العدد 1531 - الثلثاء 14 نوفمبر 2006م الموافق 22 شوال 1427هـ

الثقافة الإسلامية الرائجة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

لقد أثارت الثقافة الغربية الرائجة لعشرات السنين سخط الناشطين الإسلاميين الذين يتّهمونها بتخريب القيم وإفساد الشباب وتدمير العائلات أو سلب النواحي الأساسية لهوية المسلمين.

ولكنّ العدائية تجاه الثقافة الغربية الرائجة لا تقتصر على الذين يدّعون التحدّث باسم الإسلام فقط، فقد كافح الناشطون أينما كانوا مما شعروا أنه تعدّ على ثقافاتهم: سواء الناشطون الهندوسيون الذين احتجّوا على عروضات الجمال، أو المفكّرون الباريسيون الذين انتقدوا الاحتفال بعيد البربارة الأميركي في فرنسا، أو الناشطون الإيطاليون الذين أطلقوا حركة «الغذاء البطيء»، الخوف من انعدام التفاعل، ثقافة عالمية ذات توجّه استهلاكي تطغى على العادات والتقاليد المحلية وهي شائعة بشكل كبير. ومع ذلك، شكّل كل من الإسلام والشرق الأوسط محور ذلك السجال في الفترة اللاحقة لحوادث 11 سبتمبر/ أيلول.

على رغم أنه غالباً ما يوصف الإسلام والثقافة العالمية الرائجة، الغربية بشكل أساسي، بالمتنافرة، فإن هناك ظاهرة جديدة ملفتة تكتسح العالم الإسلامي، مظهرةً قدرة التقليد المحلّي ليس فقط لتبنّيه وإنما للاستفادة من الأنماط الثقافية العالمية الرائجة. تلك هي الظاهرة التي أدعوها «التفجّر الإسلامي».

إنّ فرق الفتيان في ماليزيا، والأشرطة الإسلامية المسجلّة في لندن، وبرنامج تلفزيون الواقع «المناسب إسلامياً» في دبي، وانتشار برامج الألعاب الغربية من قبل تلفزيونات العرب خلال شهر رمضان، كلّها أمثلة حيّة على تلك النزعة الملفتة للنظر. وتجري تلك الأمثلة في أمم مختلفة وتستخدم لغات مختلفة وتوظّف وسائل إعلامية مختلفة، وتتوجه إلى جماهير مختلفة. ولكنّ المشترك بينها هو التوعّد بأنّ وجهات النظر المسلمة والغربية - مع الأخذ في الاعتبار التعددية الداخلية الهائلة لكلّ منها - ليست متنافرة.

لقد أثارت موجة إنتاج التلفزيون الواقع التي اجتاحت العالم العربي خلال السنوات القليلة الماضية، استنكارًا شديدًا لتخطّي القيم الإسلامية التقليدية. ردًا على ذلك، أنتجت بعض المحطات الخليجية برامج واقعية تتلاءم فعليًا مع الإسلام. ويشكّل «الضوء الأخضر» البرنامج الأكثر أهمية بينها تقريبًا، الذي تم إنتاجه في دبي، لصالح تلفزيون دبي، محطة البث الرسمية في الإمارات، والتي تتقدّم بسرعة لتصبح المحطة الرائدة واللامعة في الحداثة.

وخلافًا للبرامج التلفزيونية الأخرى التي ركّزت على التنافس بشأن الشهرة والمكاسب الشخصية، قام «الضوء الأخضر» بتسليط الضوء على أهم المبادئ الإسلامية: تقديم المساعدات الإنسانية، وكان على المتبارين إيجاد طرق مبتكرة لجمع المال لمساعدة الأيتام واللاجئين الفلسطينيين والفقراء من تلامذة المدارس. وكما هو متوقّع، فقد تجنّب البرنامج الجدل الذي تعرّضت له البرامج التي سبقته.

في لندن، ابتكر شاب بريطاني مسلم من أصل آذري، أسلوب الموسيقى المصوّرة، المعروفة في الشرق الأوسط بالـ «فيديو كليب». وتتمثّل الأشرطة المصوّرة الخاصة بـ «سامي يوسف»، بأناشيد، أو أغنيات، إسلامية هادئة إذ تقوم الصور المذهلة من جميع أنحاء العالم بإظهار النطاق العالمي للإسلام، أو حيث يعبّر المغنّي عن حبه وامتنانه لوالدته.

وبالنسبة إلى الذين يعتقدون أنّ العولمة تهدّد القيم الإسلامية، يقدّم يوسف أسلوبًا آخر من العولمة، إذ تعبّر أغنياته وأشرطته المصوّرة عن طريق لكي نصبح «معاصرين» ومسلمين في الوقت نفسه. إنّ تمكّن ذلك المغنّي الآسر وصاحب الصوت الرقيق من تحقيق شهرة نجوم الـ «روك»، يُشير إلى دويّ أصداء التفجّر الإسلامي الذي حصل وسط المسلمين المنتشرين عالميًا، وخصوصاً الشباب.

في ماليزيا، لاتزال فرقة الفتيان «ريحان» رائجة بشكل واسع بعد مرور عقدين من الزمن على ظهورها. وتلك الفرقة الماليزية التي تغني الأناشيد على وشك إطلاق ألبومها الثاني عشر. ومنذ إصدار ألبومهم الأول «بوجي بوجيان» العام 1996، أصبح المغنون مشهورين في ماليزيا وفي العالم الإسلامي عموماً. إنّ شعارهم «أكثر صلاتك واتقن عملك»، يعبّر عن أسلوب حديث ومبتكر لأن نكون مسلمين، والذي أظهر اهتمامًا واسع النطاق. وتشكّل «ريحان» حاليًا فرقة مشهورة عالميًا تصل جولاتها إلى جميع القارات.

إنّ تلفزيون الواقع والموسيقى المصوّرة والفرق العصرية، كلّها تشكّل جزءًا من ثقافة عالمية رائجة، وهي ظاهرة غالبًا ما يتم اعتبارها تهديداً لمختلف الثقافات والمجموعات الدينية القومية والمحلية. كما يشكّل كلّ من «الضوء الأخضر» و»سامي يوسف» و»ريحان» نماذج عن الملاءمة، بدلاً من التنافر، بين المظاهر العامة لديانة المسلمين والثقافة الرائجة عالميًا، مُضيفين الطابع الإسلامي على الثقافة الرائجة عالميًا حتى لو أنهم يعولمون المعتقدات الإسلامية.

مروان م. كريدي

مدير برنامج «الإعلام العربي في الحياة العامة»، الجامعة الأميركية في واشنطن

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1531 - الثلثاء 14 نوفمبر 2006م الموافق 22 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً