وثيقتنا هذا الأسبوع عمرها يزيد على 95 عاماً، فقد كُتبت في 30 شوال من العام 1336 هـ، ووقع عليها حوالي 30 شخصية بحرينية. اجتمعت تلك الشخصيات في زمن الوحدة الوطنية الحقيقي بين طوائف وأطياف الشعب البحريني ومن دون توجيه سياسي لا من الحكومة ولا من قبل سلطات الحماية البريطانية آنذاك. فقد اجتمع عدد من الوجوه والأعيان المؤثرين في السوق التجارية في البحرين وقرروا رفع رسالة مهمة جدّاً في تلك السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الأولى وما خلفته من دمار وخراب وكساد في الأسواق الدولية والخليجية ومنها البحرين، وذكروا في رسالتهم طلباً مهمّاً يساهم في دفع الاقتصاد البحريني إلى الأمام.
كان ذلك في شهر أغسطس/ آب من العام 1918م. والطلب في تلك الرسالة التي وقعها هؤلاء الأعيان هو إنشاء بنك بل والإسراع في تلبية هذا المطلب الملح لإنقاذ الاقتصاد المتدهور.
ونص الوثيقة يقول: «نحن المصححين أدناه من بعد مذاكرتنا فيخصوص (في خصوص) الحالة الحاظرة (الحاضرة) المالية مع مستر جي أي منكاون الباليوز في البحرين بالاتفاق وردنا الى النتيجة على أن الطريق الفقط لأجل راحة الحالة المذكورة هو تأسيس سريع لبنك في البحرين.
ولهذا نلتمس في حاكمنا سعادة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة سي اس أي ومستر جي أي منكاون الباليوز ان يعملون (يعملوا) اقدامات سريعة بتوسط الدولة البهية البريطانية لاجل افتتاح شعبة في البحرين بالاسرع الممكن ولاجل ذلك نحن نصير سرورا متشكرين وممنونين من حيث جميعا الان مقتنعين ان هذا لازم قطعا ويصير مفيد للعموم كافة.
جرا وحرر في 18 اكست (اغسطس) 1918 مطابق في 30 شوال 1336»
صحيح يوسف أحمد كانو
عبدالرحمن بن محمد الزياني
احمد بن عبدالله منصور
يوسف بن عبدالله منصور
يوسف بن عبدالرحمن فخرو
احمد بن علي ؟؟
احمد سلمان ؟؟، عبدالرحمن بن احمد الوزان
محمد بن ؟؟ كاظم
محمد فاروق ابن الحاج محمد عقيل
صحيح شاهين بن صقر الجلاهمة
صحيح آز جناب الحاج محمد وعباس محمد حيراك
صحيح آز جناب شيخ مصطفى الشيخ عبدالطيف محمد حاجي محمد ؟؟
يوسف ؟؟
صحيح محمد جعفر بن جابر محمد جعفر؟؟
صحيح مقبل عبدالعزيز الذكير
صحيح سليمان بن حمد
صحيح حاجي حسين؟؟ وسيد حسين
الحاج باقر بن سعيد وعبدالرسول ؟؟
صحيح علي كاظم وعبدالنبي بوشهري
عبدالعزيز بن حسن القصيبي
عبدالله ؟؟ القصيبي
محمد وعبدالله بن حسن القاضي
سلمان بن حسين بن مطر
محمدعلي حاجي ؟؟ وكيل حاجي محمدعلي حاجي ؟؟
وتعليقنا على هذه الوثيقة نشير بداية إلى أن طلب هذه النخبة من تجار البحرين في ذلك الزمن المبكر في الخليج افتتاح بنوك محلية أو فروع لبنوك أجنبية؛ ينم عن عقلية اقتصادية متطورة لهؤلاء التجار ونظرة مستقبلية واعية للاقتصاد البحريني على مستوى الخليج والوطن العربي. وللعلم فإن هذا الطلب ربما هو الذي هيأ الأرضية لافتتاح أول بنك في البحرين في يوليو/ تموز العام 1920 فيما عُرف باسم البنك الشرقي هو البنك المسمى حاليّاً (Standard Chartered Bank). وهذا البنك نقل البحرين إلى مرحلة جديدة عبر استعمال العملات الورقية وانطلاقة دوره المصرفي الذي ميزه عن باقي الدول المحيطة. وقد بقي هو البنك الوحيد في البلاد لمدة 26 عاماً حتى قام البنك البريطاني للشرق الأوسط بافتتاح فرع له في البحرين.
يلاحظ أيضاً أن تلك الرسالة كُتبت في عهد المقيم السياسي البريطاني في الخليج «ميجر آرثر بريسكوت - تريفور» الذي تولى منصبه من أبريل/ نيسان 1915 حتى سبتمبر/ أيلول 1917 وكان بدرجة (معاون مقيم)، وإن كانت وجهت في الفترة نفسها إلى المعتمد (أو الوكيل) السياسي البريطاني في البحرين وهو جورج الكسندر (منغافين) الذي تولى منصبه لفترة قصيرة من مارس 1918 حتى ديسمبر 1918، ونلاحظ أن الرسالة ذكرته لفظاً وكتابته باسم جي اي (منـﮔاون).
كما تؤكد الرسالة أن الوضع الاقتصادي المتدهور في فترة بعد الحرب العالمية الأولى كان يشكل ضغطاً كبيراً على تجار اللؤلؤ وتجار الجملة والتجزئة في السوق البحريني ما دفع هؤلاء إلى طلب الاجتماع بالمعتمد البريطاني (منغافين) لمذاكرة الحالة معه كما أشارت الرسالة وتكرار عبارات (اقدامات سريعة، بالاسرع الممكن) للتعجيل بتنفيذ الطلب. ذلك أن اقتراح افتتاح فرع لبنك بريطاني سيضخ سيولة نقدية في البلاد ويمول العديد من النشاطات التجارية، ما سيحرك اقتصاد السوق بشكل مؤثر ايجابياً على الوضع الاقتصادي العام وتوفير وظائف للشعب البحريني المطحون بتأثيرات الحرب في ذاك الزمان وكل زمان.