العدد 2225 - الأربعاء 08 أكتوبر 2008م الموافق 07 شوال 1429هـ

ذكريات الطفولة

جائزة «الدانة» هي جائزة في الفن التي يتوق لها الجميع في البحرين. فكل عام يتقدم مئات من الفنانين المعروفين و الفنانين الصاعدين، صغارا و كبارا، بأعمالهم الفنية إلى هيئة التحكيم و العين المدققة للجنة المختارة.

تحت رعاية صاحب السمو، رئيس وزراء البحرين، نظمت صاحبة السمو الشيخة مي آل خليفة المعرض السنوي الرابع و الثلاثين على مستوى البلاد و الذي يبرز، مرة ثانية، حب الفن الراسخ في روح شعب المملكة.

إن قرار المحكمين بمن سيتسلم جائزة «الدانة» اتخذ بالإجماع. لقد قدم محمد المهدي مجموعة من ثلاثة أعمال تصل إلى جوهر التعبير العاطفي التجريدي. فقد ألهمه حادث سيارة قاتل تقريبا وقع له في سنوات سابقة. عمله الفائز (بلا عنوان) من المجموعة و الذي هو ببساطة عمل رؤيوي. يتذكر المهدي: «طرت في الهواء عشرة أمتار، و شعرت أن روحي تطير بعيدا مني. و لقد نقلت تلك التجربة التي هددت حياتي إلى قماشة اللوحة. «فوسط رزانة و رصانة العتمة، تظهر سماء من النور مثل الزوبعة تمتص بقايا طفولة الفنان. فالبساطة الساذجة تُغلف بالتدمير، و الفتوة تعانق العتمة، والحياة يغلبها توقع التهديد بالموت.

و يدل المسجد المحاط بغيوم مختنقة من الرمادي على الإيمان الثابت الموروث في الإنسان حتى وهو على شفير الموت. ففي العملين الأخيرين في هذه المجموعة، يتذكر المهدي سربا من الأشياء التي لا علاقة ظاهريا بينها التي تستدعي الذاكرة المطبوعة في روحه: الزرافة التي شاهدها في حديقة الحيوانات، الفتاة التي حلم بالزواج منها، الوردة التي أعطاها لأمه، العصافير والأسماك التي اعتاد أن يصطادها، و السيارة التي تذكره بموته الأقصى الخاص!

يقول: «في معظم الوقت، أرسم مهما حدث لي. فإن كان هناك وضع يصلني عاطفيا، فإني أرسم».

إن أعمال المهدي تذهب إلى ما هو أبعد من الوضع أو الموقف. فهي تذكرنا أننا جميعا أطفال في قلوبنا، مهما يكن عمرنا أو المعرفة و التجربة التي راكمناها، فإننا نحتفظ بحس داخلي من البراءة. يقول: «عندما كنتُ في الرابعة من عمري، منعني أبي من استعمال أية أقلام حبر أو رصاص لأني اعتدتُ أن أرسم على جدران المنزل، لذلك بدأت أكتب و أرسم على خزانتي! لقد كانت تلك الخزانة منبع الإلهام. عندما كنتُ طفلا شقيا، كنتُ أختبئ فيها. لقد كانت ملاذا للأساليب!

إن درجات الفحم و الأكريليك على الخشب يعكس حسّا بالثقة و الحرية اللذين بهما يعبر المهدي عن نفسه. فالعمل، تقريبا، عبارة عن شفاء النفس - الممارسة العلاجية التي تولاها الفنان ليخلص نفسه من الصدمة المؤذية!

إن الفنان صاحب (32عاما) أمامه طريق طويل قبل انضمامه إلى مراتب زملائه من الفنانين البحرينيين المعروفين، لكنه يمكن أن يكون الفنان الأحسن مشاهدة، والأكثر انتظارا وصبرا لمعرضه الفردي الأول. يقول الفنان: «و لكني متواضع، وعملي الفني متواضع أيضا! لدي عنصر الحياة داخلي، فأنا أرسم الطفل محمر الوجه خجلا في لوحاتي - ذلك هو أنا !».

عن مجلة «Canvas»

ترجمة : يوسف إسماعيل شغري

العدد 2225 - الأربعاء 08 أكتوبر 2008م الموافق 07 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً