العدد 2491 - الأربعاء 01 يوليو 2009م الموافق 08 رجب 1430هـ

الموز الأخضر بالحبة!

جرفتني تلك السحابة التي أمطرت بغزارة في فيلم دكان شحاتة... متناولة العديد من المواقف والحوادث العالمية والعربية والمصرية بالتحديد... تعصف بذاكرتك وتعود بك للوراء وتتقدم بك سريعا لا مجال لأن تلتقط كل شيء بدقة، بل خذ المجمل، تجد نفسك مررت في رحلة قطارية مدمية تتصور بعدها أحداثا للظلم والطغيان والعداء وانحلال القيم، تشعر في أثناء دق الحديد شيئا فشيئا بوقعات تؤلم القلب فقط هو شعور المنتمي للوحدة والولاء العربي، تذهب ثم تعود مجددا وتقف عند قذفك في المستقبل الذي لا تعلم إن كنت ستكون فيه أم لا... مستقبلا يبيع الموز الأخضر بالحبة! سبحان الله.

دخلت قاعة السينما في صباح متأخر، لم أجد إلا القلة! وهذا غريب حقا. فالسينما أيام الإجازات الأسبوعية تكون عامرة بمختلف أطياف الخليج العربي وهذا مما لم تخل منه القاعة... ناهيك عن عناصر الجذب في الفيلم، فلا أعلم هل هو عيب الوقت؟ أم أن الشباب منشغل بالامتحانات؟ أم أن جمهور مرتادي السينما لم يجدوا أن الثلاثة دنانير جديرة لاختياره وقضاء رحلة أسبوعية، ولكن بعض لحظات الصمت القوية للاستماع والإبصار التي لاحظتها جيدا داخل قاعة السينما، كانت تشير عكس ذلك.

وفقت باقة من الممثلين المتميزين حقيقة في الأداء والتصوير، أخص بالذكر تلك الشخصية التي أدت دور «سالم» وهو أحد الإخوة الثلاثة من الأم الأولى، تخيل لي حينها شخصية حقيقية شبيهة بشخصية عربية سياسية، أدت الدور نفسه، بل الأسوء في واقعنا. شخصية «سالم» مثلت أسوء بداية للعداء مع الأخ الصعيدي «شحاتة» ابن الأم السودة، وأنهته تحت وقع طبول الفرح والزغاريد والغناء وصراخ محبوبته المكره على أخيه «بيسه»!. وكانت «نجاح» وهي الأخت الثالثة كانت الأنجح علاقة مع شحاته، وبدا الأخ الرابع أقل حدة في العداء مع شحاته ابن الأم السودة. ولا أنسى في هذا الموقف دور «كرم- غباوة» أخو «بيسه» الذي لم يكرم أحدا غير معشوقته وعلى طريقته الخاصة!، فبدى أكثر الأدوار تألقا من خلال نقل القيمة المرجوة من الفيلم بشخصية كاركتيرية اتسمت بالخفة لأداء المعطيات الحالية. بيد أني وجدت تحفظات على أداء البعض، بل أداء إحداهن لا تعليق... غير أن الظهور المعتاد أمام كاميرات التصوير أصبح شيئا معتادا، فلم تكن هناك صعوبات كبيرة في تقديم أداء جيد ومقبول نسبيا ولكن أشير إلى موقعها من الفيلم كان ممتازا كاختيار، والبعض يعول على المردود.

إن لكتابة السيناريو دور في وضوح الرؤية الإخراجية التي لا تزال تخطو واثقة بتصاعد لعتبات الإبداع تباعا، ولكن بعض المواقف تجدها لم تصغ بشكل أروع مما لو كانت عليه، إن نظرت إليها قليلا فتجد أن الموقف يحتاج لانتقاء حوار يخدم القوى الفنية والإخراجية، ولا يعني ذلك أن السيناريو خلا من تلك الحوارات والنصوص المنمقة والملفوفة في دهاليس سياسية، وكانت جديرة بالإعجاب والتمعن في انتقائها وطرحها السياسي والجريء إلى حد فاق توقعي.

أشير نهاية إلى وجود أخطبوط يقودك في ترف فني لصورة كاملة من البداية إلى النهاية... يفعل مالا يجرؤ البعض على تناوله في قوالب ديمقراطية وواقعية بصورة تكتيكية وذكية، وإن بدا للبعض أنه لا يجوز. فأجده جائزا جدا وإن استمر فالقادم سيكون أدهى من ذلك وأروع... ولكن السؤال، ألم يحن الوقت لأن تبدأ من حيث نحن الآن؟، فلسنا بعيدين عن الموز الأخضر بالحبة.

رجاء رحمة

العدد 2491 - الأربعاء 01 يوليو 2009م الموافق 08 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً