العدد 4135 - الأربعاء 01 يناير 2014م الموافق 28 صفر 1435هـ

2013 العام الأعنف في العراق منذ نهاية النزاع الطائفي

عاش العراق في العام 2013 سنته الأعنف منذ نهاية النزاع الطائفي في 2008، بعدما تصاعدت أعمال العنف بشكل كبير وخصوصاً تلك التي تحمل طابعاً مذهبياً. ومن استهداف دور العبادة إلى المقاهي وملاعب كرة القدم والمدارس وحتى مواكب التشييع والمقابر، عاش العراقيون على وقع هجمات دامية شنتها جماعات مسلحة على رأسها تنظيم «القاعدة» في مواجهة قوات أمنية عجزت عن الحد من التفجيرات اليومية.

وقتل بحسب أرقام وزارات الصحة والدفاع والداخلية حصلت عليها وكالة «فرانس برس» 7154 شخصاً في العراق في أعمال العنف المتفرقة على مدار العام 2013، وهو أعلى معدل سنوي رسمي منذ العام 2008 حين قتل وفقاً للمصادر ذاتها 8995 شخصاً.

ومن بين هؤلاء نحو ألف شخص قتلوا في ديسمبر/ كانون الأول الماضي وحده هم 85 عسكرياً و60 شرطياً و752 مدنياً و104 مسلحين، بحسب أرقام رسمية حصلت عليها «فرانس برس» أمس (الأربعاء).

بدورها، أعلنت منظمة «إيراك بادي كاونت» البريطانية المتخصصة أن عدد قتلى العام 2013 في العراق يشكل على الأقل ضعف عدد ضحايا السنوات الثلاث التي سبقت، مشيرة إلى مقتل 9475 شخصاً العام الماضي، مقارنة بمقتل 4574 في سنة 2012. وتابعت المنظمة في بيان تلقت «فرانس برس» نسخة منه أن سنة 2013 هي الأعنف منذ 2008 حين قتل أكثر من 10130 شخصاً «بعد انخفاض معدلات العنف القياسية في عامي 2006 و2007، علماً أن النصف الثاني من 2008 كان أقل عنفاً من النصف الأول».

وتعليقاً على ذلك، قال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف في بيان أمس إن «هذه الأرقام مفزعة وتبعث على الحزن، ما يؤكد مرة أخرى الضرورة الملحة لأن تعالج السلطات العراقية جذور مشكلة العنف لكسر هذه الحلقة الجهنمية».

وأضاف أن «مستوى العنف العشوائي في العراق بات غير مقبول، وإني أناشد القادة العراقيين أن يتخذوا الإجراءات اللازمة لمنع الجماعات الإرهابية من تأجيج التوترات الطائفية التي تساهم بدورها في إضعاف النسيج الاجتماعي».

ويرى المحلل المتخصص بشئون العراق في مجموعة «إي كي إيه» الامنية البريطانية، جون دريك لوكالة «فرانس برس» أن «الأمور ساءت كثيراً في العام 2013. في سنة 2012 بلغ معدل ضحايا العنف أسبوعياً (...) 60 شخصاً (...) وهذا العام بلغ أكثر من 100 قتيل ووصل أحياناً إلى 200».

ويضيف «الإسلاميون يكتسبون قوة أكبر، لذا فإن الأمور مرشحة لأن تسوء حتى أكثر من ذلك»، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في نهاية أبريل/ نيسان المقبل.

وتخوض القوات العراقية التي يبلغ عديدها أكثر من 800 ألف عنصر بعد نحو عامين على الانسحاب العسكري الأميركي من هذا البلد معركة يومية ضارية تصارع فيها للحد من تصاعد أعمال العنف.

وتجد القوات العراقية نفسها في مواجهة جماعات مسلحة يقودها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» الموالي للقاعدة، شملت على مدار العام 2013 مئات الهجمات الانتحارية السيارات المفخخة والعبوات الناسفة والهجمات المسلحة وعمليات الاغتيال والقنص والقصف.

ويستمد العنف المتصاعد زخمه الأكبر من الغضب السني الذي يعود إلى الشكوى المتواصلة من التعرض للعزل السياسي والتهميش والملاحقة من قبل قوات الأمن ومن السلطات التي يسيطر عليها الشيعة، وأيضاً من تطورات النزاع في سورية المجاورة الذي ينقسم السنة والشيعة في العراق حيال مقاربتهم له.

وفشلت الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات العراقية في الحد من أعمال العنف اليومية التي يرى محللون أن السيطرة عليها تتطلب جهوداً طويلة الأمد تبدأ أولاً بالعمل على نيل ثقة كافة مكونات المجتمع، وأيضاً بالوصول إلى توافق سياسي مفقود منذ عشية الانسحاب الأميركي.

وشكل اقتحام اعتصام سني في الحويجة غرب كركوك (240 كلم شمال بغداد) مناهض لرئيس الوزراء نوري المالكي في أبريل/ نيسان الماضي، في عملية قتل فيها أكثر من 50 شخصاً، نقطة تحول رئيسية في الوضع الأمني في العراق، حيث تسببت في موجة العنف غير المسبوقة منذ العام 2008.

وحملت غالبية الهجمات التي شنتها الجماعات المسلحة بعد اقتحام الاعتصام طابعاً طائفياً، جرت البلاد نحو أعمال عنف متبادلة بين السنة والشيعة للمرة الأولى منذ أشهر طويلة، حيث استهدفت المساجد والحسينيات بشكل منتظم، وعادت أعمال التهجير في بعض المناطق المختلطة.

وتقول منظمة «إيراك بادي كاونت» إن معظم ضحايا العام 2013 سقطوا في النصف الثاني من السنة الماضية، فيما يشير دريك إلى أن «التوترات بدأت تتصاعد في البلاد منذ نهاية 2012 غير أن اقتحام الاعتصام المناهض للحكومة في أبريل (...) تسبب برد فعل عنيف من قبل المسلحين السنة».

إضافة إلى ذلك، شهد العراق نقطة تحول أساسية أخرى في العام 2013 تمثلت في هروب قادة كبار لتنظيم «القاعدة» من سجنين قرب بغداد في يوليو/ تموز، ما وضع البلاد بحسب ما قال مراقبون حينها لـ «فرانس برس» على أعتاب «أيام سوداء».

وفيما ينشغل العراق بالصراع اليومي مع العنف العشوائي، وبالمعركة التي تخوضها قواته ضد معسكرات تنظيم «القاعدة» في محافظة الأنبار على طول الحدود مع سورية، تتركز الأنظار على الانتخابات البرلمانية المقبلة.

ويقول دريك إن «الإرهابيين سيحاولون تقويض هذا المسار كما حدث في العام 2010 من خلال شن هجمات إرهابية (...) والأميركيون لم يعودوا هنا لتقديم المساعدة».

ويتابع «الأمور لا تبشر بالخير أبداً».

العدد 4135 - الأربعاء 01 يناير 2014م الموافق 28 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً