العدد 3342 - الإثنين 31 أكتوبر 2011م الموافق 04 ذي الحجة 1432هـ

حل مدني وسط للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

هل من الممكن أن يكون هناك مفهوم الدولة في غياب الدولة؟ هذا هو السؤال المحيّر الذي تثيره العملية الفلسطينية الدرامية سعياً للحصول على عضوية في الأمم المتحدة، التي أطلقها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطابه المثير أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي.

إلا أن نجاح الخطة الفلسطينية يتطلب ليس فقط أن ينجح الفلسطينيون في الحصول على عضوية الأمم المتحدة وإنما كذلك في حشد المجتمع الدولي رغم تاريخه الشائن خلال العقدين الماضيين في الضغط على إسرائيل.

هناك تساؤلات كبيرة بشأن احتمالات حدوث أي من الأمرين، كما يُظهر تهديد الولايات المتحدة بممارسة الفيتو ضد أي قرار محتمل في مجلس الأمن. ويبرز ذلك حقيقة أن احتمالات أن تغير عملية الأمم المتحدة الدينامية الإسرائيلية الفلسطينية على الأرض بعيدة الاحتمال، بل ويمكن أن تجعل الأمور أكثر سوءاً.

لذا، وبوقوع حل الدولتين بين مطرقة الجمود الإسرائيلي الفلسطيني وسندان الارتجاف الدولي، ما الذي يمكن عمله؟

برأيي ان مساحة إقامة الدولتين على حدود ما قبل العام 1967 اختفت إلى درجة واسعة. زبدة هذا الموضوع هي أن الإسرائيليين والفلسطينيين يعيشون فعلياً في دولة واحدة، رغم كونها دولة مقسمة يشعر فيها الملايين بأنهم مهمّشون.

وبما أن التساؤلات بشأن الدولة تبدو غير قابلة للعمل في المستقبل المرئي، فمن الأفضل التركيز على قضايا «الخبز والزبدة» الملموسة إلى أن يتحسن الوضع بشكل كافٍ يمكن من حوار عام صادق وواسع بشأن الصورة الأوسع. باختصار، يجب تحول النضال الوطني الفلسطيني إلى حركة حقوق مدنية. يتوجب على الناشطين على كلا الجانبين ضم قواهم للمطالبة بجنسية كاملة وحق التصويت وحرية تحرك كاملة لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين ليعيشوا ويعملوا حيث يريدون.

ولأسباب مختلفة، يرعب هذا التوجه الكثير من الإسرائيليين والفلسطينيين. وتعكس مخاوف كهذه قلقاً تاريخياً ونفسياً، تزيده الرؤية المتطرفة للأصوليين والمتشددين على الجانبين، أكثر مما تزيده الاحتمالات المستقبلية الحقيقية.

يقلق معظم الإسرائيليين الآن من أن حل الدولة الواحدة يعني نهاية إسرائيل كدولة يهودية. إلا أن التوجه الديمغرافي (عدد متزايد من السكان الفلسطيني) الذي يبطن المخاوف اليهودية لن يذهب بعيداً بغض النظر عن النتيجة. لذا فإن السؤال هو ما إذا كان يتوجب التعامل مع هذا القطاع من السكان بعدالة أو دون عدالة. بوجود ديمقراطية علمانية تضمن الحقوق للجميع، سيعطي ملايين الإسرائيليين اليهود الدولة المستقبلية طابعاً يهودياً لا لبس فيه، رغم كونه طابعاً يتكون من بوتقة انصهار للهويات الأخرى.

ورغم أن الدولة الواحدة أكثر شعبية بين الفلسطينيين، يخاف الكثيرون أنه من خلال اختيار هذا المسار فإنهم يضفون الشرعية على الاحتلال ويتنازلون عن حقوقهم، إلا أن هذه العملية ستشكل المسمار الأخير في نعش الاحتلال، حيث ان جميع مناطق فلسطين الانتداب البريطاني ستصبح مفتوحة أمام الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، وسيقوم الجيش المستقبلي، المكون من الجانبين بإعادة تعريف دوره كحام للجميع.

وعندما يصبح الجميع في إسرائيل/ فلسطين منعتقاً، يكون العمل الأساسي قد اكتمل لحل ديمقراطي حقيقي على مستوى الجذور لهذا النزاع. وعلى رغم أن دولة الأمر الواقع الواحدة قد تشكل مجرد نقطة انطلاق نحو الدولتين المستقلتين، يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين بعد سنوات من التعاون المعمّق أن تقررا أن شكل مستقبلهما أفضل من خلال العيش معاً في دولة واحدة ثنائية القومية وديمقراطية وعلمانية.

أو قد يختاران اتحاداً فضفاضاً أكثر. في هذه الحالة، يمكن للدولة أن تتبنى نموذجاً فيدرالياً يوفر للعرب واليهود مقومات الدولة، مثل علم منفصل وسلام وطني مختلف. وتمثل حكومات مجتمعية لا ترتكز على حدود معينة كلاً من الشعبين حيثما عاشا في تلك الأراضي، بينما يقرر برلمان فيدرالي الأمور المشتركة لكلا الجانبين مثل الدفاع والسياسة الخارجية.

أو، بدلاً من ذلك، قد يختار المواطنون المتساوون في هذه الدولة المستقبلية في نهاية المطاف طلاقاً سمحاً رغم أن الطبيعة المتشابكة لوجودهما على قطعة الأرض الصغيرة هذه قد تعني أن دولتيهما المستقلتين هما في الواقع دولة واحدة.

قد تكون دولة ديمقراطية واحدة هي الخيار الأفضل لأنها تضمن أن كلاً من الإسرائيليين والفلسطينيين، فردياً وجماعياً، يتمتعون بوصول لا يعوقه شيء إلى الأرض بأكملها، بما فيها الجوهرة لكل من الدولتين: القدس. ومن ناحية عملية أكثر، ينطوي التنوع الموجود في إسرائيل/ فلسطين والطاقة المبدعة المحتملة الناتجة عن هذا التنوع، على القوة الأعظم غير المعروفة وغير المستخدمة

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3342 - الإثنين 31 أكتوبر 2011م الموافق 04 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً