العدد 4585 - الجمعة 27 مارس 2015م الموافق 06 جمادى الآخرة 1436هـ

الفنان فيصل سمرة: أحلق بجناحين الأول عربي والآخر إنساني

في معرض «الاحتباس الحراري» بعمارة بن مطر

سمرة متحدثاً إلى «الوسط»
سمرة متحدثاً إلى «الوسط»

في معرض «الاحتباس الحراري» للفنان السعودي والبحريني معاً فيصل سمرة، والذي أقيم في عمارة بن مطر من السبت (18مارس حتى 26 أبريل/ نيسان المقبل) ضمن برنامج ربيع الثقافة في عامه العاشر والموسوم بـ «عشر اضاءات»، كان لفضاءات «الوسط» وقفة مع الفنان للحديث حول معرضه، وسر ذهابه نحو هذا العنوان المغاير، واشتغاله بالفن المفاهيمي عبر الأعمال التركيبية ووسائط الفيديو واللوحة المختلفة.

بداية أشار الفنان فيصل سمرة إلى أن العنوان استعارة ساخرة تشي بما يفعله الإنسان بنفسه وببيئته من حوله، وأن الفن المفاهيمي ليس بالضرورة مرتبط بالأعمال التركيبية بل حتى اللوحة الفنية حينما تختزل مفهوماً معيناً وتوصل رسالة محددة تكون عملاً مفاهيماً، مؤكداً أنه في القضايا المفاهيمة التي اشتغل عليها في معارضه المختلفة دائما ما كان يحلق بجناحين الأول عربي والآخر إنساني. فيما يلي نص الحوار مع الفنان:

تحلق بجناحين أحدهما بحريني وآخر سعودي، فقد كانت في البحرين نشأتك الأولى حتى المرحلة الابتدائية، وأنهيت الثانوية في السعودية، ودرست الفن في فرنسا، ولك معارض في دول مختلفة، أين تجد ذاتك فنياً؟

- دعني أبني على الاستعارة في السؤال وأقول أنني أحلق بجناحين الأول عربي والآخر إنساني وهذا ما تقوله الأعمال التي اشتغلت عليها في أكثر من معرض.

في معرضك «الاحتباس الحراري» يبدو أنك اتخذت من هذا العنوان مدخلاً للكلام عن الإنسان، فالاحتباس الحراري عنوان علمي يا ترى كيف ترتبط هذه الأعمال الفنية مع هذا العنوان العلمي والمباشر.

- ألجأ دائما للمجاز أو للاستعارة في طرح الأعمال الفنية فالمجاز وسيلة جيدة جداً لتكثيف فكرة حتى لا تسقط في المباشرة، والاحتباس الحراري فيه نوع من السخرية، ونوع من المطابقة مع الواقع وإسقاط شيء على شيء آخر، إسقاط موضوع الاحتباس الحراري على ما أريده من معنى فبسبب سوء استخدام الإنسان للصناعة وسوء معاملته للبيئة صرنا نمشي في طريق كارثي. وهذه الأشياء بشكل غير مباشر أثرت على طباع البشر وتصرفاتهم، المرتبطة مع البيئة بشكل غير حميمي. حاولت أن أسلط الضوء على ما يحدث من خلال هذا العنوان فهو موضوع آني وخطير بالنسبة للبشرية، وربطه بما يحدث من حروب ودمار وما نسميه «الجيوبولتكل» التأثير السياسي الجغرافي والمخططات وكلها لها علاقة ببعضها البعض. المعرض جاء بثلاثة مشاريع كلها تصب في موضوع واحد هو تأزم الحالة البشرية والإنسان، فنحن في عصر مخيف تتم فيه إعادة صياغة كل شيء حتى القيم ولا ندري إلى أين نصل وهناك قيم كثيرة تحللت. موضوع «الاحتباس الحراري» هو عنوان أساسي كبير يمكن أن يدعى له الكثير من الفنانين ليقدموا رؤاهم من خلاله وكل يثريه على طريقته.

في المعرض ركام من تراب في شكل ثلاثة قبور، وبالونات كتب عليها الربيع العربي ماذا وراء هذا العمل من رؤية؟

- هذا العمل قدم في أكثر من شكل حتى استقر على هذه الصورة، وأرى أن تسمية الغرب حركة الشعوب العربية بالربيع كانت تسمية متسرعة حيث لم تكتمل هذه الانتفاضات وتجني ربيعها بعد والدليل هذا المآل الذي آلت إليه كل منها.

