العدد 557 - الإثنين 15 مارس 2004م الموافق 23 محرم 1425هـ

هل أنت متسلطة؟

كثيرا ما طالعنا التراث بأن الرجل هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في الأسرة وأنه يمثل الرب الأصغر.

وإسلاميا فإن له القيمومة التي لا تعني التسلط وانما القيادة المنفتحة المشاورة العطوفة الرشيدة، التي اساسها أمران:

1- العقلانية الغالبة على الانفعالية «بما فضل الله بعضهم على بعض» (النساء: 34).

2- النفقة «بما أنفقوا من أموالهم» (النساء: 34).

أما في العصر الحديث فقد ظهرت انماط أخرى للقيادة في الأسرة، فنتيجة لعوامل كثيرة منها:

1- الظلم التاريخي الواقع على المرأة الناشئ من الممارسات الخاطئة والتي غالبا ما تصبغ بالصبغة الإسلامية ويطوع الفقه والفكر الإسلامي عموما لها تطويعا لتبرير هذه الممارسات اللاإسلامية.

2- تحرر المرأة في فكرها وعقلها على الأقل والتأثر الشعوب الأخرى.

3- دخول المرأة في كل مجالات العلم والثقافة وفي مجالات العمل كافة وباقتدار ما جعلها تنافس الرجل في الكثير من المجالات وتتفوق عليه في أخرى.

كل هذا ولد نمطا من الزوجات المثقفات والمتسلطات في آن واحد، فهي ترى نفسها كفئا لزوجها في العلم والثقافة، وكان من الممكن ان يؤدي هذا إلى الانسجام والسعادة مع قيمومة الرجل التي ليست بمعنى التسلط والدكتاتورية وانما الانفتاح والمشاركة في كل شيء، فقط قيادة زمام الأسرة في الأمور التي تتطلب - شأنها شأن أي مؤسسة - قرار قائد عاقل وعادل.

نجد هذا النوع من الزوجات منتشرا بشدة بين أوساط المثقفات، الأمر الذي يجر عليهن وعلى أسرهن الوبال بسبب اختلال الميزان، فالتسلط مرفوض عقلا من أي طرف، الزوج أو الزوجة، وعندما يجد الزوج نفسه مع زوجة كهذه تتحكم في كل شئونه صغيرها وكبيرها وتعامله كالطفل وتحاسبه بقسوة وتعنفه ليل نهار وأمام الصغار والكبار، ولا يجد الصغار عندها الحنان، بل عند أبيهم الذي يلجأون إليه بل يواسونه في المحنة المشتركة بينهم، عندها يفتقد الزوج رجولته واحترامه، الأمر الذي يؤدي إلى اختلال علاقته العاطفية والزوجية تجاه زوجته، لأن الحب لا ينمو ولا يتنفس في أجواء القهر، ما يجعل المشكلة مركبة ويخلق المعاناة أيضا في نفس هذه الزوجة المتسلطة التي تجلس تندب حظها على زوج أمام الناس فقط، لا يشبع فيها حاجاتها وعواطفها ويزداد الأمر سوءا عندما يطفح الكيل بالزوج فيلجأ كنوع من اثبات الرجولة وثأرا لكرامته المجروحة - للخيانة أو الزواج الثاني، أو تلجأ هي نفسها - الزوجة المتسلطة - للخيانة بدعوى الحرمان العاطفي والجسدي. وفي كل الأحوال يعود الضرر على الأسرة والأطفال، فإما أن ينتهي الأمر بالطلاق أو إذا لم يمكن - وفي حال خيانة الزوج - الى نوع من الصفقات تعقدها هذه الزوجة المتسلطة مع الزوج، كأن تتركه - ولا خيار لها في ذلك - يعاشر من يشاء من النساء، شريطة أن تتسلط هي على كل الأمور والمقدرات وعلى ثروته إن كان غنيا، وتبقى تشد جرحها النازف، ولكن مع ذلك كله لا تنتبه هذه المسكينة إلى عيبها بل لا تدركه ويصبح فيها وفي دمها كالإدمان، تندب حظها التعيس ليل نهار، تعيش الانفصام في الشخصية، عذابا داخليا تغلفه بقسوة وتسلط خارجي.

وأخيرا، الاتزان مطلوب والزائد كما الناقص فلازوجة مقهورة ولا أخرى مدمرة.

عفاف الجمري

العدد 557 - الإثنين 15 مارس 2004م الموافق 23 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً