العدد 557 - الإثنين 15 مارس 2004م الموافق 23 محرم 1425هـ

الحمد: أدعو فتيات اليوم إلى الاقتداء بجداتهن

معجم صفات النساء

الوسط - محررة الشئون النسوية 

15 مارس 2004

تختلف الآراء بشأنه، فبينما يراه البعض منقصة في حق النساء، وتكريسا لنظرة المجتمع التشيئية الدونية لهن، يعتبره الكثيرون تقديرا من نوع خاص للمرأة، وان كان جله مركزا على جمال وجهها وجسدها. «معجم صفات النساء»، كتاب ينقل إلى قارئه الكثير عن واقع حال المرأة في عصور سابقة، بل ربما ساهم في تكوين فكرة تاريخية عن الكيفية التي كانت جداتنا ينظرن بها لأنفسهن، وعن مدى تقييم نصف المجتمع الثاني لهن، فهذا الكتاب ينقل عبر ألفاظه وأشعاره وعباراته وقصصه المأخوذة جميعا من مختلف كتب التاريخ والتراث، الكثير مما يغيب عن إدراكنا لواقع الفترة الممتدة من عصر ما قبل الاسلام وصولا إلى العصور الأموية والعباسية وما تلاها. هذا الكتاب يصحح لنا الكثير من المفاهيم المغلوطة سواء كانت لغوية أو تاريخية، ويرسم لنا لوحات رائعة ويقدم إلينا صورا فوتوغرافية ومشاهد حية لنساء تلك الأزمنة، عبر أبياته التي انطلقت من قرائح شعرائه التي كانت كآلة تصوير فوتوغرافية تنقل الصورة كما هي، بجميع تفاصيلها الجميلة أو المتواضعة الجمال.

غرابة الموضوع وطرافة المحتوى والصدفة التي هي خير من ألف ميعاد، هيأت لـ «الوسط» لقاء مع مؤلف الكتاب عبدالناصر الحمد الذي يشغل منصب سكرتير التحرير في مجلة «أسرار» الكويتية، فكان اللقاء الآتي:

أدماء، بريعة، بشيرة، جأواء، حدحة، خبلانجة، شمشليق، وغيرها الكثير... هي بعض ما ورد في الكتاب من أوصاف للنساء، معظمها صفات حسنة بعكس ما يوحي به نطقها. لكن أهم ما في الموضوع هو أن يحمل أحد الكتّاب مثل هذا التوجه ليجمع كل ذلك التراث اللغوي بين دفتي كتاب واحد، لا يعد من قبيل المبالغة ان وصف بالمرجع لصفات النساء وربما لبعض الألفاظ اللغوية، وهو فعلا ما أراد له جامعه أن يكون، فجعله معجما!!

فكرة الكتاب غريبة، ومحتواه طريف، يكشف الكثير من الأسرار المتعلقة بالمرأة العربية، لكن، هل هي اسرار تتعلق بالمرأة قديما، أم انها يمكن أن تنطبق على نساء اليوم؟

- توقفت عند التاريخ ولم أدخل في القضايا الحديثة لأن هناك تشعبا كبيرا لصفات النساء اليوم، اعتمدت على ما جاء في الكتب التراثية، ولو أردت الدخول في صفات النساء في هذا العصر لما كان هناك حصر لمادتي، فوصف النساء اليوم تغير كثيرا عما كان عليه، وليس أدل على ذلك من ورود بعض الصفات التي لم تكن موجودة في السابق، كصفة «زيتية العينين» التي جاءت في بعض أشعار نزار قباني، وهي الصفة التي لم يكن لها مرادف فقد كانت هناك امرأة شهلاء، وزرقاء، ووطفاء وغير ذلك أما الزيتية فهي صفة حديثة.

الجرأة والطرافة

فكرة الكتاب كما يذكر الناصر جاءت مصادفة، إذ كان يحاول أساسا تأليف كتاب للفكاهة في تلك العصور، ليكتشف مصادفة وجود بعض الأشعار التي تهجو النساء، يقول الناصر: «بمزيد من البحث تبين لي وجود كمٍّ هائل من الأشعار التي تمدح النساء وتثني على صفاتهن، فنسيت موضوع الفكاهة وبدأت ابحث في موضوع النساء، إذ لم أجد أي كتاب يبحث في هذا الأمر بتفصيل كبير. وجدت بضع صفحات في بعض كتب التراث لكنها لم تكن تغطي الموضوع (...) لجأت إلى الشعر وأخذت كل ما هو موجود من صفات النساء وبدأت في محاولة البحث عن معاني كل ما جاء فيه أو استنباطها من أبيات الشعر نفسها».

مفاهيم مغلوطة وانزياح دلالي

ما الذي استوقفك اثناء البحث؟

- اكتشفت اثناء بحثي وجود الكثير من المفاهيم المغلوطة التي وصلت الينا عن المرأة أو بالأحرى كثيرا من الانزياح الدلالي كالتفسير الخاطئ لكلمتي «غانية» و «جارية»، فالاعتقاد السائد هو أن الجارية أو الغانية هي المرأة التي تباع وتشترى، لكن الصحيح هو أن الغانية هي المرأة التي تستغني بجمالها عن أية زينة، أما الجارية فهي الفتية من النساء (...) هناك الكثير من الانزياح وله أسباب تاريخية، فعندما ظهرت سوق الرقيق لم يكن يؤتى بالعجائز من النساء لبيعهن في الاسواق، بل كان يتم انتخاب الغانيات الجميلات اللواتي يصلحن - كما كان يطلق عليهن - سراري أي زوجات بالسر، كما يمكنهن تعلم فنون العزف على الآلات الموسيقية او القاء الشعر (...) بعد ذلك أصبح وصف الغواني يطلق على المغنيات، كما ظهر أيضا وصف القيان فهن ماشطات الشعر، لكن ما حدث هو ان وصف القينة أصبح مرادافا لوصف الغانية، وذلك لأن الكثير من القيان كن يُجِدن الغناء، ثم جاءت الجواري لتجدن الغناء أيضا، وهكذا اختلطت المفاهيم وانزاحت عن معانيها الأساسية، ليصل إلينا الفهم الخاطئ.

نساء بارعات أم أجساد جميلة؟!

بشكل عام كانت النساء في تلك العصور بارعات في الكثير من الأمور وكن بحسب ما تنقله الأشعار وكتب التراث على مستوى من الجمال والعلم والأدب، فهل كانت النظرة تجاه هؤلاء النساء وخصوصا الجواري منهن، نظرة احترام وتقدير، بعيدة كل البعد عن الاستمتاع بجمالهن الجسدي؟

- هذا الكلام صحيح لدرجة أن الكثير من المجتمعات كانت في بادئ الأمر ترفض الزواج من غير العربيات الأصيلات (أي ما نسميه اليوم ببنات الأسر الكريمة) أما عندما وجدوا نساء على قدر كبير من الكياسة والثقافة ومن المقدرة على جعل الجو الأسري (اذا جاز التعبير) اكثر رحابة وجودة، مالوا إلى هؤلاء النسوة وتزوجوهن، كما ان التاريخ يذكر أن الكثير من زوجات الخلفاء في العصر العباسي كن من الجواري.

حقيقة الوأد

الفكرة الموجودة عن المرأة العربية في الجاهلية ان العرب كانوا يئدونها، فهل تعتقد أن ذلك كان خوفا من أن تتحول المرأة إلى عار؟

- هناك تصحيح لهذا المفهوم الخاطئ فبالتدقيق في كتب التاريخ نجد أن النساء العربيات كن بعيدات عن الريبة والفحش، وكان المتعارف عليه هو أن الإماء هن من كن يأتين بالفاحشة أما العربية فلم تكن تأتي بهذا الأمر وليس أدل على ذلك من الحادثة الشهيرة التي كانت فيها مجموعة من النساء يبايعن الرسول (ص) وكان (ص) ينهيهن عن ارتكاب الزنى، فتقول هند بنت عتبة: «أوتزني الحرة يا رسول الله»، الأمر إذن كان مستبعدا جدا، وهكذا لم تكن المرأة تشكل وصمة عار أبدا

وماذا عن الوأد؟

- الوأد كان نتيجة حادثة فردية، بدأ حين أُسرت ابنة اخت قيس بن عاصم، وحين أراد أن يفتديها مع مجموعة من نساء القبيلة، رفضت العودة وفضلت البقاء مع أسرها، فاستشاط قيس غضبا وأقسم أن يئد كل بنت تولد له، وظل يفعل ذلك كما سار على حذوه بعض أصحاب النفوس الضعيفة الذين لا يقوون على دهرهم في حين ان هناك قبائل عربية كثيرة لم تفعل ذلك بل كانت المرأة لديهم صاحبة رأي وقوة وشهامة، حتى يقال ان حرب عبس وذبيان أوقفتها امرأة (...) إضافة إلى ذلك فان مدة الوأد كانت قصيرة لدرجة أن قيس بن عاصم وهو من سنّ الوأد أدرك عهد الإسلام واسلم على يدي رسول الله وتاب عن ذنبه.

تراجع أدوار المرأة

فكيف وصل الحال إلى أن يسيطر النظام الأبوي في معظم المجتمعات العربية؟ ولماذا أصبحت المرأة ترتبط الآن بالكثير من مفاهيم العار والعيب، وأصبحت تعامل بشكل سيئ؟

- إذا رجعنا إلى عصر الجاهلية نجد ان المرأة كانت ذات رأي لدرجة أنها كانت تزوج نفسها بنفسها، وحين جاء الإسلام أعطاها المزيد من الاحترام وصحح بعض الأوضاع الخاطئة وأعطى المرأة قوة أكبر بحيث أصبحت تعقد مجالس للشعراء والأدباء.

هل ترى ان هناك محاولة اعادة دور إلى المرأة في الحياة العامة، هل يساهم في اعادة شيء مما كان لدى المرأة من حقوق؟

- أتمنى ذلك وانا حريص كل الحرص على اظهار المحاسن التي كانت تتسم بها المرأة في عصور سالفة، أنا أريد أن تعرف الفتيات أن جداتهن كن مختلفات جدا وانهن قادرات على ان يصبحن مثلهن بل وأفضل بسبب تفتح آفاق العلم والمعرفة (...) اعتقد انه اذا استطاعت المرأة العربية ان تفهم نفسها بشكل صحيح فستكون مبدعة وتقدم ما هو متميز

العدد 557 - الإثنين 15 مارس 2004م الموافق 23 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً