العدد 1557 - الأحد 10 ديسمبر 2006م الموافق 19 ذي القعدة 1427هـ

هز لندن "ضاري" وبكاها!

رماني بنظرة عْـيونه، و... لدها

ومـن نظـره عرفـت إنـــه ولدها

إلى هالحين أحب أمه، والادهى...

إلى هالحين أبجي مْن الفْراق!

وأمك يا هذا الولد...

ما هي "مَرَهْ"

أمك: بلد

أمك: عراق!

((م . ر))

(1)

حكاية ما تزال تـُقرأ :

هي حكاية هذا الشيخ الجليل " ضاري المحمود " .

هذا البدوي العظيم الذي لم يتحمل غطرسة، وغرور، وجلف المستعمر الانجليزي في العراق.

ترك ولديه "سليمان" و"خميس" في الخارج، ودخل إلى اجتماعه مع الكولونيل "لجمن"

في "خان النقطة".

كان "لجمن"، مرة يُذكّر الشيخ "ضاري" بمصير من قُتل أو تم نفيه من الذين واجهوا الاحتلال من شرفاء العراق، ومرة يُذكره - ويغريه - بالامتيازات التي حصل عليها الخونة . ولأن الشيخ من سلاسة أكثر ما تمقته هو الخيانة، ولأن لديه "عِرض" يرفض العـروض... و"كرامة" ترفض التهديد... وبعد أن علت الاصوات، وأحتد النقاش بينهما... اقتحم ولديه "سليمان" و"خميس" المكان، ووجها فوّهات البنادق إلى صدر "لجمن"... أما الشيخ... فقد سلّ سيفه من تحت عباءته، وانحنى على "لجمن" الذي يتخبط بدمه، وقام بقطع رأسه.

واشتعلت "ثورة العشرين"... وقامت قبيلته "زوبع" الشمريّة بقطع طريق السكة الحديد، وما يحمله من عتاد ومؤن للجيش الانجليزي إلى بغداد... وقاموا بضرب السفن التي تحمل الجنود، واستطاعوا أن يقطعوا خط النهر عليهم، وصاروا يصنعون لهم الكمائن القاتلة... وببنادقهم البسيطة أزعجوا الاحتلال في منطقة الفرات، وقطعوا الامدادات عنه... بل انهم استطاعوا في إحدى المرات اسقاط إحدى الطائرات .

شن جيش الاحتلال الانجليزي أشرس الحملات على "زوبع" وشيخها العظيم بكل ما يمتلكه من أسلحة... وقامت سلطات الاحتلال (ومن يعاونهم) بإصدار حكم الاعدام على الشيخ وولديه، وتم قطع المياه عن ديارهم ومزارعهم... وتحت هذا الحصار، نزح الشيخ وقبيلته عن ديارهم.

مرّت السنوات، وكبر الشيخ... واشتد عليه المرض.

وفي إحدى الزيارات إلى الطبيب المعالج... خانه سائقه الأرمني، وبدلا من الذهاب إلى عيادة الطبيب توجه به الى احد المراكز، وسلمه الانجليز الذين وعدوا بمكافآت ضخمة لمن يأتي بأي معلومة عنه .

وفي محاكمة سريعة، وغير عادلة، تم تحويل حكم الاعدام، إلى السجن المؤبد... وبعد أيام ـ في السجن ـ اشتد على الشيخ الثمانيني المرض (ويُقال انه سُمّم في سجنه) مات الشيخ الجليل، والمجاهد العظيم "ضاري المحمود".

يقول الرواة:

ان ذاكرة بغداد، لا تذكر جنازة أعظم وأكثر مهابة من جنازة "ضاري"...

عبرت من "كرخ" بغداد إلى "رصافتها"... ولولا النهر لحضنت إحداهما الأخرى!

دارت الشوارع أكثر من أربع ساعات على الاقدام...

كان فيها بكاء، وحزن، وشموخ، و"هوسات"، وأهازيج:

"هز لندن ضاري وبكاها... منصورة يا ثورة ضاري... منصورة يا ثورة ضاري"

كانت النساء تبكي... وتزغرد!

كانت بغداد تبرق بأضواء العيون ودموعها، وترعد بالأهازيج.

أصر الصغار من طلاب المدارس على المشاركة، وأمام إصرارهم تنازل الكبار عن شرف

دفن الشيخ، وقام بهذا العمل تلاميذ المدارس.

كان له دمٌ حرٌ، عربي ٌ، شريف، لا يقبل الذل. دمٌ... لا تعرفه عروق الذين يسكنون "المنطقة الخضراء". دمٌ... لايزال يجري في عروق "حارث".

(2)

حكاية ما تزال تـُكتب:

"حارث سليمان الضاري".

لِـ... كَتيبة الكَتبة!

فمه: بندقية في يد أرعن

فمي: عصفور حر

ومع هذا...

كلماتي قنصت كلماته!

(1)

كتيبة الكُتاب اليوميين، تمتلك موهبة مدهشة، تمكنها من التقاط أي شيء وتحويله إلى "مقال"!

لديهم قدرات خارقة، يستطيعون من خلالها الحديث عن الفن والسياسة والدين، ولديهم القدرة بأن يُفتون في أي أمر اقتصادي، أو أي شأن محلي... بل هم - يا رعاك الله - يستطيعون أن يحددوا لك أسباب هبوط أسعار الأسهم، وأسعار البطيخ أيضاً!... طبعاً، دون الحاجة لذكر أسماء الذين سرقوا البطيخ من "بسطات" المواطنين الغلابا!

ويفهمون في زواج المسيار، والمسلسلات الرمضانية، وفوائد حزام الأمان!

ويستطيعون الحديث - دون انقطاع - عن "الهيئة"... سواء كانت "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" أو "هيئة الحكم"... طبعاً مع اختلاف النبرة بين "هيئة" و"هيئة"!

وبسبب حضورهم اليومي: هم الأكثر ثراءاً، والأكثر حضوراً...

ولكنهم ابداعيا: هم الأكثر فقراًً، والأكثر غياباً!

(2)

يعرفون حدودهم جيدا... لهذا لا يغيبون (لأي سبب !) .

يدّعون الشجاعة، وهم يعلمون أين هي المواقف التي تستحق أن تُوصف بأنها شُجاعة... ولا يفعلون!

أتمنى عليهم أن يغيبوا - ولو لمرة واحدة - لأنه لا يوجد ما يُقال... أو، لانه لا توجد "إضافة" لما يُقال حولنا.

يعتبرون "زواياهم" الصحفية امتيازات تمنحهم القيمة، لهذا يعضون عليها بالنواجذ ومقالات النفاق!

(3)

أنا لا أكرههم ... أنا أحب "سعد الدوسري"

العدد 1557 - الأحد 10 ديسمبر 2006م الموافق 19 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً