العدد 1644 - الأربعاء 07 مارس 2007م الموافق 17 صفر 1428هـ

العنف ضد المرأة في العالم ... أرقام كالصفعات وواقع محلي ليس بعيدا

في اليوم الدولي للمرأة 8 مارس / آذار

سنوات من الصمت قضتها «هي» تنتحب في الخفاء، أخرسها الخوف والجهل والعار، فبقيت صرختها حبيسة جسد سبق أن امتدت إليه أياد غليظة، ألقت بثقلها عليه، لتقتل كل ما احتفظ به ذاك الجسد من أسرار الكرامة والكبرياء الإنساني... فأي كرامة وأي كبرياء يمكن أن يحملها امرؤ شوهت الضربات جسده، فتركت آثارها باقية في النفس، وإن زالت من على الجلد. بقيت تلك الآثار شاهدا على «سخافة» تلك اليد التي امتدت لتضرب أو تعتدي، «السخافة» التي لا يجد العاقل غيرها مبررا لأي فعل عنيف مؤذ، كان يمكن بكل بساطة تفاديه لو استخدم المعتدي العقل، أو الضمير...

و»هي» ليست وحدها، فهي إحدى «ملايين» النساء حول العالم كما يبدو، الملايين التي تتعرض للعنف بشتى أنواعه وأشكاله، فيبدو معها رقم

«الملايين» مبالغا فيه، على رغم أن الحقيقة مخيفة، تتضاءل أمامها الأرقام، أو تلقي بظلالها عليها، لتعكس واقعا يشي بضرورة وضع حد لكل هذا العنف المبالغ، العنف الذي تذهب ضحيته أعداد من النساء بين سن 15 و44 سنة تفوق أعداد الضحايا النساء من الفئة العمرية نفسها لأمراض السرطان والملاريا والحوادث المرورية والحروب... مجتمعة.

أرقام ... كالصفعات

كتلك الصفعات التي يلقيها المعتدي على جسد ضحية عنفه، جاءت تلك الأرقام الصارخة التي ذكرها مسئول البرامج التنموية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي علي سلمان عن ظاهرة العنف ضد المرأة في العالم، ذلك العنف الذي دفع الأمم المتحدة أن تخصص شعار اليوم - ذكرى اليوم الدولي للمرأة، « لكي لا يفلت مرتكبو العنف ضد النساء والفتيات من العقاب الرادع».

يقول سلمان: «تعتبر جريمة العنف ضد المرأة هي الجريمة الأكثر شيوعا حول العالم، وهي في الوقت نفسه الجريمة التي تحصل على العقاب الأقل بين مختلف الجرائم»، ويضيف «تتفاوت نسب العنف الواقع على المرأة حول العالم على أنواعه المختلفة، وكلها نسب وأرقام مخيفة، أما الحقيقة التي تعتبر أكثر ترويعا، فهي التي تقول ان واحدة على الأقل بين كل ثلاث نساء تم ضربهن أو أجبرن على ممارسة الجنس أو انتهكت حقوقهن، يكون المعتدي فيها هو أحد أفراد الأسرة أو شخص معروف للضحية، وهي كلها حقائق تعكس واقعا مخيفا بحق».

البحرين ليست بعيدة... وإن كان الوضع أفضل

العنف ضد المرأة، تلك القضية القديمة المتجددة، التي تنقصها التشريعات، وتعوزها الإمكانات والتوعية والإرشادات، شغلت هذه القضية عددا من الجهات في البحرين، جهات اكتشفت عالمة أو بالمصادفة، صرخات تحتضنها الجدران الصامتة، ومعاناة ترفض الضحايا غالبا الإفصاح عنها. رفعت الكثير من المطالبات بكيان موحد ينظم مسألة استقبال شكاوى المعنفات ويعالجها، رفعت المطالبات أيضا بإعداد دراسات إحصائية محددة لمعرفة حجم الظاهرة في البحرين، أبعادها، وآثارها الجانبية على المجتمع، رفع مشروع بقانون لمجلس النواب السابق ليجرم العنف الواقع على المرأة، ويضع عقوبات محددة عليه، حصلت كل هذه الأمور لتشير الى أن ظاهرة العنف ضد المرأة في البحرين أمر واقع، وإن كانت أفضل حالا من باقي البلدان.

تقول عضو حملة الشراكة المجتمعية لمناهضة العنف ضد المرأة فوزية ربيعة انه من المناسب بناء على شعار اليوم الدولي للمرأة لهذا العام 2007 الإشادة بالجهود التي تحققت للحملة أخيرا بإقامة ورشة عمل بالتعاون مع وزارة الصحة لتدريب نحو 32 موظفا في الوزارة على كيفية رصد حالات العنف وتسجيلها وهي الخطة التي عكفت عليها الحملة طويلا واستهدفت من خلالها التعاون مع الجهات الرسمية الثلاث التي تستقبل الحالات المعنفة وهي كل من وزارة الداخلية ووزارة العدل والشئون الإسلامية، إلى جانب وزارة الصحة.

وتضيف ربيعة «حلم حملة الشراكة المجتمعية لمناهضة العنف ضد المرأة يتمثل في إصدار قانون موحد لأحكام الأسرة يجمع كلا المذهبين بحيث لا يعزز الطائفية في المجتمع، إذ ان إصدار مثل هذا القانون يثبت حقوق المرأة المعنفة ويشجعها على الاطمئنان والخروج عن صمتها والاعتراف بالعنف الواقع عليها».

مساع في البحرين لتطبيق الشعار

لاتزال حملة الشراكة بحسب ربيعة تتدارس كل القوانين التي تحمل تمييزا ضد المرأة باعتبارها تشتمل على أحد معاني العنف، وعلى رأسها قوانين العمل والأجر التي يمكن أن يعكف محامون على دراستها حاليا، فيما تؤكد ربيعة أيضا أن موضوع قانون «تجريم العنف» سيطرح على مجلس النواب بقوة في الفترة المقبلة لمواصلة الضغط في سبيل إيجاد هذا القانون الذي يمكن أن يحمي المعنفات.

وتضيف قائلة «من المناسب بناء على شعار اليوم الدولي للمرأة لهذا العام 2007 أن نعلن تضامننا مع جميع النساء المنتهكة حقوقهن حول العالم خصوصا الواقعات تحت ظروف النزاع المسلح في درافور (السودان) والعراق وفلسطين، فمهما وصلت درجة العنف ضد المرأة في البحرين، إلا أنها لا يمكن أن تصل إلى درجة العنف الواقع على المرأة في تلك المناطق ذات النزاع المسلح».

من جانبه يؤكد المحامي حسن اسماعيل أن من الضرورة بمكان إيجاد تشريع قانوني يحمي النساء من العنف الواقع عليهن في البحرين، مبينا أن صدور قانون مستقل يجرم العنف هو أمر إيجابي ومتقدم في بلد لم تتعود تشريعا من هذا النوع من قبل. أما عن العقوبة فيؤكد اسماعيل على ضرورة أن تكون رادعة وألا تقتصر على الغرامة، فيما ينصح بأن تصل عقوبة من يقوم بالضرب المبرح إلى الحبس، غير أنه لا يغفل أهمية وجود ثقافة مجتمعية مصاحبة لهذا التشريع القانوني إذ لا يمكن برأيه أن يأخذ القانون طريقه للتنفيذ في ظل غياب ثقافة مجتمعية تحترم هذا القانون وحقوق المرأة.

العدد 1644 - الأربعاء 07 مارس 2007م الموافق 17 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً