العدد 103 - الثلثاء 17 ديسمبر 2002م الموافق 12 شوال 1423هـ

توسيع الاتحاد الأوروبي قد يكون مفيدا أكثر من عمليات التوسيع السابقة

هل هي قفزة كبيرة إلى الامام أو جسرا بعيدا؟ ان التفاصيل النهائية للصفقة التي سيتم عرضها للمرشحين الجدد لعضوية الاتحاد الاوروبي سيتم التوصل إلى قرار بشأنها قريبا. فقد بدأت القمة الاوروبية بحفل عشاء في كوبنهاجن وانتهت في الاسبوع الماضي. وإذا لم يحدث شيء مثير فإنه سيتم وضع الدول المطالبة بالعضوية في الطريق إلى العضوية.

ولكن هل سيؤدي ذلك إلى قوة ام ضعف الاقتصاد الاوروبي؟

لقد تركزت المناقشة حتى الان على بنود سياسية - الحاجة لدمج اعضاء سابقين في الامبراطورية الاوروبية لشرق ووسط روسيا بالاضافة إلى جزيرتين في البحر المتوسط في النادي الغربي.

إن الجدل الاقتصادي ان هذه الخطوة ستكون مفيدة لكلا الطرفين في اوروبا لا يستند إلى دليل. وكان الاعتقاد في السابق ان توسيع المانيا سيكون مفيدا للطرفين ولكنه كان بالمفهوم الاقتصادي كارثة إلى حد ما. لذلك ما الذي يمكن معرفته؟إن النقطة الاولى التي يجب توضيحها هي ان اول موجة من هذه الاقطار التي تريد الانضمام للاتحاد الاوروبي - وتأتي بلغاريا ورومانيا في المجموعة المقبلة - ليست كبيرة بالنسبة إلى الاقتصاد الاوروبي الحالي. إنها تضيف اقل من 20 في المئة من سكان اوروبا واكثر بقليل من 20 في المئة مساحة أراضيها. ولكنها تضيف 5 في المئة فقط إلى ناتجها المحلي الاجمالي ويرجع ذلك بالطبع إلى ان ناتجها المحلي الاجمالي للفرد الواحد اقل بكثير من جيرانها من الدول الغربية.

وإذا ما قمنا بالحساب على اساس اسعار صرف السوق فإن هذه الدول تأتي اسفل المجموعة. وحتى في تساوي القوة الشرائية فإنها مازالت افقر بشكل كبير من المعدلات الاوروبية.

(إن بعض هذه الدول التي تطلب الانضمام للاتحاد الاوروبي هي دول صغيرة جدا في الواقع: فإن مالطة على سبيل المثال يبلغ ناتجها المحلي الاجمالي 3,6 بليون دولار اي حوالي قصبة اسلنجتون في لندن).

واذا ما كان ذلك مهما فإنه يعتمد على توقعات تفاعل الاعضاء الجدد مع المجموعة الاوروبية. إن لدى تلك الدول ميزتين لا توجدان لدى المانيا الشرقية. أما الميزة الاولى فإن هذه الدول كانت مستقلة بينما تم الاستيلاء على المانيا الشرقية في الواقع من قبل الغرب بعد شهور قليلة من استقلالها عن روسيا. لذلك لم يكن هناك وقت لتتعلم كيف تتكيف مع اقتصاد السوق بطريقتها الخاصة، بل كان عليها ان تتبع الصيغة التي تم تطويرها بواسطة جارتها.

اما الميزة الثانية فإن هذه الدول لن تكون مثقلة بمشكلات سعر الصرف الخاطئ لأن التكافؤ بين المارك الالماني الشرقي والغربي جعل سعر صرف العملة لألمانيا الشرقية مضاعفا تقريبا على اساس انتاجيتها. وكانت النتيجة استمرار الدعم من الغرب وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب في المانيا الشرقية وضعف المعنويات في كلا الشطرين.

لذلك فإنه من غير المحتمل تكرار تجربة المانيا الشرقية في اماكن اخرى. ومن الارجح ان يكون التنافس بين الأعضاء الجدد بشكل اكثر بسبب اسعار صرفهم القوية والا يشكلوا عبئا على الاتحاد الاوروبي. وليس من المتوقع ان تشكل هذه الدول سوقا كبيرة للاتحاد الاوروبي كما هو متوقع فإن قيام تبادل تجاري بشكل كبير بين الاتحاد الاوروبي والدول الجديدة يعتمد على القرب الجغرافي لهذه الدول. لذلك فإن التبادل التجاري من المتوقع ان يكون اكثر بين الدول الجديدة والمانيا والنمسا وايطاليا. وحتى بالنسبة لالمانيا فإن التأثير سيكون قليلا كسوق للمبيعات. فبدلا من ذلك فإن المانيا تعتبر ذات أهمية كبيرة كقاعدة للانتاج إذ تحاول الكثير من الصناعات الالمانية تخفيض الكلفة في هذا المجال.

وكلما أصبحت الدول الجديدة العضوية اغنى وازدادت الكلفة ستصبح تدريجيا عملاء جذابين واماكن اقل جذبا للاستثمارات الداخلية. ولكن هذا الامر يحتاج إلى مدة تصل إلى عشرة أو عشرين عاما. اما في الوقت الحالي فإن هذه الدول تقدم دعما للقابلية للمنافسة العالمية لدول الاتحاد الاوروبي وليس لحجم سوقها الداخلي.

هل يمكن ان يلحق الضرر بالقابلية للمنافسة لهذه الدول بالاجراءات التنظيمية الاضافية والكلفة الاخرى للانظمام للاتحاد الاوروبي؟ إن هذا يشكل قلقا جذريا لبعض الدول الجديدة مع انه اكثر وضوحا في الدوائر الاقتصادية منها في الدوائر السياسية. سيكون هناك من دون شك بعض الاعباء الاضافية ولكن مزايا الكلفة كبيرة حاليا بفضل الاجور المتدنية كثيرا والكلفة الاجتماعية المنخفضة ايضا مما سيجعل من غير المحتمل ان تؤثر عملية الانضمام بشكل خطير على المنطقة على المدى القصير.

هل يمكن ان تؤدي مثل هذه الاجور المتدنية إلى تدفق العمال المهرة إلى اجزاء من الاتحاد الاوروبي التي لديها استعداد لتسهيل دخول العمالة إلى اسواق العمل لديها؟ ان الاجابة على هذا السؤال هي ستكون هناك هجرة بين الحدود إلى حد ما وسيبقى سوق العمل القوي في بريطانيا اكبر سوق للجذب.

ولكن من غير المحتمل ان تكون اعداد العمالة المتدفقة هائلة. إن العدد الكلي للسكان ليس كبيرا وإن بعض البلدان مثل جمهورية التشيك تتمسك بعاداتها التي يفضّل مواطنوها البقاء في بلدهم. وتبقى عوائق اللغة والثقافة التي تعيق حركة السكان كبيرة. فعلى سبيل المثال لم تكن هناك هجرة كبيرة من اليونان أو البرتغال إلى بقية دول الاتحاد على رغم تدني الاجور بشكل كبير في هذه الدول.

واخيرا ما هي الكلفة المتعلقة بالموازنة نتيجة التوسع؟ هل تشكل هذه الكلفة مصدر قلق لاقطار كبريطانيا التي تعتبر المساهم الرئيسي في موازنة الاتحاد الاوروبي؟ حسنا، ان الصفقات النهائية ستسوى ولكنها تبدو سهلة. إن الدول الجديدة لن تلقى معاملة المانيا الشرقية نفسها: إن الدعم المالي على نطاق كبير يسبب استياء بين الناس الذين يدفعون واعاقة الاعمال بالنسبة إلى لاولئك الذين يتلقون الاموال. وستكون المساهمات بدلا من ذلك متواضعة من وجهة نظر الاعضاء في المجموعة الاوروبية مع انها ستكون في بعض الحالات كبيرة بالنسبة لمتسلمي المعونات.

اذا مالذي سيجنيه الاتحاد الاوروبي من وراء ذلك؟

طبقا لتحليل استاتيكي ان ذلك سيعني زيادة في عدد السكان، ومزيد من المساحة مع سوق اكبر بشكل بسيط فقط.

ولكن النظرة ستكون اكثر إثارة بالتأكيد طبقا لتحليل ديناميكي.

فكبداية ستحصل اوروبا على مجموعة كبيرة من المواهب والطاقات: أناس متعلمون تخلصوا أخيرا من نير الشيوعية وسيكونون حذرين بالنسبة إلى العودة إلى اساليب مناصرة الجماعية.

وستحصل اوروبا كذلك على اقتصاديات عدة سريعة النمو. فبالأرقام المدّورة قد شهدت الدول العشر الجديدة نموا يعادل ضعف الدول الاعضاء في منطقة اليورو خلال الخمس سنوات الماضية. ومن المتوقع استمرار هذا الاداء المميز مع استمرار انتقال رؤوس الاموال الاستثمارية من المانيا إلى جاراتها في الجنوب والشرق.

وعلينا ان نتوقع ايضا مجموعة مختلفة من الافكار والقيم. ومن الصعب ان نشرح تماما كيف ستغير هذه الافكار العادات الراسخة في الاتحاد الاوروبي ولكن التجارب التاريخية المختلفة ستجلب فوائدا اقتصادية وتنوعا ثقافيا كذلك. وهذا ما سيجعل الاتحاد الاوروبي تنافسيا بشكل اكبر بالمفهوم العالمي.

خدمة الإندبندنت - خاص بـ «الوسط

العدد 103 - الثلثاء 17 ديسمبر 2002م الموافق 12 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً