العدد 1848 - الخميس 27 سبتمبر 2007م الموافق 15 رمضان 1428هـ

قطار نزار القطري

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل شهر واحد بالضبط، وفي منتصف شهر شعبان، كان الجمهور على موعد مع نزار القطري، أحد نجوم الإنشاد الديني المعروفين على مستوى دول الخليج.

في تلك الليلة، كان الجو حارا، والحفل يقام في العراء، وحين دخلت حسينية «خدارسون» في شارع الزبارة بالقضيبية، كان نزار يستعد قبل الخروج للجمهور، وحوله تتحلّق مجموعةٌ من الشبان والأطفال الصغار، وبعضهم يحاول أن يلتقط له صورة من هاتفه النقال.

الرادود تذكّرني من اللحظة الأولى، وذكّرني بلقاء صحافي نشرته له قبل عامين. ومن هنا كان الخط سالكا لنقل رسالة شخصية كنت حريصا على نقلها، من القلب إلى القلب، ستعرفونها نهاية المقال.

الرجل بدا مهموما بالأطفال، تحدّث عمّا يتعرّض له الطفل المسلم من موجات أفلام «الميكي ماوس» و«أبطال النينجا» و«السبايدرمان». وتساءل: لماذا لا تكون لدينا شخصياتنا الخاصة؟

القطري تحدّث عن تجربته مع شخصية «فرح» و«مرح»، وهما شخصيتان محليتان استلمتا دور البطولة في بعض الاسكتشات الغنائية، وحاول خلالها تناول بعض المفاهيم الأخلاقية والتربوية. ويرى ان لدينا كنوزا يمكن أن ننهل منها من دون حدود، من قبيل بر الوالدين وتوقير الكبير والتكافل والرحمة... وهو ما يفتقر إليه صانع الكارتون الغربي الذي يدور حول المادة والمال.

آخر ما أنتجه القطري «القطار السريع»، وهنا صارحته برد فعلي حين شاهدته للمرة الأولى: «ماذا فعل نزار القطري بنفسه»، ولكن في المرة الثانية تم امتصاص الصدمة الأولى تغيّرت نظرتي للموضوع، فهو قد يملأ شيئا يسيرا من الفراغ الذي يعيشه الأطفال، خصوصا مع ما أشاهده من تعلّق أطفال العائلة بالتلفاز كلما خرج القطار. وهو ما أكده بقوله إن طفله البالغ 8 أشهر، يتجمّد في مكانه ويتوقف عن البكاء!

القطار الذي قدّرت كلفة إنتاجه بأكثر من 7 آلاف دينار كويتي، لم تزد كلفته العملية على 700 دينار، إذ تم على أيدي شباب هواة في مقتبل العمر. وكان يحلم بتحويله إلى لعبةٍ تباع في الأسواق التي تغرقها الألعاب من الشرق والغرب، ولكن وقف التمويل حائلاَ دون ذلك.

القطري يجيد أربع لغات، فإلى جانب لغته الأم (العربية)، يجيد الاردية والفارسية واللارية والإنجليزية، وهو يقرأ الأشعار والقصائد بهذه اللغات. وسألته: ألا تغار زوجتك من كثرة المعجبين والمعجبات؟ فابتسم وقال: «إنها تتفهم الوضع، بل هي تؤلف لي باللغة الانجليزية».

لأكثر من نصف ساعة، كنت مستمعا لنزار، وأخيرا أردت أن يستمع لرأي أرى من الأمانة إيصاله له ولزملائه من المتصدين لهذا الفن الديني «الملتزم». ذكّرته بأنشودة «يا طيبة»، التي أنشدها الشاب الاندونيسي حدّاد وزميلته سيليس، واستطاعت أن تغزو قلوب المسلمين من ماليزيا إلى المغرب العربي. وهي الأنشودة التي أعاد إنتاجها اللبنانيون والسوريون، وربما السعوديون أيضا، لتجرّدها وجمالها ولحنها وكلماتها البسيطة التي تتسلل للقلوب. فنحن أحوج ما نكون إلى تبادل الرسائل التي توحّدنا وتقربنا من بعضنا، في زمنٍ كثر فيه مبتغو الفتنة، في ظلّ تصاعد موجة التكفير وبث الفرقة بين طوائف المسلمين، حتى أصبح الدم المسلم أرخص الدماء في العالم.

إذا خرجنا من حدود جغرافيتنا الضيقة، سنرى العالم على اتساعه، ونآمل أن يمر قطارك القادم على القدس والقاهرة سمرقند واسطنبول يا نزار.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1848 - الخميس 27 سبتمبر 2007م الموافق 15 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً