العدد 3927 - الجمعة 07 يونيو 2013م الموافق 28 رجب 1434هـ

في ندوة بـ «جدحفص الثقافي»... لونا العريض تستعرض تجربتها في الترجمة

لونا العريض في «جدحفص الثقافي»
لونا العريض في «جدحفص الثقافي»

استعرضت الباحثة والمترجمة لونا العريض تجربتها في الترجمة، مؤكدة أهمية الترجمة ودورها في البحرين، وخصوصاً في التواصل مع الآخر المختلف في اللغة والثقافة، مشيرة إلى بدايات الترجمة في البحرين.

ثم شرعت سرد حكايتها مع أول كتاب ترجمته في 2008، وهو كتاب والدها الفنان التشكيلي عبدالكريم العريض «مدينة المنامة خلال خمسة قرون» الذي أضافت إليه فصلاً عن الأديان في المنامة ومجموعة لقاءات أجرتها مع الجالية اليهودية والمسيحية والبهائية في المنامة، ثم تحدثت عن تجربتها مع الكتاب الثاني الذي ترجمته وهو كتاب مسير الأرواح إلى البرزخ لأصغر بهمني، وأيام خديجة مجموعة قصصية للكاتبة نعيمة السماك، وكتاب رمزية الألوان لأمينة الفردان، وكتاب أيام الفن والأدب لعبدالكريم العريض، الذي سيدشن قريباً.

جاء ذلك في ندوة مفتوحة عقدها مركز جدحفص الثقافي يوم الأحد 2 يونيو/ حزيران، بحضور مجموعة من المثقفين والمهتمين والأصدقاء.

وخلال حديثها عن بدايات الترجمة في البحرين نوهت المترجمة لونا العريض بدور الشاعر إبراهيم العريض، فهو أول من ترجم من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية لإحساسه المرهف باللغة، وبأهمية الترجمة الحسية وليس الحرفية، حيث ترجم «رباعيات الخيام» من الإنجليزية إلى العربية للشاعر «فتزغرلاد» بعد أن قرأ الترجمات الأخرى. ولأن الترجمة فن من فنون الكتابة، فهي تعتمد على إشراك الكاتب وإدخال إحساسه بالنص.

وأضافت العريض أن الترجمة تساهم في التواصل وتبني الجسور وتطور العلاقات بين الشعوب، وهى وسيلة يتعرف الناس من خلالها على ثقافات مختلفة باستخدام لغة سهلة يفهمها الجميع، وتساعد على توضيح التشابه والفوارق في العادات والتقاليد لدى الشعوب، للتعرف على أساليب الحياة والثقافات المختلفة، وبواسطة الترجمة نستطيع أن نكتب عن أنفسنا بلغات عديدة فنكون أكثر انكشافاً على الآخر ما يساهم في التفاهم والتواصل الجيد، مؤكدة أنه لا بد أن نقول تاريخنا وننقل تراثنا إلى الآخر بشكل يستطيع فهمه واستيعابه بصورة مقبولة.

وذكرت «بعد دخولي في مجال الترجمة أحسست بالحاجة التامة والاندفاع الشديد إلى أن أواصل عملي في الترجمة بعد انتهائي من إنجاز ترجمة كتاب الوالد «المنامة الإنسان والتراث» وخصوصاً بعد قراءتي للكثير مما كُتب عن البحرين بواسطة الأجانب، إذ أحسست بأن الذين كتبوا إما أن يكونوا انحازوا إلى رأي ما غير دقيق، أو ليس مكتمل المعنى»، خالصة إلى أنه لا يجيد الطبخة إلا صاحبها، ولعل هذا الشعور هو ما يستدعيها لأن تترجم وتحرص على نقل الثقافة البحرينية كما صنعها أصحابها لا كما يراها الآخرون، وهذا ما حدا بها لأن تشارك في ترجمة كتاب « لحظة الذبح» الذي يشرح كيفية تعامل المسلمين مع مصادر لحوم الحيوانات من خلال تتبع ثقافي لفكرة الأضحية والذبح في الثقافة الإسلامية، وكذلك هو بحثها عن علاقة المسيحية والإسلام في البحرين.

وعن تفاصل تجربتها لكتاب «مدينة المنامة خلال خمسة قرون» لعبدالكريم العريض، ذكرت أن ترجمتها للكتاب وما أضافته إليه من فصل أعدته ساهمت به فيما كانت تطمح إليه من تقديم صورة عن الذات والآخر من خلال شهادات صادقة بصوت أصحابها ليس الغرض منه بيان الصحة أو الخطأ بل تقديم صورة واضحة ومقبولة عن بعضنا بعضاً كبشر متنوعين ومختلفين ومنتمين إلى ثقافات وأعراق متعددة، ونعيش في مكان، فتحول الكتاب من 155 صفحة إلى 355 فكان ينقصه إثراء فصل الأديان وهو ما تتمتع به المنامة من تنوع على مستوى الأعراق والأديان، فزرت البابا، ونانسي خضوري للحديث عن اليهودية، ونغمة محسني البهائية، وألس سمعان، وغيرهم.

وعن آخر أعمالها بينت العريض أنها تعمل الآن على بحثها الخاص عن المرأة قبل النفط والذي يؤرخ لحياة المرأة في البحرين قبل 1932 من الناحية التاريخية والاجتماعية، والمهنية، والأعراف، والعادات والتقاليد، والملابس، والحياة الخاصة للنساء، معتمدة في ذلك على مجموعة من المقابلات والشهادات والتي من ضمنهم جدتها لأمها شيخة بنت محمد حسين العريض 1896-1982 وآخرين بالإضافة إلى القراءات والدراسات في هذا الموضوع.

وخلال الندوة قرأت العريض شهادة بشيء من السيرة الذاتية تبيّن فيها اتجاهها للكتابة والترجمة، وكيف تحولت من مجال المحاسبة والأرقام إلى مجال البحث والترجمة في الأدب والثقافة،

فأشارت «كنت أهوى الكتابة منذ كنت طفلة، أتذكر أني كنت أقوم بعمل المسرحيات في حوش بيت جيراننا الكبير، كنت أحب المسرح، وكان يستهويني إسدال الستار عند انتهاء العرض، أتذكر أنني كنت أجمع الأطفال وأخرج لهم العمل وأقوم بعمل بروفات، والعجيب أنهم كانوا يطيعونني».

وتضيف العريض «كبرت وأصبح الكتاب هو صديقي على رغم أنني تفوّقت في المجال العلمي والرياضيات، والتحقت بالقسم العلمي في المدرسة، لكن ظل حبي للأدب هو الأول، وكان هذا الحب يعطيني مساحة للراحة النفسية التي لم أدرك أهميتها في حياتي إلا بعد أن تخرجت في الجامعة، وعملت في مجال المحاسبة، إذ بدأت أعمل لساعات طويلة مع أرقام وتقارير جامدة»

واشارت إلى أنه وبمرور السنوات أصبحت أعاني من الاكتئاب، وفقدت قدرتي على الكتابة والقراءة، أصبحت مجرد إنسانة تعيش الروتين وتسافر وتتبضع، كنت أعيش حياة مرفهة، لكن الشيء الذي ضاع مني لم أحصل عليه إلا عندما تركت وظيفتي وجلست في البيت وبدأت أعالج نفسي قبل أن يأخذها تيار المادة والأنانية، وبدأ مشواري في ترجمة كتاب والدي الذي كان يلح علي لفترة طويلة لكي أترجمه... فقد آن الأوان لكي أضع بصماتي عليه و جلست لمدة ستة أشهر أعمل في إخراجه للناس، كانت العملية صعبة جدّاً في البداية فكان لابد أن أتحول أنا نفسي أولاً، لكي أستطيع أن أكون باحثة وكاتبة ومترجمة، بدأت في تربية نفسي من جديد، لكي أتخلص من رواسب الحياة الرتيبة والمادية التي لا تعرف المشاعر، كان هذا العمل يتطلب مني أن أكون صارمة، وكان يأخذ من طاقتي الكثير، فلا مجال لعمل شيء آخر، فتعلمت أن أكون صبورة وقنوعة، وأن أعيش في هدوء وسكينة لكي أستطيع أن أكتب وأوصل المعلومة إلى الناس، أنا اليوم إنسانة مختلفة، فقد تغيرت حياتي وأصبحت أجمل وأكثر ثراء، فقد اتسعت دائرة معارفي وتغيرت ملامح شخصيتي، أصبحت أرى الحياة بمنظور مختلف، الكتابة والترجمة أعطتني حافزاً لكي أتعلم أكثر، وأبحث أكثر في شتى مجالات العلوم، وقد اتسعت دائرة قراءتي، فبدأت أقرأ العديد من المواضيع باللغتين العربية والإنجليزية، ونصيحتي ألا ننظر إلى الحياة المادية فقط؛ لأننا جئنا إلى الحياة بهدف، ولكل فرد منا دور لا يدركه إلا هو، فلننظر إلى أنفسنا من الداخل ونصغي إلى صوتنا الداخلي، فهو الوحيد الذي لا يكذب.

العدد 3927 - الجمعة 07 يونيو 2013م الموافق 28 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً