العدد 3905 - الخميس 16 مايو 2013م الموافق 06 رجب 1434هـ

منظمة تحارب التمييز ضد الأقليات في الباكستان من الجذور

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

برزت مؤشرات مثيرة للقلق عن انهيار العلاقات الإثنية في الباكستان، بما في ذلك حالات حمل فيها أتباع الهزارا (وهي مجموعة شيعية في غالبيتها تتكلم اللغة الفارسية) السلاح، وشكّلوا ميليشيات خاصة بهم بعد تفجيرات كويتا، ومحتجون مسيحيون يصطدمون مع الشرطة في لاهور رداً على عنف جمهور من الرعاع معادٍ للمسيحيين في فترة مبكرة من هذه السنة.

لم يجرِ عمل شيء يذكر للتعامل مع الخطر المتنامي من قبل الحكومة الباكستانية، التي استخدمت جميع قواها في حربها لاحتواء التشدد المسلّح في شمال البلاد. ولا تفعل القوانين الأخيرة المعارضة للتمييز، المصممة لحماية الأقليات بصورة أفضل سوى القليل للتعامل مع التوترات الإثنية الدينية أو تغييرها. ولم تعمل الاتهامات ضد ازدواجية الشرطة والجيش الباكستانيين تجاه الجماعات السنية المتطرفة مثل «لشكر طيبة» إلا على زيادة انعدام ثقة الأقليات تجاه السلطة في الباكستان.

ما يحتاجه هذا الوضع هو مجتمع مدني أقوى، يبطّئ الانزلاق نحو النزاع الديني والطائفي ويعكس اتجاهه. الأسلوب المثبت ولكن غير المستخدم بصورة كاملة لرعاية مجتمع مدني أكثر قوة هو من خلال التنظيم المجتمعي على مستوى الجذور.

في الوقت الذي تشكّل فيه مجموعات متطرفة مثل «لشكر جهانغفي»، التي ادعت المسئولية عن تفجيرات يناير/ كانون الثاني ضد الشيعة في كويتا، خطراً فعلياً خطيراً كامناً ضد الأقليات، يكمن خطر على المدى الأبعد في التطرف العنفي أو العقيدة العرقية التي تنساب وتتغلغل في الوعي المجتمعي وتقوّي تشكيل جماعات داخلية معزولة عبر خطوط إثنية ودينية وعرقية.

تتحد المجتمعات، عندما تُواجَه بتحدٍّ أو تهديد كاسح، وتعرّف نفسها جزئياً من خلال تجارب كهذه. ويمكن لتحديات أكبر حجماً أن تربط الناس معاً ليس فقط ضمن المجتمعات ولكن عبرها كذلك. هذا هو المبدأ الذي يمكن لعملية التنظيم المجتمعي على مستوى الجذور أن تطبقه من خلال تأطير تحديات بناءة على أنها النقاط الموحَّدة التي يمكن للمجتمعات أن تتخلص من خلافاتها حولها وأن تعمل معاً. ويعتبر العمل الجماعي الذي يمكن لهذا التعاون أن يشجعه ويرعاه مصلاً حيوياً مضاداً لعملية تقوقع الجاليات، التي تتزايد خطورةً في الباكستان.

وقد أظهر هذا التوجه نجاحه في المساعدة على انخراط أقلية دينية بصورة أفضل، بعد أن واجهت واحداً من أعظم التحديات أمام النظام في الباكستان، وهي الأقلية الهندوسية في البلاد.

وعلى خلفية انقسام الباكستان المؤلم والأعمال العدائية المستمرة مع الهند منذ ذلك التاريخ، شهدت الأقليات الهندوسية في الباكستان تمييزاً مستمراً، حسبما قامت بتوثيقه «أوبن سيكيوريتي» و»هيومن رايتس ووتش». إلا أن منطقة ثارديب في مقاطعة السند بجنوب شرق الباكستان، وهي المقاطعة التي تعاني من أكثر المؤشرات الاجتماعية الاقتصادية انخفاضاً في الباكستان، ويشكل الهندوس ثلث سكانها، وتعاني من علاقات متوترة تاريخياً بين الجاليتين، شهدت تحسناً في العلاقات.

ويعود الفضل في ذلك إلى حد بعيد، إلى العمل على مستوى الجذور لبرامج الدعم الريفي في ثارديب، وهي منظمة محلية غير حكومية وجزء من أكبر الشبكات التنموية في الباكستان. مرتكزاً على فلسفة المعونة الذاتية للتنظيم المجتمعي على مستوى الجذور، والحشد الاجتماعي، يعبر عمل برامج الدعم الريفي في ثارديب عبر الصدوع الدينية والعرقية والإثنية، موحداً مجتمعات القرى المحلية حول تحديات تنموية مشتركة تؤثر عليها جميعاً، مثل سبل الوصول إلى التعليم وأساليب صرف صحي أفضل ورعاية طبية وتمكين اقتصادي ومعونة طوارئ.

عندما دمّرت فيضانات عام 2010 المناطق الريفية في الباكستان، انطلقت منظمات ثارديب المجتمعية نحو العمل، وتم توصيل أعمال الإغاثة بدعم من جميع مجتمعات ثارديب الدينية. كان عملاً حقّقه الجميع للجميع. ويقال أن عمل منظمة البرامج عاد بالفائدة على 70365 شخصاً، وقام النشاط بإعادة بناء ما يزيد على مئة مدرسة حتى الآن.

عززت منظمة البرامج الدور المقبول، ليس فقط للهندوس، وإنما كذلك للهندوس الداليت، الذين يتواجدون على أكثر الدرجات الطائفية انخفاضاً، في الحياة العامة داخل ثارديب. كان الرئيس التنفيذي العام السابق لمنظمة البرامج نفسه من الهندوس الداليت، وكذلك أول هندوسي باكستاني يحصل على وسام الإبداع، أعلى وسام مدني في الباكستان. ليس هذا بالإنجاز الصغير في شبه القارة الهندية، حيث شهد الداليت تقليدياً تمييزاً لا هوادة فيه.

يلعب الهندوس والسيخ الباكستانيون دوراً بارزاً في منظمة برامج الدعم الريفي كأعضاء في مجالس الإدارة وفي أعمال التنظيم المجتمعي وكقادة وناشطين محليين. لذا تشكل المنظمة نموذجاً للتعاون يفكّك الصور النمطية، ويمكّن الأقليات ويجمع معاً مجتمعات كانت في السابق مختلفة ومتباعدة.

هناك حاجةٌ للمزيد من عمل المجتمع المدني هذا إذا ارتأت الباكستان جسر الخلافات العرقية والدينية المتزايدة. ويمكن للعمل الموضوعي على مستوى الجذور أن يشكل منطقة عازلة أمام العقيدة المتطرفة والعرقية.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3905 - الخميس 16 مايو 2013م الموافق 06 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 9:36 ص

      المصلي

      للأسف الشديد أن الحكومات المتعاقبه التي تولت الحكم في باكستان تساهلت في الكثير من الأمور ومنها السماح للجماعات التكفيريه أن تكون باكستان ملاداً آمنا لهم وهذه الجماعات تحمل فكرا اقصائياً تكفيرياً شمولياً يكفر جميع الأثنيات ومن ضمنها الأثنيه السنيه نفسها فضلاً عن الأثنيه الشيعيه حيث اتخدوا العنف السبيل الوحيد للوصول الى مآربهم ومنها ارجاع الناس الى مصدر الأسلام الأول وهو الخلافه الأسلاميه وفي الحقيقه هم يمرقون من الأسلام كالسهم من القوس قتل على الهويه تفجير مفخخات ارهاب ازهاق لأرواح الأبرياء وغيره

    • زائر 1 | 4:01 ص

      للاسف

      للأسف ان هذه الدوله الجميله والغنيه بالموارد الطبيعيه والمعروف ان الباكستانين يملكون بنيه جسمانيه قويه وهذا يمكن الاستفاده به لتعمير مدنهم ناهيك عن الاراضي الخضراء والجميله ولاكن لا يستفاد منها للسياحه المشكله الايادي العابثه في الباكستان كثيره والله يحفظهم

اقرأ ايضاً