العدد 1833 - الأربعاء 12 سبتمبر 2007م الموافق 29 شعبان 1428هـ

«هي فوضى» أفضل فيلم ليوسف شاهين في السنوات الأخيرة

أكّد المخرج المصري يوسف شاهين في المؤتمر الصحافي الذي أعقب عرض فيلمه «هي فوضى» ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان البندقية السينمائي الدولي الرابع والستين إن فيلمه «شاهيني» مئة بالمئة، وانه لا يبتعد أبدا عن السياسة في أفلامه.

وقال شاهين ردا على سؤال لوكالة فرانس برس في الندوة الصحافية التي أعقبت عرض الفيلم الذي خرج بتوقيع المخرج خالد يوسف إلى جانب اسم شاهين إنّ «الفيلم شاهيني مئة بالمئة وان تابع خالد يوسف العمل بمفرده لإنهاء الجزء الأخير من الشريط بسبب مرضي لكن لا يمكن رؤية الفرق».

وأضاف شاهين «خالد يوسف هو احد اوفى تلاميذي وأكثرهم صدقا ونحن نعمل سويا منذ أكثر من 17 عاما وقد أراد العمل بأسلوبي واعتقد انه نجح».

أما خالد يوسف الذي عمل كمساعد مخرج في عدد من أفلام شاهين فقال ردا على السؤال نفسه «تعمدت الاقتراب من أسلوب شاهين كي يكون للفيلم قوام واحد وأسلوب هارموني.

افهم ما يريده شاهين وأعرف سينماه جيّدا ونحن لا نحتاج لأن نتناقش حتى لمعرفة ما يريد».

وتابع خالد يوسف الذي شارك في إنجاز الفيلم إخراجا ورؤية أنّ «الفيلم يحمل ملامح سينما شاهين وتاريخ سينما شاهين. وقد تعمدت التواري لأبرز هذه الملامح وتقمص أسلوبه».

ويعتبر «هي فوضى» واحدا من أفضل الأفلام التي أنجزها شاهين في السنوات الأخيرة عن سيناريو ناصر عبد الرحمن أحد رواد جيل كتاب السيناريو الجديد في مصر.

يعود فيلم «هي فوضى» إلى أسلوب سينما شاهين في السبعينات حين حملت أفلامه حسا سياسيا يجسد هموم المواطن ويبحث في قضاياه المصيرية لتذكر نهايته بشكل مباشر بأجواء فيلم «العصفور» الذي تناول فيه مخرج «حدوتة مصرية» هزيمة مصر العام 67 وما أعقبها.

وإذا كان الشعب تتقدمه النساء خرج في «العصفور» في تظاهرة رافضة للاستسلام لتصرخ بطلته «حنحارب» ويرددها الجميع وراءها فإن النساء هنا خرجنَ في تظاهرة جديدة في حي شبرا القاهري لخوض حرب من نوع أخر: الحرب على الفساد المستشري في دوائر

السلطة في مصر.

وفي العمل الجديد تتقدم هالة صدقي وهالة فاخر التظاهرة الرافضة للظلم والطغيان وانتشار الفوضى «النساء اقل قدرة على تحمل الظلم وأكثر قدرة على الثورة عليه»

وتؤدي هالة صدقي في الفيلم دور الأم الشجاعة التي تربي وتعلم وتدفع بأبنائها إلى الأمام بينما يتمثل الفساد في شخص ضابط الشرطة حاتم الذي يغطي مرؤوسوه الفاسدون مثله على تصرفاته وجرائمه إلى أنْ يستبيح نور صبية الحي الجميلة العاشقة.

وتؤدي النجمة المصرية الشابة منة شلبي دور نور المدرّسة الصادقة المتزنة المتطلعة إلى مستقبل أفضل بينما يؤدي خالد صالح ببراعة دور حاتم الطامع في كل شيء إلى درجة الاغتصاب والقتل. وكان هذا الممثل المصري أدى الكثير من الأدوار الثانوية خلال مسيرته الفنية لكنه قفز الى الصف الأوّل في السنوات الثلاث الأخيرة لتتكلل هذه المسيرة ببطولة «هي فوضى» حيث يحمل عبء الفيلم على كتفيه.

يصوّر الفيلم كيفية انسحاق الطبقة العاملة المجتهدة المكونة من كادرات صغيرة في المجتمع المصري وخضوع هذه الفئة التي لا تزال تحافظ على عزّة نفسها وكرامتها وتؤمن بمستقبل أفضل. هذه الفئة هي التي تدفع ثمن ذلك الفساد من مالها وفكرها وروحها وجسدها مثل نور

(منة شلبي) التي يغتصبها حاتم في الفيلم والتي تجسّد نموذجا لهذا الانحراف الذي وصلت إليه السلطة وما تمارسه بحق الشعب الذي يسجن ويعذب ويقهر ويغتصب.

أنها سينما الاحتجاج والغضب التي ظهرت في أفلام سابقة لشاهين وهو اليوم يعود إليها في عمل يعود لالتقاط نبض الشارع ويتحدّث عن راهن مصر بعد مرحلة اهتم فيها المخرج بقصص ذاتية وضع السيناريو لها بمفرده.

ولا يخلو شريط «هي فوضى» من تلك المفردات التي شكلت أساسا ثابتا لسينما شاهين والتي تتمثل في الأغنية والرقصة وأيضا التظاهرة التي تمنح فيها الكلمة عادة للشعب والمرأة التي تثور.

غير ان الشريط ينطوي على قدر من المبالغة في المعالجة وفي تصوير هذا الجانب الأسود الطاغي على كل شيء وكأن كل المنافذ قد أغلقت في وجه الشباب المصري اليوم كما يظهر الفيلم. كما يشكو «هي فوضى» من بعض الإطالة خصوصا في مشاهد النهاية الزائدة التي جاءت إخراجيا اقل من مستوى الفيلم.

ويقول شاهين انه يريد من خلال عمله إن يتكلم عن القمع والفوضى والفساد في الشرق الأوسط وليس فقط في مصر. وحضر المؤتمر الصحافي إلى جانب شاهين المخرج خالد يوسف والممثلون خالد صالح وهالة صدقي وصفاء ابو السعود إضافة إلى المنتجين غابي وماريان خوري ويوسف الشريف.

وفي ختام المؤتمر لم ينس شاهين أن يحيي نساء إيطاليا الجميلات اللواتي يشبهن الممثلة آنا مانياني كما حيّا ذكرى كبار مخرجي الخمسينات وبينهم روسليني الذي قال: انه علمه كيف يطبخ المكرونة بالزعتر حين زاره في بيته في مصر.

العدد 1833 - الأربعاء 12 سبتمبر 2007م الموافق 29 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً