العدد 571 - الإثنين 29 مارس 2004م الموافق 07 صفر 1425هـ

هل ندفع أولادنا نحو الطلاق في المستقبل؟

تنهار الكثير من العائلات بالطلاق. ونسبة الطلاق في ازدياد ليس في البحرين فقط بل في الخليج والعالم. والأبناء هم من يعانون في النهاية. وهذه وقفة لدراسة أحد أسباب الطلاق لايجاد الحل وحماية العائلات المستقبلية.

أعتقد أننا يجب أن ننتبه إلى الطريقة التي نربي بها أولادنا، فنحن نربي البنت بطريقة تختلف كثيرا عن تربية الولد. وعندما يلتقيان في الزواج يكونان مثل الأغراب... شخصيتهما مختلفة، وأحلامهما وتوجهاتهما متباينة، فيحدث التصادم ومن ثم الطلاق.

فنحن نربي البنت على التحفظ الشديد، وأن تتغطى من قمة الرأس إلى أسفل القدم. وننصحها أن تخجل، وتستحي، وتتحفظ، ولا تتكلم، ولا تناقش، صوتها عورة، ووجودها عورة، أي نربيها على ان تكون ةَُُّّْمُّْ فتكون محبطة، منكسرة، لا رأي لها، ولا شخصية. نعلمها على أعمال المنزل والطبخ والتنظيف فقط. ولكن الحمدلله أننا أيضا نحثها على طلب العلم، واعتقد أن هذا هو شعاع الأمل في تربيتنا لها.

أما الولد فنربيه على الانطلاق، والحرية، نجلب له كل أساليب تمضية الوقت، ونعطيه المال لكي يذهب مع اصدقائه للاستمتاع، ولا نعلمه تحمل أية مسئولية، ندعوه إلى تجربة الحياة، والسفر والتعرف على الجميع، لتكوين الشخصية المنطلقة؛ فالرجل حامل عيبه في مجتمعنا على خلاف البنت، أي نربيه على أن يكون ٍُُّّّْمُّْ. في هذا الكثير من الايجابيات ولكن السلبية تأتي من أننا لا نعلمه تحمل المسئولية.

يلتقي الاثنان سواء تلقائيا أو من خلال الأهل ويحدث الزواج، لكن كلاهما لا يعلم عن الزواج الا القليل. الولد يرى أنه متعة واستمرار لحياة الدلال في بيت العائلة. والفتاة ترى أنه هروب من ضغوط الأهل، إلى جانب تحقيق الحلم بتكوين منزل وعائلة.

يأتي الأطفال وتأتي معهم المسئولية. وهنا يهرب الزوج لأنه لم يتصور أن يتحمل المسئولية مبكرا، إذ يرى اصدقاءه يلهون ويلعبون. وهذه الأسرة الجديدة تحمله المسئولية فهذا طفل مريض، وهذا يصرخ طوال الليل، ويجب توفير موازنة للأكل والسكن والكثير من الاحتياجات إلى العائلة. فأين الراحة؟

إلى جانب أن الزوجة لا تستطيع التكيف معه ومجاراته، ولا تذهب معه لمشاركته حياته خارج المنزل، لا تعزم اصدقاءه إلى البيت. فيحدث الانفصال بين ما يريد ويتمني، وبين ما تقدم له هذه الزوجة المنشغلة بابنائها وبيتها وربما بعملها.

الهروب إلى أين؟ ألف عين تراقبه، ألف يد تجذبه، فها هي تلك المرأة الاجنبية الفلبينية أو الغربية تغريه بالمتع، وهي خبيرة في ذلك، فقد تعلمت اعطاء المتع وجربته مع الكثيرين غيره في بلادها وربما في بلده، فيتجه إليها أولا بالحرام، ثم يجد أن عندها ما لم يجده من راحة مع زوجته، فيطلق الأولى ويتزوج الثانية. ومن يعاتبه؟ إنه يبحث عن الراحة في هذا العالم المملوء بالمشكلات. ولا يدرك أن الزواج من اجنبيات كالهروب من الرمضاء للنار، وانه ليس الحل، بل هو هروب من تحمل المسئولية. هناك ابناء قد ينشأون في بيئة غير بيئتهم على رغم وجودهم في بلدهم. هناك احتمال الانفصال والارتباط ببلد الأم الاجنبية. ومع التقدم في العمر يهاجر ابناء الاجنبية إلى بلد امهم وخصوصا اذا كانت غربية ويعيش الأب وحيدا.

هذا سيناريو يتكرر كل يوم، كل لحظة، ومازال الكثير من رجال البلد يتجهون إلى الاجنبيات ويرفضون بنات البلد. لماذا؟ اعتقد أن لهذا أسبابا كثيرة:

منها أن الاجنبية أرخص، وهو في هذه المرحلة لا يفكر في مصاريف السفرات السنوية لزيارة الأهل ومصاريف الهدايا لأهل الزوجة.

ومنها أن البنت لم تدرب كيف تعامل الزوج، وتربت فقط على أن تنظف وتطبخ وتربي الاولاد.

في اليابان هناك مدارس لتدريس الفتيات: ما هي الحياة الزوجية؟ طريقة معاملة الزوج بأن تكون له صديقا ورفيقا، ان تفهمه وتهتم باحتياجاته وتعطيه ما يريد، أن تعرف كيف تتعامل مع اصدقائه ومجتمعه.

في الوقت نفسه أن نعلم الولد معنى تكوين الأسرة، أنها ليست المتعة الجسدية فقط بل إن عليه مسئولية رعاية هذه الزوجة ومعاملتها كإنسان له مشاعر واحاسيس ومساعدتها في تربية الابناء وتحمل مسئوليتهم، ومسئولية المحافظة على هذه الأسرة.

إننا ندعو إلى تكوين مناهج أو دورات أو حتى مدارس لتعليم ابنائنا وبناتنا ماهية الحياة الزوجية وتكوين الأسرة ومتطلبات كل من الزوج والزوجة ناحية بعضهما.

وأن نعد البنت لتعرف كيف تتصرف في كل الظروف. فقد يكون من نصيبها شخص متدين يريد منها شخصية محافظة، ولكن قد يكون زوجها أكثر تفتحا وخصوصا بعد مشاهدة كل تلك الفضائيات. فيجب أن نعدها أيضا للتكيف حتى لا ترفض الحياة الجديدة أو يرفضها شريك حياتها، نعلمها طرق الاعتناء بالنفس والتجمل، العناية بالطفل والمنزل، وكيف تعامل أهل زوجها واصدقاءه وزواره، وكيفية التعامل مع الخادمة، وأن تضع لها حدودا ولا تترك لها مسئولية إدارة المنزل والعناية بالأطفال بالكامل.

كما يجب أن نتعلم من كل حال فشل زوجي وطلاق يحدث، ونسأل أنفسنا: لماذا حدث ذلك؟ ما الأسباب؟ وما الحل؟ ونضع المشكلة والحل في منهج متكامل نعلمه لأبنائنا، فليس من الضروري أن يأتينا الحل من الخارج، يجب أن نضع نحن الحلول التي تناسب شخصيتنا وديننا وعاداتنا.

وأن نستعد نحن أيضا للاستفادة من هذا المنهج من هذه الدراسة، حتى ولو كان الحل أن نغير بعض افكارنا وطريقة تربيتنا لابنائنا.

رئيسة اللجنة الوطنية لمكافحة الأمراض الوراثية - خبيرة في منظمة الصحة العالمية في الوراثة البشرية

العدد 571 - الإثنين 29 مارس 2004م الموافق 07 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً