العدد 2584 - الجمعة 02 أكتوبر 2009م الموافق 13 شوال 1430هـ

مؤتمر يُفنِّد المزاعم النافية للتلوث الإشعاعي

البصرة في قبضة السرطان

شهدت المحافظات الجنوبية في العراق بعد حرب الخليج الثانية العام 1991 ارتفاعا لافتا في معدلات الإصابة بأمراض السرطان.

تدل المؤشرات على أن ازدياد إصابات السرطان في العراق، وخصوصا في المناطق الجنوبية، ناتج عن استخدام ذخائر اليورانيوم المستنفد، وأن هذا السلاح الذي استخدم لضرب آليات الجيش العراقي السابق القريبة من المدن الجنوبية ومراكز الأقضية العام 1991 تطور وضربت به مناطق مكتظة بالسكان في البصرة وبغداد وغيرهما من المدن العام 2003. وتشير تقارير دولية الى أن ما استخدمته الولايات المتحدة وحلفاؤها في حرب الخليج الثانية العام 1991 والحرب الأخيرة العام 2003 من قذائف تحتوي رؤوسها على اليورانيوم المستنفد، ما زالت باقية في المواقع المستهدفة، ومخلفاتها ذات فاعلية إشعاعية سمّية نشطة. وطبقا لتلك التقارير، فإن القوات الأميركية والبريطانية خلفت ما بين 340 و800 طن من اليورانيوم المستنفد خلال الحرب الأولى العام 1991، وما بين 1100 و2200 طن العام 2003. وقدر علماء أن كمية الاشعاعات التي نجمت عن انفجار تلك الذخائر تعادل إشعاعات آلاف القنابل الذرية من النوع الذي ضُربت به مدينتا هيروشيما وناغازاكي اليابانيتان العام 1945.

شهدت محافظة البصرة خلال العامين الماضيين انعقاد عدة مؤتمرات علمية تمحورت حول واقع الأمراض والوفيات السرطانية والتشوهات الخلقية لدى الأطفال حديثي الولادة. وبيّن الباحثون علاقة وثيقة بين تفاقم هذه الاصابات وذخائر اليورانيوم المستنفد، ما يثير قلق المواطنين الذين ما زال الآلاف منهم يسكنون بالقرب من «مقابر» الآليات والمعدات العسكرية المضروبة بتلك القذائف، من مخلفات حربي 1991 و2003.

استكمالا لتلك المؤتمرات، أقامت مديرية صحة محافظة البصرة مؤخرا، بالتعاون مع كلية الطب في جامعة البصرة والهيئة الطبية الدولية، مؤتمرا دوليا حول الأورام السرطانية. وشارك عشرات الباحثين والأطباء المختصين، من الولايات المتحدة واليابان وكندا وبريطانيا وإيران والكويت والإمارات والبحرين وقطر والعراق، ببحوث علمية رصينة طرح بعضها لأول مرة خلال المؤتمر.

في المؤتمر الدولي، أكد مدير عام صحة البصرة رياض عبد الأمير اتفاق غالبية المشاركين على أن الملوثات الاشعاعية التي خلفتها الحروب السابقة تعد من أبرز أسباب ارتفاع معدلات الاصابة بالأمراض السرطانية. واعتبر نقيب أطباء البصرة مؤيد جمعة أن الملوثات الإشعاعية من أبرز أسباب انتشار السرطان في جنوب العراق، موضحا أن السبب الرئيسي يعزى إلى استخدام اليورانيوم المستنفد خلال الحروب السابقة، وأن التلوث الذي تعاني منه البيئة في محافظة البصرة هو أحد الأسباب.

وأظهرت دراسة أعدها الباحث المتخصص بالأورام السرطانية جواد العلي، بالاشتراك مع جنان بطرس توما وسالم السعد وعمران سكر والباحث البيئي الفيزيائي خاجاك وارتانيان، حصول زيادة سرطانية كبيرة في البصرة، وأن المسح الميداني العشوائي الذي قاموا به بيّن ارتفاع المعدل الى 146 اصابة لكل 100 ألف نسمة، بعد أن كان نحو 74 اصابة لكل 100 ألف.

وأعلن مسئول إدارة المستشفيات في العراق إيدي كامنتن، وهو مبعوث من الأمم المتحدة للإشراف على الواقع الصحي في البلد، أن «السرطان في البصرة ينتشر في شكل كبير ومخيف، وتكمن خطورته في تعدد أسبابه التي لم يتم حصرها بالكامل». وذكرت مسئولة برامج التعليم الطبي في الهيئة الطبية الدولية تارا برقي أن «التشوهات في جنوب العراق والسرطان يشكلان هوية المجتمع الصحية بسبب الحروب»، مضيفة أن «دخولنا العراق تأخر 11 عاما لغرض طرح البحوث التي جئنا في صددها واختبار صدقيتها في هذه المنطقة الموبوءة بالسرطان».

وقالت سارا الريفي من البحرين إن «البحرين تحتل المركز الأول في العالم العربي بنسبة الإصابة بسرطان الثدي، حيث تبلغ 34 في المئة من مجموع السكان، ولكن في البصرة بمفردها تشكل نسبة الإصابة بسرطان الثدي 30 في المئة من سكان المحافظة، وهذه تعتبر نسبة خطيرة جدا إذا طرأت على محافظة». وأضافت أن «البحرين دونت كل الحالات في قاعدة بيانات، لكننا في البصرة فوجئنا بعدم وجود قاعدة بيانات للمصابين».

من جهته، قال معاون عميد كلية الطب في البصرة أحمد العباسي «إن نسبة الباقين على قيد الحياة من المصابين في العراق قليلة جدا، إذ لا يوجد دواء ناجع، بل لا يوجد دواء كاف لجميع المرضى». وأشار إلى أن «موضوع العلاج يحتاج إلى مشروع دولي يتم من خلاله تبني المرضى العراقيين».

خلاصة القول إن المؤتمر أكد صحة النتائج والمخاوف والتحذيرات التي أطلقت في العقدين الأخيرين بشأن اليورانيوم المستنفد وأضراره الصحية والبيئية. لكن الملاحظ أنه لم يحظ بتغطية من وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية، مع أن وزارة الصحة العراقية هي المبادرة بتنظيمه، من خلال مديرية صحة محافظة البصرة.

العدد 2584 - الجمعة 02 أكتوبر 2009م الموافق 13 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً