العدد 1556 - السبت 09 ديسمبر 2006م الموافق 18 ذي القعدة 1427هـ

دور الأطلسي في أمن الخليج ثوب أوروبي فضفاض لا يغني عن الأميركي

نظم حلف شمال الأطلسي مؤتمر أمن الخليج في قطر في ديسمبر/ كانون الأول 2005 بالتعاون مع مؤسسة "راند" الأميركية في إطار سعيه لفتح حوار مع دول الخليج العربية، بحثاً عن دور أمني في المنطقة ووضع تصور لشراكة مستقبلية بين الأطلسي والعواصم الإقليمية، بعد انتهاء مهمته كحارس لبوابة الغرب في مواجهة الستار الحديد، طيلة النصف الثاني من القرن الماضي. كان يحلو للزعيم البريطاني الراحل ونستون تشرشل ترديد مقولة للفيلسوف الانجليزي جون لوك تقول إن "الشرطي الذي يتجاوز صلاحياته يتحول إلى قاطع طريق". وثمة مثل صيني يقول "بداية الحكمة تسمية الأشياء بأسمائها الصحيحة"... لذلك، ما هي أهداف التعاون الأطلسي- الخليجي، وفي أي اطر يتم؟ وما هي الشروط المطلوبة لإنجاحه؟ ويبقى السؤال الأهم: هل يغني مثل هذا التعاون عن الحاجة إلى الدور الذي تضطلع به الولايات المتحدة، كـشرطي العالم بعد انتهاء الحرب الباردة؟

في "مبادرة اسطنبول" عرض الأطلسيون "شراكة" على 7 دول "متوسطية" دخلت في حوار مع الحلف. كما عرضوا حواراً مع دول الخليج العربية، للوصول إلى شراكة "فضفاضة" تلبي رغبة تلك الدول، كل بحسب احتياجاتها. وتراوح "الخدمات" المعروضة بين التعاون لمكافحة الإرهاب ومواجهة التسلح النووي إلى الإفادة من خبرات الحلف في مواجهة الكوارث الطبيعية والبيئية ومكافحة تهريب الأسلحة الخفيفة والمخدرات، بما يشمل تقديم برامج تدريب وتأهيل للكفاءات المحلية وتخطيط مشترك. نجح المشاركون في مؤتمر الدوحة "الأطلسي وأمن الخليج" في تفادي الغوص في مستنقع العراق، ولم يتم التطرق إلى الموضوع سوى عرضاً، بخلاف مؤتمر سبقه بيوم واحد في الدوحة أيضاً، جمع برلمانيين من دول الأطلسي ونظراء لهم من الخليج العربي، عرضوا مخاوفهم من سيناريوهات "الفوضى" و"التقسيم" المحتملة في العراق. يأتي ذلك في وقت يثير التدخل الأميركي في العراق جدلاً حامياً في الكونغرس، ما اضطر الرئيس جورج بوش إلى التعهد بخفض عديد القوات الأميركية هناك، ملقياً المسئولية على كاهل "الأطلسي" لتأهيل قوات محلية تتولى إعادة الاستقرار تدريجياً إلى بلادها.

من الواضح أن القرار الأميركي يفسح المجال أمام تعاطٍ أوروبي اكبر، من خلال الأطلسي، مع الأزمات المفتوحة في المنطقة، مثال على ذلك الدور الذي كانت تلعبه الترويكا الأوروبية في المفاوضات النووية مع إيران. ربما لهذا السبب لم يظهر "عداء واضح" لإيران في مداخلات المسئولين الأطلسيين في مؤتمر الدوحة، بل كان هناك تساؤل من جانب أحد ممثلي مؤسسة "راند" عن احتمالات إشراك طهران في حوار مع الأطلسي... في إطار "الشمولية" المرجوة لمثل هذا التعاون في المنطقة كافة، وخصوصاً أن "الأطلسي" يضطلع الآن، بدور أساسي في استعادة الاستقرار الأمني في أفغانستان المجاورة. والملاحظ الآن وبعد سيطرة الحزب الديمقراطي على الكونغرس في أميركا أن هناك أصواتاً صارت تدعو إلى فتح حوار مع طهران وسورية لإحلال الأمن في العراق المجاور.

حروب الأمس... والمستقبل

استند مسئولو الحلف لتسويق مبادرتهم في الخليج إلى نجاحاته في إطفاء نيران الحروب في البلقان (البوسنة وكوسوفو)، الأمر الذي حرص الأمين العام للأطلسي دو هوب شيفر على الإشارة إليه في كلمته أمام المؤتمر، مفسحاً المجال أمام الطامحين في شراكة مع الأطلسي في المنطقة (تحديداً البحرين وقطر والكويت والأمارات)، لتطمين الرأي العام في دولهم إلى أن الأطلسي ليس تجمعاً مناهضاً لديانتهم ولا لثقافتهم. لكن هذا النوع من تفهم الآخر، يحتاج إلى توضيحات من الشركاء العتيدين الذين يتعين عليهم شرح ما يريدونه من المنظومة الأمنية الأطلسية التي تحرص على الاستماع إلى حاجاتهم وتطلعاتهم قبل عرض الصيغة النهائية للشراكة المقترحة.

ولاشك في أن الحديث عن شراكة أطلسية - خليجية، لا يمر في المنطقة من دون شكوك كبيرة، مغلفة بنظريات عن "الهيمنة" والسعي إلى الاستئثار بالثروات النفطية والغازية. والواقع أن احتكار مصادر النفط أمر مستحيل، فهو بخلاف المياه، سلعة معروضة في الأسواق، في حين أن النزاع على المياه هو المصدر الرئيسي للتهديدات مستقبلاً، كما يجمع الخبراء العسكريون. وليس سعي الأطلسي إلى دور أمني في دول منتجة للنفط (في آسيا الوسطى مثلاً)، سوى محاولة لإرساء الاستقرار وتأمين إمدادات حرة إلى السوق الدولية لتفادي الاضطرابات

العدد 1556 - السبت 09 ديسمبر 2006م الموافق 18 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً