العدد 1833 - الأربعاء 12 سبتمبر 2007م الموافق 29 شعبان 1428هـ

حزب الله: من مجموعة متهالكة إلى قوة سياسية محلية

يرى مؤلف الكتاب، الذي يقع في 187 صفحة، أن حزب الله لم يكن قبل خمس وعشرين عاما سوى «ميليشيا دينية متهالكة» تأسست تحت سمع وبصر الاحتلال الإسرائيلي الطويل لجنوب لبنان لتنضم للسابق المحموم، في مواجهة الاحتلال، لكسب ثقة الطبقات الدنيا الشيعية في لبنان، واليوم يمثل هذا التنظيم حزبا سياسيا ومؤسسة خدمات اجتماعية وقوة عسكرية، وقد ظهر بقوة على الساحة السياسية اللبنانية خصوصا بعد صراعه الدامي مع الجيش الإسرائيلي الصيف الماضي، وربما يكون أكبر لاعب سياسي غير حكومي في الشرق الأوسط.

وهنا يقدم المؤلف عرضا تاريخيا لهذا التطور الدرامي - الخاص بوضوح حزب الله - ولتعقيداته في المنطقة وما وراءها. وطرحه الرئيسي هو إعادة تقييم هذه المجموعة الشيعية «الراديكالية» منذ حرب الصيف الماضي والتي أنهت ست سنوات من الهدوء النسبي في هذه المنطقة الملتهبة من العالم.

وكعادة الحكايات العربية تبدأ فصول الكتاب وتنتهي على مائدة العشاء، فأولى «المازات» هي وصف تفصيلي لعيد في قرية لبنانية عشية انسحاب «إسرائيل» مما يسمى بالمنطقة الأمنية في جنوب لبنان العام 2000. أما «الفاكهة» فهي طقوس إفطار رمضاني في القاهرة بنهاية حرب العام 2006، وفيما بين الصورتين يتتبع المؤلف حزب الله منذ نشأته برعاية إيران وسورية، إلى تفوقه على غريمه «حركة أمل» الشيعية، ثم قبوله التدريجي للنشاط الانتخابي في الممارسة السياسية، ثم تولي رجل الدين ذي الشخصية الكارزمية حسن نصر الله لقيادة الحزب.

بالنظر لخلفية المؤلف الأكاديمية - مدرس في جامعة بوسطن ومراقب عسكري في لبنان - يمكن القول أن صفة التغطية الصحافية كانت السمة الأساسية للكتاب. وهو يختتم بعرض للأيام الـ 33 التي بدأت في 12 يوليو/ تموز 2006 بعد أن نجح الحزب في أسر جنديين إسرائيليين في هجوم على دورية عبر الحدود، وهو الحادث الذي على أثره شنت «إسرائيل» هجوما دكت فيه جنوب لبنان على رغم هجمات الكاتيوشا التي قام بها حزب الله على المدن الإسرائيلية الشمالية.

يقرر المؤلف أن هدفه هنا هو أن يواجه الصورة البسيطة المرسومة لحزب الله بتفسير آخر أكثر اعتدالا لتلك المنظمة المعقدة، وهو أمر مروع - حسب المؤلف - وإن كان يستحق التعب من أجله، لقد لاقى المحللون صعوبة بالغة في كيفية وصف تلك المجموعة (حزب الله) بشكل نزيه ومحايد، فوصفه بأنه حزب سياسي (اسمه في العربية يطابق معناه ويعني حزب الله) يتجاهل ريادة الحركة في استخدام «التكتيكات الإرهابية» مثل القنابل الانتحارية، ووصفه بأنه مجرد ميليشيا يتعارض مع حقيقة أنه يسيطر على قرابة ربع مقاعد البرلمان اللبناني. ومع ذلك فكلا الرأيين لا يجاوزان الحقيقة كثيرا.

كان المؤلف حريصا وحكيما في الغالب. ومع ذلك سيتحرق مناوئو الحزب غيظا إذا ما قرأوا كلمات تحمل معنى التعاطف مع الحزب مثل «قصص النجاح الباهرة» للحزب أو «الغارة الجريئة» التي أشعلت فتيل الأزمة. ومن ناحية أخرى، فقد يعترض أتباع الحزب على تصوير المؤلف للنصر على أنه سلاح ذو حدين بالنظر لحجم الخسائر التي تكبدها لبنان متمثلة في نزوح حوالي ربع سكان البلاد وتدمير بنية تحتية تعادل 4 بليون دولار.

يرى مؤلف الكتاب أن قصة حزب الله من أكثر الموضوعات التي تهم القارئ الأميركي، إذ أنه في 10 سبتمبر/ أيلول 2001 قتل حزب الله من الأميركيين أكثر مما قتلت أي مجموعة أخرى (أكثر من ضحايا المارينز في بيروت العام 1983)، وها هو تأثيره يظهر على السطح في العراق، حيث تطبق المقاومة التكتيك المميت نفسه الذي طبقه الحزب ضد الإسرائيليين في جنوب لبنان. كما أن مقتدى الصدر، وهو قريب لأحد مؤسسي حزب الله، يسير في العراق على خطا نصر الله نفسها.

من وجهة نظر المؤلف، فإن أكثر ما يلفت النظر في ظاهرة حزب الله هو تجاوزه للخلاف بين السنة والشيعة في المنطقة والذي برز على السطح على هامش الأزمة العراقية الراهنة. فالمعارضون السنة في مصر والسعودية يرتدون «قمصانا» تحمل اسم حسن نصر الله. وحسب السائق العربي اللبناني المسيحي الذب اقتبس قوله المؤلف: «لقد كنت طوال عمري أكره حزب الله، غير أن الأمر يختلف الآن، فقد أعاد لكل العرب كرامتهم» (بتصديه لإسرائيل).

ولكن إلام ينتهي ذلك؟ يرى بعض المعلقين إلى أن العيب الأكبر في هذا الكتاب حول حزب الله هو انه يطرح أسئلة مهمة ولا يقدم إجابات لها، وهو ما قد يكون نتيجة لمجال ونطاق الكتاب المحدود. فسؤال - يطرحه الكثيرون - مثل هل أضعف ظهور حزب الله الدولة اللبنانية؟ يجيب عليه المؤلف المحنك بقوله «لقد أضحت الوحدة اللبنانية مرة ثانية مجرد حلم» وهو ما يدعو القارئ للتساؤل بشأن كيفية تقييم تجربة حزب الله ذات الـ 25 ربيعا.

العدد 1833 - الأربعاء 12 سبتمبر 2007م الموافق 29 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً