العدد 4120 - الثلثاء 17 ديسمبر 2013م الموافق 14 صفر 1435هـ

غضب في تونس بالذكرى الثالثة لـ «الربيع العربي»

تظاهرات حاشدة في سيدي بوزيد في الذكرى الثالثة للثورة-reuters
تظاهرات حاشدة في سيدي بوزيد في الذكرى الثالثة للثورة-reuters

أحيت مدينة سيدي بوزيد (وسط غرب) مهد ثورات الربيع العربي، أمس الثلثاء (17 ديسمبر/ كانون الأول 2013) الذكرى الثالثة لاندلاع «الثورة» وسط مشاعر إحباط بين السكان الغاضبين بسبب عدم تحقيق المطالب التي ثاروا من أجلها وأولها تحسين ظروف المعيشة وتوفير فرص عمل للعاطلين.

وتغيب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ورئيس الحكومة علي العريض ورئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) مصطفى بن جعفر لأسباب «أمنية» عن افتتاح مهرجان رسمي أقيم في سيدي بوزيد إحياءً لذكرى اندلاع الثورة.


المرزوقي: على الحكومة الانتقالية الشروع في عملها في أقل من شهر

غضب في سيدي بوزيد في الذكرى الثالثة لاندلاع شرارة «الربيع العربي»

سيدي بوزيد - أ ف ب

أحيت مدينة سيدي بوزيد (وسط غرب) مهد ثورات الربيع العربي، أمس الثلثاء (17 ديسمبر/ كانون الأول 2013) الذكرى الثالثة لاندلاع «الثورة» وسط مشاعر إحباط بين السكان الغاضبين بسبب عدم تحقيق المطالب التي ثاروا من أجلها وأولها تحسين ظروف المعيشة وتوفير فرص عمل للعاطلين.

وتغيب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ورئيس الحكومة علي العريض ورئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) مصطفى بن جعفر لأسباب «أمنية» عن افتتاح مهرجان رسمي أقيم في سيدي بوزيد إحياءً لذكرى اندلاع الثورة. وبدأت الثورة التونسية في مركز ولاية سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010 عندما أضرم البائع المتجول محمد البوعزيزي (26 عاماً) النار في نفسه أمام مقر الولاية احتجاجاً على مصادرة الشرطة البلدية عربة الخضراوات والفاكهة التي كان يسترزق منها.

وتوفي البوعزيزي يوم 4 يناير/ كانون الثاني 2011 في المستشفى متأثراً بحروقه البالغة، وأجّجت وفاته احتجاجات شعبية عارمة انتهت يوم 14 يناير 2011 بهروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي إلى السعودية.

ودفعت ولاية سيدي بوزيد أول «شهيدين» خلال الثورة عندما قمعت قوات الأمن بالرصاص يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول 2010 تظاهرة في معتمدية منزل بوزيان التابعة للولاية. ومنذ ثلاث سنوات تحيي سيدي بوزيد ذكرى اندلاع الثورة في 17 ديسمبر من كل عام.

ويعيش سكان ولاية سيدي بوزيد التي يقطنها نحو 418 ألف شخص (وفق آخر الإحصائيات الرسمية) حالة من الإحباط والسخط لأن المطالب التي ثاروا من أجلها مثل تحسين ظروف المعيشية وتوفير فرص عمل للعاطلين لم تتحقق. وتبلغ النسبة الرسمية للبطالة في الولاية 24.4 في المئة وهي الأعلى في تونس. ويمثل خريجو الجامعات ومؤسسات التعليم العالي نسبة 57.1 في المئة من إجمالي العاطلين عن العمل في الولاية.

وقال يوسف الجليلي الناطق الرسمي باسم لجنة 17 ديسمبر 2010 (تأسست يوم أحرق البوعزيزي نفسه) لوكالة «فرانس برس» إن أمس «سيكون يوم غضب في سيدي بوزيد احتجاجاً على سياسة الحكومة (التي تقودها حركة النهضة الإسلامية) لأنها لم تفِ بوعودها وخانت مبادئ الثورة».

وأضاف أنه سيتم تنظيم «مسيرة سلمية كبيرة تجمع كل القوى الديمقراطية» بالتنسيق مع منظمات أهلية ومع المكتب الجهوي للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية).

ورفض المتحدث تنظيم أي شكل من أشكال الاحتفال «الفلكلورية» في الذكرى الثالثة لاندلاع الثورة التي يُنتظر أن يتم خلالها أيضاً إحياء ذكرى المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين اغتيلا العام الجاري على يد جماعة تكفيرية وفق ما أعلنت وزارة الداخلية.

كما رفض بشكل قاطع حضور الرؤساء الثلاثة إلى سيدي بوزيد للمشاركة في مهرجان رسمي يقام إحياء لاندلاع الثورة لأن الحكومة الحالية التي تقودها حركة النهضة الإسلامية «لم تفِ بوعودها وخانت مبادئ الثورة» وفق تعبيره. وقال الكاتب العام للمكتب الجهوي للاتحاد العام التونسي للشغل في سيدي بوزيد، لزهر قمودي: «نرفض رفضاً قاطعاً حضور الرؤساء الثلاثة... لأن كل ما فعلوه هو تفقير منطقتنا. ليس لهم أي صدقية».

وكان متظاهرون طردوا يوم 17 ديسمبر 2012 الرئيس المنصف المرزوقي ورئيس البرلمان مصطفى بن جعفر ورشقوهما بالحجارة. وقال رئيس الهيئة المديرة للدورة الثالثة من مهرجان 17 ديسمبر 2010 بسيدي بوزيد (مهرجان رسمي)، محمد الجلالي إنه تم «إلغاء» مشاركة الرؤساء الثلاثة في افتتاح المهرجان لاعتبارات «أمنية».

ولم يوضح المتحدث طبيعة التهديدات التي حالت دون حضور الرؤساء الثلاثة إلى المدينة حيث انتشرت تعزيزات أمنية كبيرة. وأضاف أن الدورة الثالثة للمهرجان لن تكون «احتفالية» بسبب «الوضعية الحرجة التي تمر بها البلاد».

وقال منجي الشعيبي وهو عضو في لجنة 17 ديسمبر 2010 «مضت ثلاث سنوات (منذ اندلاع الثورة) ولم يتغير شيء ولايزال الوضع الاقتصادي والاجتماعي صعباً في هذه المنطقة الغارقة في البؤس». ولاحظ «الشيء الوحيد الذي تغير في سيدي بوزيد هو بناء جدران عالية حول مقرات مؤسسات الدولة».

وشهدت ولاية سيدي بوزيد خلال العامين الأخيرين احتجاجات على تردي ظروف المعيشة. وقالت حسنية منصوري (58 عاماً) وهي بائعة ثياب متجولة بنبرة غلب عليها الأسى «حياتنا تسير من سيئ إلى أسوأ وأصبحنا أفقر من ذي قبل وأبناؤنا مازالوا عاطلين».

وأضافت «الشيء الوحيد الذي أهدته الحكومة لولاية سيدي بوزيد هو هذا»، مشيرة بإصبعها إلى النصب التذكاري لعربة خضار محمد البوعزيزي.

وتعجّ مقاهي سيدي بوزيد بالعاطلين عن العمل الذين يحلم كثيرون منهم بالهجرة إلى أوروبا بعدما فقدوا الأمل في تحسن أوضاعهم في تونس. وقال صفوان العمري (24 عاماً) «كنت عاطلاً (قبل الثورة) ومازلت عاطلاً وسأبقى عاطلاً».

واعتبر أن الحل «السحري» بالنسبة إليه هو «التعرف عبر الإنترنت على امرأة أجنبية (أوروبية) والزواج منها حتى لو كانت في الثمانين». وأضاف «من حسن حظي أني وجدت امرأة عمرها 36 عاماً» آملاً الزواج منها في أقرب وقت ليسافر معها إلى أوروبا.

وتفاقمت المشكلات الاجتماعية والاقتصادية في تونس بسبب الأزمة السياسية الحادة التي اندلعت على إثر اغتيال النائب المعارض بالبرلمان محمد البراهمي يوم 25 يوليو/ تموز الماضي. ومؤخراً شهدت عدة ولايات تونسية إضرابات عامة احتجاجاً على تردي الظروف المعيشية وغلاء الأسعار وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

ويوم السبت الماضي رشحت أحزاب سياسية وزير الصناعة في الحكومة الحالية مهدي جمعة لرئاسة حكومة مستقلة يفترض أن تقود تونس حتى إجراء انتخابات عامة وتخرج البلاد من الأزمة السياسية الحادة.

إلى ذلك، قال الرئيس التونسي أمس إنه على «الحكومة الانتقالية» الجديدة التي ستحل محل الحكومة الحالية التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، الشروع في عملها «في أجل لا يجب أن يتجاوز الشهر». وقال المرزوقي في خطاب ألقاه بمناسبة مرور 3 سنوات على اندلاع الثورة إن «الذي سيتحقق هو انطلاق حكومة انتقالية في أجل لا يجب أن يتجاوز الشهر، تأخذ المشعل عن الحكومة المستقيلة» التي يرأسها القيادي في حركة النهضة علي العريض. واعتبر أن حكومة العريض «قامت بمجهودات كبيرة لإدارة مرحلة من أصعب مراحل تاريخنا الحديث».

وقال «إن الحكومة الانتقالية ستسهر على فرض الأمن وستنشّط الاقتصاد... وستحقق كل الظروف الموضوعية لكي تنظم في تونس في أقرب الآجال الانتخابات التي تنهي مرحلة وتؤسس لمرحلة جديدة».

العدد 4120 - الثلثاء 17 ديسمبر 2013م الموافق 14 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً