العدد 2329 - الثلثاء 20 يناير 2009م الموافق 23 محرم 1430هـ

افحصوا موتاكم يرحمكم الله!

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

نقول لأصحاب القلوب المفجوعة، ومن كتب الله عليهم أن يفقدوا عزيزا عليهم أن يفحصوا وجه ميتهم جيدا قبل التوقيع على تسلمه ووضعه في ملحودته وبيته الأزلي لأن المدفون قد يكون أحد المقبلين من أقاصي الأرض ولا يمت إليهم بصلة، فيما ينتظر ميتهم الحقيقي بشغف أن ينقل جسده من ثلاجات مشرحة مجمع السلمانية الطبي إلى مقبرة منطقته!

لا أملك في الحقيقة تفسيرا واضحا عن موضوع استبدال الموتى في المشرحة، وعلى رغم أنني كنت معنيا بمتابعة الشئون الصحية لفترة طويلة، إلا أن استبدال الأجساد يظل أمرا غريبا لم تتمكن إدارة المجمع الطبي العامر من حله حتى الآن على رغم تكرار الحادثة بين فينة وأخرى، فيدفن أحد أهالي الرفاع في جدحفص، وآخر في جنوسان، والحكم في ديننا بعدم جواز نبش القبر عموما، إلا أن أولي الميت الأخير الذي استبدلت جثته بجثة رجل آخر أبوا إلا رؤية والدهم، ولم يتمالكوا نفسهم من «القهر» لأنهم حرموا من رؤيته وإلقاء نظرة وداع بسبب خطأ من المشرحة.

افحصوا موتاكم يرحمكم الله، ولا تعتمدوا على تقرير مشرحة السلمانية، وحتى لو تعلل الموظفون بكون حلق لحية الميت لأسباب الدفن، وتغير ملامح الجثة بسبب الموت، فلا تعتمدوا ذلك، وأتمنى أن يتم اعتماد بصمة الميت بإدخال نظام آلي في المستشفى يأخذ صورة لبصمة المريض عند الدخول ولا مانع من التأكد من أصله وفصله وحقيقته حين ينتقل إلى جوار المولى ولقطع الشك باليقين.

هذا الموضوع يلقي بظلاله على أمور أخرى، فمن يضمن أن من تلد في مستشفيات وزارة الصحة تحصل على مولودها الحقيقي بعد أن يخضع لعمليات تنظيف الجسم، وأنا من الذين لا يتمنون أن أربي أحد أبناء غيري، ولا أعتقد أن هناك من يتمنى أن يدفن رجلا غريبا وينوح عليه ليل نهار ويزور قبره، ومن ثم يكتشف أن محبوبه لا يزال في ثلاجات مجمع السلمانية الطبي، أو دفن في مكان آخر، وصحيح أن ذلك لن يحدث فارقا فالميت مات وانتهى أمره إلى ربه، ولن يعود أو يحتج، ولكن الموضوع يتعلق بالعواطف وما يتمسك به المرء من معتقدات.

ومن منا لا يذكر آمنة سترة، التي دفنها أهلها بحسب اعتقادهم، وظلت تنتظرهم وتقلب كفا على كف، وحين اتصل بهم جناح المستشفى وجاءوا لها ليروها في صحة جيدة ولم تستسلم بعد إلى الموت!

ودعونا لا نقسوا كثيرا على موظفي المشرحة، فمن منا يتمنى أن يعمل في هذا المكان بين جثث الموتى ورائحة الموت، فلربما شاهد هذا الموظف أو ذلك منظرا جعل من عقله يشوش لساعات، ولربما اضطر إلى تسليم جثة متعفنة ذابت في صواني الثلاجة إلى أهل بعد أن قضت في الثلاجات زمنا طويلا... للموضوع أسباب كثيرة، وعلى إدارة مجمع السلمانية الطبي أن تبحثها، على رغم أن الأخطاء واردة ولا يوجد من هو معصوم عن الخطأ.

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 2329 - الثلثاء 20 يناير 2009م الموافق 23 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً