العدد 1542 - السبت 25 نوفمبر 2006م الموافق 04 ذي القعدة 1427هـ

ركائزا لأسطورة

الإنشاءات الأساسية التحتية للجسر تشتمل على مجموعة من الجسور مقامة على بنية أساسية من الدعائم الفولاذية المحشوة بالخرسانة ودعائم خاصة من الخرسانة تبدأ تحت خط الماء كما تتشكل الدعائم الثابتة من ركائز اسطوانية مزدوجة من خرسانة مسبقة الإجهاد في حين وضعت الدعائم داخل فوهات محفورة مقدماً وأي عمق لا يقل عن 7 أمتار على طبقات أساسية صلبة لضمان أقصى ما يمكن من الاستقرار.

وكان تصميم الدعائم على درجة كبيرة من الإبداع وتمت عمليات إنتاجها في واحدة من أكبر ورش إنتاج الخرسانة الجاهزة في العالم... فقد قامت شركة بالاست نيدام، التي تقوم بالتنفيذ، ببناء جزيرة مساحتها 300.000 متر مربع لتقيم عليها الورشة والمرافق الأخرى المساندة لها.

كما يبلغ قطر الدعائم 3.5 أمتار من كل مكان مع جدار سمكه 350 مليمتراً وأطوال تتفاوت من 30 متراً إلى 40 متراً ووزن أقصاه 390 طنًّا. وتصنع كل دعامة من عدة أقسام كما تدخل كل دعامة في عملية إعادة تصنيع وتسليح تتم خرسنتها بأساليب الضخ المتنقل ويستغرق صب الخرسانة عادة نحو ساعة واحدة وتنضج بالبخار مدة 3 ساعات ومن ثم تجمع بواسطة كابلات متأخرة الإجهاد كما تتم عملية تجميع الأقسام إلى دعائم على سكة التجميع ويستغرق تجميع دعامة واحدة يوماً أو يومين ومن ثم تنقل إلى الموقع على ظهر مركب بني خصيصاً لذلك بحيث تعلق الدعامة بواسطة حاملة إنشاءات نبضية ومن ثم يتناولها رفاع عوامة مقص لوضعها في مكانها المعد مسبقاً.

أما إجراءات حفر البحر وتركيب الدعائم فكانت تتم بواسطة منصتين تم بناؤهما خصيصاً لتأدية مهمتي الحفر والرفع وهما سفورك وبازارد وعندما تنزل إلى مستوى التركيب في الموقع تملأ الفجوة الموجودة بين السطح الخارجي للدعامة والتراب بالخرسانة المائعة وتأخذ عملية تثبيت الدعامات في العادة عشر ساعات. ولكي نعرف ضخامة حجم العمل الذي يبذل في هذا الصدد، فإن الأمر كان يتطلب حفر 455 ثقباً ليؤخذ منها 6 كيلومترات من المواد الجوفية و9000 من العينات وإجراء 16 ألف تجربة مختبرية واستهلاك 8 آلاف صفحة للتسجيل.

وتتكون الإنشاءات العلوية من عارضتين منفصلتين من خرسانة صندوقية مسبقة الإجهاد مع مسطحات من الكتائف الفوقية على كل جانب منهما، مدعومة بركائز تتباعد بعضها بفراغات مقنطرة مسافتها 50 متراً لعبور السفن، وأظهرت تحركات المد والجزر أنه على رغم ضحالة المياه - أقصاها 10 أمتار - فإن الاعتماد على السدود الركامية المتصلة لن يكون عمليًّا إذ ستنتج عنها فيضانات على اليابسة تلحق أضراراً بالبيئة البحرية تمتد إلى مسافة كبيرة، وتفادياً لذلك تقرر إقامة السدود الركامية في المواقع التي يشح فيها مستوى المياه وإنشاء جسور منفصلة فوق المناطق العميقة.

كما بنيت الإنشاءات العلوية للجسور باستثناء التجسير الرئيسي الطولي من كتائف صندوقية على نوعين؛ أحدهما كتائف فوقية طولها 66 متراً والآخر كتائف معلقة طولها 34 متراً... وأمنت حماية الكتائف الصندوقية الثلاث بتدابير مضادة للتآكل والاهتراء اشتملت على أجهزة مجففة للرطوبة.

وجاء تصميم السدود الركامية على النمط نفسه بالنسبة إلى جسري الفولاذ والخرسانة ماعدا اللجوء إلى تكثيف مواد تلك السدود الركامية لكي تستطيع الصمود في وجه الزلازل الأرضية، ويصنع مقطع السدود الركامية العرضي من سدين متوازيين من المواد الصخرية المصنّعة مع طبقات من الحجارة المسلحة على السطح الخارجي وطبقة من الداخل باتجاه الرمل مباشرة ويرصف عادة الركام من أعلى بطبقة مسفلتة، أما التجسير الرئيسي الطولي فقد صمم وأنشئ على نمط مختلف، فهو عبارة عن جسر كتائفي مجزأ ومستقل. وأيضاً مع مقطع عرضي صندوقي الشكل ضمن إنشاءات متفاوتة الارتفاع بينما تتكون الأجزاء من صبّيات متوائمة مغراة بعضها بعضاً عند التركيب ومثبتة معاً بواسطة كابلات مؤخرة الإجهاد.

وأنتجت بالاست نيدام 118 جزءاً للجسور يستغرق الواحد منها ثلاثة أيام بالمعدل المتوسط، فخرسانة الكتائب كانت تستغرق عملية انجازها 7 ساعات... ويجرى نقلها بواسطة رافعة قنطرية تبلغ طاقتها 1.400 طن وتعمل جيئة وذهابا على طول ورشة الصب المسبق الإجهاد والى الرصيف البحري حيث تحمل هناك إلى العوامة، كما كانت هناك مراقبة للجودة للتأكد من قوة التحمل مع درجة من الأبحاث التي تناولت تصاميم الخرسانة التي أثبتت أن بنية إنشاءات الجسر ستفوق في كفاءتها أي شيء تم انجازه من قبل.

التجارب والاختبارات

لقد كانت أول أجهزة المقاول التي جاءت إلى موقع العمل هي الكراءة القاطعة (ملكة هولندا) فقد وصلت في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 1981 وأخذت عينات من الحفريات من كل موقع مخصص للركائز بعمق من 18 إلى 25 متراً تحت قاع البحر باستثناء مواقع التجسير الرئيسية التي كانت بعمق 45 متراً... وتعد الأبحاث التي أجريت على موقع الجسر واحدة من أعظم المهمات على الإطلاق.

وبالإضافة إلى التجارب الميدانية، تمت إقامة مختبر للتحاليل على الجزيرة الخاصة بالورش بتوجيه من شركة (كور لابوراتوريز) حيث تم تحضير برامج تجاربية صممت لتقرير مدى العمق الذي يجب أن تكون عليه الدعامات تحت الماء... ومن أجل هذا الغرض تم إجراء الكثير من الاختبارات والإحصاءات التفصيلية تناولت الأوزان الساكنة والحية وحمولات الرياح وقوة الدفع الحراري والارتطامات الناتجة عن اصطدام السفن وضغوط الهزات الأرضية وقواعد الجسور الأرضية، كما لجأت بالاست نيدام إلى استعمال نوع الركائز المصبوبة نفسه مقدما في جميع إنشاءات الجسر، ما أدى بصورة ملحوظة إلى خفض الوقت اللازم لصبها وتركيبها إذ كان يتم تجهيز الركائز قبل أشهر من الجدول الزمني المحدد بفارق 9 ركائز في الأسبوع بدلا من 4 أو 5 بينما وزعت إنشاءات السدود الركامية والجسور إلى قسمين اثنين فكانت السدود 1 - 4 على الجانب السعودي و 5 - 7 على الجانب البحريني.

وتوضح القيمة الإجمالية للمواد المستعملة ضخامة الكلف التي بذلت في المشروع إذ بلغت 18 مليون دولار أميركي لكل كيلومتر واحد من السدود الركامية وهي موزعة كالآتي: مليونا متر مكعب من الصخور الحجرية والمفتتة بأحجام من 20 إلى 300 ملم، 300 متر مكعب من الطبقات الحجرية من 20 إلى 400 كيلوغرام و450 متراً مكعباً من حجارة التسليح من 300 كيلوغرام إلى 3 أطنان و8 ملايين متر مكعب من الرمال المجروفة التي أخذت طريقها بالضخ بين محيط الجدران.

وتتفاوت سدود الجسر الركامية في الطول بينما يشتمل ظهر الجسر على طبقات خرسانية سطحية قارية بسمك 30 مليمتراً وطبقات فوقية من روافد الخرسانة سمك 50 مليمتراً.

الجسور الفولاذية

يتكون الجسر من خمسة جسور مع إنشاءات علوية من الفولاذ وإنشاءات تحتية أساسية في الخرسانة وجسر رئيسي معلق على امتداد 105 أمتار ليسمح بمرور السفن من تحته وهو مزود بأربع دعائم من إنشاءات ارتفاعها 2.50 متر وطوله يفوق جميع الجسور الأخرى إذ يبلغ 150 متراً، وتم نقل العوارض إلى ظهر الرافعة المسطحة العائمة اراء لتركيبها وهي أطول وأقوى أجهزة الجسر وأنجزت تلك العملية بكاملها تحت مراقبة دقيقة من شاشات التلفزيون التي كانت موجودة في المقر على سطح الجسر وفي نهاية سبتمبر/ أيلول من العام 1984 أمكن بنجاح صب أكثر من 350 عارضة من مجموع 484 عارضة مطلوبة بينما تحقق الهدف المقرر بالكامل من إنتاج الركائز في نهاية يناير/ كانون الثاني 1985 وبعد مرور شهرين اثنين نفذت عملية تركيب العوارض أي قبل خمسة أشهر من الجدول الزمني الأساسي المقرر.

مراكز الحدود

تقع الجزيرة الصناعية التي تتخذ شكل الساعة والمكونة من 4 سدود ركامية في منتصف طريق الجسر وتحيط بها مياه يصل عمقها إلى 12 متراً في بعض المناطق. وهي تضم مرافق الجمارك والهجرة وقواعد خفر السواحل، أبنية الإدارة العامة للجسر، قاعة الضيوف، المسجد، معمل تحلية المياه، معمل معالجة القاذورات ومهبطاً للطائرات العمودية... كما تم بناء برجين لمطعمين على كل جانب وشق طريقين على جانب الجزيرة صمما للمساعدة على سهولة وسرعة التدفق الضروري هذا بالإضافة إلى معابر لسيارات الركاب تفصلها عن السيارات المخصصة للشحن... وهناك ما مجموعه 21 من البنايات ذات الطابق الواحد و8 بنايات من طابقين اثنين إلى جانب بناء مجزآت علوية لتسهيل حركة السير والمرور وإعداد مناطق لوقوف السيارات ومعابر المشاة.

إحصاءات

استهلك مشروع الجسر ما مجموعه 345 ألف متر مكعب من الكنكريت و25 ألف طن من الخرسانة المسلحة و10 آلاف طن من الفولاذ مسبق الإجهاد كل هذه الكميات ذهبت في إنشاءات الركائز والقواعد الأساسية والتجسيرات في حين بلغ مجموع التربة التي رفعت خلال الإنشاءات ما نسبته 9.5 ملايين متر مكعب بينما وصل عدد القوى العاملة التي استخدمت في إنشاء الجسر في ذروة عمليات التنفيذ خلال السنوات الأربع إلى 1500 عامل في البحرين.

ومع أن جسر السعودية - البحرين ليس أطول الجسور في العالم إلا انه يعتبر أكثر جسور العالم كلفةً، إذ بلغت الكلف 564 مليون دولار أميركي

العدد 1542 - السبت 25 نوفمبر 2006م الموافق 04 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً