العدد 1905 - الجمعة 23 نوفمبر 2007م الموافق 13 ذي القعدة 1428هـ

على طريقة فاريلا

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

بشعرها المجعد وقسماتها الصارمة لم تجد إيريس فاريلا - النائبة في البرلمان الفنزويلي - أفضل من «الضرب» وسيلة لتواجه بها الصحافي غوستافو أزوكار بعد استضافته لها في برنامج على الهواء شاهده أكثرية الشعب الفنزويلي، قبل أنْ تنقل المشهد محطات التلفزة العالمية كالـ» سي إن إن»، ناهيك عن انتقاله إلى شبكة الإنترنت والمواقع الإلكترونية وأشهرها اليوتيوب؛ ليشاهده الملايين حول العالم.

لا أستطيع أنْ أقول تماما مَنْ هو المخطئ فيهما، على رغم مما يبينه المشهد من مثال مضحك على «عنف المرأة ضد الرجل». ولكن يمكن القول إن الاستفزاز قد حصل بالفعل، بطريقة أو بأخرى، خصوصا والرجل حدّثها عن وفاة ابنها الراحل كما ذكرت التقارير الصحافية. تفتح هذه القصة بابا للتفكير حول مدى الخصوصية التي يجب أنْ تتمتع بها «الشخصيات العامّة» أو أولئك الذين وصلوا إلى مواقع صنع القرار، ومتى يكون من واجب الإعلام والصحافة كسلطة رابعة التدخل في شئونهم «الخاصة»، ومتى يعتبر تدخلها ذاك «خرقا» لتلك الخصوصية لا يجوز.

نواب الشعب مثلا، متى نعتبر ما يفعلونه شأنا خاصا بهم، ومتى يجوز لنا التدخل في هذا الشأن على اعتبار كونهم شخصيات عامّة يهم الناس أنْ تعرف عنها كلّ شيء؟

نشر خبر عن نائب في البرلمان البحريني منذ فترة رفعت عليه مطلقته قضية؛ ليرجع عليها مبلغا كبيرا من المال أقرضته إيّاه قبل أنْ يصبح نائبا، ردّ النائب في اليوم التالي، ثم رد زوج الطليقة مرة أخرى. هل هذا شأن عام أو خاص؟

تبودلت الأخبار والردود في قصة أخرى عن خلاف بين نائب آخر وبين أطراف أخرى بشأن قيامه بالخطبة في مسجد معيّن، فهل هذا شأن خاص به، أو أنه شأن عام؟

رفعت الحكومة مقترحا لزيادة كبيرة في رواتب الوزراء والنواب ونسبهم من الراتب التقاعدي، الزيادة مقترحة؛ لتدخل في جيوب النواب والمفترض ألا تمس الناس بأي شكل، فهل يجوز التدخل في هذا الموضوع على أنه شأن خاص أو أنه شأن عام؟

الإجابة متروكة في كلّ مثال مما ذكرناه للقارئ، غير أنّ أمرا لابدّ من إضاءته والتركيز عليه. عندما يتقدم أي كان للترشح ليكون نائبا للشعب، فقد قبل ضمنيا تحوّله من شخصية «خاصة» إلى شخصية «عامّة»، فهو ملك الجمهور الذي انتخبه، والذي يجوز له أحيانا - على رغم مما يحمله الأمر من استهجان - أنْ يتدخل في أكثر التفاصيل المرتبطة بهذا النائب دقة وخصوصية. وربما يلومنا النواب على هذه القسوة في الحكم مطالبين بمساواتهم بنظرائهم من الشخصيات العامّة الأخرى، كالوزراء مثلا الذين «يفعلون أسوأ مما يقوم به النواب وينالون أكثر منهم لكن لا يحاسبهم أحد نفس الحساب العسير». فالخاص والعام يختلط ببعضه هنا، وعندما ينال النواب ترضية مالية من الحكومة، لابدّ أن تكون تلك الترضية على حساب أدائهم وخدمتهم للناس الذين انتخبوهم لهذا الدور بالأساس، وإلا فليتوقعوا «ضربا» مبرحا من النقد، ولكن ليس على طريقة فاريلا!

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 1905 - الجمعة 23 نوفمبر 2007م الموافق 13 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً