العدد 1805 - الأربعاء 15 أغسطس 2007م الموافق 01 شعبان 1428هـ

«جيسن بورن» ينتهي حيث بدأ... قاتل مأجور برتبة «جاسوس»

في «الإنذار الأخير» لمات دامون

يعود الممثل والسيناريست الأميركي مات دامون في الجزء الثالث من سلسلته السينمائية «الهوية الضائعة» ليريح «جيسن بورن» أخيرا، بعودة ذاكرته أولا، وبالكشف عن هويته الحقيقية. الذي لم يعد فعلا الممثل الثلاثيني هو سلم التصاعد في الحوادث.

الفيلم الذي بدأ بإدخال «الصحافة» في فضيحة الاستخبارات الأميركية «بلاكبراير» لم يكمل إثارته بإضافة عناصر جديده للحوادث ما خلا مدير مركز التدريب. مهارة التقنية في إدارة الصراعات في الشارع كانت أكثر إثارة في هذه النسخة الثالثة التي استمرت في استعراض المهارات «القتالية» و»اللغوية» لبورن، الذي يعاب على الشريط هو خلوه من أي تصاعد درامي «حقيقي» فمجمل الصراعات والانتقالات السريعة بين العواصم الأوروبية و»المغرب» هذه المرة كانت مستهلكة وكلاسيكية تعود المشاهد على متابعتها في الجزئين الأول والثاني.

صحافي «الغارديان» ... يفتح النار من جديد

يبدأ مسرح الحوادث في الشريط من روسيا، وتبدأ حلقة الصراع في الدوران من جديد على يد كاتب صحافي يعمل في «الغارديان»، والذي كتب مقالا عن فضيحة «بلاكبرير» في الإستخبارات الأميركية، الفضيحة تكشف برنامجا خاصا لتصفية مواطنين أميركيين، وأجانب، لصالح الاستخبارات الأميركية في عمليات قتل تعتبر عمليات سرية وغير مشروعة. والذي كان «بورن» نفسه هو المجند الأول فيه.

مراحل عودة ذاكرة «بورن» كانت محور التسلسل الدرامي في الشريط، وكانت وتيرة تغيير «الأمكنة» حاضرة كما كان بورن يتنقل في الجزئين الأولين من بلد لآخر في مسلسل هروبه وبحثه عن هويته الحقيقية المفقودة. مسرح الحوادث الذي بدأ في روسيا إنتهى حيث المكان الذي يجب أن يتذكر بورن هويته الحقيقية فيه، مركز التدريب الخاص بالمخابرات الأميركية إذ يقوم المشرف على المركز بإستثارته ليتذكر كل شيء، وبما يشمل إقدام «بورن» نفسه على قتل رجل لا يعرف هويته كدلالة على امتثاله لأنظمة «بلاكبرير» التي تتضمن القتل من دون تحديد الأسباب أو الدوافع.

تنطلق رحلة العودة للولايات المتحدة الأميركية من إسبانيا، حيث يتعرف «بورن» على مصدر المعلومات التي نشرها الصحافي البريطاني الذي قتلته المخابرات الأميركية لاحقا. بورن كان يبحث في مدريد عن مصدر المعلومات أملا في المزيد منها، وكذلك هي المخابرات الأميركية التي كانت مرعوبة من هذا التسريب الخطير. لم يعد الأمر سرا، فخيانة رجال الإستخبارات الأميركية مثلت نسقا غالبا على الحبكة الدرامية في الفيلم، فرئيس مكتب الإستخبارات في مدريد هو «المصدر» الذي سرب المعلومات للصحافي البريطاني. الاستخبارات الأميركية أصدرت أوامرها بقتله في المغرب، وتخلصت منه بالفعل. المحطة الأهم في المغرب هي حصول بورن على موقع الاستخبارات الأميركية في الولايات المتحدة وذهابه لها، اما عينه التي ساعدته على اختراق المبنى فقد كانت الشخصية «الصادقة» الوحيدة في الإستخبارات، وهي نائبة الرئيس.

الجواسيس كلهم «خونة»

الذي كان مبالغا فيه في الفيلم هو استمرار تورط قادات الأجهزة الإستخباراتية الأميركية. فالرئيس الجديد لغرفة عمليات المخابرات الأميركية هو الرئيس التنفيذي للبرنامج المشبوه «بلاكبراير»، والعميلة الاستخباراتية في بون والتي ساهمت في محاولات قتل بورن في الجزء الثاني بفعالية، رافقتنا في الجزء الثالث بطريقة مختلفة، إذ تحولت للدفاع عنه فجأة ومن دون مسببات. بل أن كاتب السيناريو أو المخرج نسيا أو تناسيا كيف يبرر هذا الإنقلاب في الشخصية، كما تناسيا وجود حلقة مفقودة بالكامل في وفاة زوجة «بورن» في الهند، إذ تغيب زوجة «بورن» التي قتلت على يد قناص في المخابرات الأميركية لينتهي دورها الرئيسي الذي تذكرناه جيدا حينما حاولت عميلة الإستخبارات الأميركية - التي ساعدت جيسن بورن في إسبانيا والمغرب - أن تقوم الدور ذاته الذي لعبته زوجته، وبما يشمل طريقة التخفي عبر قص شعرها، إلا أنها غابت من جديد من دون أن يكون غيابها مبررا.

الشريط ينتهي عند إنهاء سلسة العذابات التي تعرض لها جيسن بورن منذ البداية، فالذاكرة التي ساهم مدير مركز التدريب في استثارتها عادت من جديد، وكذلك - وبمساعدة بورن - قامت نائبة رئيس الإستخبارات بإرسال جميع المعلومات المتعلقة بالبرنامج المشبوه للقيادات العليا. أما اللقطة الأخيرة في الفيلم في مبنى التدريب لبرنامج بلاكبراير فكانت ذكية عبر سقوط بورن في المياه المحاذية للمبنى بعد إعطائه فرصة النجاة من عضو آخر في البرنامج، الذي كان جميلا بالفعل هي اللحظات الأخيرة لبورن في الماء والتي ذكرتنا بالمشهد الذي بدأ فيه الجزء الأول حيث التقط بعض البحارة اليونانيين «بورن» من البحر بعد إخفاقه في قتل أحد القادة السياسين الأفارقة، وهو ما تسبب في فقدانه للذاكرة.

الفيلم جاء بعد انتظار الجمهور له لفترة طويلة، وحقق إيرادات مرتفعة تليق بسمعة «مات» في أفلام «الإثارة» و»الأكشن»، والفيلم على رغم من بعض الملاحظات عليه حمل في جعبته استمرارا لتوجيه الانتقادات لعمليات الاستخبارات الأميركية بوصفها أجهزة «فاسدة» تقتل الأميركيين بإسم الدفاع عنهم. الفيلم استخدم على صعيد التقنيات الكثير من الكاميرات الجديدة، وتشير بعض التقارير الصحافية التي كتبت إبان تصوير مشاهده في المغرب إلى حجم الإنفاق المرتفع عليه. وهو فيلم يستحق المشاهدة.

العدد 1805 - الأربعاء 15 أغسطس 2007م الموافق 01 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً