العدد 1833 - الأربعاء 12 سبتمبر 2007م الموافق 29 شعبان 1428هـ

إن الإنسان قد أشكل على نفسه

«الإنسان ذلك المجهول» في جلسة نادي الكتاب الرابعة:

ناقش نادي الكتاب البحريني في جلسته الرابعة التي أقيمت في جمعية المستقبل النسائية كتاب «الإنسان ذلك المجهول» لألكسيس كارل، الذي قدّم الإنسان من وجهة نظر علمية وليست فلسفية، لأن الكاتب قضى عمره في مختبره الخاص، لكنه كان منفحتا على العالم من نافذة الإنسان الذي ما زالت حقيقته لغزا صعب المنال».

وأدارت الحوار كريمة الموسوي، ووصفت الكتاب بأنه دستور للفلسفة والمنطق، وكان حسين الزاكي أول المناقشين، و اختلف الزاكي عما طرحته الموسوي، ورأى أن هذا الكتاب لا يرقى لهذه المنزلة وقال:» وجدت هذا الكتاب يقربني من الله، وتذكرت قول الإمام علي (ع): أتحسب أنك جرم صغير وفيك أنطوى العالم الأكبر».

من جانبه علّق عبدالله محمد على الكتاب قائلا:« أحسست بالرعب من فلسفته… ولكن كان طرحه مكررا، وكان يركز ويحرص على أن يجعل بعد كل فقرة دعوة لتغيير عاداتنا في التفكير، فيما رأى حسن المدهون أن الكتاب كان صعبا، وأن على قارئه أن يكون على قدر من الثقافة لاحتوائه على الكثير من المصطلحات العلمية، وعلى رغم قدم الكتاب، فإنه متجدد الفكر، وينوه بأن الإنسان كبير وعظيم وله طاقات هائلة».

وبدوره أشار الزميل حيدر محمد من صحيفة «الوسط» إلى أن كارل حرص في أكثر من محطة على تخطئة الحضارة المدنية، لأنها - برأيه - فشلت في توفير السعادة للإنسان، بل على العكس فقد جلبت الدمار للإنسان، وجعلته يقترب أكثر من مفاهيم مجتمع الغابة ( ما قبل الحضارات) حين لم تكن المنظومة القيمية قد تشكلت بعد.

وأوضح أن كارل يرى أيضا أن الإنسانية وصلت إلى إيقاع من التعقيد، وهذا المجتمع المادي ذو التركيبة شديدة التعقيد حرمت الإنسان من لذة البساطة وسلبت منه فطرته الأولى، والحضارة المدنية حاولت أن تخلق بيئة من الرفاهية والإمكانات، لكنها لم تخلق بيئة الإنسان المتوافقة مع فطرته الأولى.

ونوه حيدر بأن الكاتب كان يرى أن الإنسان حاول أن يستعيض عن فشله الذريع في فهم كنه نفسه، فلجأ إلى تطويع موارد الطبيعة من حوله، وجعلها سهلة التناول، وأعتبر أن الإنسان قادر على التكيف مع البيئة التي يعيش في أوساطها، ولكن في النتيجة هو قسا على الطبيعة من جهة ولم يكتشف حقيقته من جهة أخرى.

ولفت الزميل حيدر إلى أن الكاتب كان حريصا على أن يترك بين السطور إيحاءات ترشد إلى الدين، وأعتبر أن الحضارة الغربية خسرت الكثير حين تجاهلت هذا المكون الفطري والمعرفي في الإنسان، وأشار الكاتب بوضوح إلى عدد من الأطروحات الروحية، كالمعجزة بوصفها خرقا لنواميس الطبيعة، وكذلك الصلاة ودلالاتها العميقة التي شدد على أنها ليست مجرد ترديد آلي للطقوس.

وتابع حيدر:« يمكن القول إن الكاتب لم يهمل الماورائيات و«الميتا فيزقيا)، بل وصل إلى قناعة مترسخة أن الفلاسفة (أفلاطون في مدينته الفاضلة مثلا)، ولا منظروا الحضارة المدنية استطاعوا فك شفرة الإنسان» مؤكدا أن « الميكانيكا عطلت عقل الإنسان، وحتى في المعادلات البسيطة المجردة أصبح يلغى العقل».

وشدد على أن كارل خلص في كتابه للدعوة إلى منهج آخر للتفكير لاكتشاف كينونة الإنسان، فالإنسان الذي فشل في معرفة نفسه هو من باب أولى ليس جديرا بإقامة مجتمع فاضل وسعيد، وعليه أن يوقف أساسا المنحى الخاطئ من التفكير، ومن وجهة نظري أعتقد أن من الضرورة بمكان الاستعاضة عن سؤال « ما هو الإنسان» إلى سؤال أقل تعقيدا « لماذا الإنسان؟»، ولعلنا نوفق هذه المرة.

أما شرف محمد فاختلفت مع الكاتب حين رأى أن الحراك العقلي في وقته أهمل البحث في حقيقة الإنسان، وأضافت: «في القرن التاسع عشر ركز الإنسان على ما هو ميتافيزيقي قبل المادة، وما يدل على ذلك نهوض الروايات والفكر الأدبي في هذه الفترة أكثر من أي فترة أخرى، وظهرت الروايات والمسرحيات بشكل لافت في ذلك المقطع الزمني».

وعبّرت زينب السيد عن إعجابها بالكتاب على رغم صعوبته قليلا «ما أثارني فيه هو تسليطه الضوء على الجمع بين نقيضين في روح الإنسان الواحدة بكونه كبيرا وصغيرا، وسهلا وصعبا في الوقت ذاته، وكذلك مقارنته بين الحضارات بشكل واسع، وانتقاده لانصراف العلماء إلى العلوم المادية دون الروحية، فهو يدعو إلى هدف إنساني سام جدا وهو معرفة نفس الإنسان أكثر».

واعتبرت فاطمة الحداد أن الكتاب دقيق جدا في طرحه، وحذر من تحول الإنسان إلى إنسان (copy paste) ودعا لتحرير العقل الإنساني، وأن يتجاوز الإهتمام بالماديات التي حوله، كما سلط الضوء على ما تعنيه مفردة الحضارة من سلبية».

العدد 1833 - الأربعاء 12 سبتمبر 2007م الموافق 29 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً