العدد 3981 - الأربعاء 31 يوليو 2013م الموافق 22 رمضان 1434هـ

التفخيخ والذبح والاغتيال الذي يُراد به إظهار الدِّين

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

يأتي الربيع العربي متزامناً مع حرفنة في القتل بدم بارد لم يكن جديداً على أنظمة الخريف. الجديد أن الكاميرات ترصد وتسجّل وتدوّن ما كان يحدث في الأقبية ومراكز الاعتقال والاختطاف والتفنن في إرسال الضحايا إلى حتفهم بعيداً من أي شاهد وأثر.

***

أنا واحد ممن لا يحبون الإخوان المسلمين؛ وتحديداً في مصر؛ باعتبار التنظيم هناك واحداً من أسباب جر مصر إلى محنة وفتنة تحركها عقول من صديد؛ امتد ليشمل رقعة جغرافية عربية ليست بالهيّنة؛ ومعهم تكفيريون ظلوا على مسافة لا حرصاً على التواؤم والانسجام بين طوائف ومذاهب الأمة؛ ولكن انتظاراً للحظة الانقضاض على المختلف معهم؛ والذي لا يقر كثيراً من هرائهم وكهفيتهم التي ابتليت بها الأمة والإنسان عموماً؛ والأدهى والوباء الذي لا أستطيع التصريح باسمه كي يجد هذا المقال طريقه للنشر؛ أولئك الذين جيّشوا العالم لكره الإسلام واستهدافه؛ فيما هم يلِغون في دم الإنسان والتفخيخ باسم الإسلام وبوقاحة بالغة؛ باسم الله. لكن أمام الاستهتار بالدم؛ بسقوط عشرات القتلى في مصر برصاص الجيش المصري؛ من النذالة والبذاءة وصفر الضمير الاصطفاف والتصفيق لمرتكب المجزرة تلك.

لا نعاني من حَوَل وعيون عوراء كي نرى ما يناسبنا ونغض الطرف عما وعمن يستهدفنا. أمام الدم حتى الضمير الموغل في غفلته وتغافله؛ إذا ثبت أن فيه شيئاً من قيمة وروح، سيثوب إلى رشده وسينتصر حتى لعدوّه في بغي يتجاوز العقل والضمير والأخلاق؛ وإن بغى.

***

العادي والسائد في الحياة العربية اليوم؛ هو الاستهتار بالدم ونفي حرمته؛ والصحيح عدم الاعتراف بحرمة له؛ إن كان الأمر مرتبطاً بعائلات أو تنظيمات أتاحت لها المصادفات الاستيلاء على خيار الأمة من دون تفويض منها؛ أو على مستوى مجموعاتٍ شوّهت هذا القرن الذي من المفترض أن يكون فارقاً وما بعد التنويري بمراحل؛ بعقليتها التي أنا واثق أن الحيوانات في بيئاتها لن تنسجم مع ذرة من الظلامية والتخلف الذي تقدّمه إلى البشر باعتباره الطريق الحق إلى معرفة الله؛ فيما الشيطان لا يريد أن يعرفه أحد بذلك التقديم!

***

استهتار بالدم يريد أن يُعرّف بالله والدِّين. استهتار بالدم يدّعي إخراج الحياة من الظلمات إلى النور. هل ثمة ظلام بعد الاستهتار بالدم؟ هل ثمة نفي للحياة بعد الاستهتار بالدم؟

استهتار بالدم يريد أن يقيم حياة ويعيد صوغها. كيف لحياة أن تكون حياة بعيداً من حرمة واحترام الدم؟ الدم بعيداً أيضاً من الدّين، ومحاولة فرض الإكراه الذي لم تنجح فيه الجاهلية الأولى، بامتهان كرامة الإنسان واستعباده وتوهّم امتلاكه.

***

لم تأتِ ثقافة وفكر التفخيخ والذبح والاغتيال والتواطؤ على الله والدم والإنسان إلا من عداء حقيقي للعناوين المرفوعة ظاهراً باسم الله؛ والعاملة على طمسه في قلوب ونفوس البشر؛ وخصوصاً الذين لم تُتح لهم فرص الالتقاء بمن يقدّم الله للإنسان كما هو؛ من دون اختطاف لاسمه؛ واستغلال للمداخل إليه؛ وتجيير وتسطيح لفهمه ومعرفته.

***

من الإسلام المختطف في عصور غابرة ولاحقة ومعاصرة؛ إذ مُورس الذبح والقتل باسم الله؛ مروراً بالكنيسة التي أوجدت صكوك غفرانها ممن شرْعَنَ الذبح والقتل على الهوية والاختلاف في الفهم والتفسير؛ وتكريس ظلامية أعادت الإنسان إلى كهوف نموذجية في كراهيتها وعطنها وتخلفها؛ وليس بعيداً من عصور الديجيتال التي تساوي فيه ديّة المسلم الأفغاني 25 ألف دولار؛ فيما دية بني «الأشقر» تعادل ابتزازاً لسنوات وبما يعادل موازنات بعض الدول التي سرقها ولاة أمرها!

كل ذلك يكشف انحطاط بعض الذين يتحدثون باسم الله ويدّعون الوكالة عنه، ولن تعرفهم على حقيقتهم إلا حين يكون إهراق دم خلقه أول علامات الوسيلة والتقرب إليه!

***

«ليظهره على الدّين كله» لا يمكن أن يتم بهكذا عقليات هي دون القروسطية بسنوات ضوئية. يتذكّر أكثركم كيف تم تحوير مآلات الإرهاب المنظم الذي انطلق عبر التوابيت الطائرة في 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وترصّد إحصاءات الذين اعتنقوا الإسلام بعد ذلك الخزي؛ وكأن مثل ذلك الدخول تم بإكراه في طبعة تولاها التكفيريون والمسيئون في هذه الأمة؛ ويراد للعالم أن يدخل في الدين أفواجاً مع كل جحيم وتفخيخ برج أو الارتطام به!

إذا كان المسلمون اليوم في أذى مضاعف من المحسوبين عليهم من جهة؛ ومن أولئك الذين تضرروا من حمقاهم ومجانينهم ومهلوسيهم؛ فلن يكون الآخر متبرّعاً في غبائه كي يتواطأ مع المساطيل الجُدد الذين أرجعوا العالم إلى بدائيته، وما زالوا بالتفخيخ والذبح والاغتيال موقنين أن إظهار الدّين على العالم كله لا يتم إلى عبر الاستهتار بالدم وحرمته!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 3981 - الأربعاء 31 يوليو 2013م الموافق 22 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 12:18 م

      هؤلاء تخفوا بالإسلام وهو منهم براء

      تمولهم الصهيونية العالمية ومن ضمنها مع الأسف بعض العربان المستعربين،يحاولون تشويه الاسلام بمعانيه السمحة ودرأ لإبعاد التغيير القادم اللذي سيزيلهم من الوجود.....فهذه أفعال من يعلم بأن أيامه بانت معدودة....فصبرا....لن يفيدكم ما تفعلونه من تفجيرات في العراق وسوريا ومصر وتونس وليبيا واليمن والجزائر ومالي والصومال وفي ديارنا،فصبرا يا اشباه الرجال.

    • زائر 4 | 9:58 ص

      عدالة الامام علي (ع)

      او شبيها لك في الخلق او اخا لك في الدين

    • زائر 3 | 4:00 ص

      اتفق معك يا الجمري

      أنا واحد ممن لا يحبون الإخوان المسلمين؛ وتحديداً في مصر؛ باعتبار التنظيم هناك واحداً من أسباب جر مصر إلى محنة وفتنة تحركها عقول من صديد؛ امتد ليشمل رقعة جغرافية عربية ليست بالهيّنة؛ ومعهم تكفيريون ظلوا على مسافة لا حرصاً على التواؤم والانسجام بين طوائف ومذاهب الأمة؛ ولكن انتظاراً للحظة الانقضاض على المختلف معهم.
      المشكلة أن رؤؤس الأخوان يقودون البسطاء لأهدافهم ويخدعونهم بأن فكرهم هو الدين الذي نزل به محمد صلى الله عليه وآله وسلم.ويتسغلونهم للوصول إلى غاياتهم
      فيا اقبحها من وسيلة للوصول للأهداف

    • زائر 2 | 3:37 ص

      سنابسيون

      مشكلة المستهترين بالدم انهم يرون ان كل الناس مذاهبهم ودياناتهم خطأ وسيدخلون النار وهم الوحيدين اللي صح وسيدخلون الجنه لذلك عقيدتهم اما تغيير الناس واجبارهم للدخول في معتقدهم او قتلهم ،هذا هو ملخص تفكيرهم اما معي او اقتلك

    • زائر 1 | 12:50 ص

      هكذا وإلا فلا ..

      نعم هكذا أردناك أن تكتب .

اقرأ ايضاً