العدد 960 - الجمعة 22 أبريل 2005م الموافق 13 ربيع الاول 1426هـ

الكبار يزعزعون الثقة في الاقتصادات الأوروبية

بعد أن طالبت المفوضية الأوروبية إيطاليا بخفض معدلات الإنفاق

عكست تحذيرات المفوضية الأوروبية لروما من التداعيات السلبية لارتفاع معدل العجز في الموازنة الإيطالية المخاوف المتصاعدة في أوساط المؤسسات السياسية والاقتصادية الأوروبية من استمرار انتهاكات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لاتفاق النمو والاستقرار الأوروبي والذي يشترط عدم تجاوز معدل العجز في الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي عن ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتطالب المفوضية الأوروبية حكومة رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برليسكوني بخفض معدلات الإنفاق أو زيادة معدلات الضرائب الحالية لكبح ارتفاع معدل العجز في الموازنة عن المستوى الذي يشترطه اتفاق النمو والاستقرار.

وأوضح مفوض الشئون النقدية الأوروبية خواكين المونيا أنه سيطالب دول الاتحاد الأوروبي بالضغط على ايطاليا لتقليل معدلات الإقراض والعمل على خفض معدل العجز في الموازنة، موضحا أن إيطاليا تعد ثاني أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي من حيث الديون.

ويعد سيلفيو برليسكوني أول زعيم أوروبي يتعهد بخفض الضرائب وزيادة معدل الانفاق الحكومي ولاسيما بعد قرار المفوضية الأوروبية تخفيف عدد من البنود الصارمة لاتفاق النمو والاستقرار لتدعيم معدل النمو الاقتصادي المتدني وزيادة ثقة المستهلكين والإنفاق الاستهلاكي وتوفير المزيد من الوظائف.

وتتوقع الحكومة الإيطالية - التي نجحت في إبقاء معدل العجز في الموازنة عند المستوى الذي يشترطه اتفاق النمو والاستقرار خلال الفترة من 1997 حتى 2004 - ارتفاع معدل العجز في الموازنة لأول مرة العام 2005 ليصل إلى 3,6 في المئة و4,6 في المئة العام 2006 حال فشلها في زيادة معدل الادخار.

وتبدي المفوضية الأوروبية قلقا من متزايدا من ارتفاع معدلات العجز في الموازنة في عدد كبير من دول اليورو الكبرى مثل ألمانيا - أكبر اقتصاد في منطقة اليورو - وفرنسا واليونان والبرتغال وايطاليا، مطالبة تلك الدول باتخاذ إجراءات تقشفية لكبح جماح العجز المتزايد في الموازنة.

ويرى محللون أوروبيون أن المتاعب الاقتصادية التي تواجهها منطقة اليورو والتي يأتي في مقدمتها تدني معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض معدلات الإنفاق الاستهلاكي والثقة في بيئة الاستثمار الأوروبية واليورو القوي وارتفاع معدل البطالة تزيد من الضغوط على البنك المركزي الأوروبي من أجل التدخل لتدعيم الأداء الاقتصادي ومعدلات الطلب في الأسواق الأوروبية.

وأشاروا إلى أن البنك المركزي الأوروبي ابدى قلقا متزايدا من تدني معدلات الثقة في بيئة الاستثمار والمستثمرين الأوروبيين ومعدلات البطالة المتزايدة في دول منطقة اليورو الكبرى وخصوصا ألمانيا وفرنسا إضافة إلى تراجع مؤشر النمو الصناعي.

وأوضح المحلل الاقتصادي رالف اتكنز أن المؤشرات الحالية تعطي الانطباع بأن منطقة اليورو لن تتجاوز التباطؤ الاقتصادي الحالي الذي حدث في النصف الثاني من العام الماضي، مشيرا إلى أن مسئولي البنك المركزي الأوروبي قرروا الإبقاء على معدل الفائدة عند مستواها الحالي لزيادة معدل ثقة المستثمرين والمستهلكين الأوروبيين.

ويرى نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي لوكاس باباديموس أن الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو لن يشهد نموا ملحوظا العام ،2005 ونتيجة ذلك توقع المحلل الاقتصادي كيفين موريسون إحجام البنك المركزي عن زيادة معدل الفائدة على رغم محاولاته الرامية إلى تهيئة الأسواق للتعاطي مع احتمالات رفع الفائدة التي بدأها منذ يونيو/ حزيران .2003

وقال باباديموس: "إن ارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية والمخاوف وراء ارتفاع معدل البطالة والنمو المتدني وزيادة معدل اليورو في مواجهة الدولار ستساهم بشكل رئيسي في قرار الإبقاء على الفائدة عند معدلاتها الحالية، وقد انعكست مؤشرات النمو المتدنية في ألمانيا وفرنسا وايطاليا سلبا على بيئة الاستثمار الأوروبي في مارس/ آذار الماضي للشهر الثالث على التوالي".

وأشار المؤشر الشهري الذي تصدره المفوضية الأوروبية إلى أن معدل الثقة في بيئة الاستثمار الأوروبية جاء متدنيا نتيجة أسعار النفط المرتفعة واليورو القوي الذي يكبد الصادرات الأوروبية خسائر فادحة بسبب فقدان الميزة التنافسية في الأسواق الدولية.

وقلص البنك المركزي الاوروبي توقعاته بشأن معدل النمو العام الجاري من 2,3 في المئة الى 1,6 في المئة، وتشير الإحصاءات إلى أن معدل التضخم المتوقع في العام الجاري سيصل إلى 2,1 في المئة وهو ما أثار المخاوف من عودة شبح الركود الذي ضرب الاقتصادات الأوروبية في السبعينات من القرن الماضي.

وتتوقع مؤسسات اقتصادية أوروبية استمرار التحديات الاقتصادية في منطقة اليورو العام الجاري بسبب المتاعب التي تواجهها القوى الاقتصادية الكبرى.

وأوضحت مؤسسة "يوروفرام" الاقتصادية أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو العام الجاري ستصل إلى 1,5 في المئة، وتوقعت المؤسسة أن يتواصل الأداء السيئ للاقتصادات الأوروبية حال استمرار تخطي اليورو حاجز 1,30 للدولار نظرا إلى التراجع الملحوظ للصادرات الأوروبية والبطالة المتوقعة في تلك الحال.

وأشارت مؤسسة "يوروفرام" إلى أن التراجع الحالي في بيئة الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي أدي إلى تلاشي الآمال بتحقيق نمو اقتصادي ملحوظ في منطقة اليورو العام الجاري في الوقت الذي تتوقع فيه المؤسسات الأميركية تحقيق نمو يصل إلى 3,7 في المئة العام 2005 مقابل 4,4 في المئة العام الماضي.

من ناحية أخرى دفعت معدلات النمو المتدنية في منطقة اليورو البنك المركزي الأوروبي إلى بيع 47 طنا من الاحتياطي الذهبي في الأسواق الدولية.

وجاءت الخطوة في اعقاب إعلان صندوق النقد الدولي عن وجود خطط لبيع جزء من احتياطاته الذهبية لتمويل عملية تخفيف أعباء الديون عن كاهل الدول النامية.

وعلى رغم إحجام البنك المركزي الأوروبي عن الإعلان عن الأسباب الكامنة وراء البيع أوضح محللون اقتصاديون أوروبيون أن عملية البيع تستهدف تدعيم السياسات للبنك المركزي الأوروبي.

وتوضح الإحصاءات أن معدل البطالة في الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي انخفض من 9,1 في المئة في يناير / كانون الثاني في العام 2003 إلى 8,8 في الفترة نفسها من العام 2005 على رغم المشكلات التي تواجهها السوق الأوروبية وفي مقدمتها ضعف الإنفاق الاستهلاكي وارتفاع قيمة اليورو وامتناع عدد من الشركات الكبرى عن توفير المزيد من الوظائف بسبب التشريعات العمالية الصارمة وتراجع أرباحها. وتعاني أسواق دول غرب أوروبا من هروب الوظائف إلى أسواق دول شرق ووسط أوروبا التي انضمت في مايو/ أيار الماضي إلى الاتحاد بسبب الايدي العاملة الرخيصة والمدربة والسوق الواسعة ومعدلات الضرائب المنخفضة مقارنة بمعدلات الضرائب العالية في غرب أوروبا.

ويرى محللون أوروبيون أن دول غرب أوروبا مازالت تتأرجح بين إجراءات الحماية القديمة ورغبتها في الاندماج في السوق الأوروبية الموحدة في الوقت الذي قطعت فيه دول وسط وشرق أوروبا خطوات واسعة لتحرير اقتصاداتها.

وأوضحت المحللة دونا باروك أن الكثير من إجراءات الحماية التي تستهدف الحفاظ على الوظائف في أسواقها والمزايا الممنوحة للعاملين حدت من القدرة التنافسية للاقتصادات الأوروبية.

وأثار ارتفاع معدل البطالة في فرنسا - ثاني أكبر دولة في منطقة اليورو بعد ألمانيا - تكهنات متصاعدة بشأن إخفاق الاتحاد الأوروبي في بناء القوة الاقتصادية الموحدة التي يمكنها قيادة الاقتصاد العالمي ومنافسة الولايات المتحدة اقتصاديا.

ويمثل ارتفاع معدل البطالة إلى 10 في المئة ضربة قوية لصدقية الحكومة الفرنسية في أعقاب استقالة وزير المالية هيرفيه دايمارد.

ويرى محللون اقتصاديون أوروبيون أن الزيادة المفاجئة لمعدل البطالة تلقي ظلالا من الشك في تعهدات رئيس الوزراء الفرنسي بخفض معدل البطالة الى تسعة في المئة في نهاية العام الجاري، وتخشى الحكومة الفرنسية من تزايد معدلات الغضب الشعبي في أعقاب إخفاقها في تبني إجراءات محددة لإصلاح ظروف العمل وخفض عدد الساعات إلى 35 ساعة عمل أسبوعيا وتدعيم برنامج الخصخصة إضافة إلى قانون التعليم المثير للجدل.

وأوضح المحلل الاقتصادي مارتن ارنولد أن ارتفاع معدل البطالة عزز المخاوف من تدني معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في فرنسا وضعف الأداء الاقتصادي العام الجاري والذي يرتكز على الإنفاق الاستهلاكي القوي، وأضاف أن النمو الفرنسي المتدني سينعكس سلبا على معدل النمو المتوقع في منطقة اليورو والتي تعاني من قوة اليورو أمام العملات الرئيسية الأخرى وهو ما يحرم الصادرات الأوروبية من الميزات التنافسية في السوق الأوروبية

العدد 960 - الجمعة 22 أبريل 2005م الموافق 13 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً