العدد 4832 - الأحد 29 نوفمبر 2015م الموافق 16 صفر 1437هـ

افهموا شفرة «مورس»

افهموا رسائل الجهاز العصبي المشفرة ... د. فاطمة:

الجهاز العصبي هو شبكة طويلة ومعقدة تنتشر في الجسم بشكل سلس وتركيب فريد ويتحكم بالأحاسيس، والحركة، والحركات اللاإرادية بكفاءة عالية لدى الأصحاء، وكفاءة أقل مستوى لدى بعض المرضى.

وعلى رغم كم التكليفات والواجبات الملقاة على عاتقه في اللحظة الواحدة، إلا أنه مثابر ومجتهد ودقيق في عمله حتى الإتقان. وفي المقابل لا يقبل بوجود أي عطل مهم كان صغيراً يعرقل أداءه لوظائفه، فيحرص على إرسال رسالة مشفرة لإصلاح ما يعتريه من ضرر عبر وخزات أو خدر (تنميل) في الأصابع وكأنها رسائل استغاثة ترسل بشفرة «مورس». الرسائل المشفرة تطالب بإصلاح العطب وإلا تحول لضرر يصعب جبره إلا بالرجوع للطبيب.

فضولنا في «الوسط الطبي» للتعرف على الجهاز العصبي قادنا للقاء استشارية العلوم العصبية في مجمع السلمانية الطبي الدكتورة فاطمة عبدالله، التي عرفتنا بدورها عالم ومضات من هذا العالم.

وشرعت الاستشارية حديثها بالتعريف بالجهاز قائلة: «الجهاز يتكون من 3 أقسام؛ الأول: خلايا عصبية مسئولة عن الأحاسيس، والثاني: خلايا مسئولة عن الحركة، والثالث: مسئول عن الحركات اللاإرادية. وقد يعتري الجهاز خلل نتيجة عرض أو مرض، وهنا يأتي دورنا في إصلاح أي خلل قبل أن يصل لمراحل متقدمة».

وأسهبت في الجواب حول تأثير داء السكري على الخلايا العصبية، فأوضحت: «يتسبب اختلال السكر في الدم بالإضرار بالوظائف الحيوية في خلايا الجسم، والتي من ضمنها الخلايا العصبية، وذلك بسبب الانسدادات التي يحدثها السكر في مجرى الدم الذي يغذي الخلايا بالأوكسجين وبقية المواد».

شفرة عليك فهمها

وعن الوقت الذي يحتاجه تراكم السكر للإضرار بالخلايا العصبية، قالت: «ليس هناك وقت محدد، فقد يحدث في أي وقت بوتيرة تتماشى مع نسب السكر في الدم، فكلما كان السكر منفلتاً وخارج السيطرة فوتيرة الإضرار تكون أسرع، والعكس تماماً، فكلما بقيت نسب السكر في المعدلات الطبيعية كانت الأعصاب والحالة الصحية لمريض السكر أفضل». وأضافت: «كما أن هناك عامل آخر يحدد نسبة التأثر، وهو طول العصب، فالأعصاب الطرفية - خصوصاً أعصاب القدمين - أكثر الأعصاب عرضة للضرر؛ لأنها بعيدة عن مركز التغذية، فتتأثر بقلة التروية بالدم الناتجة عن الانسدادات التي يحدثها السكر في مجاري الدم».

وحذرت من خطورة التهاون مع الرسائل المشفرة التي ترسلها الأعصاب، وبيّنت: «حينما تتضرر الأعصاب فإنها ترسل إشارات تحذير واستغاثة من قبيل وخزات، أو خدر (تنميل) في الأطراف، أو صعقات كهربائية. ومع ظهور هذه الأعراض يجب على الشخص اللجوء لطبيب مختص في الجهاز العصبي».

وأكدت أن الأعصاب تتأثر قبل اكتشاف الإصابة بداء السكري قبل فترة تصل لسنتين «وهذا ما ثبت بالفعل، فنحو أكثر من 50 % ممن يشكون من آلام في الجهاز العصبي ويراجعوننا يتم كشف إصابتهم بداء السكري بعد سنتين». وقالت: «تؤثر اختلالات السكر في الفترة ما قبل اكتشاف الإصابة بالداء على الأعصاب التي تبادر بدورها بالتعبير عن آلامها».

«الحسية» حساسّة

ولفتت عبدالله إلى أن أول أقسام الجهاز تأثراً هو الأعصاب الحسية المسئولة عن الإحساس بالأشياء عن طريق اللمس، والحرارة، الإحساس بالمكان عن طريق الاتصال الحسي. وأكملت: «يبادر الجهاز العصبي كما أسلفت بإطلاق إشارات الاستغاثة لإنقاذه عن طريق الوخزات وموجات الصعق الكهربائية التي يولدها الجسم. وفي حال التأخر عن العلاج يبدأ المريض بفقدان الإحساس بالأشياء عن طريق اللمس فيتعرض للحروق والجروح، وخصوصا في القدمين، من دون أن يشعر بذلك، وكذا الإحساس بالمكان لدرجة أنه قد يسقط إذا أغمض عينيه أثناء المشي أو الاستحمام».

وأشارت إلى أن القسمين الآخرين في الجهاز العصبي ليسا بعيدين عن مضاعفات السكر، وإن بدت نسب الخلل والتضرر قليلة مقارنة بما يحدث في الأعصاب الحسية. وفصّلت: «قد يتعرض مريض السكر لخلل في الوظائف الحيوية في الجهاز الهضمي، فيصاب بانتفاخ في البطن أو إمساك أو إسهال. وقد تتأثر وظائف حيوية أخرى في أجهزة أخرى». وأضافت: «أما بالنسبة للأعصاب الحركية، فقد تتأثر أيضاً، وقد تعبر عن ذلك بضمور وألم شديد في الفخذ مثلاً».

وحول أساليب المعالجة التي يتعاملون بها مع هذه الأعراض، قالت: «تنظيم السكر مهم جداً لدينا، فهو وقاية حتى لا يصاب المريض بالمضاعفات، وعلاج لمن أصيب بالمضاعفات يضاف إلى ذلك علاج يبدأ بالمسكنات للآلام التي سببها الخلل بالعصب».

وأردفت: «إذا تضرر العصب - لا قدر اللّه - فإن علاجه يتطلب صبراً عبر تهيئة الظروف وأهمها ضبط معدلات السكر في الدم، فكل شهر يمكن أن نصلح 1 ملم من العصب. فتصور مدة العلاج المطلوبة إذا امتد الضرر لمسافة سنتمترات».

وقالت إن عيادة الأعصاب في مجمع السلمانية الطبي تستقبل ما يقارب 8 حالات أسبوعياً من مرضى السكري لفحص مضاعفات السكر على الجهاز العصبي.

وعادت لتؤكد أهمية الوقاية والحرص على الفحوص الدورية في صد مضاعفات السكر على الجسم، موجهة نصحها للمرضى بأهمية اتباع جداول دورية للفحص.

العدد 4832 - الأحد 29 نوفمبر 2015م الموافق 16 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً