العدد 3942 - السبت 22 يونيو 2013م الموافق 13 شعبان 1434هـ

أربيل تشهد تطوّراً وازدهاراً خلافاً لبقية مناطق العراق

يبتسم عبدالله عبد الكريم وهو يجلس عند معرض لبيع السيارات في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق الشمالي الذي يشهد تطوراً وازدهاراً سريعاً؛ فيما يعيش وسط وجنوب البلاد موجة عنف متواصلة.

وعبدالكريم ليس الوحيد الذي يلمس أن الحياة في أربيل تسير كل يوم نحو الأفضل.

فالأوضاع الاقتصادية في إقليم كردستان وعاصمته أربيل، تنمو بشكل متواصل وسريع مقارنة مع باقي مناطق التي يسكنها العرب في وسط وجنوب العراق.

و كردستان تتألف من محافظات أربيل والسليمانية ودهوك وتحمل كل منها الاسم ذاته لعواصمها. ولها رئيس مستقل ورئيس وزراء يدير حكومة الإقليم.

وفي أربيل (320 كيلومتراً شمال بغداد)، تنتشر المقاهي التي يجلس زبائنها على امتداد الأرصفة دون خوف من التعرض لأي هجوم، وقد يكون هذا الاستقرار الدافع الأكبر وراء سعي المستثمرين الأجانب إلى اتخاذها موقعاً لعملياتهم.

ويقول جورج ريستريبو، أميركي من أصل كولومبي يدير شركة استشارات لصالح شركات إسبانية وكندية في كردستان، إنه من «السهل جداً أن تفتح لك متجراً هنا». وأضاف أن «حكومة كردستان منفتحة للغاية على الأجانب».

وتمكن الإقليم من الاعتماد على نفسه بشكل كبير عن باقي مناطق العراق، على مدى 22 عاماً، منذ فرض منطقة حظر للطيران لمنع دخول قوات نظام صدام إلى هنا. وتتولى قوات البشمركة (جيش) والأسايش (الأمن) مسئولية حفظ الأمن في الإقليم.

ويتمتع الإقليم حالياً بنمو اقتصادي يصل إلى 12 في المئة، وفقاً للجنة الاستثمار في الإقليم، في حين يتوقع أن تصل نسبة النمو الكلية في باقي أنحاء العراق إلى 9 في المئة هذا العام، وفقاً لصندوق النقد الدولي.

وشجّع استقرار أوضاع الإقليم نحو 800 شركة غالبيتها من تركيا المجاورة للإقليم على الدخول إلى أسواقه، مستفيدة من قانون الاستثمار للإقليم العام 2006 الذي يعفيها من الضرائب على الاستيراد والاستثمار على مدى العشر سنوات الأولى من العمل، في الإقليم.

ووفقاً لرئيس لجنة الاستثمار في الإقليم كاميران مفتي فإن هذه الشركات ليست ملزمة تعيين موظفين محليين ويمكنها تحديد أرباحها بحسب تقديراتها.

لكن فارق الوضع الأمني يبقى العامل الرئيسي بين الإقليم وباقي مناطق العراق.

وتقول المدير التنفيذي لشركة كورك» للاتصالات، غادة جبارة، إن «الأمن هو مفتاح النجاح، فعلاً».

وكورك ثالث أكبر شركة اتصال للهواتف النقالة في العراق، ومقرها الرئيسي في أربيل.

وكانت حصيلة ضحايا العنف خلال شهر مايو/ أيار الماضي، الأعلى منذ العام 2008، وفقاً لمفوضية الأمم المتحدة ومصادر رسمية عراقية.

وفي الوقت ذاته، يؤكد مفتي أن إقليم كردستان لم يشهد أي أحداث عنف خلال الشهر الماضي.

وبالإضافة إلى فارق الوضع الأمني بين الإقليم ومناطق العراق، هناك فوارق كثيرة أخرى بينها الفساد المالي والإداري. ويرى ريستريبو أن «البيروقراطية كبيرة هنا (في كردستان) لكن في بغداد هناك انقسامات دينية (سنة وشيعة) والفساد بالطبع» منتشر هناك.

ويأتي العراق في المرتبة الـ 169 بين 176 دولة الأكثر فساداً في العالم، وفقاً لمنظمة الشفافية الدولية. فيما يؤكد مفتي أن قادة إقليم كردستان قد «وضعوا خطة لمكافحته».

أما الأوضاع العامة، فتبدو جيدة في الإقليم؛ إذ اعتمد المسئولون الاقتصاد المختلط وليس كباقي مناطق البلاد، فهناك الأسمنت والمواد الطبية والمعادن والكهرباء.

ويغطي إنتاج الكهرباء حاجة الإقليم ويكفي لتلبية قسم كبير من حاجة محافظات المجاورة مثل كركوك ونينوى، فيما تتواصل معاناة باقي مناطق العراق إثر نقص الكهرباء.

ويشترك إقليم كردستان مع باقي مناطق البلاد، بالاعتماد على إنتاج النفط في بناء اقتصاده.

ويشكل إنتاج وبيع نفط الإقليم، الذي يقدر المسئولون فيه وجود احتياطي يصل إلى 45 مليار برميل أي (ما يعادل ثلث احتياطي البلاد)، أزمة مستمرة بين الإقليم والحكومة المركزية في بغداد.

وتعتبر الحكومة المركزية العقود التي أبرمها الإقليم مع الشركات الأجنبية، دون موافقة وزارة النفط في بغداد غير شرعية كما تعد تصدير نفط الإقليم إلى تركيا عملية «تهريب».

وترى رئيسة شركة كورك أن الخلافات بين الإقليم وبغداد التي تشمل مناطق متنازعاً عليها تمتد على الحدود مع إيران (شرقاً) وأخرى إلى جانب سورية (غرباً)، تمثل»حواراً ديمقراطياً صحياً» فيما يرى مسئولون ومحللون أنها تشكل أكبر تهديد على الاستقرار في البلاد.

ولا يدعو الخوض في الأعمال التجارية في أربيل، إلى القلق. ويقول عبدالكريم إنه يريد عند وكالة لبيع السيارات في أربيل، شراء شاحنة صغيرة يصل سعرها إلى 24,500 دولار.

أما صاحب الوكالة هونار مجيد فيبدو متفائلاً في بقاء أسعار السيارات التي يملكها على حاله.

ويؤكد عبدالكريم الذي كان يرتدي الزي الكردي: «في الماضي، الحياة كانت صعبة، لم أكن أستطيع أبداً أن أدفع قيمة هذه الشاحنة»، مؤكداً «لكن الآن، كل شيء أصبح أفضل».

العدد 3942 - السبت 22 يونيو 2013م الموافق 13 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً