العدد 2658 - الثلثاء 15 ديسمبر 2009م الموافق 28 ذي الحجة 1430هـ

إحساس بالانتماء وشعور بالرضا واقتناع بضرورة العطاء

الباحثة عائشة الشيخ تلقي الضوء على تحقيق مفهوم المواطنة...

يرى الكثير من الباحثين، أن المواطنة، فكرة اجتماعية وقانونية وسياسية ساهمت في تطور المجتمع الإنساني بشكل كبير، بجانب الرقي بالدولة الى المساواة والعدل الإنصاف، وإلى الديمقراطية والشفافية، وإلى الشراكة وضمان الحقوق والواجبات، وتنامت أهميتها من كونها تعمل على رفع الخلافات والاختلافات الواقعة بين مكونات المجتمع والدولة في سياق التدافع الحضاري، وتذهب إلى تدبيرها في إطار الحوار بما يسمح لتقوية لحمة المجتمع وتعلق المواطن بوطنه ودولته، وتدفعه إلى تطوير وطنه والدفاع عنه أمام الملمات المختلفة، كما أن تفعيل حق المواطنة في المجتمع، هو حائط الصد المنيع الذي يحمي ذلك المجتمع باعتبارها تحفظ للمواطن حقوقه المختلفة وتوجب عليه واجبات تجاه دولته، بمعنى أنها تحفظ على الدولة حقوقها تجاه المواطنين، بما يحقق لحمة النسيج الاجتماعي للمجتمع، ويؤدي إلى شراكة في تنمية المجتمع من خلال المواطن والدولة في الوقت نفسه.

ولا شك في أن هذه المناسبة الوطنية العزيزة التي نعيشها، هي مناسبة سانحة للتحاور مع الأستاذ المحاضر بقسم العلوم النفسية والاجتماعية بكلية العلوم الصحية الباحثة عائشة الشيخ، وفيما يأتي نص الحوار:


الحاجة للانتماء... ضرورة

كيف يمكن تنمية مشاعر الولاء والمواطنة في نفوس المواطنين، وخصوصا الصغار والناشئة منهم؟

- قبل التطرق للكيفية التي تمكننا من تنمية الشعور بالمواطنة والولاء، من المهم أن نعرف ونفصل الشعور بالمواطنة ذاته، فبحسب النظرية النفسية الخاصة بنظام الحاجات الإنسانية للعالم الشهير (ماسلو)، يأتي هذا الإحساس في المرتبة الثالثة، بعد الحاجات الأولية للطعام والمشرب والنوم، وبعد حاجة الكائن البشري للأمن النفسي والجسدي، فالحاجة للانتماء من الحاجات الضرورية، لا للبشر فحسب بل تمتد لتشمل سائر المخلوقات، فللطيور مواطن وانتماءات وكذلك الحال للمخلوقات الأخرى، وربما تفوق الإنسان في حبه للأرض والوطن، لكن الإنسان يتميز بمستوى عالٍ جدا من الذكاء والمقدرة على التحليل واتخاذ قراراته الخاصة، وكما يصفها ماسلو، فهي الإحساس بالحاجة للآخرين ولحبهم والتعايش والعمل معهم والارتباط بهم وربما التضحية من أجلهم.


سيمفونية الشعور بالسعادة

ما هي أهم الجوانب النفسية التي تؤثر في طبيعة العلاقات بين الإنسان ووطنه، سلبا أو إيجابا وما الذي يتوجب فعله للحفاظ على الانتماء والمواطنة؟

- مفهوم المواطنة من وجهة نظري الشخصية، هو إحساس بالانتماء loyalty والارتباط بالأرض وبمن عليها، والشعور بالرضا عن الوجود والكيان الشخصي، والاقتناع بضرورة العطاء في مقابل الحصول على الاحتياجات، ومن خلال هذه المشاعر المتشابكة والمتناغمة، يشعر الإنسان بالسعادة كونه فردا وطنيا حريصا على أهله وأهل بلده، بافتراض توافر مبدأ العدل والمساواة، فعندما يتذوق الفرد منا تلك السيمفونية يشعر بالفخر والسعادة بوطنه، ويدفعه هذا الشعور إلى التضحية إذا ما لزم الأمر بالغالي والنفيس من أجل هذا الوطن.


المواطنة... حقوق وواجبات

ونحن نحتفل بالعيد الوطني، ما هي المسارات التطويرية التي تجدينها مهمة في مسيرة النهضة البحرينية؟

- كما هو معروف عالميا، فالمواطنة حقوق وواجبات... حقوق تتعلق بحصول المواطن على حياة رغدة كريمة، وحقه في الكرامة والتميز عن غير المواطنين، حسب إمكانات الدولة، فهذا حق مشروع لكل مواطن على أرض بلده، وهي الحق في توفير تكافؤ الفرص للمواطنين حسب درجاتهم العملية وإنجازاتهم الشخصية دون توظيف للقضايا الأثنية (العرقية) والجندرة (الفرق بين الذكر والأنثى)، وهي الحق في انتخاب المواطن لممثليه القياديين، والسياسيين والاجتماعيين، وهي حق المواطن في الحرية والعدالة والمساواة والكرامة.

ونحن في مملكة البحرين قد تلمسنا وجود بعض المسارات الجيدة، وخصوصا ما يتعلق بإتاحة الفرص للمرأة للوصول إلى مواقع صنع القرار، ولكن مازال أمامنا طريق طويل لتحقيق هذه الأطروحة المهمة، فهناك تركيز واضح على عدد محدود جدا من النسوة وتجاهل للأغلبية العظمى من الطاقات الفاعلة، والمساهمة في خلق التغيير الاجتماعي، ولكن أين هي على الساحة... مهمشة؟!


دور الأسرة في التلاحم الوطني

ما هو الدور المطلوب من الأسرة البحرينية والتربويين والباحثين الاجتماعيين للحفاظ على استقرار المجتمع وتلاحمه الوطني؟

- كما أشرنا سابقا، فللمواطنة واجبات يتوقعها الوطن من مواطنيه، كواجب الدفاع عنه، وواجب الحفاظ على المال العام والممتلكات العامة، وواجب تطوير صرح الوطن الذي بناه الأجداد وسلموه أمانة لنا لنحملها لجيل الغد.

وهنا يأتي دور الأسرة والمختصين في تحقيق أطراف المعزوفة الوطنية، ولا ننسى دور الدولة بما فيها دور الحكومة بتأدية دورها كاملا في حصول المواطن على حقوقه كاملة، ولو استطعنا أن نحقق هذا التوازن لتمكنّا من تحقيق المفهوم الحقيقي للمواطنة، ولاقتربنا جميعا من بناء المدينة الفاضلة التي تحدث عنها الفلاسفة.

العدد 2658 - الثلثاء 15 ديسمبر 2009م الموافق 28 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً