العدد 1556 - السبت 09 ديسمبر 2006م الموافق 18 ذي القعدة 1427هـ

منتديات المستقبل: تراجع دعوة الإصلاح... وتقدم القضية الفلسطينية

الوسط - المحرر السياسي استضاف الأردن يوم الجمعة الماضي الدورة الثالثة من «منتدى المستقبل «لنشر الديمقراطية والإصلاح في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمشاركة وزراء خارجية مجموعة الثماني ودول أوروبية وعربية وإسلامية. وأتي انعقاد المؤتمر في أعقاب مبادرة «مشروع الشرق الأوسط الكبير» التي أطلقها الرئيس الأميركي جورج بوش في قمة مجموعة الثماني (الصناعية الكبرى) في يونيو/ حزيران 2004 من أجل صوغ «شراكة بعيدة المدى مع قادة الإصلاح في الشرق الأوسط الكبير» و»تشجيع الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المنطقة»، بحسب نص المبادرة. وقال يوست هيلترمن من مجموعة إدارة الأزمات «إن الأنظمة العربية لا ترغب عموماً بإجراء إصلاحات مؤسسية لأنها لا تريد التخلي عن السلطة». وأضاف «هم يخشون أنهم إذا ما تخلوا عن القليل فإنهم سيضطرون إلى التخلي عن كل شيء». وبالنسبة إلى فارس بريزات من مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية فإن المشكلة تكمن في أن الشعوب العربية المطالبة بالإصلاح لا تضغط على حكوماتها بالشكل الكافي للتغيير.

وقال إن «استطلاعات الرأي في الكثير من الدول العربية تظهر التأييد الكبير للديمقراطية، والغالبية العظمى من الناس يختارون النظام الديمقراطي عندما يسألون عما يفضلونه سياسياً». وبالنسبة للكثير من المراقبين فإن الديمقراطية أصبحت موضع تساؤل كبير عندما فرض الغرب عقوبات اقتصادية على الحكومة الفلسطينية المنتخبة بشكل ديمقراطي والتي تقودها حركة «حماس». كما يلاحظ هذه المرة أن المنتدى لم يحظ بزخم إعلامي كبير بسبب المتغيرات التي تشهدها الساحة الأميركية وفشل تجربة واشنطن في العراق. ونتج عن ذلك أن تراجعت الدعوة لإحداث الإصلاح في المنطقة وتقدمت القضية الفلسطينية أجندة النقاش في المنتدى. وكانت الدورة الأولى من هذا المنتدى عقدت في ديسمبر/ كانون الأول من العام 2004 في المغرب. فيما عقدت الدورة الثانية في المنامة في البحرين في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي. ويلقى مشروع الشرق الأوسط الكبير فتوراً من قبل الكثير من دول المنطقة وضمنها الدول العربية التي تعالت فيها أصوات تنادي بـ «الإصلاح من الداخل» في مواجهة ما اعتبر مساعي للإصلاح «من الخارج». اعتبر المنظمون لمنتدى المستقبل الأول الذي عقد في الرباط، أنهم «نجحوا في إعطاء دفعة لعملية الشراكة التعاونية بين مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى وبين دول «الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا» فيما يتعلق بتحديات الإصلاح. كما أكد المشاركون في المنتدى من دول الشرق الأوسط على عزمهم «إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية». وأكدت الدول الصناعية الثماني الكبرى «عزمها على دعم دول المنطقة في سعيها هذا».

بيان الرباط

وأصدر المشاركون في المنتدى بياناً، أكدوا فيه الآتي:

- يعتبر «منتدى المستقبل» من أهم دعائم مبادرة «الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا».

- أكد المنتدى على أهمية توافر الإرادة السياسية لإجراء إصلاحات في دول «الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا».

- شارك في المنتدى 27 دولة بممثلين رفيعي المستوى، وزراء خارجية ووزراء مالية، كما شارك فيه ممثلون عن الاتحاد الأوروبي والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.

- تم التأكيد على المبادئ التي وضعتها قمة مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى للمبادرة في منتجع «سي آيلاند» بالولايات المتحدة: تشجيع الخصوصية المحلية لعملية الإصلاح في دول «الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا»، عدم فرض أية إصلاحات من الخارج، ترك الحرية لكل بلد للتقدم حسب أوضاعه الخاصة وحسب وتيرته الخاصة به ومراعاة تنوع الخصوصيات والمتطلبات لمختلف البلدان، والاعتماد في العمل المشترك على البنى الموجودة سلفاً في المنطقة «مثل عملية برشلونة»، العمل على دوام الحوار مع دول المنطقة.

- تقوم البحرين بتنظيم «منتدى المستقبل 2005»، والأردن بتنظيم «منتدى المستقبل 2006».

- أكد الحاضرون مجدداً أن تسوية النزاع في منطقة الشرق الأوسط لا يجب أن تكون شرطاً لتحقيق تقدم في تنفيذ عملية الإصلاح. كما اتحدت الآراء على أن إحراز تقدم في عملية السلام في الشرق الأوسط سيكون من شأنه إعطاء التحديث والإصلاح دفعة للأمام. وأكد وزير الخارجية الألماني على ضرورة استغلال الفرصة الحالية للتغلب على ما يعترض سبيل عملية الإصلاح من عوائق.

نقد«منتدى المستقبل»

وشارك ممثلو المجتمع المدني في وضع أساس مهم لعمل المنتدى، وتمثلت انتقاداتهم في النقاط الآتية:

- عدم أخذ مقترحات منظمات المجتمع المدني في الاعتبار عندما تم الإعداد للقاء في نيويورك.

- الدول الغربية تكيل بمكيالين فيما يتعلق بحقوق الإنسان في المنطقة.

- غياب إرادة الإصلاح لدى دول «الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا» عموماً.

مطالب المجتمع المدني

طرح ممثلو مؤسسات المجتمع المدني الذين شاركوا في اجتماعات منتدى الرباط عدداً من المطالب، منها ما يأتي:

- تطبيق مبدأ سيادة القانون.

- المساواة بين الجنسين.

- محاربة الفساد.

- عدم استغلال النزاع في الشرق الأوسط كذريعة للتمسك بالوضع القائم.

- إتاحة إمكان التواصل المباشر بين حكومات «الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا» من دون اللجوء لمجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى كوسيط.

- استحداث آلية لمراقبة ما يتم إحرازه من تقدم في عملية الإصلاح.

دعم التجارة الحرة

أما في المجال الاقتصادي، فقد أعلنت مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى دعمها لانضمام دول «الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا» لمنظمة التجارة العالمية، كما أكدت على ضرورة استكمال العمل الإقليمي المشترك ومنه عقد اتفاقات لإنشاء مناطق تجارة حرة على المستوى الإقليمي. كما أكد المنتدى على أهمية تطبيق مبادرات قمة «سي آيلاند» التي قام بعض المشاركين بتحديد تفاصيلها.

مطالب أصحاب الأعمال

أصحاب الأعمال الذين شاركوا في اجتماعات منتدى المستقبل في الرباط العام الماضي طرحوا عدداً من المطالب، من بينها ما يأتي:

- تحقيق السلام في الشرق الأوسط كمقوم للنمو.

- إزالة العوائق أمام التجارة والاستثمار.

- الاستثمار في تنمية الموارد البشرية، وخصوصاً في المجالات التي يوجد فيها نقص في المهارات في سوق العمل.

- ترسيخ دولة القانون وتفعيل مؤسساتها.

- يجب أن يستمر «منتدى المستقبل» كمنتدى للحوار بصورته الحالية، أي أن يكون «غير رسمي، مرن، منفتح وشامل».

- لا توجد حاجة لاستحداث مؤسسات جديدة.

- كما تم إبراز موضوع التعليم «وخصوصاً تعليم المرأة» الذي تهتم به ألمانيا اهتماماً خاصاً.

مؤتمر المنامة

اختتمت أعمال المؤتمر الثاني لمنتدى المستقبل في المنامة من دون «إعلان بيان البحرين».

وخرج المنتدى من دون توصيات بسبب التحفظ الذي أبدته بعض الدول العربية على عدم استخدام قوائم مسجلة لمؤسسات المجتمع المدني في حال تقديم أي دعم مادي لها من قبل مؤسسة المستقبل التي تم الإعلان عنها خلال المنتدى وخصصت موازنة لها قدرها 60 مليون دولار أميركي لدعم وتنشيط الحراك المدني في دول الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا. ومن الدول التي تحفظت على البيان مصر والسعودية وتونس وعمان. وحاولت هذه الدول التوصل إلى توافق في الآراء بشأن اللغة الواردة في «مبادئ ميثاق مؤسسة المستقبل» غير انه لم يتم ذلك على رغم أن هذه الدول حرصت على ضمان تسيير عمليات المؤسسة المقترحة وذلك بأسلوب سلس وبدأت بالتشاور أكثر من شهر، بعد أن تم التعامل بإيجابية مع هذا المقترح بما يتوافق مع القوانين الخاصة عند تلك الدول المتحفظة. فبحسب ما جاء من تلك الدول التي بعضها يحظى بأكثر من 18 ألف منظمة مجتمع مدني مسجلة قانونياً مثل مصر أن يحظى طلبها باقتصار تمويل منظمات المجتمع المدني على تلك المسجلة قانونياً فعلاً في الدول المختلفة بالقبول. مصر حاولت التحفظ على أية إشارة تتضمن موافقة جميع دول المنتدى أو ترحيبها بإنشاء «مؤسسة المستقبل» في أي وثيقة صادرة عن المؤتمر الوزاري في حال عدم تضمينها هذه التعديلات. أوضح وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أن «إعلان البحرين» كان عبارة عن فكرة طرحت في مسودة مشدداً انه بسبب ضيق الوقت لم يتسن للجميع مناقشته مقارنة لمشروعي مؤسسة المستقبل وصندوق المستقبل اللذين تمت مناقشتهما منذ أشهر طويلة.

توصيات المؤتمر الثاني

أهم ما جاء في المؤتمر الثاني لمنتدى المستقبل:

- جميع المشاركين من ممثلي الحكومات وممثلي مؤسسات المجتمع المدني أعلنوا دعم وتأسيس مؤسسة المستقبل عدا أربع دول عربية، هي: مصر، السعودية، تونس وسلطنة عمان.

- مؤسسة المستقبل دولية غير ربحية تسعى إلى دعم برامج الديمقراطية والحرية في منطقة الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا من خلال توفير دعم مادي ومساعدة على تطوير الأداء والكفاءة لمختلف مؤسسات المجتمع المدني.

- مؤسسة المستقبل سيديرها مجلس إدارة يضم أعضاء دوليين، لكن رئاسته ستخصص لإحدى دول الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا الذي يجب ألا يكون مسئولاً حكومياً، بينما المقر سيكون في إحدى المناطق التي تتوافق عليها الشروط.

- قدمت مساهمات مالية إلى مؤسسة المستقبل من دول، مثل: البحرين، الدنمارك، المفوضية الأوروبية، اليونان، سويسرا، تركيا، قطر، اليمن، بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية. ومازالت تطمح إلى تسلم مساهمات من القطاع الخاص، إذ لا يقتصر التمويل من الجانب الحكومي وخصص 60 مليون دولار أميركي للمؤسسة.

- من المقرر أن يعقد اجتماع في ديسمبر المقبل في الأردن لبحث آلية مؤسسة المستقبل.

- تأسيس مجلس إدارة مؤسسة المستقبل في منتصف يناير/ كانون الثاني2006.

- لم يتحدد مقر لمؤسسة المستقبل بعد، على رغم أن عدداً من الدول اقترحت مثل قطر والأردن.

- تأسيس صندوق المستقبل بـ 100 مليون دولار أميركي، والدول المساهمة مالياً، هي: مصر، المغرب، الدنمارك والولايات المتحدة الأميركية.

«موجز الرئاسة» بدلاً من «إعلان البحرين»

وزعت وزارة الخارجية البحرينية بياناً عنونته بـ «موجز الرئاسة» تضمن بنوداً جديدة، وافقت عليها الدول المشاركة وذلك بصدد الدراسة والتنفيذ، إذ جاء فيه:

1. رحب المنتدى بمقترح مصر بشأن إقامة مراكز بحث أكاديمية مستقلة عبر الشراكة، لتقديم النصح عن التنمية الإقليمية بشأن القضايا المناقشة في منتدى المستقبل، إذ يشكل مجلس الإدارة من ممثلي دول الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا. «وهي قد تكون محل منافسة لمشروع مؤسسة المستقبل».

2. وافق المنتدى على متابعة تصديق وتنفيذ الدول لمعاهدة مكافحة الفساد وتطوير إجراءات عملية لتحسين الشفافية في الإدارة المالية العامة.

3. رحب المنتدى بعمل برنامج حوار لدعم الديمقراطية لتشجيع مبدأ الحوار والتعاون بين الحكومات والمجتمع المدني.

4. اتفق الوزراء على تشجيع المزيد من التبادل بين محور الشباب خصوصاً. «وافقت عليه الحكومة الكويتية وقد يتم إدراجه في محاور منتدى الأردن للعام الذي ستترأسه روسيا 2006».

5. الاتفاق على عقد اجتماع تحضيري لمنتدى العام في فبراير/ شباط 2006.

منتدى الأردن

دعا المنتدى الثالث في ختام أعماله إلى إيجاد حل للنزاع العربي - الإسرائيلي كبادرة لتشجيع عملية الإصلاح في المنطقة. وأعرب المشاركون في بيانهم الختامي عن دعم «الإصلاحات في المنطقة التي يجب أن تسير بالموازاة مع إيجاد حل للنزاع العربي- الإسرائيلي».

وكرروا التزامهم بخريطة الطريق وأهمية تحقيق هدف إيجاد دولتين إسرائيلية وفلسطينية قابلتين للحياة ويعيشان بسلام وأمن وتتحقق من خلال المفاوضات بين الجابين.

وأشار البيان إلى «أهمية تشجيع الإصلاحات من الداخل». وأوضح انه «إذا كانت الحكومات هي المسئولة عن تطوير برامجها الإصلاحية فهذا الجهد يجب أن يستكمل ويدعم سياسياً واقتصادياً من المجتمع الدولي».

وفي ما يتعلق بالوضع في العراق، أعرب المنتدى عن «قلقه العميق» للأوضاع في هذا البلد و»دعمه القوي للحكومة العراقية في جهودها من أجل إحلال الآمن» ومبادرة المصالحة الوطنية. وأدان المشاركون «سلسلة عمليات القتل السياسية في لبنان» وأعربوا عن «دعمهم الكامل للحكومة اللبنانية في جهودها من اجل محاكمة المسئولين عن هذه الأعمال الحاقدة»?

العدد 1556 - السبت 09 ديسمبر 2006م الموافق 18 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً