العدد 4859 - السبت 26 ديسمبر 2015م الموافق 15 ربيع الاول 1437هـ

تقنية النانو أمل لمرضى السرطان

أفنان وهف القحطاني - تخصص كيمياء تطبيقية 

26 ديسمبر 2015

يصاب اثنا عشر ألف شخص سنوياً في المملكة العربية السعودية بمرض السرطان، بمختلف الأعمار، وهو ما يؤثر على صحة الإنسان الجسدية والنفسية.

نفقد كل عام آلاف المحاربين لهذا المرض الذي هو عبارة عن نمو غير طبيعي لنسيج من أنسجة الجسم، حيث يحدث «نمو وانقسام خلوي غير محدود للخلايا السرطانية»، ولهذه الخلايا قدرة عجيبة على غزو وتدمير الخلايا المجاورة، والانتشار بصورة سريعة لتصل إلى خلايا أبعد، وهذا ما يسمى «الأورام الخبيثة»، وهي عكس «الأورام الحميدة» التي لا تستطيع الانتقال والانتشار، فيتضرر الجزء الذي نشأ فيه الورم فقط، على رغم أن الورم الحميد قد يتطور إلى خبيث في بعض الحالات.

وحيث إن العلاج يبقي نسبياً وحسب نوع السرطان، إلا أن العلم لا يتوقف، ولكل علة دواء.

من الممكن اليوم علاج مريض السرطان بطرق عديدة، مثل: العلاج الكيميائي، الإشعاعي، الجراحي، وغيرها.

ولكن، للأسف الشديد، هذه الطرق تؤثر على الخلايا السليمة كما تؤثر على الخلايا السرطانية، بحيث تقتل الخلية السليمة والخلية السرطانية ويترتب عليها ضعفاً شديداً في جسم المريض وفقده للشهية والقيء، وفي بعض الحالات يفقد المريض الشعر والأظافر، وعلى رغم وجود المسكنات كالمورفين ومضادات القيء، إلا أن التعب والألم مشكلتان يعاني منهما جميع مرضى السرطان تؤثران وبشكل كبير على حياتهم ومزاولة العمل والدراسة.

ومع تقدم العلم والبحث العلمي ليس هناك بصيص نور، بل وهج من نور لكل المحاربين لهذا المرض، تقنية علمية جديدة ألا وهي «تقنية النانو» (Nanotechnology)، ولا يمكن حصر وتحديد عصر هذه التقنية أو نسبتها إلى عالم ومكتشف واحد، بل هي ثمرة سنين عديدة من البحث والاختبارات العلمية. فمنذ العام 1959 تحدث العالم الفيزيائي المشهور ريتشارد فيمان إلى الجمعية الفيزيائية الأميركية في محاضرته الشهيرة بعنوان «هنالك مساحة واسعة في الأسفل»، قائلاً إن المادة عند مستويات النانو (قبل استخدام هذا الاسم) بعدد قليل من الذرات تتصرف بشكل مختلف عن حالتها عندما تكون بالحجم المحسوس، كما أشار إلى إمكانية تطوير طريقة لتحريك الذرات والجزيئات بشكل مستقل والوصول إلى الحجم المطلوب، وعند هذه المستويات تتغير كثير من المفاهيم الفيزيائية، فمثلاً تصبح الجاذبية أقل أهمية، وبالمقابل تزداد أهمية التوتر السطحي وقوة تجاذب فاندر فالز.

ولهذه التقنية قدرة على التحكم المباشر في المواد والأجهزة التي لها أبعاد أقل من 100 نانوميتر، وذلك بتصنيعها ومراقبتها ودراسة خصائصها. وتنقسم إلى قسمين رئيسيين:

• تقنية التصغير (Top_Down).

• تقنية البناء (Bottom_Up).

لقد ساعد التطور الحديث في تقنيات النانو على تغير القواعد الطبية المتبعة في منع الأمراض وتشخيصها وعلاجها، وأصبحنا نعيش عصر النانو.

وتستخدم جسيمات النانو حاملاتٍ للدواء (الليبوزوم النانوية - Nano liposome) المصنعة كأنظمة توصيل للعقارات المضادة للسرطان واللقاحات. كذلك تستخدم الأغلفة النانوية المطلية بالذهب لتدمير الخلايا السرطانية، ويبلغ طول هذه الأغلفة 120 نانومتر، وهذا أصغر من حجم الخلية السرطانية بمقدار 170 مرة. ولك عزيزي القارئ أن تتخيل مدى دقة وصغر حجم النانو. وبعدها تحقن هذه الأغلفة النانوية داخل الجسم، فتلتصق تلقائياً بالخلايا السرطانية، ومن ثم يتم تعريض الخلايا المتضررة لأشعة الليزر تحت الحمراء، والتي تعمل على تسخين الذهب ورفع درجة حرارته، ما يؤدي إلى احتراق تلك الخلايا وموتها. وتمتاز هذة الطريقة بالدقة والموضوعية نظراً لصغر الأغلفة النانوية بالنسبة للخلايا وتركيزها بالخلايا المريضة فقط، ما يجعل الخلايا السليمة بعيدة عن مخاطر الآثار الجانبية.

العدد 4859 - السبت 26 ديسمبر 2015م الموافق 15 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 11:08 م

      نسأل الله العفو والعافية وجعل لمرضانا من كل داء وبلاء أجر وعافية
      أجدتِ وأفدتِ، نفع الله بك وبعلمك أينما كنتِ ????

    • زائر 1 | 4:53 م

      مقال رائع جدا و مميز , موضوع جديد فعلا
      أتمني لك النجاح

اقرأ ايضاً