العدد 1644 - الأربعاء 07 مارس 2007م الموافق 17 صفر 1428هـ

آل شريف: التمكين الاقتصادي للمرأة على رأس أجندتنا للأعوام المقبلة

دراسة علمية يعدها UNDP مع «الأعلى للمرأة» لتقييم تجربة المترشحات

«التمكين الاقتصادي ثم التمكين الاقتصادي ثم التمكين الاقتصادي» هذه هي الخطوط العريضة التي وضعها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أساسا لتعاطيه الجديد مع برامج ومشروعات النهوض بالمرأة البحرينية بدءا من العام الجاري. بدأ البرنامج في صوغ استراتيجية متكاملة لهذا الموضوع، لم تأت من فراغ، وإنما جاءت بناء على دراسات طويلة واحتكاك مباشر مع المؤسسات الرسمية والأهلية كافة التي حملت على عاتقها قضايا المرأة.

في حوار خص به «الوسط» في اليوم الدولي للمرأة، تحدث مساعد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي محمد آل شريف عن برنامج التعاون المشترك الجديد مع البحرين للأعوام 2008-2011... تحدث عن الدراسة التي يعدها لتقييم تجربة المترشحات النساء في الانتخابات الماضية... تحدث عن تعاون جديد مع كل من المجلس الأعلى للمرأة ومعهد البحرين للتنمية السياسية، وتحدث عما قام به البرنامج لمناهضة العنف ضد المرأة في البحرين... تحدث عن كل ذلك وأكثر، لكنه بين حديث وآخر كان دائما يردد «التمكين الاقتصادي ثم التمكين الاقتصادي ثم التمكين الاقتصادي».

برنامج التعاون 2008-2011 يركز على النهوض بالمرأة

يعكف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بحسب مساعد ممثله المقيم محمد آل شريف حاليا، على إعداد برنامج التعاون المشترك بينه وبين حكومة البحرين للأعوام 2008-2011 الذي يتضمن محاور متعلقة بالنهوض بالمرأة وتمكينها الاقتصادي. كما يركز على برامج مستقبلية للتعاون مع المجلس الأعلى للمرأة ومؤسسات المجتمع المدني لتسهيل وصول المرأة إلى النظام القضائي، فيما يضع على عاتقه إقامة عدة برامج توعوية متعلقة بمكانة النساء في المجتمع ومشاركتهن في قرارات التنمية السياسية والاجتماعية. وبمجرد أن يتم الانتهاء من وضع البرنامج متكاملا والحوار بشأنه مع الجهات المختصة سيتم تحويله إلى مشروعات تحدد لكل منها موازنة محددة، على أن توضع برامج ومشروعات التمكين الاقتصادي للمرأة على سلم الأولويات في البرنامج.

دراسة علمية لتقييم تجربة المترشحات

كان برنامج التمكين السياسي للمرأة البحرينية لوقت طويل محط أنظار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واهتمامه الرئيسي، إذ أمل من خلاله أن يتمكن من إنجاح عدد من النساء في الانتخابات النيابية والبلدية. التجربة انتهت ويبدو أن البرنامج انتهى معها أيضا، ولم يبق له إلا التقييم. عن هذا الموضوع يؤكد آل شريف أن البرنامج يعكف حاليا بالتعاون مع المجلس الأعلى للمرأة على إعداد دراسة علمية منهجية لتقييم تجربة المترشحات النساء في الانتخابات البحرينية الماضية 2006 من خلال استخلاص جميع الملاحظات الموجودة في الانتخابات والتي شهدتها تجربة المترشحات، ويتوقع أن تجهز هذه الدراسة في النصف الأول من العام الجاري 2007.

ويوضح آل شريف أن البرنامج يرى أن المرأة كانت ناجحة في التجربة الانتخابية الماضية من خلال عدة مؤشرات على رأسها أداؤها الانتخابي وإعدادها لفرق عملها وتحليل ظروف الدائرة والمنافسين لكل مترشحة على حدة، علاوة على استخدام فنون العمل الانتخابي في الحملة الانتخابية. مؤكدا أن عوامل كثيرة كان لها دور كبير في تقييم تجربة النساء المترشحات في العام 2006 منها العلاقة مع وسائل الإعلام ومتطلبات إدارة الحملات الانتخابية، وأن الدراسة ستعمد إلى القيام بعملية وصف تحليلي لعملية الترشيح بالكامل.

ويضيف أنه بحساب معدل نجاح المرأة في كل دائرة على حدة، مقارنة بأداء الرجال في الدوائر نفسها يمكن استخلاص أن تجربة النساء في العام 2006 كانت متطورة جدا، وخصوصا لو قورنت بالأسس التي اعتمدت عليها هذه التجربة. مشيرا إلى أن الهدف الرئيسي من هذه الدراسة هو اعتماد مؤشر أولي لأداء المترشحات في 2006 يمكن الاستعانة به لتقييم التجارب الانتخابية المقبلة للمرأة البحرينية. ونوه آل شريف إلى أن هذا المؤشر يعتبر عاملا مهما للغاية في تحليل فرص المرأة المقبلة والتحديات التي يمكن أن تواجهها.

وعن الدور الذي لعبته وسائل الإعلام في التعامل مع المرأة باعتباره مترشحة أوضح آل شريف أن الاستعانة بآراء الكتاب والصحافيين ودراسة تأثير ما تمت كتابته على القراء سيتخذ محورا رئيسيا في الدراسة التي يعكف البرنامج على إعدادها.

يجب أن تكون المترشحات فخورات بالتجربة

وعن تقييم برنامج التمكين السياسي للمرأة يؤكد آل شريف أن البرنامج سيعمد إلى أخذ آراء المترشحات أنفسهن بكل أمانة وموضوعية. وأضاف أن البرنامج لم يكن يركز فقط على الجوانب النظرية، إذ تعداها لطرح دروس عملية استفادت منها المترشحات في إعداد حملاتهن الانتخابية فيما بعد. ويقول «يجب أن تكون الشخصيات النسائية التي دخلت هذه التجربة فخورة بما تم تحقيقه، فالهدف لم يكن الفوز بالانتخابات فقط، وعلى رغم ذلك رأينا أن المرأة نجحت في الانتخابات ولو أنها لم تصل إلى قبة البرلمان بالانتخاب، فتحليلنا لجانب الأداء الكيفي يعطينا مؤشرات نجاح عالية».

وبشأن تقييمه الشخصي لتجربة المترشحات يقول آل شريف «أعتقد أن الجو العام بعد الانتخابات أثر على نفسية المترشحات بمجرد ظهور نتائج الفوز والخسارة، بينما أرى أنه كان من الواجب أن يدور نقاش أطول حول ظروف ترشحهن نفسها، فالجميع يعلم أنهن دخلن مستقلات من دون تجربة سابقة وأخذن على عاتقهن هذه المسئولية الكبيرة في الترشح، وأخذن بزمام المبادرة في كسر المفاهيم السياسية السائدة... كل هذه العوامل تعتبر إنجازا بالنسبة إليهن، ومجرد أخذهن لقرار الترشح مع وجود كل هذه الظروف يعتبر نجاحا، علاوة على نجاح غالبيتهن في إدارتهن للحملة الانتخابية وإدارة الفريق الانتخابي».

وتعليقا على الدعم المادي الذي خصصه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للمترشحات اعتمادا على أحد بنود اتفاق «سيداو - القضاء على التمييز ضد المرأة» - وصل مبلغ الدعم إلى نحو ثلاثة آلاف دينار لكل مترشحة دفعت غالبيتها لإعلانات المترشحات - يقول آل شريف «نعرف أن المبلغ كان رمزيا، غير أن الأهم أننا أخذنا الخطوة في تقديم هذا الدعم، وكل شيء في تلك التجربة قابل للمراجعة بما فيه مبلغ الدعم الذي يمكن مراجعته.

«تمكين» الجمعيات السياسية

كانت أبرز النقاط التي لوحظت في الانتخابات النيابية الماضية هي خلو القوائم المدعومة من الجمعيات السياسية الكبرى في البحرين من المترشحات النساء إجمالا، الأمر الذي دعا كثيرا من المراقبين لأن يوصوا بضرورة الاهتمام بإقناع الجمعيات السياسية نفسها بدعم ترشيح المرأة. عن هذا الموضوع يقول آل شريف «عندما بدأنا مشروع التمكين السياسي للمرأة حرصنا على الاجتماع مع عدد من الجمعيات السياسية وعلى رأسها الوفاق، وعد، والمنبر الإسلامي بحضور ممثلي المجلس الأعلى للمرأة، وكان الهدف من ذلك هو مناقشة أهمية دور هذه الجمعيات في دعم النساء، ولمسنا تجاوبا وترحيبا من قبل الجمعيات الثلاث لهذا الدعم، حتى عرضنا على ممثلي تلك الجمعيات دعما ماديا مباشرا من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للبرامج النسائية التي تقوم بها تلك الجمعيات، غير أننا اكتشفنا أن الدوائر الانتخابية لم تخدم دعم الجمعيات السياسية للمترشحات، ونتج عن ذلك أن أخذت الجمعيات قرارها باختيار مترشحين رجال عن دوائرها بقرار داخلي».

مثلث تنمية المرأة بين UNDP/ «التنمية السياسية/المجلس الأعلى للمرأة

«أين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من مشروعات تمكين المرأة حاليا؟»، كان هذا السؤال هو المحور التالي للحديث مع آل شريف الذي يؤكد وجود «مشروع كبير» بالتعاون مع معهد البحرين للتنمية السياسية لإعداد قيادات رجالية ونسائية، إلى جانب إعداد برامج حوارية تهدف إلى طرح مختلف الآراء وإنشاء مجتمع ديمقراطي راق يعتمد فهم المبادئ الحقيقية للديمقراطية بحسب وصفه. ويضيف «شكلنا مثلثا لتنمية المرأة في المجتمع المحلي يتكون من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمجلس الأعلى للمرأة، ومعهد البحرين للتنمية السياسية، إذ لايزال الحوار بيننا فاعلا ومستمرا مع المجلس الأعلى للمرأة لتطبيق بنود الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية. وبدأنا حاليا بتفعيل مبادئ محور التمكين الاقتصادي للمرأة بعد التمكين السياسي».

البحرينيات لا يمتلكن الوعي القانوني بحقوقهن

حمل اليوم الدولي للمرأة لهذا العام 2007 شعارا متعلقا بتخصيص عقوبة رادعة لمرتكبي العنف ضد النساء والفتيات حول العالم، وهي القضية التي كانت محور اهتمام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منذ سنوات بحسب آل شريف، الذي يقول «عملنا طويلا مع المجلس الأعلى للمرأة لصوغ وإعداد التقرير المتعلق باتفاق سيداو، حتى وقت توقيع الاتفاق، وقمنا منذ ذلك اليوم بتفعيل نقاشات متفرقة مع مؤسسات المجتمع المدني المختلفة لتفعيل وتنفيذ بنود هذا الاتفاق وإعداد تقارير دورية عنها للتأكد من كونها في طور التنفيذ». ويرتبط موضوع العنف ضد المرأة كثيرا بنظام القضاء والحصول على عدالة قانونية أمام المحاكم في رأي آل شريف، الذي يؤكد أن نتائج دراسة أعدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تشير إلى أن غالبية النساء البحرينيات لا يمتلكن الوعي الكافي للحصول على استشارات قانونية وطرح قضاياهن أمام المحاكم. أما عن الخطط المستقبلية في هذا الشأن فيقول آل شريف «سنركز في برنامجنا المقبل على موضوع تسهيل وصول المرأة إلى القضاء والحصول على حقوقها كاملة، وهو الأمر الذي نتوقع أن يوفر لنا معلومات متكاملة عن حجم العنف الذي تتعرض له المرأة في المجتمع، جنبا إلى جنب مع المعلومات التي يوفرها مكتب شكاوى المرأة التابع للمجلس الأعلى للمرأة، والشكاوى التي تصل إلى مؤسسات المجتمع المدني، إذ سنقوم في هذا الصدد بدعم مركز متخصص لرعاية الحالات المعنفة سيفتتح قريبا، فيما نتطلع إلى إنشاء مراكز بحوث متخصصة لتوفير معلومات مفصلة بشأن حجم قضايا العنف في المجتمع المحلي، والتشريعات الواجب توافرها لحل هذه المشكلة».

التمكين الاقتصادي بعد التمكين السياسي

يبدو أن محور التمكين الاقتصادي سيكون «الوريث الشرعي» لبرنامج التمكين السياسي الذي ساهم فيه برنامج الأمم المتحدة بفعالية، إذ يحظى هذا المحور باهتمام متزايد من قبل القائمين عليه. عن ذلك يقول آل شريف «سبق أن قمنا بإعداد استراتيجية التنمية الاجتماعية في البحرين قبل خمس سنوات، ركزنا فيها على الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالمرأة، علاوة على المراكز الاجتماعية ونوعية الأنشطة التي يمكن أن تساهم في موضوع التمكين الاقتصادي للمرأة، لكن هذه الاستراتيجية لم تكن تفصيلية آنذاك. وعندما أنشئ المجلس الأعلى للمرأة ليكون المظلة التي تضع على عاتقها القضايا النسائية كافة، قمنا بتركيز الجهود معهم على محاور شتى، على رأسها محور التمكين الاقتصادي للمرأة، عبر مراجعة وضعها في التشريعات الاقتصادية والملكية وغيرها، ولايزال الحوار بيننا وبين المجلس الأعلى قائما وبجدية لمراجعة هذا المحور ووضع خطة متكاملة بشأنه. وستركز الأبحاث التي نقوم بها في هذا الصدد على مشروعات مكافحة الفقر الذي تعاني منه المرأة والذي سبق أن بدأناه بمشروع المايكروستات - المشروعات المتناهية الصغر والكلفة- وتعاونا فيه مع جمعيات نسائية منها أوال ورعاية الطفولة والأمومة، إلى جانب جمعية الإصلاح. ويعتبر 70 في المئة من المستفيدين من هذا المشروع نساء. ولذلك نعكف حاليا على إعداد مجموعة من المشروعات المشابهة ولكن بحجم أكبر بالاتفاق مع وزارة التنمية الاجتماعية، بحيث تستفيد الأسر المحتاجة من هذه المشروعات، وخصوصا فئة النساء المعيلات لأسرهن».

ويوضح آل شريف أيضا أن خطة عمل برنامج التمكين الاقتصادي المتفق عليها مع المجلس الأعلى للمرأة تقوم على أساس مراجعة جميع المشاريع الاقتصادية القائمة سواء المشروعات الحرفية أو الصناعية لتقييمها وتحديد سبل الدعم الواجب تقديمها إليها.

القصور في التمكين الاقتصادي وليس السياسي

على رغم الأهداف الكبيرة المعلنة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مجال النهوض بالمرأة، إلا أن معوقات كبيرة لاتزال تواجه هذا البرنامج في أداء عمله، معوقات تستمد طبيعتها من طبيعة المجتمع المحلي في البحرين.

في هذا الصدد يقول آل شريف «اتضح لنا بعد مرور فترة من العمل في مجالات النهوض بالمرأة، أن رؤية المجتمع البحريني تجاه تمكين المرأة السياسي هي رؤية متفق عليها ولم تعد محل خلاف حاليا، وينبع ذلك من ارتباط هذه الرؤية تاريخيا باستعداد المرأة لكسب حقوقها السياسية. غير أن التمكين الاقتصادي للمرأة هو الذي يعاني من القصور الحقيقي، إذ لم نجد مشروعات اقتصادية كبرى خصصت للنهوض بالمرأة. وعلى رغم أن الحوار في هذا الموضوع مكرر منذ عشرين عاما، لاتزال مؤسسات القطاع الخاص لا تعرف عن تحسين إنتاج المرأة شيئا. ولذلك نعكف حاليا على بناء استراتيجية اقتصادية متكاملة تبني أساسا لعشرين سنة مقبلة، وتعتمد أسلوب تضمين المبادئ ومعايير النهوض بالمرأة ضمن خطط الوزارات الحكومية نفسها».

العدد 1644 - الأربعاء 07 مارس 2007م الموافق 17 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً