العدد 4747 - السبت 05 سبتمبر 2015م الموافق 21 ذي القعدة 1436هـ

هل سيعود زمن الجريش؟

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

هل نحن على أبواب تقشف حقيقية تستدعى التفكير في إعادة أولويات الصرف، وما سوف تؤول اليه أوضاعنا الاقتصادية بعد تدني سعر برميل النفط إلى أقل من 40 دولاراً؟ وهل سيطول به المدى؟ أم أنها سحابة صيف ستزول ويعاود سعر البرميل إلى عهده السابق؟ بين الخوف والأمل يعيش المواطن البحريني حالة من التوجس من الفقر والجوع، وما سيؤول إليه الحال، وهل سيعود به إلى الزمن زمن الجريش؟

الجريش هو عبارة عن قمح مجروش وليس بالمطحون، وفي البحرين عرف الناس فيها الجريش في سنوات عرفت بسنوات البطاقة أو سنوات الجريش، وهي تعود إلى فترة الحرب العالمية الثانية، إذ تضررت التجارة الدولية بسبب محاصرة البحار وخطوط التجارة البحرية والمضائق كما امتنع الكثير من الغاصة والتجار المحليين عن دخول البحر خوفاً من قصف سفنهم فيه، ما أدى إلى نفاد المواد الغذائية والاستهلاكية بل انعدامها من الأسواق المحلية، وخاصة الرز والدقيق وهما المصدران الأساسيان للوجبات الغذائية في البحرين، ولم يبقَ سوى الجريش والتمر، ومع الخوف من نفادهما والتلاعب بهما من قبل تجار المواد الغذائية شرعت الحكومة البحرينية اعتماد البطاقة التموينية التي يُحدد فيها عدد أفراد الأسرة، حيث يتم بيع الجريش والتمر بها بأسعار محددة ومناسبة للجميع كي لا يموت أحد من الجوع.

البحرينيون من عاش هذه الفترة يتذكرونها بألم ولوعة، ويتناقلون قصصها المأساوية الناتجة عن الفقر والجوع والمرض، بل بعضهم قال شعراً يصف فيه حجم المعاناة والقسوة، فها هو الحاج جعفر المعاميري يردد هذه الأبيات في سنوات الجريش التي حلت على البحرين:

يا هي سنة تيهت بالي ولا لي فكر... خلت جميع الخلق تمشي بليه فكر

هذه السنوات تطل على الذاكرة البحرينية مجدداً بعد انخفاض أسعار النفط المسبب للرخاء في المنطقة، والذي على إثره ربما يرجع بنا الحال إلى ذلك الزمن، إذ إنه من المتوقع أن تنزل أسعار النفط من نهاية العام 2015، ويعزو الخبراء أسباب تراجع الأسعار إلى عدة عوامل، بينها: استمرار الفائض في العرض العالمي، الأمر الذي ينعكس في شكل سلبي على دول «أوبك»، وثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة حيث تسجل فورة في الإنتاج، ورجوع عدد من الدول المنتجة إلى الأسواق مثل ليبيا، وضعف الاستهلاك على خلفية نمو اقتصاد بطيء ومتعثر في الصين أولاً، وفي الدول الأوروبية ثانياً.

الجميع يتحدث عن هزة اقتصادية، والبحرين لم تخرج عن هذا السياق، إذ تعاني موازنتها للعامين 2015 و2016 من عجز يبلغ 3 مليارات دينار ولسد هذا العجز لجأت الحكومة إلى رفع دينها العام إلى سقف السبعة مليارات على رغم أنها وضعت موازنتها على سعر 60 دولاراً لبرميل النفط، ما يعني أن 36 في المئة من الموازنة العامة المقررة أصبح غير موجود فعلياً في ظل انخفاض سعر برميل النفط الى ما دون 60 دولاراً، ومع استمرار هبوط سعر برميل النفط إلى ما دون الـ 40 دولاراً، قد يضطر الحكومة الى الاقتراض، ما يصل بالدين العام مع نهاية 2016 إلى أكثر من 9 مليارات دينار وذلك لسد العجز المالي في الموازنة. وهذا بطبيعة الحالي سيرفع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي البحريني بحسب توقع الاقتصاديين مع نهاية هذا العام ليصل إلى نحو 58 في المئة، وإلى 63 في المئة في 2016، مع زيادة الفوائد على القروض بطبيعة الحال، فالحكومة تتجه إلى تقليص الدعم عن اللحوم ومنها الى بعض السلع الأخرى كجزء من الحل.

البحرين بحاجةٍ إلى أن يصل سعر برميل النفط إلى أكثر من 120 دولاراً لإحداث توازن بين المصروفات والإيرادات، لذا إلى أن يصل إلى هذا السعر فإننا مقبلون على الدخول إلى عالم التقشف من دون أن يكون لنا الخيار في أمرنا، فمن يتحمل ذلك؟

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 4747 - السبت 05 سبتمبر 2015م الموافق 21 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 5:03 م

      احم احم

      ههههههههههههههههه انا انتظر زمن الجريش ؟ هدي القوانين الطبيعية للحياة هي بقدرة غريبة تتغير الاحوال ؟
      وهذا راح ايكون لصالح استقرار العالم ؟؟ واستمرار البشرية في الحياة على هذا الكوكب

    • زائر 3 | 5:51 ص

      لن يصبر

      شبابنا الطموح لن يصبر على الوضع القادم و راح يبحث عن فرص الرزق خارج الوطن اذا لم تعتدل اوضاع البلد

    • زائر 1 | 2:03 ص

      العود أحمد

      سيعود زمن الجريش وزمن العشيش وزمن الفقر والفاقة والعوز فما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع وهذا ما حصل وسيحصل مادمنا نكفر بنعم الله ولا ننظر سوى لأقدامنا وكأن النعيم والرفاه باق فانتظري وإن غدا لناظره قريب

اقرأ ايضاً