العدد 1556 - السبت 09 ديسمبر 2006م الموافق 18 ذي القعدة 1427هـ

مكفوفون يضيئون دروبهم بالإرادة ويشعلون الشموع في الظلام

مهرجان «أنا صديق الكفيف» يروي حكاية الألف ميل...

أمام البحر، والريح الباردة تهب، شعر أحمد برغبة في الوقوف مستمعاً إلى صوت الموج يلتطم بالصخور ويستنشق رائحة البحر ليجدد إرادته في إضاءة دربه وإشعال شمعة في الظلام، ففقدانه للبصر لم يمنعه من أن يشق طريقاً صعباً ويتعلم ويطمح أيضاً لأن يكون عنصراً فاعلاً في المجتمع.

وليس أحمد وحده الذي وقف أمام البحر، فالعشرات من المكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة وذويهم وأصدقائهم شاركوا صبيحة أمس في مهرجان «أنا صديق الكفيف» الذي نظمه المعهد السعودي البحريني للمكفوفين والجمعية البحرينية لرعاية المكفوفين على كورنيش الملك فيصل تحت رعاية مستشار وزير التربية والتعليم محمد حسين الجودر بمناسبة اليوم العالمي للمعوقين الذي يصادف الثالث من ديسمبر/ كانون الأول من كل عام بمشاركة عدد من الجمعيات العاملة في مجال رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة وعدد من المتطوعين، بالإضافة إلى مشاركة ملحوظة من جانب وفد للمكفوفين حضر من العراق الشقيق.

وقبيل إطلاق صفارة الانطلاق، ألقى رئيس الجمعية البحرينية لرعاية المكفوفين حسين الحليبي وراعي الحفل محمد حسين الجودر كلمتين تحدثا فيهما عن العمل من أجل دمج المكفوفين في التعليم النظامي بشكل كامل بعد تجربة إدخال المكفوفين في المرحلتين الإعدادية والثانوية وجزء من المرحلة الابتدائية، ويجري العمل على إكمال التجربة بقبول المكفوفين في المراحل التعليمية الثلاث.

وتوجه الحليبي بالتعبير عن العرفان والتحية لكل من دعم وساهم في تنظيم هذه الفعالية، كما وجه كلمة شكر خاصة للوفد العراقي الذي تحدى الجراح والمعاناة ليشارك في المهرجان، وهو الأمر الذي كان له وقع خاص في نفوس أعضاء الفريق الذين عبروا عن سعادتهم بهذه المشاركة.

وبالنسبة إلى أولياء أمور المكفوفين، فإن هذا الاهتمام يعني الكثير، إذ إنهم يجدون أن تخصيص برامج الدمج للمكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة لدمجهم في التعليم النظامي وضمن إطار الاندماج في المجتمع يزيل النظرة الدونية عنهم ويمدهم بالعزيمة والإرادة القوية لبذل الجهد وتحدي الصعاب.

وتقول إحدى الأمهات إنها شعرت بالسعادة لتنظيم هذا اللقاء وخصوصاً أن الالتقاء بذوي الاحتياجات الخاصة مع بعضهم بعضاً ومع المسئولين والمتطوعين والباحثين يثير شعوراً بالراحة والطمأنينة، وهي تتمنى أن تستمر مثل هذه الفعاليات في ظل محدودية البرامج الاجتماعية والرياضية والثقافية الموجهة لذوي الاحتياجات الخاصة. وتشدد رئيسة لجنة فن التوجيه والحركة في المعهد السعودي البحريني للمكفوفين وعضوة جمعية الصداقة للمكفوفين معصومة محمد تقي تدين أن المشاركة في هذا المهرجان تعكس القناعة بالتوجه لإدماج المعاقين في المجتمع، وقد ابتكرت شعار «أنا صديق الكفيف» للتعبير عن الدعم الاجتماعي لهذه الفئة وتأكيد استمرار الدعم لهم في الوقت الذي رأت فيه ضرورة تعزيز فكرة دمج المكفوفين في المدارس النظامية، وخصوصاً أن التوجه قائم لدى وزارة التربية والتعليم.

وتشير تدين إلى أن تجربة إدخال المكفوفين في المرحلة الابتدائية بدأت العام الجاري، وتبذل الجهود من أجل تحقيق الدمج الكلي في المراحل التعليمية الثلاث، ولكنها تؤكد أن من الأهمية بمكان أن يدرك المجتمع أهمية هذه الفئة التي لها حقوق وعليها واجبات، داعية المسئولين أيضاً إلى الاهتمام بهذه الفئة وإعطائها حقوقها كاملة.

وتختم بالقول إنها تأمل في تحقيق هذا الهدف في ظل التوجهات الرسمية والأهلية، ومع وجود بعض المعوقات لكن هناك حاجة إلى دراسة مكثفة بوجود لجنة تنسيق لتوفير الوسائل المناسبة لإنجاح الخطة.

من جانبه، يتفق عضو لجنة فن التوجيه والحركة إياد الطويل مع الآراء المطالبة بدمج المكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع والتركيز على تكثيف الفعاليات الأهلية والحكومية الموجهة لهذه الفئة لإيصال الرسائل التي تعكس الواقع المعاش في المجتمع.

وتحول المهرجان بعد انتهاء ماراثون المشي إلى لقاء اجتماعي بين ذوي الاحتياجات الخاصة والأهالي، ما منح فرصة سانحة للتعارف وتبادل الخبرات، لكن الصورة الأوضح هي أن المشاركين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وخصوصاً المكفوفين منهم يحملون إرادة قوية للمضي قدماً إلى المستقبل من دون النظر إلى الإعاقة أو اعتبارها حاجزاً يمنعهم من العيش والعطاء والعمل، مجسدين مقولة «مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة»، أصدقاؤنا المكفوفون لم يلعنوا الظلام، ولكنهم أشعلوا الشموع

العدد 1556 - السبت 09 ديسمبر 2006م الموافق 18 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً