العدد 1159 - الإثنين 07 نوفمبر 2005م الموافق 05 شوال 1426هـ

رجال أعمال بحرينيون يشخصون معضلة القطاع الخاص ويطالبون الحكومـة بإيقاف سياسة «التهميش»

في ندوة استضافتها «الوسط»

المتحاورون في ندوة الوسط يطالبون بإيقاف التهميش في القطاع الخاص
المتحاورون في ندوة الوسط يطالبون بإيقاف التهميش في القطاع الخاص

ادار الندوة- منصور الجمري، أعدها للنشر: سعيد محمد وجميل المحاري 

07 نوفمبر 2005

ما هي وجهة نظر أصاحب الاعمال والتنفيذيين البحرينيين في كل ما يجري من حولهم وبعد ان اتجهت الانظار اليهم بصفتهم النافذة الاستراتيجية للاصلاح الاقتصادي المستقبلي؟ وهل صحيح ان أصحاب الاعمال والتجار والبحرينيين لايهمه سوى الارباح وانهم لذلك يضحون بالمواطن لصالح الاجنبي؟ وهل تعترف بهم الحكومة كشريك في صناعة القرار؟ ولماذا يصمت القطاع الخاص في الوقت الذي يزداد فيه الجديث عن أهمية دورهم في اصلاح سوق العمل وفي الاصلاح الاقتصادي؟

أسئلة عديدة حملتها «الوسط» الى عدد من قيادات القطاع الخاص بهدف الاطلاع على ما يدور في أوساطهم ونقل وجهات نظرهم الى الرأي العام البحريني.

شارك في الندوة كل من عصام فخرو (غرفة تجارة وصناعة البحرين)، محمد صلاح الدين (جمعية رجال الاعمال)، جواد حبيب (مجلس البحرين الوطني للتنافسية)، جهاد بوكمال (نائب برلماني وعضو غرفة التجارة)، خالد عبد الله جناحي (نائب رئيس مجلس الاعمال العربي)، علاء اليوسف (رئيس الاقتصاديين في بيت التمويل الخليجي)، جاسم حسين (رئيس وحدة البحوث الاقتصادية في جامعة البحرين).

في هذه الندوة يشخص عدد من رجال الأعمال والمتخصصين معضلة القطاع الخاص في البحرين، ويلقون الضوء على جوانب مهمة بدءاً بالعلاقة بين هذا القطاع والدولة، مروراً بالتطور المرحلي والتاريخي الذي شهده هذا القطاع بكل ما في المرحلة من متغيرات وتداعيات، انتهاءً بما يمكن أن نسميه «الخلاصة الموجزة» الا وهي: إتفاق تام على عدم قبول المزيد من التهميش للقطاع الخاص، وأن تعيد الحكومة حساباتها في التعامل مع هذا القطاع بناءً على مؤشرات وبيانات ومعطيات هي أولاً وأخيراً تتصل بقدرة الدول اليوم على تلبية متطلبات التنمية.

في مستهل الندوة، رحب رئيس التحرير بالحضور مشيراً اليان فكرة عقد الندوة جاءت في وقت مهم في البحرين لأنها تشهد ندوة موازية لـ «منتدى المستقبل» الذي انطلق كمبادرة من مجموعة الدول الثماني تستهدف اشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص في إقامة الحكم الصالح المؤسس على الديموقراطية وحقوق الانسان واقتصاد السوق.

منتدى المستقبل، حسب ما يشير الجمري، دشن اسلوباً جديداً في منهج التعامل الدبلوماسي بدا واضحاً في دعوته الى الإستماع لمؤسسات المجتمع المدني وللقطاع الخاص قبل الإستماع الى المسئولين.

ويضيف الجمري في تقديمه للندوة :يجري تفعيل هذه الدعوة في منطقة الشرق الاوسط، لكن هناك أصوات تقول أن هذا التفعيل تجميلي وبعض آخر يقول إن هذا المشروع أصبح ساريا ولا بد للمجتمع المدني والقطاع الخاص الاستفادة منه وطرح الأجندة التي تتناسب مع تطلعات مشتركة بين الجميع.

في هذه الندوة، نهدف الى الإستماع لما يقوله رجال الأعمال حول القطاع الخاص في بلادنا.


أين رؤية الغرفة؟

ونبدأ بالسؤال الأول: كيف يعمل ويتحرك القطاع الخاص في البحرين؟ وهل صحيح أن هذا القطاع يواجه معوقات من جانب الحكومة؟ أين رؤية غرفة تجارة وصناعة البحرين؟

عصام فخرو : بادىء ذي بدء، أتوجه بالشكر الجزيل الى صحيفة «الوسط» لتنظيم هذا المنتدى، ولدي تعقيب على كلام مدير الندوة حول استضافة المؤتمرات والمنتديات المهمة في البحرين، وكعضو في الغرفة، الاحظ عدم وجود رؤية لها - أي للغرفة - حول «مجلس الأعمال العربي»، بل إن الاتصال مع المجلس محدود للغاية، وهو ما لا نوده.

لقد قدمت التهنئة للأخ جواد حبيب لترؤسه مجلس التنافسية وطلبت استضافته في الغرفة لإلقاء الضوء على أهداف المجلس...

واحدة من العيوب التي نعاني منها هي انعدام التواصل والاتصال، فقد حضرت احد المنتديات في مراكش مع الأخ خالد جناحي وأقول: هم في عالم ونحن في عالم آخر!! خاصةً وإننا نتحدث عن «مجلس الأعمال العربي» المنبثق عن المنتدى الإقتصادي العالمي (منتدى دافوس) والذي يكون اتصاله بالمجتمع الإقتصادي ايضا ونفخر أن يكون الأخ خالد جناحي هو نائب رئيس مجلس الأعمال العربي، وأأمل ان يكون هناك توجه للمستقبل لكي نتفاعل ونتفاهم.

الكل ينادي بتفعيل دور القطاع الخاص وهذا أمر حتمي، في ظل ارتفاع الوعي والتنافس، وأود أن أقول أنه لو يتم عقد نوع من المقارنة بين الشركات في العالم الصناعي الغربي وبين شركات في القطاع الخاص البحريني، ستجد تميزاً في الإدارة لدينا. وحين تقيم الوضع لقطاع يديره قطاع حكومي مملوك للدولة ثم تحول الى القطاع الخاص، ستجد فرقاً شاسعاً بين ادارة القطاع الخاص والقطاع العام لذلك المشروع.

هناك عوامل أساسية في إدارة القطاع العام لأي مشروع لاسيما في الدول النامية يعتمد بالدرجة الأولى على موازنة الدولة، فباستثناء الطفرة النفطية هذه الأيام عبر ارتفاع أسعار النفط - وهو أمر مؤقت وسيزول - فإن متطلبات تحقيق معدلات نمو، كما يدعو إليها سمو ولي العهد الذي يأمل في تحقيق بالمئة، تعتمد على مؤشرات، ليست متعلقة بالعجز في الموازنة، ولكن التدفقات تحتاج الى مؤشرات تستدعي المسئولين في أي حكومة للنظر الى القطاع الخاص بكافة شئونه وشجونه.


المحاكم كحجر عثرة

ويواصل فخرو: لقد كنا متحمسين لمبادرة سمو ولي العهد للإصلاح الاقتصادي وإصلاح سوق العمل وبرامج التدريب والتأهيل وهي من الأمور التي نعاني منها بشكل مستمر.

وكعضو في الغرفة، ألاحظ أن وتيرة الإصلاح الإقتصادي من قطاع الى قطاع مختلفة، ولكي نحقق ما نسمو إليه من خلال وزارة الصناعة والتجارة وإزالة العوائق لابد من الإعتراف بوجود عوائق كثيرة وواحدة من الوصمات التي نعاني منها هي المحاكم... المحكمة المتخصصة تجارياً وتلك المتخصصة في القضايا العمالية... بل ولا يبدو أن هناك نية لتصحيح أوضاع تلك المحاكم.

حين نقول إننا في البحرين نفخر باقتصادنا المنفتح، نقول في الوقت ذاته إن هناك بعض المعوقات، فعلى سبيل المثال، لا تزال الوفود الأجنبية تواجه صعوبات كبيرة في دخول البلاد... حتى بعد زيارة جلالة الملك الى ايران اردنا إزالة العوائق لكنها تبقى ولا تزال هنا عوائق كثيرة!!


تغيير الأنماط الخاطئة

محمد صلاح الدين: أنا امثل جمعية رجال الاعمال البحرينية، لكن في هذه الندوة سأطرح وجهة نظري في شأن عدة امور نعاصرها يومياً في مجال عملنا، ولكنها وجهة نظري الخاصة... وأقول إن المشكلة الرئيسية التي نواجهها هي «انعدام الإلتزام». خذ أي مؤتمر من المؤتمرات التي تعقد بدءاً من مؤتمرات القمة نزولاً الى غيرها من المؤتمرات وانظر الى كم قرار تم تنفيذه؟ لا يتم تنفيذ القرارات!! صحيح أنها حبر على ورق لكنها لا تنفذ!!

الجمري: هل تتوقع أن هذا الكلام سينطبق على قرارات «منتدى المستقبل» أيضاً؟

محمد صلاح الدين: كل المحاور التي طرحت هي في الحقيقة مطروحة من قبل. حتى تشكيل «مجلس الأعمال العربي»، والمطلوب هو تغيير الأنماط الخاطئة بالإستعانة بعدة أدوات ومن بينها الإعلام. خذ على سبيل المثال ما قدمت إحدى الفضائيات العربية المتخصصة في مجال العقارات. لقد عملت على أساس تغيير الأفكار في المنطقة، ومع ذلك لابد من القول إن هناك مشكلة في تقبل وجهات النظر... مثلاً: حين تختلف معي فإنك عدوي... وهذا السلوك موجود لدينا في البحرين... حين تقف في جانب السياحة فأنا معك، وحين تقف ضدها فأنا ضدك!!

من النقاط التي أحب التركيز عليها هي السلوكيات الخاطئة لأنها لا تعلم في المدارس!! وسلوكيات التعامل مع الآخرين على كافة المستويات في المجتمع مهمة.

نريد طرح قواعد... المشاكل هذه كلها لا تحل من خلال لقاء صحافي ثم تنتهي ونستطيع أن نطبقها كأفراد بل كحكومة وبرلمان وأنت كفرد لا تستطيع.


إنتاجية متدنية

يواصل صلاح الدين: ثم لنتحدث عن الإنتاجية... اذا استمرينا في الوضع الذي نحن فيه لن نستطيع منافسة من ينافسنا في العالم... نحن كبؤرة صغيرة حولنا من يستطيع مساندة التصنيع لديهم، أما نحن فنريد دعم القدرة الابتكارية إذ انه ليست هناك أية حوافز ولا اتجاه ولا أي هدف!!

وحتى على مستوى عامة الأفكار، فلم أجد أحدا طرح موضوع «يوم الشجرة» ودعا الى تشجير البحرين!! ولا توجد خطوات إعلامية لتنفيذ أي عمل في مصلحة المجتمع ورقي المجتمع... يرقى المجتمع بالإعلام وانت تلاحظ أن تلفزيون البحرين ضعيف المستوى، فليس التعديل يكمن في صرف ملايين الدنانير لتصميم «ستوديو»... لا يتطور الإعلام هكذا.

لا نستطيع العيش في مستوى متقدم إلا اذا نظرنا الى الإمور المعلقة والتوجه نحو إزالة المفاهيم الخاطئة التي يجب أن تزول!! ثم لا يمكن القول أنه اذا كان لديك المال فلا يجب أن يهمك الغير؟! وليس صحيحاً أن تغلق بابك وتبني عمارات فيها مكاتب وشركات وتتصور أن شركاتك ستملأها!! لابد أن تتخذ خطوات وترفعها للمسئولين سواء اخذوا بها أم لا ... على الأقل تكون قد حركت مواضيع يفكر فيها الآخرون والتي لو يتم تنفيذ بالمئة منها لكنا في خير.


التعليم والتدريب والبطالة

يواصل صلاح الدين: ثم لننتقل الى التعليم، فالمطلوب انتهاج اسلوب جديد للتعليم، ولا نستطيع حل مشكلة البطالة دون تعليم، وكذلك التدريب... فالتدريب يجب أن يبدأ من سن سنة لكي نوجه من هم في هذه المرحلة العمرية الى المستقبل والى ما يريد أن يكون الفرد منهم حين يكبر، ولا بد من وجود خطط استراتيجية تطرح على المدارس حتى لا يترك الشاب يصل الى المرحلة الثانوية ثم يخير الى أين يتجه: هل لدراسة الهندسة أم الطب؟ فأنا أشدد على أنه لا بد من التوجيه نحو الميول مبكراً.

وأريد أن أقول أيضاً إن على الإعلام دوراً كبيراً ومهماً، ولا نستطيع الاعتماد على الإعلام لدينا لأنه ضعيف!! ولا يوجد اتجاه نحو تنمية التفكير الاستراتيجي و لا توجد خطط لتوجيه المجتمع نحو الإيجابيات.. نريد شيئاً علمياً.


اهتمام مجموعة الدول الثماني

الجمري: تقرير التنافسية العربي الذي صدر عن منتدى دافوس في أبريل / نيسان الماضي حدد المعوقات التي تقف أمام الاقتصاد ومنها: التشريعات غير مناسبة وقلة المهارة لدى العمالة وبيروقراطية ثقيلة وبنية تحتية غير جاهزة وفساد اداري وعدم وجود تخطيط..

اذا كنا سنؤكد هذه الأمور، نريد أن نوصل مواقفنا ووجهات نظرنا حيال هذه المواضيع، مع تلك المعوقات ووجودها، فما هي وجهة نظر القطاع الخاص؟

علاء اليوسف: هناك عدة تساؤلات لدي في البداية، وهي لماذا اهتمت مجموعة دول الثماني بدول الشرق الأوسط علماً بأن مجموعة الثماني، وهي التي في الغالب عادة ما تهتم بالفقر والمجاعة وتخفيف الديون من على الدول وفي هذ العام ستركز على افريقيا.

وكما عهدنا من المحافل الدولية، فالمبادرات معظمها تتجه الى محاربة الفقر والإيدز والإرهاب وتحرير التجارة الدولية وما شابه، ولا بأس من أن نستذكر الدوافع التي أكدت على اطلاق هذه المبادرات، ومنها امكانية دول الشرق الأوسط في الاستفادة من المحافل التي لها عضوية وتمثيل فيها، وهل هي نشطة وفاعلة أم متقاعسة وكسولة في المنظمات والهيئات الدولية كالبنك الدولي والمجالس الدولية.

وفي الحقيقة، أود التركيز على مباحثات مجلس التعاون والاتحاد الاوروبي حول تحرير التجارة البينية والتوصل الى ما يسمى اتفاقية تحرير التجارة... لقد مر على هذه الاتفاقيات حوالي 17 سنة، والانطباع هنا أنه كلما تقدم اوروبا مقترحات او طلبات قد تكون تعجيزية، وبعضها تطويرية وتدخل دول مجلس التعاون في سبات عميق ومن ثم تستيقظ وتقدم بعض النتائج مما طلب منها قبل سنوات، ولكنها تلاحظ إن العالم تغير وظهرت أهداف جديدة. لماذا؟ والسؤال هنا: الهذا الحد يمكن القول إن دول مجلس التعاون غير قادرة وليس لديها الوعي والالتزام والقدرة لمواكبة متطلبات التجارة الدولية ومتطلبات الانخراط في العولمة؟!

التساؤلات التي طرحتها محيرة وقد نوجه أصابع الاتهام الى الأنظمة السياسية والركود الفكري لكن ما هي الحلول؟

لماذا توجد دول أكثر فقراً من دول الخليج ودول الشرق الأوسط وأكثر مديونية منها وتعاني من مشاكل جمة ومع ذلك يتضح أنها أقدر من الدول الخليجية في الانخراط مع التطورات الجديدة والاستفادة من المنظمات الدولية؟

قطاع همشته الحكومة!

جواد حبيب: أنا في حقيقة الأمر أريد أن أوسع الحوار لكي يأخذ منحىً آخر، فهناك نقاط أساسية لابد من التفكير فيها بروية سواء كنا نتحدث عن قطاع عام أم خاص.

قبل 50 سنة، كانت البحرين مهيمنة على الحركة التجارية الخليجية وبعد اكتشاف النفط همشت الحكومة القطاع الخاص بعد شراء الذمم، بل حتى القوانين والأنظمة والتشريعات تضيق الخناق على هذا القطاع... حتى التفكير لم يكن مسموحاً، سواء كانوا مسئولين أم مواطنين عاديين... حاكم وتاجر... الوزير يضغط على الناس والتاجر أصبح مغلوباً على أمره ونتج عن هذا حرمان القطاع الخاص من أن يلعب دوره. وجاءت دول صغيرة كإمارة دبي لا يتجاوز عدد سكانها 10 آلاف قبل سنوات وخلقت لها مكانة على الخريطة.

انعكس كل ذلك على التعليم والتدريب والتنمية فأصبح التاجر مهمشاً والعامل مهمشاً وليت الحكومة سهلت الأمور للقطاع الخاص كما سهلت للعمالة الوافدة خلال 40 سنة مضت... فالحكومة تفننت في التأشيرات الحرة ولم يتفنن فيها القطاع الخاص!!

والحديث عن هذا القطاع كثير. يقال عنه «لا يلعب دوراً أساسيا» حتى توهمنا بأن مجلس الاعمال العربي، او غيره، هو المنقذ لكنه ليس المنقذ انما هو موجه، وأنا في الحقيقة أرى أن القطاع الخاص لن تكون له أجندته الخاصة الا من خلال استراتيجية واضحة، وللأسف الشديد ليس لدينا أجندة.

الوقت ملائم لتحريك أجندة القطاع الخاص

الجمري: هل ترى الوقت ملائماَ؟

جواد حبيب: أرى الوقت ملائماً لتحرير الاقتصاد - ليس بأجندة الحكومة - بل بأجندة القطاع الخاص، وعلى الحكومة ألا تعمل في الخفاء ومن وراء ظهر القطاع الخاص، ومن الضروري الحديث عن وضع الاقتصاد المستقبلي للدولة بمشاركة القطاع الخاص... فالحكومة عندما جاءت لتحرير سوق العمل جاءت بأجندتها وليس بأجندة القطاع الخاص وضحكوا علينا بشعارات التصحيح.

القطاع الخاص صار يئن بسبب دفع الجزية، وهذا نتيجة ان القطاع الخاص مغيب عن حركة التطوير، وليس هناك قرارات استراتيجية للقطاع الخاص؟

الجمري: أليس القطاع الخاص شريكاً للحكومة؟

جواد حبيب: ليس شريكاً إطلاقاً... وسأضرب مثالاً: شركة طيران الخليج متعثرة اليوم... قطر انسحبت قبل 10 سنوات ولم يتم اشراك القطاع الخاص في الشركة مع أنه كانت هناك فرصة للاستفادة!! انسحبت أبوظبي حديثاً ولم يتم فتح المجال للقطاع الخاص ولم يتم التشاور معهم... يجرى التشاور مع شخص واحد فقط ويستمعون الى رأيه فقط.

