صباح يوم الجمعة الماضي قررت صديقتي “ياسمين” أن تجمعنا نحن الصديقات على مائدة الفطور، لذا طلبت من الجميع أن يحرص على التواجد باكراً في منزلهم لنقضي معاً أجمل الأوقات.

بالفعل حرص الجميع على الحضور باكراً وكنا سعيدات جداً بهذه المبادرة من “ياسمين” لتجمعنا خارج أسوار المدرسة وبعيداً عن الدراسة... الأحاديث كانت جميلة وممتعة، كما أن الطعام كان لذيذاً جداً، إلا أن أمراً حدث عكر جمال هذا التجمع، فقد كان لتشابه قميصي نور ودانة اللتين كانتا تلبسنهما صدىً غريب، حيث بدا الجميع مستغرباً من تشابه أذواقهما وتزامن لبسهما لهما في نفس التوقيت.

ما حدث أمر طبيعي، ويحدث كثيراً، إلا أن ردة فعل نور كانت محرجة لـدانة، فالأولى دائماً تتفاخر وتتباهى أمام صديقاتها وزميلاتها بكل ما تشتريه من ملابس وعطور واكسسوار، فيما الثانية هي من عائلة فقيرة.

رد نور عندما رأت استغراب الصديقات لتشابه قميصها وقميص دانة كان: أنا اشتريت من المحل الفلاني بالسعر الفلاني، أما دانة فيبدو أنها استعارته من إحدى الصديقات أو أنها اشترته من إحدى البسطات التي تبيع الملابس البالية، فقميصها من ألوانه يدل على أنه إما مستخدم أو بيع في بسطة ما في أحد الأسواق الشعبية.

كلامها هذا أحرج دانة، ولكن ردة فعلها كانت الأقوى، إذ قالت: «بالفعل يا نور أنا لم أشترِ قميصي لا من نفس المكان ولا بالسعر الذي اشتريت به أنتِ قميصك، بل أخذته من إحدى البسطات، ولكن هناك فرق بين قميصي وقميصك أتعلمين ما هو؟!... بأن من يرتديهما شخصان مختلفان... قيمة القميص المادية إن ارتفعت أو انخفضت فلن تؤثر على من يرتديه، فهو قطعة تكسو جسمه، ولكن قيمة الأخلاق إن ارتفعت أو انخفضت هي ما يؤثر في صاحبها، فإن ارتفعت قيمه ارتفعت أخلاقه وإن انخفضت قيمه ساءت أخلاقه»... واللبيب بالإشارة يفهم.

حوار قاسٍ بين قميصي نور ودانة عكر صفاء الأجواء التي كانت تجمع الصديقات، فلماذا دائماً ما ننظر للأشياء بقيمتها المادية، فيما نحن نتجاهل قيمتها المعنوية... فلو اكتفت نور ودانة بالابتسامة لتشابه قميصيهما، لما حدثت هذه الفرقة فيما بينهما، ولانتهى التجمع بمثل ما بدأ به بالفرح والسرور.

مناهل