العدد 4006 - الأحد 25 أغسطس 2013م الموافق 18 شوال 1434هـ

جوبز... «لا نكون بخير... مادمنا لا نبتكر»

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

يبدو أن النجاحات الباهرة التي كان ستيف جوبز يعتقد بأنه سيتحصل عليها مع كل إشهار لجهاز جديد في بدايات تأسيس شركة «أبل»، والتي غالباً ما كانت أكبر بكثير من الواقع، تنتقل اليوم إلى فيلم جوبز الذي يحكي قصة حياة ستيف؛ إذ لم يحظَ الفيلم بالنجاح والإيرادات التي توقعها منتجو الفيلم، ولم يحتل مركز الصدارة في الأسبوعين الأولين من عرضه في شباك التذاكر الأميركية، إضافةً إلى الانتقادات الكثيرة التي تعرّض لها بدءاً من الشخصيات الحقيقية التي تناولها الفيلم، كشريك جوبز «ستيف فوزنياك» الذي اعترض على بعض مشاهده وعلى أداء الممثل الذي لم يكن كستيف الحقيقي في مشيته وطريقة كلامه كما يقول، وصولاً إلى بعض أفراد الشركة ممن وجدوا أن الفيلم مجّد جوبز، فيما أهمل الكثير من الأحداث وبالغ في بعض المشاهد، كمشهد إقالة جوبز الذي بدا في الفيلم تراجيدياً بينما مرّ في الواقع عادياً، حتى أن بعض النقاد قارنوا بينه وبين فيلم مؤسس «الفيسبوك»، ورجّحوا الكفّة للأخير الذي حقق نجاحات باهرة.

يتمحور الفيلم الذي كتبه مات وايتلي وأخرجه جوشوا مايكل ستيرن، حول قصة نجاح ستيف التي بدأت منذ أوائل السبعينيات مع رفيق عمره ستيف ووزنياك، وكلّف إنتاجه قرابة العشرة ملايين دولار، إذ يحكي قصة جوبز وكأنه الشخص الوحيد في الشركة، متجاهلاً الكثير من الشخصيات التي كان لها دور كبير في إظهار اسم «أبل» كشريكه ووزنياك مثلاً الذي أخذ دوراً ثانوياً في الفيلم، وكأنه يتلقى أوامره من جوبز، لكن الفيلم نجح بشكل كبير في بث روح التحدي والأمل لدى المشاهد خصوصاً أولئك الذين لا يؤمنون بأحلامهم المستحيلة، إذ يقول جوبز في أحد المشاهد: «نحن لا نكون بخير مادمنا لا نبتكر»، ويصر على تحقيق المستحيل عن طريق شحذ همم من معه في الشركة، ابتداءً من قراره تأسيس الشركة في مرآب والده حيث لم يكن يملك شيئاً من المال، بعد أن شاهد بالصدفة اختراع صديقه الذي وجده مهماً وقرّر الترويج له في أحد المؤتمرات لينتزع عرضاً من أحد التجار بشراء خمسين جهازاً من أبل1 قبل تصنيعهم، فاضطر لتنفيذ الطلبية في وقتها إلى جلب أصدقائه ممن درسوا معه ومن التقاهم في دول مختلفة ليبدأوا من الصفر وهم لا يملكون سوى إصرارهم على النجاح ومشغل هو في واقع الأمر مجرد مرآب في بيت أبيه. كما يظهر أحد المشاهد جوبز وهو يعمل ليل نهار من أجل تسويق منتجه، ما اضطره في أحد المرّات للاتصال بأحد التجار مئة وخمسين مرة أثمرت بمجيء مندوب لمقابلته والسماع منه، ليفاجأ بالمكان ولكنه صار له شريكاً بعد ذلك بعد أقنعه ستيف بأن يدفع 120 ألف دولار ليؤسّسا شركة «أبل»!

ظهر ستيف جوبز في الفيلم استغلالياً، عنيفاً، صادماً في قراراته، لا يأبه بغيره حين يتعلق الأمر بالعمل، حتى أصدقائه وشركائه في النجاح. وما عزّز هذا أيضاً هو قراره بعدم الاعتراف بابنته من حبيبته الأولى التي تخلى عنها ما إن عرف بحملها، وطرده لصديقه الذي وقف إلى جانب والدة ابنته بعد ذلك.

الفيلم غير مميز من الناحية الجمالية في الإخراج، كما أن به ثغرات في القصة نفسها أظهرت جوبز وكأنه بطل أسطوري، متجاهلةً دور التأثيرات التي كانت تحيط به، إضافةً إلى القفزة الكبيرة في الأحداث مع اقتراب نهاية الفيلم، وعدم التطرق إلى الأجهزة الأخيرة التي كانت سبباً في نجاحات «أبل»، لكنه من ناحيةٍ أخرى فيلمٌ يجب أن يشاهده كل من لا يؤمن بأحلامه، وكل من يؤمن بوجود المستحيل، ليكسر هذا الحاجز ويبدأ أولى خطواته لتحقيق أحلامه مهما رآها غيره مستحيلة، خصوصاً وأن بوستر الفيلم تصدرته هذه العبارة الموحية: «البعض يرى الممكن، بينما يغير آخرون هذا الممكن».

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4006 - الأحد 25 أغسطس 2013م الموافق 18 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 4:10 ص

      نجاح أو سعادة

      وجد الأمريكيون الاصليون – الهنود الحمر أن ما جلب لهم التعاسه والنحاسة غير الابتكارات والرفاهية والابتكارات التي شغلت الناس عن غاية وجودهم في الكون. يكني لا يعملون لكن يكسبون ويشترون أجهزة وهواتف آخر موديل ... لكن عطاء ما كو. يمكن تعريف النجاح لو بحث أحد فيه سيحصل على عدد ليس بقليل من التعريفات مثل السعادة مثلا. كل واحد حر في رأيه والإختلاف في وجهات النظر قد لا يفسد للود قضيه لكن أكثر الناس اليوم مشغوله في الاسراف والتبذير. فعن أي سعاد أو نجاح أبل سعى اليه؟

    • زائر 4 | 2:52 ص

      صحيح

      مثل هالأفلام حلو يشوفونها يلي يمجدون في أنفسهم ويهمشون غيرهم عشان يعرفون الموهبة عمرها ماتموت والي يجاهد عشان يقتل أحلام الناس بيجيه يوم أحلامه وبواقعه كلها بتعاسة :O

    • زائر 3 | 2:43 ص

      دول غير

      هذا في الدول التي تتبنى المبتكرين والمبدعين وليس في الدول التي تحاربهم وتقتل طموحاتهم.

    • زائر 2 | 2:29 ص

      انها الارادة

      هل نعمل على تحقيق المستحيل ونحول الممكن من النظرية الى التطبيق. هذا هو الفرق بين الشخص الايجابي المبادر والشخص المتواكل الذي يعتمد على الحظ والصدفة.

    • زائر 1 | 11:37 م

      إنفراد

      من الحقائق الثابتة فى ظهور فكرة أو شخصية أو إختراع، هى بسبب ظروف وأفرادو أمورمحيطة بالمبتكر. لإثبات هذا الواقع يجب التذكير بأنه لو كان الأمرخلاف ذلك لتمكن البشرمن إكتشاف قوة البخارمنذ الأزل. و هكذابالنسبة الى جميع الإبتكارات. الجامعات الأروبية والإمريكية تنشر و تساهم فى تطوير كافة المنتجات. أما جامعات الدول النامية حتى ولوأبدعت فكرة فإنها تموت فى مهدها. السبب الرئيس هوعدم تمكن العامة وقياداتها من فهم وتشجيع المبتكروتقدير قدراتها.

اقرأ ايضاً