ما سر ذهابك نحو الاشتغال على الأعمال التركيبية والمفاهيمية في أكثر من معرض؟

- اعتقد أن المشروع هو الذي يحدد الوسيلة المستخدمة في العمل الفني، أنا بدأت ألجأ إلى وسائل أخرى غير تقليدية كاللوحة المشدودة المعلقة أو التخطيط أو النحت منذ 1989م وذلك لأن المشاريع التي اشتغلت عليها هي التي تطلب ذلك، ودائما بحسب الرؤية تحاول أن تجد أفضل وسيلة بشكل مكثف ومختزل. والفن المفاهيمي ليس من الضروري أن يكون له علاقة بالفن التركيبي أو الفيديو، كما أنه ليس مقتصراً عليهما، فهناك لوحات تعتبر مفاهيمية ويكفي أن يختزن العمل الفني مفهوما معينا في داخله ليكون مفاهيمياً، وبالتالي يمكن استخدام المجاز أو الاستعارة في العمل المفاهيمي، وأنا استخدمهما منذ زمن.

كيف يمكن أن تلخص العمل المفاهيمي؟

- العمل المفاهيمي أساساً هو عمل فني وليس شرطاً أن يتمثل في لوحة أو أشياء مشاهدة بل قد يأتي في شكل قصيدة شعر مثلاً، بمعنى أن يكون وراءها مفهوم معين وليست بصرية فقط وحينما تعبر من الحالة البصرية تصل إلى مفاهيم مختلفة، فالعمل محمل برؤية خلف السطح البصري، والمؤسسون للفن المفاهيمي في تاريخ الفن الحديث يرجعون إلى الفنان الفرنسي مارسيل ديشون لأنه دائماً ما يطرح مفهوماً معيناً حتى من خلال اللوحة، ولدينا هنا ما إن يرو عملاً تركيبياً يسحبونه على الصيغة المفاهيمية.

هل يمكن أخذ العمل المفاهيمي للعمل الملتزم عادة بقضايا معينة تخص المجتمع كالسياسة أو الثقافة أو غيرهما مثلاً؟

- العمل المفاهيمي يمكن رؤيته بهذه الصورة وبغيها في أن يكون له رأي محدد سواء سياسي أو اجتماعي مثلاً، الفن المفاهيمي بالتحديد هو ليس فناً بصرياً تجميلياً فقط بل يحمل في داخله رؤيته، وهو بالإضافة إلى جمالياته الفنية تراه يطرح موضوعا آخر.

هل يكمن القول بأن العمل المفاهيمي هو خروج عن الصيغة الجمالية إلى الصيغة الثقافية المشبعة بالروح النقدية وخصوصاً أنها تطرح وجهة نظر مغايرة ومختلفة وتتخذ موقفاً نقدياً من الواقع؟

- ليس بالضرورة أن يكون العمل المفاهيمي كذلك، فمن الممكن أن يكون المفهوم الذي يحاول أن يوصله العمل له علاقة بشيء بسيط جداً وغير ملتفت له، فيكمن أن يوجه نظرنا إلى مادة معينة أو فكرة محددة. هناك أعمال لا تطرح رأياً سياسياً ولا غيره، وإنما هي تلاحظ وترصد شيئاً بسيطاً يجري في الطبيعة وتحاول من هذا الرصد أن تخلق عملاً فنياً، أياً كان هذا المفهوم الذي يحمله العمل يمكن تقييمه وطرحه في هذا المجال.

ما سر وجود النبذة بجانب العمل ألا يستطيع العمل أن يكتفي بذاته بعيداً عن الشرح والتوضيح، أو تقديم رؤية الفنان كتابياً عليه من خارجه؟

- لدي وجهة نظر في هذا الموضوع بالنسبة للأعمال التي نسميها مفاهيمية هناك عدة طروح، هناك حالة مفاهيمية مستغرقة كثيراً في المفهوم إلى درجة أنها تصل إلى إلغاء الناحية البصرية، أما أنا ففنان بصري أساساً وأحاول أن يكون العمل الفني مستنداً على ساقين هما الحالة البصرية الممتعة لي وللمتلقي، وبعد آخر هو الحالة المفاهيمية. وفي البداية لابد أن يكون هناك معطى بصري نستمتع به، وهناك من يحب قراءة العمل بطريقته بدون أي تدخل أو توضيح، ولا يقرأ المكتوب حوله، ولذلك أنا لا احب أن أشرح العمل وإنما أضع له تأسيس يبين كيف وصل المشروع إلى هذه الحالة، وقد لا نحتاج لذلك أحيانا، وهناك أعمال تختزل بشكل مكثف وحينما لا تقرأ النص لا تصل إلى شيء، وفي النهاية دائما ما يكون هناك عدة مستويات من التلقي.

العدد 4585 - الجمعة 27 مارس 2015م الموافق 06 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً