العدد 761 - الثلثاء 05 أكتوبر 2004م الموافق 20 شعبان 1425هـ

دور النفط في حرب رمضان

قبالة حرب 3791 كانت دول الخليج تدخل في مفاوضات تجارية بينها وبين الشركات المتعاملة لإعادة النظر في اتفاق طهران الذي أبرم في العام 1791 ويقضي بزيادة أسعار النفط نحو 53 سنتا كما تقررت زيادة سنوية قدرها 5 سنتات للبرميل و5,2 سنت لمواجهة التضخم النقدي وانخفاض الدولار. وعلى رغم أن هذه المفاوضات كانت في إطار العلاقات التجارية القائمة بين الدول والشركات، فإن الرئيس الأميركي نيكسون كسينجر لم يتردد في تحذير القادة العرب بصورة علنية في مؤتمر صحافي عقد في 5 سبتمبر/أيلول 3791 مخيرا إياهم بأنهم سيخسرون أسواقهم إذا استمروا في المطالبة بزيادة الأسعار. فقررت «أوبك» أن تترك لأعضائها حرية التفاوض بشكل جماعي لرفع الأسعار. وتحدد لبدء المفاوضات بين المجموعة والشركات يوم 8 أكتوبر، وكانت المعارك سبقت هذا الموعد، فأظهرت المفاوضات وما تلاها من تغير في سوق النفط العالمية مدى الارتباط بين أسعار النفط وبين استحواذ على عناصر القوة السياسية. فبلغ سعر برميل النفط 52,3 دولارات، ومع توالي الأخبار عن تفوق العرب في المعارك زادت عزيمة المفاوضين فرفضوا مقترحات الشركات، وأدركت الأخيرة حقيقة ما يجري على ساحة القتال فعادت لتعرض رفع الأسعار بنسبة 51 في المئة ليصل السعر إلى 64,3 دولارات إلا أن الدول الأعضاء رفضت الاقتراح وطالبت بأن تكون الزيادة 001 في المئة. عندئذ بدأ مفاوضو الشركات يتشاورون مع رؤساء مجالس إدارتهم فجاء الرد أن الشركات لا تستطيع الذهاب أبعد من ذلك من دون الرجوع إلى حكوماتها، وجاءت نتيجة التشاور مع الحكومات بالسلب. وفي يوم 61 أكتوبر من العام ذاته شهدت الكويت أخطر القرارات التي نقلت السيادة كاملة على صناعة النفط إلى أصحابها الشرعيين، إذ استضافت وزراء نفط الخليج في الأوبك، بالإضافة إلى إيران، وتقرر من جانب واحد ولأول مرة في تاريخ صناعة النفط زيادة سعر النفط بنسبة 07 في المئة وبذلك ارتفع السعر من 3 دولارات إلى 21,5 دولارات، وفي اليوم التالي بدأ الحظر النفطي العربي واستمر لمدة 5 أشهر متتالية. وكانت هي الشهور المجيدة في تاريخ صناعة النفط من وجهة نظر الدول المنتجة. ففي هذه الأشهر استطاعت دول الأوبك أن تحقق ما لم تستطع تحقيقه على مدى 31 عاما أي منذ تأسيس المنظمة في يناير/ كانون الثاني في العام 1691 في بغداد، إذ شهدت ارتفاع أسعار النفط بمقدار 4 أضعاف بعد أن كانت الدول المنتجة تبذل غاية جهدها لكي تحصل على عدة سنتات. كما أن هيكل صناعة النفط العالمية انقلب رأسا على عقب بحيث أتاح للدول المنتجة أن يكون لها صوت أعلى في تقرير مصير صناعة النفط العالمية. فسعر برميل النفط من نوع العربي الخفيف لم يكن يتجاوز في العام 3791 نحو ثلاثة دولارات وكانت كل التوقعات ترجح استمرار هذا السعر لمدة السنوات المقبلة. وما لم يكن في حسبان أي من شركات النفط أو المسئولين في العالم الغربي أن العرب قادرون بالفعل على شن حرب ضد «إسرائيل». وبعد العبور وعلى رغم بعض القلق من احتمال بعض التعثر في الإمدادات إلا أنه لم يكن قلقا مبالغا فيه مع اعتياد المستهلكين على إغلاق قناة السويس لمدة تزيد على 6 أعوام. بل إن الشركات والمستهلكين كانوا في الواقع كيفوا أوضاعهم منذ أزمة قناة السويس في العام 6591 على سلوك طريق آخر غير القناة. علاوة على ذلك فإن تطوير حقول النفط في ليبيا والجزائر في الستينات ومطلع السبعينات وفرت مصدرا آمنا للإمدادات لا يحتاج لقناة السويس لكي يصل إلى غايته النهائية في أوروبا وأميركا. ونتيجة للأوضاع التي سادت في المنطقة قبل حرب أكتوبر لم يكن أي من المسئولين في الدول المستهلكة الرئيسية وخصوصا أميركا يعير سمعا لأي نصح مخلص بشأن ضرورة الضغط على «إسرائيل» لكي تقوم بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة الداعية لانسحابها من الأراضي التي احتلتها في يونيو/حزيران 7691 ويبدو من بعض الشهادات المتوافرة أن بعض البلدان العربية المنتجة الرئيسية حاولت فعلا قبل حرب أكتوبر أن تلفت نظر الإدارة الأميركية إلى التدخل وإلا ستكون العواقب غير محمودة. فقد ذكر وزير النفط السعودي السابق أحمد زكي يماني أنه كلف من قبل الملك فيصل في ابريل/نيسان من العام 3791 بحمل رسالة لواشنطن يذكر فيها أنه إذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه في الشرق الأوسط فقد لا يكون بمقدور السعودية أن تستمر في اتباع السياسة النفطية نفسها. ولكن كانت النتيجة العملية أن أميركا لم تقم بأي تحرك بناء على هذه النصيحة. بعد نتيجة الحظر في 71 أكتوبر، وعندما طلبت الشركات عقد جلسة في فيينا نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 3791 مع الدول المصدرة للنفط، أصرت الأوبك على ألا تكون الجلسة بأية حال جلسة مفاوضات وأنه مهما يكن هيكل الأسعار في المستقبل فإنه سيتحدد بقرارات منفردة من المنظمة. وتأكيدا لهذا الموقف اجتمع وزراء نفط الخليج في طهران يومي 22 و32 ديسمبر/كانون الأول، إذ تقرر رفع سعر البرميل إلى 56,11 دولارا للبرميل أي بزيادة 031 في المئة، فاستطاعت دول الخليج أن ترفع نسبة مشاركتها في إنتاج النفط الخام إلى 06 في المئة وتلت ذلك سلسلة من القرارات والإجراءات التي طرقتها بالتملك الكامل لكل المنشآت النفطية القائمة على الدول النفطية. وارتفعت بذلك إيرادات تصدير النفط في الدول العربية المصدرة للنفط من نحو 41 مليار دولار في 27 إلى نحو 57 مليارا في العام ،4791 ثم بدأت في التصاعد. وفي 81 مارس/آذار ،4791 أعلنت معظم الدول العربية في المؤتمر المنعقد في فينا أنها قررت رفع الحظر النفطي على صادراتها منه إلى الولايات المتحدة، فيما رفضت كل من ليبيا وسورية الموافقة على هذا القرار. في الوقت نفسه ناشد النظام السعودي الدول العربية برفع الإنتاج فورا وبمقدار مليون برميل يوميا. إلى ذلك كشف أخيرا عن وثائق سرية أميركية تابعة لوزارة الخارجية من سنتي 3791 و4791 عن قرار السعودية برفع حظر النفط عن أميركا، إذ أوضحت الوثائق أن قرار السعودية برفع الحظر عن أميركا كانت له صلة وثيقة بضغط «إسرائيل» على أميركا للوصول إلى اتفاقات فك الاشتباك مع مصر وسورية. ويضاف إلى قائمة الأسباب التي أدت إلى إضعاف الحظر في الحرب، خرق بعض هذه الدول للاتفاق ومنها ليبيا والعراق. كما أن معاهدة السلام المصرية مع «إسرائيل» أدت إلى تآكل الإنجازات في المجال النفطي

العدد 761 - الثلثاء 05 أكتوبر 2004م الموافق 20 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً