوا عائلتهم ويتقربوا منهم، لأن الطفل إذا رأى أبويه متهاونين في هذا الأمر فبالطبع لن يعير له أي اهتمام حتى عندما يكبر.

لا يعد التواصل مع الأهل وزيارتهم ترفاً، بل هو احتياج حقيقي على الأسر أن تدركه وخصوصاً أننا تحولنا من عصر الأسرة الممتدة إلى عصر الأسرة النواة، فبدلاً من أن يكون للولد شقيق أو شقيقة واحدة يمكننا بتعريفه على أقاربه فيكون له مجموعة أشقاء من الأهل وبذلك يكون صداقات ناجحة تتم أمام أعين الوالدين بدلاً من أن يشكوا عندما يكبر بأنهما لا يعرفان عن أصدقائه أي شيء.

من جهة أخرى، لدى الجميع أولويات ومتطلبات يسعى لها باتجاهه للحياة المادية والانشغال بالبحث عن لقمة العيش وانتشار وسائل الإعلام والاتصال، وهذا ما جعلنا نقبع في بيوتنا. ففي السابق كان الترويح عن النفس يكون بزيارة الأقارب، لكن مع تطور الأمر باتت الأسرة في أوقات العطلة تفضل التنقل بين القنوات الفضائية أو إرسال الرسائل الالكترونية.

لقد ساهم هذا العالم الخاص أكثر في إبعادنا عن أسرنا حتى الموجودين معنا في المنزل وقد تأثرت حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية بالإنترنت إلى أن أصبح التطور التكنولوجي يؤثر سلباً على المجتمع وخصوصاً على الحياة الأسرية وصلة الأرحام، فلو استغلت على الوجه الصحيح ما فقدنا بعضاً من هويتنا ولا نسينا أو تناسينا ما أوجب عليه العرف الإسلامي من إحياء صلة الرحم. وهنا يمكن القول أن أهم ما يجب أن يضعه الإنسان بصفة عامة نصب عينيه هو محاولة الحفاظ على ما توارثه عبر أجيال مضت من دينه وقيمه والاستغلال الجيد والأمثل للعولمة، لا بإساءة تدبيرها واستخدامها.

ليلى حسين نعمة

العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 10:16 ص

      goooooooooooooool

    • زائر 2 | 6:01 ص

      ولد المنامة

      موضوع مميز يا أخت ليلى يستحق التمعن والتأمل فيه، فعلاً أصبحت الكثير من المبادئ والعادات تحت رحمة التكنولوجيا، وبالأخص الهواتف الذكية و مواقع التواصل الاجتماعي وسوء استخدامهما، مما جعل أمورا كصلة الرحم والمشاركات الاجتماعية الحقيقة والقراءة والتثقف في مهب الرياح.

    • زائر 1 | 6:00 ص

      ولد المنامة

      موضوع مميز يا أخت ليلى يستحق التمعن والتأمل فيه، فعلاً أصبحت الكثير من المبادئ والعادات تحت رحمة التكنولوجيا، وبالأخص الهواتف الذكية و مواقع التواصل الاجتماعي وسوء استخدامهما، مما جعل أمورا كصلة الرحم والمشاركات الاجتماعية الحقيقة والقراءة والتثقف

اقرأ ايضاً