العدد 4336 - الإثنين 21 يوليو 2014م الموافق 23 رمضان 1435هـ

حضن العائلة يطرد الاكتئاب بعد الولادة

د. الجفيري: دعم الأهل الحلقة الأقوى لتخطي الحالة

بعد انقضاء تسعة أشهر من الحمل، مع كل ما تحمله من ثقل، ومعاناة تتصبر عليها كل أم عاشقة لرؤية جنينها قد أصبح طفلاً كاملاً بين يديها، جنينها الذي ترقبته يوماً بعد يوم، وتحسست نموه في بطنها شهراً بعد شهر، تحدثت إليه وبَنت معه كل حلم جميل. هذا الحلم الذي رسمت معالمه طويلاً، وعشقت الحياة فيه قبل أن تعشها.

هي حالة كل أم، مضحية، عاشقة، صابرة... إلا أن هناك ظروفاً قهرت بعضهن، فصرن يتصرفن بغرابة، فلا عقل يستوعب ما يقمن به، ولا قلب يقبل بما يعملن. أمٌّ تحاول الانتحار بعد وضعها بأيام، والأغرب أن أمّاً أخرى تحاول قتل رضيعها! وتلك التي تعبِّر عن كرهها له بغرابة؛ فهي لا تطيق حتى سماع صوت بكائه أو النظر إليه.

حالات متنوعة تشترك أهم أعراضها في البكاء المستمر، ومزيج من المشاعر السلبية كالحزن وفقدان الأمل، وصداع مستمر، مع عصبية وشعور بالقلقِ الزائد عن الحد.

وتتميز هذه الحالات باتساع رقعة انتشارها حول العالم، فقد ذكرت صحيفة «التيلغراف» البريطانية أن أكثر من 70 ألف امرأة تعاني من مرض اكتئاب ما بعد الولادة في بريطانيا كل عام.

وأشارت دراسة علمية حديثة أشرف عليها فريق من الباحثين بجامعة نورث ويسترن الأمريكية، إلى ارتفاع كبير في معدل إصابة السيدات في الولايات المتحدة الأمريكية بحالات من الاكتئاب بعد ولادتهن، مؤكدة أن النسبة وصلت إلى 14% بين 1000 سيدة خضعن للدراسة.

ومع الأسف، يظن الأغلب أنها حالات نادرة لا يوجد منها إلا القليل النادر في مجتمعنا. وعلى رغم انتشارها وبنسب ليست قليلة إلا أنه - وكعادة مجتمعاتنا - لا تُحبذ النساء المصابات بالمرض ولا أهاليهن الحديث عن وضعهن، ويفضلن دائماً التكتم على الموضوع.

ومن هذا المنطلق، نصحت استشارية النساء والولادة في مستشفى ابن النفيس، الدكتورة هدى الجفيري، أثناء حديثها لـ «الوسط الطبي»، النساء وأهاليهن بالجرأة بمواجهة الأمر، وعدم الخوف من اللجوء للطبيب النفسي، مستغربة من أن «بعض المرضى - للأسف - يرفضون حتى الاعتراف بالأمر».

ولا يكون «اكتئاب بعد الولادة» شبيهاً بالشعور بالحزن والتعاسة كما يظن الغالبية. فمعظم الأمهات الجدد يشعرن بهذه الأحاسيس بعد يومين من وضعهن، فتنتابهن رغبة في البكاء، ويشعرن بالقلق الدائم على الطفل الجديد وعلى أنفسهن، وكذلك بالتوتر والإرهاق.

وأوضحت الجفيري أن «الإرهاق والإحساس بالتغيرات الكبيرة على المستوى الهرموني والفسيولوجي أهم أسباب هذه الأعراض، لكن هذه الحالة - على الأغلب - تختفي خلال أيام، ولا يطلق عليها اكتئاب ما بعد الولادة».

ووفقاً لذلك، لا تُدرج حالة الحزن والتعاسة المؤقتة ضمن أعراض اكتئاب ما بعد الولادة. فبينما تتخطى الأمهات المصابات بهذه الحالة الميل الدائم إلى البكاء ويفرحن مجدداً بالطفل، يزداد الشعور بالانهيار التام المصحوب بالقلق والتعاسة عند الأم المصابة بالمرض.

وقد يظهر اكتئاب ما بعد الولادة بعد أسابيع وحتى أشهر من ولادة الطفل. فبعد أن تكون هؤلاء الأمهات سعيدات بأطفالهن، يصبن تدريجياً بالاكتئاب حتى يبلغن حافة الانهيار.

عقاقير الاكتئاب لن تؤثر على طفلكِ

وأكدت الجفيري توافر عقاقير ممتازة لا تأثيرات لها، توصف للمريضة في حال إصابتها باكتئاب ما بعد الولادة. وفي حال كانت المريضة تعاني من مرض نفسي سابق يحرص الطبيب على التأكد من خلو أدويتها من أي تأثير سلبي.

ووجهت حديثها للأم المصابة، قائلة: «لا تقلقي إن كنتِ ترضعين طفلك، فإن الطبيب سيصف لك عقاراً مضاداً للاكتئاب لا يؤذي الطفل ولا يؤثر على الرضاعة الطبيعية».

كما أكدت أن «اللاتي أصبن باكتئاب ما بعد الولادة لديهن الاحتمالية الأكبر للإصابة به في الولادة التالية».

إلا أن العديد من النساء اللاتي عانين من المرض، لا يكررن هذه التجربة مع طفلهن التالي. فيمكنهن على الأقل وضع خطة خلال حملهن التالي حول كيفية التصرف في حال أصبن بالأعراض نفسها، واللجوء للطبيب مبكراً.

وشددت الجفيري على ضرورة تقبل الأمر بعد وقوعه، قائلة: «إن لدعم الأهل والزوج الدور الأكبر في تخطي حالة الاكتئاب».

العدد 4336 - الإثنين 21 يوليو 2014م الموافق 23 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً