العدد 1542 - السبت 25 نوفمبر 2006م الموافق 04 ذي القعدة 1427هـ

العلاقات السعودية البحرينية... الضلع الأقوى

تعود جذور العلاقات السعودية البحرينية إلى حدود قيام الدولة السعودية الأولى 1745 - 1818م، إلا أنها في هذا الطور الأول كانت تتسم بالهدوء النسبي، فالسعوديون وفق منظومتهم التوحيدية والتي نشأت على تشارك يمثله دينياً محمد بن عبدالوهاب وسياسياً محمد بن سعود كانوا جادين في التوسع الدعوي، والذي قارب الإلتقاء بالبحرين في المستوى الجغرافي، من دون أن يصلها. أما في الدولة السعودية الثانية 1840 - 1891م، فقد كان للعلاقات السعودية البحرينية أن تشهد مرحلة أكثر ديناميكية. حيث شهدت هذه المرحلة أول زيارة رسمية من أمير سعودي إلى البحرين، وهي زيارة الأمير سعود بن فيصل بن تركي 1870 خلال صراعه مع أخيه الإمام عبدالله بن فيصل، قام فيها بإهداء الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة سيف جده «تركي» المسمى بالأجرب، تأكيداً للصداقة بينهما. كما قام لاحقاً الأمير عبدالله بن فيصل بزيارة البحرين في 26 أغسطس /آب 1887.

بعد نحو سبعة أعوام من تولي الشيخ عيسى بن علي آل خليفة الحكم في البحرين كان له أن يستقبل عبدالرحمن بن فيصل والد الملك عبدالعزيز مؤسس الدولة السعودية الثالثة، والتي تعتبر اليوم القوة الإقليمية الأكبر. وكان ذلك العام 1876.

وعاد الشيخ عيسى بن علي ليستقبل ضيفه عبدالرحمن بن فيصل مرة اخرى العام 1891م وكان بصحبة الضيف هذه المرة ابنه «عبدالعزيز»، الذي لم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره. وأقام عبدالرحمن بن فيصل وأبنه عبدالعزيز مدة في البحرين قبل أن ينتقل الأخير إلى قطر والكويت، ليخرج من الكويت العام 1902 باحثاً عن استرداد ملكه. كان للمعاهدات البريطانية البحرينية والسعودية كل على حدة التأثير الأكبر في نشوء علاقات متينة وقوية منذ البدء، البحرين التي وقعت على اتفاقية 1820م مع شقيقاتها في الإمارات الخليجية آنذاك مع البريطانيين جعلت حدود العلاقات الثنائية بينها وبين السعوديين تسير في خط تصاعدي مبني على ضرورة أن تكون مستويات الثقة مرتفعة، واقع الأمر أن البحرين، والتي كانت فيما سبق عمق السيادة البريطانية في الخليج كانت ذات أهمية إستراتيجية كان للسعوديين أن يحرصوا على تدعيم علاقاتهم بها.

وكذلك كانت اتفاق العام 1861م والتي عقدتها بريطانيا مع حاكم البحرين، والتي تنص على التزامه بالاتفاقات السابقة، إضافة إلى شرط جديد، وهو أنه في حال تعرض بلاده لخطر خارجي، فلا يواجهه إلا بإذن من المقيم البريطاني الذي يتولى هذا الأمر بنفسه، كما حددت الاتفاقية الضريبة التي تفرض على التجار البريطانيين المقيمين في البحرين. هذا الاهتمام البريطاني بالبحرين، مضافا لها مركزية البحرين التجارية والاقتصادية في الخليج، والعلاقات الاجتماعية التاريخية بين شيعة البحرين وشيعة الجانب الشرقي من المملكة العربية السعودية، وتوزع قبيلة الدواسر بين البلدين، والقبلية الواحدة بين آل سعود وال خليفة جعل العلاقات البحرينية السعودية ذات طابع خاص.

في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الخليج، نجح الملك عبدالعزيز في السيطرة على الدرعية في 15 يناير /كانون الثاني 1902م، وحينما بدأ في مد حكمه لسائر الجزيرة العربية كان يدرك تمام الإدراك حساسية البحرين ومحوريتها على الجانب الشرقي من مملكته. دلالة ذلك، ما نصت عليه المادة السادسة في معاهدة جدة مايو /أيار 1927م، «يتعهد صاحب الجلالة ملك الحجاز ونجد وملحقاتها بالمحافظة على علاقات الود والسلم مع الكويت والبحرين ومشايخ قطر والساحل العماني الذين لهم معاهدات خاصة مع حكومة صاحب الجلالة البريطانية».

خلال فترة حكم الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، وابنه الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، والشيخ سلمان بن حمد آل خليفة تبودلت الزيارات الرسمية بين الملوك و الأمراء المسئولين وذلك برغبة تعزيز العلاقات الثنائية من جهة، وللتشاور في أوضاع المنطقة المحلية والإقليمية.

زيارة الملك عبدالعزيز

الأولى للبحرين 1930م

زار الملك عبدالعزيز البحرين للمرة الثانية العام 1930م، إلا أنها الزيارة الأولى له كملك، وجاءت الزيارة بهدف اللقاء بالملك فيصل ملك العراق وذلك لتحسين العلاقات بين الدولتين.

وألتقى الملك عبدالعزيز في نهاية زيارته صديقه القديم الشيخ عيسى بن علي آل خليفة شيخ البحرين. ويذكر المؤرخون أن الملك عبدالعزيز كان «يثق ثقة تامة في الشيخ عيسى، وكان يستشيره في كثير من الأمور، وهذا واضح من الرسائل المتبادلة بين الرجلين. هذا بالإضافة إلى العلاقات المتنامية بين البلدين، فأمر الملك سكرتيره محمد المانع أن يرسل برقيتين للبحرين: إحداهما إلى الشيخ عيسى، والأخرى إلى القنصل البريطاني لإبلاغهما بعزمه على زيارة البحرين».

ويعلق أحد المؤرخين المصريين على أحداث هذه الزيارة بقوله: «ونظراً إلى أن المقيم البريطاني في الخليج الكولونيل بيسكو (Biscoe) لم يكن يرغب في إتمام تلك الزيارة فأرسل للملك عبدالعزيز برقية في منتصف الليل وهو على وشك دخول البحرين تخبره بأن الشيخ عيسى مريض خارج المنامة، وينصح جلالته بعدم إتمام الزيارة. وفي الوقت نفسه أبلغ الشيخ حمد كذبا أيضا بأن الملك عبدالعزيز قد ألغى زيارته. وكان المقيم البريطاني يهدف من هذا التصرف إلى تحقيق هدفين: الأول التدخل في شئون البحرين لغرض هيمنته عليها تحقيقا للمصالح البريطانية، الثاني فرض أكبر عدد من الموظفين البريطانيين على إدارة البلاد تحقيقا للهدف نفسه. ولما علم شيوخ البحرين وعلى رأسهم الشيخ حمد بأن الملك عبدالعزيز على ظهر الباخرة في الميناء، أتى للقائه... من دون أن يخبر المعتمد السياسي أو المستشار في البحرين، فاضطر جلالته نزولا على رجائهم أن يقوم بالزيارة. وفي الوقت نفسه صمم على عدم زيارة القنصل البريطاني رداً على هذا التصرف غير اللائق. كما أسرها في نفسه، فعندما طلبت الحكومة البريطانية في العام التالي عن طريق سفيرها في جدة إصدار تصريح للأميرة أليس( Alice) والإيرل أرثلون (Earl of Arthlone) بالمرور عبر المملكة من جدة إلى العقير، رفض الملك ذلك، فأدركت الحكومة البريطانية سبب الرفض، وهو موقف المقيم البريطاني من زيارة الملك للبحرين، فقدمت اعتذارها لما بدر من المقيم».

وفي هذه الزيارة وجه عبدالعزيز الدعوة للشيخ حمد للحج وهو يودعه قائلا: «لن أرضى حتى أراك في مكة». وقد لبى الشيخ حمد الدعوة في العام 1939م. وتوالت بعدها الزيارات الرسمية بين ملوك المملكة العربية السعودية من أبناء الملك عبد العزيز إلى البحرين، وكذلك قام سمو الامير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة بعديد الزيارات إلى المملكة العربية السعودية.

وبدأ عهد جديد من العلاقات الثنائية التي تميزت على الدوام عن مثيلاتها في الخليج بالثقة المتبادلة بين القيادتين السياسيتين وبما يكفل ضمان استمرارية التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية لكلا الشعبين الشقيقين

العدد 1542 - السبت 25 نوفمبر 2006م الموافق 04 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً