العدد 3973 - الثلثاء 23 يوليو 2013م الموافق 14 رمضان 1434هـ

صيام رمضان... تحدٍ للأطفال بين رضا الله والإضرار بالصحة

ها قد حلت علينا نسائم الرحمة والبركة، نسائم المحبة والغفران، «هو شهر رمضان الذي أُنزِل فيه القرآنُ هدًى للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان». في هذا الشهر الكريم تحل علينا الملائكة لتشهد علينا أفعالنا وأقوالنا يغلق رب العباد أبواب جهنم وتُصفَّد الشياطين. خلال هذا الشهر يعكف المسلمون في كل أرجاء الأرض على الصيام منذ أذان الفجر حتى أذان المغرب، يقرأون القرآن الكريم والأدعية قربةً لله تعالى ومحواً للذنوب؛ إذ يأمر رب العباد بوجوب الصيام لكل من يصل لسن التكليف، عدا المريض والمسافر.

في يومنا هذا، انتشرت ظاهرة صارت بيّنة في مجتمعاتنا، ألا وهي إجبار الوالدين لأبنائهما دون سن التكليف على الصيام خلال الشهر الكريم حتى حلول وقت الإفطار أو لنصف يوم فقط، بحجة تعويدهم على ذلك منذ الآن حتى وصولهم لتلك المرحلة.

«الوسط الطبي» تلقي الضوء في استطلاع يبين آراء البعض بشأن هذه الظاهرة في شهر رمضان المبارك والآثار المترتبة عليها.

حميدان: ليس هدفاً بل تهذيب النفس

تقول زينب حميدان: «لا أؤيد صيام الأطفال في شهر رمضان دون سن التكليف، إلا أن هذا لا يتحدد إلا بعد تحديد مدى مقدرة الطفل على ذلك وتدريبه عليها، على سبيل المثال قبل عام واحد فقط من سن التكليف. فالأطفال يبذلون من الجهد الكبير في اللعب وأثناء وجودهم في المدرسة، هذا إلى جانب كونهم في سن نمو؛ لذا فالصيام سيكون شاقاً عليهم».

وتضيف حميدان: «في نظري أن الأهم من كل ذلك هو تعليمهم الهدف من الصيام وفوائده في تهذيب النفس والتقرب إلى الله سبحانه بأسلوب يحببهم ويشجعهم على الصيام. ففي الحقيقة طالما أن نهار شهر رمضان هذا العام طويل، فأعتقد أن الطريقة المثلى للطفل إذا ما رغب في الصيام بما لا يضر صحته ألا يتوقف عن شرب الماء طوال اليوم، لكن بإمكانه التوقف عن تناول الطعام بعد حلول الواحدة ظهراً على سبيل المثال حتى لا تتضرر صحته».

فاطمة: تكريس حبّ المشاركة

وتردف فاطمة أحمد: «أنا ضد صيام الأطفال دون سن التكليف في الشهر الكريم، لكن إن أراد البعض منهم ذلك أو فُرِض عليهم الصيام فيكون لنصف يوم فقط، وهذا يتحدد بناءً على صحة وبنية الطفل، لكن إذا كانت بنيته ضعيفة فمن الأفضل تأجيل الصيام لما بعد سن التكليف».

وتواصل فاطمة: «في نظري إن تعويد الطفل على الصيام في سن مبكرة هو تكريس حب المشاركة بداخله عن طريق مشاركته الصيام مع من يكبرونه سناً، إلى جانب تحمل مسئولية قرار الصيام. لكن إن أراد الطفل الصيام حقاً فليَزِدْ من شرب السوائل وخصوصاً في طقسنا الحار وتناول الأطعمة المفيدة بدلاً من الحلويات والمقليات، التي تكون عامرة على موائدنا خلال شهر رمضان».

المهدي: مكنه من التحكم في رغبته بالطعام

بينما تؤكد صفية المهدي (أم لثلاثة أبناء) رفضها بقولها: «لا أؤيد ألبتة صيام الأطفال دون سن التكليف خلال الشهر الكريم وإنما لنصف يوم؛ ذلك من أجل تدريبه للفترة المقبلة، فصيامه يحمل أن يسبب له فقراً في الدم، وتشتيتاً في الانتباه والتعب والنعاس، لكنه في الوقت ذاته يزيد من ثقته بنفسه ويمكنه من التحكم في رغبته بالطعام».

وتلفت: «إذا ما أصر الطفل على الصيام، فإنه لابد منه الالتزام بالطعام المفيد الصحي وتنظيم أوقات تناوله للطعام، إلى جانب تعويده على تناول السحور في وقت متأخر وعدم تأخره في تناول وجبة الفطور».

فاطمة: السوائل والعناصر الغذائية الأساسية حين الفطور

أما فاطمة هادي (طالبة تمريض) فتردف: «لا أؤيد صيام الأطفال دون سن التكليف ألبتة، إلا إذا كان تدريجياً من صيام بضع ساعات إلى نصف يوم، إلى أن يتم المدة المحددة للصيام الكامل مع تمام سن البلوغ، فالصيام يترتب عليه عموماً نقص في كتلة الجسم الصلبة والسائلة على حد سواء، ولاسيما في النصف الأول من الشهر، فالصيام الكامل المتتالي للطفل يؤثر على صحته العقلية والجسمية مسبوقة بآثار ملحوظة على صحته النفسية».

وتفيد: «كما أني لا أعتقد أن الصيام الكامل فيه من الحلول لمشكلة البدانة عند الأطفال، فالخمول الناتج عند عدم تناول الطعام في فترة الإفطار ونقص السوائل قد يؤدي بالطفل إلى الإقبال على السكريات بكثرة خلال فترة الفطور وبالتالي تراكمها وقلة شرب السوائل، إذن فتلك العادات تعرض الطفل لشتى العوارض الصحية كالإمساك وتغيير أوقات النوم وغيرها. كما أننا يجب ألا نغفل تأثير مثل هذه العادات على صحة الإنسان أيضاً، فإذا ما أصر الطفل على الصيام الكامل، فلابد للوالدين الحرص على تزويد الطفل بالقدر الكافي من السوائل على فترات متفرقة خلال ساعات الإفطار، والحرص على إدخال العناصر الغذائية الأساسية في وجبة الفطور. وأخيراً، ما يجب الالتفات إليه هو الابتعاد عن السكريات والأملاح معادة الصنع، والاتجاه إلى المصادر الطبيعية التي تزيد من مستوى التحمل لدى الطفل في اليوم التالي».

عاشور: التدريب قبل سنّ التكليف

وترفض مريم عاشور صيام الأطفال دون سن التكليف بقولها إن «الأطفال لابد من تدريبهم تدريجياً حتى يتمكنوا من ذلك فيما بعد. ففي نظري إن لصيام الأطفال آثاراً سلبية وإيجابية، فهي تؤدي إلى سوء التغذية إذا ما أُلزِم الطفل ذلك، لكنه في الوقت نفسه يساعده على التخلص من السمنة. فإذا ما أصر الطفل على ذلك، فإنه لابد من الالتزام بأوقات الإفطار والسحور، وعدم الإسراف أثناء تناول الطعام انتقاماً من الصيام».

مريم: يعوّده على الصبر والإحساس بآلام الآخرين

وفي رأي مماثل، أفادت مريم سلمان: «أنا لست من مؤيدي صيام الأطفال في سن مبكرة حتى لو كان قادراً على ذلك، فهو في سن حساسة يحتاج فيها لنظام تغذية معين ورب العالمين لم يحدد بشكل عشوائي السن المناسبة للصيام إنما لكونها الأنسب والأفضل، لكنني لا أمانع تدريب الطفل على الصيام تحت سن التكليف لنصف

يوم فقط، فهو يساعد على تهيئتهم للتجربة عندما يحين الوقت المناسب وتكون المشقة بعدها أخف وطأةً عليهم».وتواصل: «تتراءى لنا بعض إيجابيات صيام الطفل في الشهر الكريم والكامنة في تهذيب أخلاق الطفل وتعويده

على الصبر وتحمل المشقة والإحساس بالآخرين، والحمد والشكر على النعم التي يمتلكها. لكنه من ناحية أخرى، نرى أن من سلبياتها هي بعض المضار الصحية التي قد يتعرض لها نتيجة لبعض المشكلات الصحية التي يعاني منها منذ الأزل.

الخيّاط: مراعاة عدم الإضرار بالصحة الجسمية

في حين أشار حميد الخياط إلى تأييده بقوله: «نعم أؤيد صيام الأطفال في شهر رمضان دون سن التكليف، عبر تجهيز كل ما يتناسب مع جسمه وعقله ويهيئه لصيام يوم كامل. لكن في نظري إن الفتاة لابد أن تبدأ بالصيام قبل عام واحد من التكليف، والفتى قبل 4 أعوام من التكليف».

ويكمل الخياط: «أرى أن الصيام يقتصر على النواحي الإيجابية فقط، والمتمحورة حول النواحي الجسمية والعقلية والنفسية. غير أن الأهم هي الجسمية التي تقتصر على التخلص من السعرات الحرارية الزائدة على الحاجة وتهيئة جسم الطفل للدخول إلى مرحلة جديدة ومختلفة من حياته، والأهم من كل ذلك أن يتعود على التقليل من تناول الطعام الزائد على الحاجة.

البدر: يقربه لله وعليه وقف النشاطات الجسمية غير اللازمة

ويقر أحمد البدر برأيه بشأن صيام الأطفال دون سن التكليف: «أعتقد أن تعويد الأطفال دون سن التكليف على فرائض وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف كالتصدق والصلاة والصيام لهو أمر جيد ومعقول يقرب الطفل من الله سبحانه وتعالى؛ لذا فأنا من مؤيدي صيام الطفل لنصف يوم فقط تهيئةً للصيام الكامل بعد حلول سن التكليف».

ويستدرك: «ربما من الآثار السلبية التي يحتمل أن يقع فيها الطفل الصائم هو الانهيار الجسمي؛ نظراً لفقده كمية كبيرة من السوائل التي يحتاج إليها جسم الطفل باستمرار، بَيْد أنه إن أصر على الصيام تقيداً بأسرته وأقربائه، فإنه يُفضَّل أن يلتزم بعدم الوقوف لفترة طويلة من الزمن والجلوس في الأماكن معتدلة الحرارة، وأخيراً عدم إرهاق الجسم بالجري وغيرها من الممارسات المتعبة».

العدد 3973 - الثلثاء 23 يوليو 2013م الموافق 14 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً