العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ

مساحة حرة - للإسلام رب يحميه

يوسف الوطني
يوسف الوطني

كلنا سمعنا عن الفيلم الذي لا أسميه «مسيء للرسول» لأنه فَشَل في الإساءة كحال كل من يحاول الإساءة، وإنَّما أسميه الفيلم المقزز والمثير للاشمئزاز، فأنا إلى الآن لم ألتقِ أحداً استطاع مشاهدته كاملاً دون أن يقشعر بدنه من فرط الغيرة على الإسلام، وهو بحق مُنحَط فَنيًّا قَبل أن يكون مُنحط أخلاقِيًّا وإنسانِيًّا وعقليًّا، واستخدم أسلوباً يتعدى على الإسلام عموماً، وعلى شخص الرسول (ص) خصوصاً، بأسلوب لم يسبق لأحد أن تجرأ وأقدم عليه، ولا أظن أن أحداً سيكرِّره دون أن يفكر مليون مرة ويحسب مليون حساب قبل ذلك، لما رآه العالم من أنَّ محمداً (ص) حيٌّ في قلوب المسلمين.

عار على كل مسلم لم تدفعه غيرته للاحتجاج، بأي شكل من الأشكال، ليُدافِع عن الرسول (ص)، ليس لأن الرسول يحتاج أحداً يدافع عنه، بل لأن حب الرسول جعل الدِّفاع عنه فطرة لدى كل مسلم حقيقي، فقلمي يقف وقفة احتجاجية ليكون شاهِداً متواضِعاً يُذَكِّر كل النّاس بعَظَمَة الرَّسول (ص) تاريخِيًّا وواقِعِيًّا بعيداً عن المبالغة.

فَمَن غير الرَّسول نَهى في عمق معارِكه وحروبه ليس عن قتل النساء والأطفال فَحَسب، بل حتى عن تخريب البيوت وقلع الأشجار، وعن تفزيع وتخويف الطيور في أعشاشها، مسطِّراً أصدق وأجمل معاني الرَّحْمة والرِّفْق والوَعي والإنسانية المثالية. وأما المَوقِف المُرَصَّع بالذَّهَب الذي يَجعلنا نفتَخِرُ ونعتز بكوننا مسلمين، هو حين فتح الرسول (ص) مكة منتصِراً قادِراً على قتل من نعته بالمجنون والساحر ،حاشاه روحي فداه، واستطاع معاقبة من حاول اغتياله وقتله، ولكن ليس الرسول من ينتقم ويثأر لغير الله، فبينما ينتظر كبار قريش أمره بقتلهم، عفا عنهم وقال (ص): «اذهبوا فأنتم الطلقاء».

لا أعلم على أي أساسٍ ينظر صانع الفيلم بهذه الدناءة إلى سيدنا محمد (ص)، فأسلوبه وأفكاره ونظرته للإسلام المضمنة في الفيلم لا تنم إلا عن جهلٍ بحت بمضمون الإسلام الحقيقي الواضح لكل من يريد أن يحصل عليه، جهلٍ نتج عن التضليل الإعلامي الغربي فيما يخص الإسلام، ولكن من خرج عن دائرة الوَهم الإعلامي الذي يُصَوِّر الإسلام بأنّه دين عنف، لرأى بأم عينيه كيف أن الإسلام هو عكس ذلك تماماً.

إنَّ الشَّواهِد التاريخية الإسلامية في عظمة النبي لا تُعَد ولا تُحصى، ولكن الشواهِد الأثمن والأنفَس هي تلك التي اعتَرَف بها غير المسلمين من المثقفين الذين يبنون نظرتهم وأفكارهم وأقوالهم على الدَّليل والحيادِيَّة، فها هو جورج برنارد شو،كاتب مسرحي إيرلندي متفرد بحصوله على جائزتي نوبل في الأدب، يقول في كتابه «الإسلام الأصيل» عن الرسول (ص): «لقد درست أمر هذا الرجل، فوجدته رجل مدهش، وتوصلت إلى أنه يجب أن يُسَمّى منقذ البشرية، وأعتقد لو أنه تقلد حكم العالَم الحديث سوف ينجح في حل مشاكله بأسلوب يجلب السلام والسعادة كما ينبغي». ويقول جوهان وولفجانج، عالم وفيلسوف ومفكر ألماني شهير: «نحن في أوروبا بمعتقداتنا ومبادئنا، لا يمكننا الوصول لما وصل إليه محمد، ولا يمكن لأحد أن يتعداه».

أفديك بروحي يا منقذ البشرية كم أنت عظيم، أسرت أقلام كل من عرفك حق معرفة، فَمُجْبَرٌ على مدحِكَ كل عقل نَظيِف.

قال الله تعالى: «وإذا خاطَبَهُم الجاهلون قالوا سَلاما» (الفرقان: 23). فأتمنى أن نستمر في حُبِّنا للرسول والإسلام، ولكني أدعو جميع المسلمين الذين غضبوا إثر الإساءة، لأن يترجموا غضبهم بقاموس حب الرسول والإسلام، لا بحرق السفارات والقتل والتَّعَرُّض للقتل، فرسول الله (ص) قائدنا، فكيف ندافِعُ عنه بأساليب هو والله نهانا عنها؟ تَفَكَّروا وتأمَّلوا.

يوسف مهدي يوسف الوطني

العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 11:37 م

      روحي له الفداء 2-2

      وبمجرد ان باحر جسده الطاهر الثرى تعرضوا الى عرضه و ثمرة فؤاد ابنته فاطمة الزهراء و اغتالو الاسلام بهتكهم حرمتها وهجومهم على دارها و اسقاط جنينها و تكسير اضلاعها!
      فمنذ رحيل النبي محمد روحي له الفداء بدأ يتعرض النبي للاساءة بالتعديï»»ت على حراماته و قتل أهل بيته ظلما وجورا من أناس عرفوه حق المعرفه
      فكيف بشخص كافر جاهل اعمى البصيرة لم يفقه عن الاسلام شيء ولم يعرف الرسول
      بالتأكيد لا أعني بهذا القول تصغير فعلته الشعناء !
      فكل من تجرأ على النبي مذ ان فاضت روحه الطاهر هم من نسل واحد وجزائهم جهنم

    • زائر 1 | 11:32 م

      روحي له الفداء 1-2

      ابدا تعليقي بالصلاة والسلام على أشرف الانبياء و المرسلين محمد واله الطيبين الطاهرين
      'ويل امة حملت العار كل العار بالتعدي على من اسطفاه الله فلا غرابة في ذلك يمثلهم مثل من تعدى على ابنة رسول الله فاطمة الزهراء روحي لها الفداء
      فحين يكون هذا الجاهل لم يسبق له ان عرف الرسول ومن هو ولم يعرف ماهو الاسلامية حق المعرفه ،، فما عساني أقول عن قوم عاصروا سيد الخلق محمد صلى الله عليه واله وسلم
      وبمجرد ان باحر جسده الطاهر الثرى تعرضوا الى عرضه و ثمرة فؤاده ...
      يتبع ..

اقرأ ايضاً