العدد 761 - الثلثاء 05 أكتوبر 2004م الموافق 20 شعبان 1425هـ

على رغم انقضاء عقده الثالث الفلسطينيون يتذكرون انتصار رمضان كما لو كان البارحة

في العاشر من رمضان 3931هـ الموافق السادس من أكتوبر/تشرين الأول العام ،3791 بدأ الهجوم على الجبهتين المصرية والسورية في الوقت المحدد لساعة الصفر في حرب أكتوبر، وتمكنت القوات المصرية من اجتياز قناة السويس والسيطرة على خط بارليف الذي كانت «إسرائيل» تعتبره خطا دفاعيا أسطوريا يستحيل تجاوزه. ورافق حرب أكتوبر حظر نفطي فرضته الدول العربية المنتجة للنفط على الدول المساندة لـ «إسرائيل»، وكان لهذا الحظر نتائج مهمة وكبيرة انعكست على الوضع الاقتصادي العالمي في ما عرف بـ «أزمة الطاقة» في سبعينات القرن الماضي، وأظهر الحظر فعالية النفط العربي كسلاح في المواجهة مع «إسرائيل». وعلى رغم مرور أكثر من ثلاثين عاما على وقوع هذه الحرب فإن المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة المجاور لساحة حرب أكتوبر التي وقعت على ارض سيناء مازالوا يتذكرون هذه الحرب. سرد بعض هؤلاء لـ «الوسط» بعضا من ذكرياتهم عن تلك الحرب على رغم أن الكثير منهم لم يستطع تذكر الكثير من حوادث تلك الأيام لكبر سنهم. وعن ذلك تحدث العميد عبدالله فياض الذي شاهد الحرب وشارك فيها بصفته مسئولا عن تنظيم وإدارة القوات الفلسطينية التي شاركت في الحرب، قائلا: «إنها أيام عظيمة أعادت لنا ثقتنا بأنفسنا وبأمتنا». وأضاف إن القوات الفلسطينية كانت ضمن القوات الدفاعية في الحرب التي أظهرت خلالها القوات المصرية البراعة والقدرة القتالية لأنها كانت حريصة على تحقيق النصر وتحرير سيناء، فالشباب المصري كان عظيم الإرادة الأمر الذي حقق له أمنيته فنال الشهادة وحقق النصر لبلاده وحرر وطنه». وأشار إلى المجد المصري في تلك الأيام إذ تمكن الشاب والمقاتل المصري من اجتياز خط بارليف وتحطيم أسطورته التي طالما تحدثت عنها «إسرائيل» وعن قوته واستحالة تحطيمه غير أن ابن النيل حطم كل ذلك واجتاز القناة. من جانبه قال المزارع احمد رشاد من خان يونس إن «الحديث عن هذه الحرب يعني العودة إلى الوراء أكثر من ثلاثة عقود أي مرحلة القوة وعنفوان الشباب والعزة والكبرياء العربي عموما والمصري خصوصا الذي حطم أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر ولقد هزم شبابنا العربي والمصري الجيش الإسرائيلي وحطم أسطورته». وأضاف انه يذكر هذه الحرب كما لو كانت بالأمس قد وقعت، «إذ اشتعلت الحرب وسمعنا بها من الراديو وكان عددها وقت الحرب في قريتنا قليلة جدا لكن اذكر جيدا بعض المواقف التي صاحبت تلك الحرب والتي منها منعنا من الوصول إلى «إسرائيل» وفقد المواد الغذائية من السوق في قطاع غزة إذ عانينا وقتها من شح في هذه المواد على رغم أننا لم نتأثر بذلك لأن فرحتنا بالنصر وقتها أنستنا ذلك». «كنا نصبح ونمسي كل يوم بجوار الراديو إذ لم نكن نعرف التلفزيون بعد ولم نشاهده، لنسمع حجم خسائر «إسرائيل» التي حاولت وقتها إخفاء حجمها على رغم أننا كنا نشاهد هذه الخسائر على أرض الواقع فقد كان يمر قطار للاحتلال كل ليلة من وسط غزة نحو سيناء. يبدأ هذا القطار رحلته عشاء حين يذهب لسيناء محملا بالجنود والعتاد العسكري خصوصا الدبابات وناقلات الجند ويعود مع ساعات الفجر محملا بجثث اليهود وجرحاهم وآلياتهم المدمرة وهو ما يثلج صدورنا وقتها». وقال رشاد «حين سمعنا نبأ النصر وهزيمة «إسرائيل» خرجنا للشارع نرقص على زغاريد نسوتنا التي دوت في سماء جنوب غزة تعبيرا منهن ومنا عن فرحتنا على رغم أننا تمنينا وقتها أن يواصل الجيش المصري زحفه حتى تحرير جميع الأرض العربية من دنس اليهود الذين لا يعرفون سوى الخراب والفساد في أي ارض يدخلونها». أما ناجي أبو إسماعيل من منطقة عبسان الكبيرة فقد قال إنه يتذكر تلك الحرب كأنها وقعت البارحة على رغم أن عمره وقت حدوثها لم يكن يتجاوز الثمانية أعوام فهي مطبوعة في ذاكرته ولن ينسى هذا المجد العربي. وأضاف انه يذكر حين كان يجتمع أبناء قريته حول جهاز الراديو الكبير الحجم والوحيد في قريتهم لمتابعة خبر الحرب والنصر وانه حين سأل والده عن سبب تجمعهم رد عليه والده ان الحرب وقعت بين العرب و»إسرائيل» وان العرب انتصروا لأول مرة بعد نكسة جيوشهم العربية الكبيرة أمام جيش «إسرائيل» الوليدة وقت ذلك. «وحين شاهدت النسوة يطلقن الزغاريد خرجت لأرقص معهن من دون أن اعرف معنى كلمة النصر التي أدركت معانيها في وقت لاحق حين كبرت وتيقنت أهمية ومعنى هذا النصر، إذ عجت الشوارع بالمواطنين الذي خرجوا بعفوية للاحتفال والتعبير عن فرحة نصرهم». ولا يختلف رأي الحاج محمد عبدالله «أبوصالح» عضو مجلس قرية القرارة في القطاع عن أهمية النصر في أكتوبر المجيد الذي خلد العربي والمصري وطهر أرض مسلمة عربية من دنس اليهود سيما وأنها جاءت بعد فترة من اليأس والإحباط بعد هزيمة ونكسة .7691 «وقت الحرب اقتحم الجيش المصري قناة السويس حاملا شارات النصر وسط التهليل والتكبير مدمرا خط بارليف المجهز بأحدث التحصينات الدفاعية والعسكرية معبرا عن إرادة كل عربي ونحن في قطاع غزة المجاور لسيناء المحررة كانت فرحتنا كبيرة وعظيمة وراقبنا الحرب بأعيننا إذ كنا نشاهد الطائرات الإسرائيلية المحاربة تمر من سماء غزة متجهة نحو سيناء حيث ساحة المعركة وتعود من هناك ناقصة العدد ما يؤشر على إسقاط جيوشنا لها. حينها نعد الطائرات التي ذهبت للحرب والتي عادت فنعرف كم طائرة اسقط المصريون وبعد ذلك نستمع لإذاعة مصر فتقول إن القوات المصرية أسقطت عددا من الطائرات يبلغ كذا فيكون الرقم الذي ذكرته الإذاعة المصرية هو الرقم نفسه الذي قالته بعد عد الطائرات الإسرائيلية في الذهاب والإياب، وعلى رغم ذلك كانت «إسرائيل» تخفي خسارتها وتقلل هذا العدد». وأضاف ان «»إسرائيل» وقت الحرب فرضت علينا حصارا شاملا وشديدا ومنع عنا التموين من دقيق ومستلزمات الحياة وفرض علينا منع التجوال ولكن إرادتنا وفرحة النصر كسرت كل هذه القيود وخرجنا للشوارع بالزغاريد لنعبر عن ابتهاجنا خصوصا حين كنا نشاهد الدبابات والآليات وناقلات الجند العسكرية الإسرائيلية محمولة على القاطرات في طريقها لساحة الحرب وبعد أيام تعود مدمرة وهي مغطاة بالشوادر والستائر الأمر الذي كان يرفع من معنوياتنا». وأضاف الحاج محمد أنهم كانوا يتابعون أخبار الحرب لحظة بلحظة خلال اجتماعاتهم في الطرقات والحواري وتداول الأخبار والتسابق من ينشر الخبر الأحدث بين المواطنين متأملين أن يستمر زحف الجيش المصري حتى تحرير كل فلسطين لكن هذا لم يتحقق واستمر سلب «إسرائيل» لفلسطين. وختم حديثه بالقول «ليت تلك الأيام تعود إذ المجد والعظمة العربية التي أبت إلا أن تحرر بعض التراب العربي من الاحتلال والدنس الإسرائيلي، أما اليوم فالعرب نيام لا يسمعون النداء وحتى أنهم نسوا فلسطين». من جانبه اعتبر الحاج إبراهيم عطية حماد من مخيم جباليا شمال غزة أن حرب أكتوبر كانت مفصلا مهما في تاريخ الشعوب العربية خصوصا الشعب الفلسطيني، إذ أثبتت بما لا يقبل الشك أن الأمة العربية مازالت حية، وأنها قادرة على الصمود وتحقيق الانتصارات. وقال إن «الشعوب العربية أثبتت تلاحمها في هذه الحرب التي تمكن فيها الجندي العربي من تغيير موازين القوى، واثبات وجوده على الخريطة العسكرية الإقليمية والدولية، بعد أن تمكن من اختراق أخطر حاجز عسكري عرفه التاريخ وهو خط بارليف». وأضاف ان الشعب الفلسطيني منذ اللحظة الأولى للحرب شارك فعليا ووجدانيا ومعنويا فيها، سواء عبر المشاركة الفعلية للكثير من الفرق العسكرية الفلسطينية على ساحات القتال سواء في سورية أو مصر، أو من خلال المشاركة المعنوية والوجدانية من خلال متابعة ما يصدر عن الإذاعتين المصرية والسورية، والتضرع إلى الله بهزيمة جيش الاحتلال الإسرائيلي. وأوضح أنه منذ بدء الحرب كان الموقف الفلسطيني قلبا وقالبا مع الالتحام مع الأمة العربية، مشيرا إلى أن النصر الذي تمكن الجندي العربي من تحقيقه أثلج صدور الفلسطينيين، ورفع روحهم المعنوية. وبين أن الكثير من العائلات كانت تتحلق حول أجهزة الراديو التلفزيون لمتابعة مستجدات وتطورات الحرب آنذاك، لرغبة الشعب الفلسطيني في إحداث تغيير في موازين القوى. أما نافذ عزام أحد قادة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين فقال «نحن لا ننكر أن حرب أكتوبر حققت أهم انتصار جزئي في مواجهة العرب مع «إسرائيل» وكانت واضحة فيها روح المقاومة والجهاد لدى الجنود المصريين والسوريين والتي كانت روح الأمة كلها معهم». وأضاف «المؤسف أن الخطوات السياسية بعد ذلك لم تستثمر أبدا ذلك الانتصار الجزئي والمهم بل أحبطت روح الناس وبدا للكثيرين أن المفاوضات التي أعقبت حرب 37 قادت ما عرف باتفاق كامب ديفيد الأولى وتوقيع مصر للصلح المنفرد مع «إسرائيل» وما أعقبه من تصدعات بين الحكومات العربية». وقال «ما نؤكده مرة أخرى أن حرب رمضان كانت مطلبا شعبيا وحققت أهم انتصار جزئي للعرب في صراعهم مع «إسرائيل» وكان من الممكن أن تكون النتائج السياسية أكبر بكثير»

العدد 761 - الثلثاء 05 أكتوبر 2004م الموافق 20 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً