العدد 4440 - الأحد 02 نوفمبر 2014م الموافق 09 محرم 1436هـ

الحسين وصرخته الأثيرة «هيهات من الذلة»

عبدالله جناحي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كنت صبياً يافعاً ولدت في رأس رمان، بعد أن انتقلت أسرتي من منطقة الفاضل المجاورة، وكان والدي يعمل في السعودية مع عمّال يكافحون لبناء أنابيب النفط ولا يرجعون لجزيرتهم إلا كل شهر يوماً أو يومين.

كنا أسرة شافعية المذهب في وسط منطقة شيعية رأس رمانية، هذه الفاكهة التي دخلت الأساطير ومنها أسطورة «ألف ليلة وليلة»، ثم انتقلنا إلى فريق الذواودة الملاصقة لرأس رمان، وعشنا طفولتنا معاً أبناء الهولة والذواودة وبوقيس والبسام وعرشي والغايب والعز والبوسطة والرأس رمانيين في حب وعراك طفولي.

ولكن في ذكرى ملحمة الحسين عليه السلام نتوحد جميعنا، أتذكر والدتي شافعية المذهب تصوم في العاشر من محرم وتطلب منا أن نقرأ القرآن في هذا اليوم على روح حفيد رسول الله. كنّا صغاراً ولكن كانت تعلّمنا بطريقتها أن العاشر من المحرم يومٌ عظيم، صحيح كانت ترفض بعض طقوس كانت ترى فيها طقوساً دخيلة على الإسلام، ولكنها رغم أميتها كانت تؤمن بأن ذكرى مقتل الحسين يوم جلل، فهو حفيد رسول الرحمن وابن فاطمة الزهراء ابنة الرسول وابن الإمام علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين، هكذا كانت تعتقد تلك الأم الأمية التي تشربت بروح الحب والتنوع والتسامح بعفويتها الجميلة.

كنا نذهب ونشارك رفاقنا نستمع لخطب جميلة في المأتم عن الفداء والتضحية من الحسين وآل بيته الذين ذهبوا إلى كربلاء رغم المحاذير التي وصلتهم بأنهم قد يهزمون، ولكن جلجل نداء الحسين «هيهات من الذلة»، هذا النداء الثوري الصالح لكل زمان ومكان يوجد فيه الظلم والظالمون نداءً يصلح لوقتنا الراهن حيث الفساد والقمع والظلم نداء لكل عاشق للحرية والعدالة والمساواة وكرامة الإنسان؛ نداء سرمدي تشربت من روحه.

كنا نذهب زرافات نشارك أحزان ذكرى ملحمة الحسين وآل بيت الرسول دون أي إحساس طائفي أو مذهبي، رغم وجود أصوات حاقدة من الطرفين، لكن أصوات هامشية أمام صوت وطني جامع يرى في الحسين ثائراً مضحياً بحياته وآل بيته من أجل الحق والشرعية. في هذه الأيام نحتاج لمن يوحدنا، ولا أحد يستطيع غير فداء وتضحية الحسين حفيد رسول المسلمين جميعاً، هو القادر على وحدة الثائرين ضد الظلم، لمن يؤمن بأن يناضل لا أن يحقد. الحسين بتضحياته جسد روح النضال، هو غيفارا الأممي ولكن بوجهه الإسلامي .

الحسين بقيمه نحتاج له الآن في قرننا الحالي، ونحتاج لقيم الفداء والتضحية لكل العرب والمسلمين وهم يناطحون الصهاينة والغرب. نحتاج لقيمه لنجتاز هذا الاحتقان الطائفي البغيض المرفوض. نحتاج لقيم الحسين لنتوحد من أجل هدف أسمى هو الحرية والعدالة والمساواة للجميع. نحتاج أن نرفع شعاره الجميل «هيهات منا الذلة»، لنبني وطناً لا ذليل فيه. أريد أن أسجّلها للتاريخ، أنا اليساري العلماني التفكير والسلوك الآن، القومي الانتماء، الناصري في لاءآته الثلاثة، الأممي الإنساني في القيم، المسلم الذي لا مذهب له غير الإسلام الواحد الأحد، الداعي للتنوع والتسامح سر قوتنا، الرافض للتطرف والحقد والكراهية، الداعي لقيام دولة مدنية ديمقراطية حديثة حقيقية لا شكلية، لذا احترم تضحيات حفيد الرسول الحسين العظيم، ولتكن هذه الذكرى وحدة لنا لا تفرقة كما يتمناه الحاقدون.

لنحترم شعائر بعضنا البعض، فالصوفي والأزهري والسلفي والجعفري لهم شعائرهم ومناسباتهم الدينية، كما القومي واليساري والليبرالي لهم مناسباتهم، ولنحترم الحريات الشخصية لبعضنا البعض وتنوع الأفكار والآراء والأصول، حيث هو السبيل لبناء الوحدة الوطنية وتعزيز الهوية الوطنية الجامعة والحاضنة للهويات الفرعية التي بدأت تتضخم وتحل محل الهوية الجامعة، جراء سياسات خاطئة وسلوكيات متعصبة وتراجع مبدأ المواطنة المتساوية.

إقرأ أيضا لـ "عبدالله جناحي"

العدد 4440 - الأحد 02 نوفمبر 2014م الموافق 09 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 4:03 م

      الأستاذية

      الوصاية الأستاذية لا تتفاعل معها عقليات الاسلام السياسي ولا تنفع معهم النصائح الأبوية لديهم مشروع واضح نظري ورأينا تطبيقاته في دول متعددة . املك مشروعك الوطني لبناء دولة القانون وفصل الدين عن الدولة وبناء الدولة المدنية الديمقراطية وهي بعد السماء عن الارض عن التيار الديني. وإذا لا تملك هذا المشروع بسبب ضعف موضوعي ادعم المشروع الإصلاحي افضل من المشروعات التي قسمت المجتمع البحريني الى نصفين.

    • زائر 20 | 12:14 م

      سلامي لجميع الإخوة السنه

      والله عشنا حياتنا بين شيعه و سنه و عمرنا ما كفرنا احد. ولا تمنينا سوء لأحد. نعرف و نقر بالاختلاف المذهبي بس ما قط فكرنا ان احنا دائماً صح او ان الطرف الاخر خطا. وما ادري شلون يفكرون و يستنتجون هؤلاء المتطرفين المغالين في الدين. شكرًا لجميع المعتدلين العاقلين.

    • زائر 13 | 5:59 ص

      شوقي العلوي

      المشكلة لدى بعض الإخوة الذين كتبوا معلقين على ما كتبه الأخ عبدالله جناحي، لم يستطيعوا القراءة بتمعن وتجرد، لذا نجد أن تعليقاتهم تنم عن موقف مسبق غير متجرد، من المهم عندما نقرأ سواء لمن نتفق معهم أو نختلف معهم فعلينا أن نقرأ بتجرد ما أستطعنا إلى ذلك سبيلا، مستخدمين عقولنا، أما أن نقرأ ونحن نعيش جمودا في الفهم والتعاطي، تلك قراءة لا جدوى منها

    • زائر 19 زائر 13 | 7:29 ص

      الحسين لكل الإنسانية

      ليس أحد من الأمة الإسلامية يشك في مكانة الإمام الحسين عليه السلام و لا في مقامه المحمود عند الله جلت عظمته ، فهو سيد شباب أهل الجنة ،وريحانة رسول الله وسبطه ، وهو الذي قال عنه جده المصطفى (ص) حسين مني وأنا من حسين ،ولا أحد يشك أن مقتله والتمثيل بجسده الشريف يؤذي الرسول (ص) ويفجع قلبه ويدميه ، فالأمة الإسلامية إذا أحيت هذه الذكرى الأليمة سنويا للتنديد بالجريمة التي أرتكبت ضد الحسين الشهيد (ع) لن يكون للإرهاب مكانا فيها ،لأن أمة تربي نفسها على نبذ الإرهاب في كل عام تصبح ثقافتها إنسانية

    • زائر 11 | 4:35 ص

      ابراهيم الدوسري

      ... انت يساري كيف تحولت الي دينى

    • زائر 14 زائر 11 | 6:17 ص

      خلك مقهور يالدوسري

      تلحق على من والا من

    • زائر 16 زائر 11 | 6:42 ص

      انه النفاق يا اخي الدوسري

      هذا الشخص يعلم جيداً ان هؤلاء اذا حكموا سيكون مصيره كمصير أعضاء توده في ايران بعد الخميني و لكن الحقد الأعمى للمكون الاخر في البلد يجعله يقف معهم

    • زائر 18 زائر 11 | 6:51 ص

      يساري أو علماني لا يهم

      المهم أن يكون إنساناً محترما ً ويعامل الناس كبشر وهو فعلا ً بهذه الصفات شنو فائدة مسلم وملتحي وقلبه أسود وحقود ويعامل الناس حسب المعتقد والدين أحنا نحترم الأستاذ على صراحته وهو يستحق التقدير

    • زائر 10 | 2:41 ص

      شكرا جناحي

      انا افتخر ببحريني مثلك عظيم في مواقفك ورائع في طرحك عشت وعاش من علمك أصول الحياه .

    • زائر 9 | 1:30 ص

      الهوية الجامعة هي المنشودة

      نشكر لك هذا الاحساس الطيب وسلمت يداك.

    • زائر 8 | 1:02 ص

      الاسلام السياسي وليس الدين

      يجب التفريق بين القناعة الروحية الدينية والتى نشأنا فيها ووالدتك هي نسخة من سلوكيات جميع أمهاتنا في التعامل مع الحدث الجلل. وللعلم أنا سافرت مع والدي ووالدتي لزيارة النجف. الفرق بان عقول آباءنا لم تدنسهم الاحزاب الاساسية الدينية الطائفية وكانت انطلاقتهم عفوية وإنسانية . فالخلل في وجود الاحزاب الدينية الطائفية من الطرفين وهو التحول من الدين الروحي الإنساني الى الحزب السياسي الطائفي. فنحن مقاطعون لتلك الاحزاب بشقيها منذ نشؤوهم. ومازلنا الحمد لله بخير وغير طائفيين.

    • زائر 7 | 12:58 ص

      أحسنت القول

      في العالم الكثير من الديانات ولكل ديانة طقوسها الخاصة ولكن ما نقوم به تجاه الحسين عليه السلام شعائر وليست طقوس والغريب أن هناك فئة ممن يدعون الإسلام تركوا جميع الديانات الموجودة في البلد وجاءوا يتدخلون في شعائرنا بسبب الحقد والطائفية البغيظة وأظنهم يعيشون أياماً عصيبة طوال شهري محرم وصفر قهرا وحسرة فلماذا كل هذا وهل من جواب

    • زائر 6 | 12:48 ص

      هذا ليس حلمهم

      هذا رأي متحضر في الحقيقة لكنه لا يتفق عليه الاسلام السياسي الحاضر ولا تقبله المؤسسات الدينية فالنظام الحلم لديهم انت تعرفه جيدا وترى على الواقع تطبيقاته من الطرفين. الأولويات والقناعات لدى الاسلام السياسي ثابته وهي بناء الدولة الدينية ودستورها الاسلام ولا مكان للآخرين للذين تنتمي لهم . والتجارب معهم اليمه حتى اثناء الاعتقالات المشتركة في الثمانينات والتسعينات مرورا بالانتخابات البلدية والبرلمانية. والدولة المدنية الديمقراطية ليست حلمهم. فأعد قراءة الواقع والتاريخ ، مع تقديري لشخصك

    • زائر 5 | 12:19 ص

      كيف !؟

      " ... أنا اليساري العلماني التفكير والسلوك الآن، ... ، المسلم الذي لا مذهب له غير الإسلام الواحد الأحد ... " كيف تكون يا بومحمد ... هداك الله ...

    • زائر 4 | 11:28 م

      نعم الحسين يمثل خلاصة الأديان السماوية

      أحاديث كثيرة وردت في شأن الإمام الحسين لأنه يمثل خامس اصحاب الكساء الذين وردت آية التطهير فيهم ومن اختصهم النبي في آية المباهلة ومن المعروف ان الرسالة والنبوة لا تحابي احدا لمجرد القرابة النسبية لذلك كان بعض اعمام النبي ص من المذمومين في القرآن. حسين مني وأنا من حسين احبّ الله من احب حسينا .حسين سبط من الاسباط. الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة .الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا. الحسن والحسين امامان ان قاما او قعدا واحاديث كثيرة متواترة لم يوردها النبي عبثا فهو لا ينطق عن الهوى

    • زائر 3 | 11:04 م

      الرسول امرنا بصيام يوم العاشر

      في الحديث الصحيح الرسول امرنا بصوم اليوم العاشر من المحرم كي نخالف اليهود و ليس لحفيد الرسول اي دخل في هذا الصيام من خلال الحديث. خل في بالك ما فعل هؤلاء في احباب قلبك أعضاء حزب توده عندما مسكوا الحكم في ايران

    • زائر 2 | 10:53 م

      كلام جميل

      فالإسلام الحقيقي يقبل بالآخر حتى لو اختلف معه في الدين و العقيدة. ملحمة أهل البيت في التضحية و الشهادة رمز لكل البشرية و نبراسا لعتق العبودية من جلاديهم الذين لا هم لهم سوى الإسفاف بإسم الدين في تشطير المجتمع عملا بمبدأ فرق تسد... لهذا نرى ان فكر الحسين في الإستشهاد يغيض حنقهم...فهيهات منا الذلة تغيظهم غيظا عظيما.

    • زائر 1 | 9:44 م

      تصحيح

      ارجوا منك اخي تصحيح معلوماتك عن حقيقه امر رسول الله للمسلمين بصوم العاشر من محرم وهو ليس كما ذكرته في مقالك . ثانيا الاتعتقد ان استمراريه طقوس عاشوراء بهذه ألطريقه هو عامل مفرق بين المواطنيين والأجيال القادمه حيث نرث تبعات الماضي بدون النظر للمستقبل ويتم تقسيم الناس الي يزيديين وحسيينيين

اقرأ ايضاً