العدد 3788 - السبت 19 يناير 2013م الموافق 07 ربيع الاول 1434هـ

قانون العمل الجديد... أسوأ قانون تشهده البحرين (1)

علي محسن الورقاء comments [at] alwasatnews.com

محامٍ بحريني

قلنا ذات مرة، في مقال سابق في شأن «ما يجب أن تكون عليه هوية القائمين على إعداد مسودة القوانين أو تعديلها»، أنه يتوجب أن تتوافر في هؤلاء ثلاث مميزات على الأقل، وهي: (أولاًً) معرفة القاعدة القانونية؛ من حيث الإحاطة بأبعادها وشروطها وكيفية صياغتها؛ (وثانياً) الخبرة في مجال العمل المرتبط بالقانون المراد تعديله أو إصداره؛ (وثالثاً) معاصرة الواقع بالتوطن أو الإقامة الطويلة.

وحيث صدر قانون العمل الجديد رقم (36) لسنة 2012 المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 2 أغسطس/ آب 2012 في العدد 3063 والذي تصدرت بداية وزارة العمل بمفردها لإعداد مسودته واقتراح نصوصه منذ عام 2001 ثم انتهى الأمر إلى إصداره بنصوصه الحالية، فأُلغي بموجبه قانون العمل القديم رقم (23) لسنة 1976 قانون رقم (14) لسنة 1993.

وبمراجعة القانون الجديد أوقفتنا العديد من نصوصه التي تحيط بها الكثير من المآخذ، سواءً من حيث الشكل أو الصياغة أو المضمون، التي لم نكن نتوقعها مطلقاً، وخاصةً أن ولادة هذا القانون جاءت بعد حملٍ دام إحدى عشرة سنة يفترض أن يكون حسن الخلقة مكتملاً غير مشوه.

وعلى رغم أن هذا القانون تضمن بعضاً من النصوص لصالح المرأة العاملة، إلاّ أن هذه النصوص لا تعدو سوى نقاط صغيرة بيضاء في وسط دائرة كبيرة سوداء كاتمة، ما يجعلنا نخرج بمحصلة نهائية أن هذا القانون هو أسوأ قانون عصري تشهده مملكة البحرين.

ولكي لا نطيل في المقدمة نبدأ في الولوج في نصوص هذا القانون ونختار بعضاً من نصوصه ضمن دائرته السوداء، لنعقب عليها مادةً تلو الأخرى بالتعليق عليها في حلقات متسلسلة ومتتابعة نبدأها في هذه الحلقة، بما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة الرابعة على أن «يستمر العمل بأية مزايا أو شروط أفضل تكون مقررة أو تقرر في عقود العمل الفردية أو الجماعية أو أنظمة العمل بالمنشأة أو غيرها أو بموجب العرف».

هذا النص، رغم ركاكته وسوء صياغته بشكل لا يليق أن يكون نصاً في القانون، بحيث يظهر أن من قام بصياغته غير محيط بأبعاد القاعدة القانونية ولا يحسن صياغتها، فقد جاء - علاوة على ذلك - مغايراً لنص قانوني يقابله في المادة رقم (153) من قانون العمل الملغى لسنة 1976 التي ورد فيها النص التالي: «ولا يجوز المساس بما اكتسبه العامل من حقوق بمقتضى أية اتفاقية أو لوائح النظم الأساسية أو قرارات التحكيم أو ما جرى العرف أو اعتاد صاحب العمل على منحه للعمال».

وبمقارنة النصين السابقين نلحظ أن قانون العمل الجديد لسنة 2012 وقف موقفاً سلبياً في غير صالح العمال، وهذا الموقف السلبي سندرك لاحقاً كم هو ضار للغاية، وذلك للأسباب التالية:

أولاً: كان يفترض أن يؤكد النص سابق الذكر بعبارة واضحة لا تحتمل التأويل وبقاعدة آمرة على «عدم المساس بما اكتسبه العمال من حقوق» على النحو الذي جاء في نص المادة رقم (153) من قانون العمل السابق لسنة 1976. وهو ما خلا منه نص المادة الرابعة من قانون العمل الجديد.

ثانياً: من المقرر - طبقاً لما نصت عليه معظم القوانين والاتفاقيات العمالية الدولية - أن الحقوق العمالية تكتسب بمقتضى إحدى المصادر التالية: القانون، أو عقد العمل، أو لوائح الأنظمة الأساسية للمنشأة، أو قرارات التحكيم، أو العرف، أو ما اعتاد صاحب العمل على منحه للعمال.

وهذه المصادر الستة نص عليها قانون العمل القديم على نحو ما تقدّم، تضفي على الحقوق العمالية صفة الحق المكتسب، بحيث يستطيع العامل بمقتضى أي واحد من هذه المصادر أن يطالب بالحق بصفته حقاً مكتسباً، ومن بين هذه المصادر كما ذكرنا «ما قد اعتاد صاحب العمل على منحه له بصورة منتظمة».

بيد أننا لو قمنا بمقارنة نص المادة رقم (153) من قانون العمل الملغى لسنة 1976 ونص المادة الرابعة من قانون العمل الجديد سابق الذكر لوجدنا أن هذا الأخير قد حذف مصدراً مهماً من مصادر الحق وهو «ما اعتاد صاحب العمل على منحه للعمال».

فلو افترضنا مثلاً أن بنكاً من البنوك قد اعتاد على أن يصرف لموظفيه أو لبعض منهم أجر شهرٍ إضافي بنهاية كل عام ميلادي (وهو ما يطلق عليه أجر الثالث عشر) وكان هذا الاعتياد غير مبني على اتفاق صريح في عقد العمل، فإن هذا الاعتياد بمقتضى قانون العمل القديم يصبح حقاً مكتسباً للموظفين لا يستطيع البنك المساس به، من حيث أنه جاء بمقتضى قاعدة قانونية آمرة. في حين أن قانون العمل الجديد حذف عبارة «ما اعتاد صاحب العمل على منحه للعمال» ما يعني أنه حذف مصدراً من مصادر الحق آنفة الذكر، وبالتالي يستطيع البنك في مثل الحالة المشار إليها أن يلغي صرف الراتب الثالث عشر مهما طالت مدة اعتياده على صرفه لموظفيه، ولن يكون ملزماً به كحق مكتسب بحكم القانون الجديد.

لذلك وبناءً على ما تقدّم نكون قد وقفنا على سوأة من مساوئ قانون العمل الجديد، وسنقف بالتتابع على باقي هذه المساوئ في الحلقات المقبلة.

إقرأ أيضا لـ "علي محسن الورقاء"

العدد 3788 - السبت 19 يناير 2013م الموافق 07 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 1:32 م

      مساحةللاستشارات القانونية

      شكرا للاستاذ المحامي و الوسط،اقترح على الوسط بأن تجدد مساحة للاستشارات القانونية .وشكرا لكم على هذه التوضيحات القانونية المهمة.

    • زائر 3 | 1:27 م

      قانون 117 و بابكو

      احسنت يااستاذ،وهذا ما تقوم به شركة بابكو من خلال الاخذ بقانون 117 و ذلك بالفصل الاجباري للموظفين المحالين على العمل الخفيف من الموظفين الشباب الذين لم يكملوا النصاب القانوني ليكونوا اعضاء في التأمينات!على الرغم بأن هناك قوانين اخرى تعمل لصالح العمل لو انها اخذت في الاعتبار و طبقت تطبيقا عادلا، ولكن ماذا بأمكان العامل فعله لكي يحارب هذه القوانين المأخوذ ه و المطبقة من قبل اناس قليل بأن تقول بأنهم بلا ضمير و لا انسانية.

    • زائر 2 | 6:48 ص

      من يشرع؟

      المشكلة أن البرلمان صوري ومؤلف من مجموعة لا تهمها سوى معاشاتها، حتى أنهم لا يرون أبعد من أنفهم.
      الحكومة وتطلب منهم البصم وهم يفعلون ذلك بمنتهى السعادة، وللأسف القوانين ضد الشعب وضد أبنائهم ولكنهم لا يعون شيئا.

    • زائر 1 | 3:17 ص

      الضرر يعم الجميع

      هذا الموضوع مسكوت عنه مع ان ضرره يعم كل العمال من السنة والشيعة. القوم في بات عميق.

اقرأ ايضاً