وأقول، ونحن مقبلون على «منتدى المستقبل» ... المهم بالنسبة لنا هو ما نريد كقطاع خاص من هذا المنتدى، ولنسأل أولاً عما هي أجندتنا كقطاع خاص... لقد آن الأوان لتحترم الحكومة القطاع الخاص لدوره الأساسي في اقتصاد البلد، ونريد التحدث بصوت عال أن القطاع الخاص يجب أن يكون له دور بارز ولنبدأ بالتخطيط.

هل ستستمر الدولة في تهميشكم؟

الجمري: النائب جهاد بوكمال ... أنت داخل مجلس النواب وانت ايضاً من القطاع الخاص، والقطاع الخاص في حال يرثى لها، والحكومة تريد القاء اللوم عليه لحل المشكلات، وهو ليس بشريك في صنع القرار... كيف تقيم الوضع الحالي للقطاع الخاص؟

جهاد بوكمال: كوني أمثل السلطة التشريعية، فإنني لا أمثل القطاع الخاص فقط، بل أمثل البحرين قاطبة والقطاع لخاص جزء لا يتجزأ من نسيج البحرين وهموم القطاع الخاص هي هموم المواطن، والسؤال هو: هل يمكن أن تستمر الدولة في تهميش القطاع الخاص؟ يتبعه سؤال آخر، فإذا كانت الإجابة بنعم نقول: الى متى؟ وإذا كانت الإجابة (لا).. أقول: لماذا لا تتحرك؟

وفي الواقع، من تتبع خطوات تمرير الموزانة العامة للدولة وجد هناك خلل كبير فيها والخلل هو أن الحكومة ما زالت الراعية الأم في تحريك عجلة الاقتصاد، ونرى أن الدولة ما زالت تهيمن على 80 بالمئة من الناتج القومي الإجمالي، وهناك مشاكل منها البطالة التي نعاني منها فهل يستطيع القطاع العام حل المشكلة؟ الحكومة حاولت خلال 10 سنوات حل المشكلة ولم تتمكن! ثم خذ استمرار تفاقم تكاليف ادارة الدولة ففي غضون 5 الى 6 سنوات ارتفعت التكاليف الى أكثر من الضعف!!

نعيش نهاية الحقبة النفطية الوردية

الجمري: مايحدث لدينا هو عكس ما يحدث عالمياً وهو تخفيف دور الحكومة، وهنا يتضاعف دور الحكومة؟

بو كمال: طبعاً، اليوم نعيش في الحقبة الوردية من ارتفاع سعر النفط وهو اليوم مرتفع وفي أوجه والمفروض من العاقل أن يستغل هذه الفترة للتخطيط للمستقبل بعيداً عن النفط ومع الأسف كل ما نتحدث عنه لم يوضع في عين الاعتبار... من طرف آخر، كيف نفعل القطاع الخاص في مجال التنمية؟ قال الأخوة في هذه الندوة أن القطاع الخاص «شبه مهمش».

يقاطعه جواد حبيب: مهمش وليس شبه مهمش!

بو كمال: ما زال لدينا 20 بالمئة على الأقل، واذا سلمنا بأن الدولة يجب ان تشرك القطاع الخاص باعتبار ذلك نتيجة حتمية، وهو الذي سيتحمل التبعات في المستقبل وليس هناك خيار آخر... كثير من الدول فشلت وانهارت بسبب تحميل القطاع الحكومي كل اهتمام الدولة وهناك تجارب دول اثبتت أن تنمية القطاع الخاص لا تتم الا من خلال القطاع الخاص ذاته.

واستطيع القول إن التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادي هدف لا يتحقق الا من خلال القطاع الخاص ولكن القطاع الخاص يريد رؤية واضحة... في السبعينات كانت هناك رؤية لتهيئة البحرين كسوق مالي واليوم تبلغ نسبة الناتج الإجمالي المحلي من السوق المالي حوالي 25 بالمئة..

وهذا إن دل على شئ إنما يدل على أن تجربتنا السابقة - حينما وجهناها الوجهة الصحيحة - انتجت وأثمرت بشكل جيد والنجاح يجب أن يتبعه نجاح، فالدول اليوم لم تقف موقف المتفرج... الكويت مثلاً اتخذت قراراً بفتح سوق المصارف وكان في يوم من الأيام حكراً على المصارف الوطنية فقط!! هذه خطوة كبيرة ومهمة. ويجب ألا ننسى أن هناك الكثير من المنافسين في المنطقة.

في أواخر الستينات من القرن الماضي أو لنقل في بداية السبعينات، أخذنا منحى تنمية صناعة الألمنيوم ونجحنا فيه نوعاً ما ولكن بسبب الإخفاقات الكثيرة في عقر دار «ألبا» لم تساهم هذه المؤسسة العملاقة في تحمل مسئولياتها في التنمية.

الحكومة لا تعترف بالشراكة

جواد حبيب مقاطعاً: ولا بدينار واحد... هل أعطتكم ديناراً واحدا؟

بوكمال: اخفاق الحكومة في توضيح الرؤية المستقبلية من خلال دراسات واضحة عملت على تهميش القطاع الخاص. مثال: لو أراد القطا ع الخاص الاستثمار في التعليم، هل سيمنح الفرصة؟ واذا كانت التوجهات لتنمية السياحة العلاجية، وتم التطبيل لها منذ أكثر من 10 سنوات، هل ستمنح الامتيازات للقطاع الخاص لدخول هذا المجال؟ نحن سباقون في التطبيل ومانشيتات الصحف وآخر من يضع أول طوبة.. نقدم الأفكار وغيرنا ينفذها.

الجمري: ماذا في وسع القطاع الخاص القيام به في ظل الوضع المؤلم: الم تقولون ان القطاع مهمش كل هذه السنين ثم تأتي الحكومة لتقول له: لن تكون شريكنا!! فقط تدفع الثمن!! ماذا يفعل القطاع الخاص؟

جهاد: الشريك الأفضل دائماً هو من يدفع الضرائب!

الجمري: الإستسلام لهذا الأمر؟

بوكمال: ليس هناك من يستسلم لتسليم قوته!! لا نريد أن نشبه الوضع بالصراع، بل مفاوضات... والمفاوضات لا تزال الى الآن غير متكافئة وما زالت الحكومة تأخذ زمام فرض الرأي... أحببت أم لم تحبب شئت أم لم تشأ فهي لا تعتبر القطاع الخاص شريكاً فعلياً ولا تزال هناك قيود على الثقة بين الحكومة والقطاع الخاص، وهذا الأخير لا يستطيع تحريك لبنة الا اذا وضحت الأمور... ثم، لن تكون هناك تنمية اينما كانت ووجهت الا من خلال العنصر البشري.

نتحرك في اتجاه المستقبل

الجمري: التوصيف مؤلم ولا بد أن يكون لنا موارد بشرية... تخطيط وتفعيل... وهذا غير موجود لدينا فعلاً، لكن امامنا فرصة مواتية وهي انعقاد «منتدى المستقبل» ومجلس الأعمال العربي، والمجلس لديه محاور مهمة سيطرحها على الوزراء... هل نحن كقطاع خاص بحريني نستطيع أن نطرح وجهة نظرنا أمام هذا المحفل، وكيف؟

خالد جناحي: دعني أوضح الأمور بالنسبة لبعض النقاط... تشرفت بأن شاركت في الاجتماع الأول الذي عقد في مراكش ممثلاً عن الغرفة، وللعلم فإن مجلس الأعمال العربي انبثق عن المنتدى الاقتصادي العالمي في 2003 حين أصدر أول تقرير له عن العالم العربي، وكان تقريراً سيئاً للغاية!! وطرحت فكرة أن يكون للعرب صوت في المنتدى العالمي بعيداً عن النظرة الفوقية السائدة «نحن نساعد الدول العربية» من جانب الدول الكبرى!!

ثم جاء مشروع «منتدى المستقبل،» ونحن نسعى من خلال هذا المحفل لأن نجيب على السؤال الكبير المتكرر: كيف يمكن إزالة المعوقات من أمام القطاع الخاص في الدول النامية؟ وبدأنا بالمنتدى الإقتصادي العالمي (منتدى دافوس) والآن نتحرك في اتجاه «منتدى المستقبل»، لكنني أقول إننا كقطاع خاص يجب أن نأخذ المبادرة في مجلس الأعمال العربي.

دور «مجلس الأعمال العربي»

الجمري: أنت تبشرنا بأن لديكم وسيلة لتوصيل صوتكم للمنتديات الدولية ... وواحدة من الوسائل المهمة هي كيان «مجلس الأعمال العربي» ... هل تعتقد أنها وسيلة نافعة - أي المجلس - في التأثير على حكوماتنا؟

جناحي: سنقدم وجهات نظرنا الى العالم، لا سيما فيما يتعلق بالتعامل بين الحكومات والقطاع الخاص في منطقة دول الشرق الأوسط، واذا تحدثت عن المنتديات فهي كثيرة جداً، وهي في الحقيقة تصبح كلاماً فاضياً إن لم يتم توظيف بعض العناصر، ونحن كرجال أعمال سنقدم المعوقات والمنتدى وكذلك مجلس الأعمال العربي يدفعون في هذه الإتجاه، وهناك تمويل من الدول الثماني لإنجاح هذا المسار.

نقاط ستطرح على «منتدى المستقبل»

وفي اجتماعنا لهذا العام، سنبحث ثلاث نقاط ستطرح على اجتماع وزراء الخارجية وهي: حكم القانون، وتمكين المرأة، والشفافية، سيبحثها الاجتماع ونحن كمنتدى اقتصادي عالمي سنبحث هذه المحاور، كما سنبحث موضوع اصلاح الإعلام في العالم العربي الذي انبثق عن مجلس الاعمال العربي وقد اجرينا دراسة وسيحضر ممثلون من الولايات المتحدة الأميركية، وهذه الدراسة بحثت التجارة الحرة لكنها ركزت على الدول العربية باعتبار أن أي اصلاح اقتصادي بدون تجارة حرة لا يمكن أن يتم بنجاح، ثم محور التعليم والشباب، فمن المهم لكل الدول العربية التي تبلغ نسبة الفئات الشابة فيها 60 بالمئة ممن هم في عمر أقل من 25 سنة التركيز على هذا الجانب. اما في البحرين، فالوجع الذي يؤلمنا هو اعادة القول بأن القطاع الخاص مهمش!! أقول وأتساءل لماذا نقبل بالتهميش؟

جواد حبيب: حتى لا ندخل السجن!!

جناحي: القطاع الخاص يجب أن يأخذ المبادرة لتحسين ذاته... أما نحن فدولة سباقة وهي أول وأول وأول دولة، وأخيرنا نحن نتمتع بالأفكار وغيرنا يتولى التطبيق والنجاح!!

القطاع الخاص لا يجب أن ينتظر الحكومة... قد تؤذيه الحكومة وهذا دون شك، لكن لدفع سرعة الإصلاح في البحرين لابد من الاعتبار للطريق المتعرج.


التخطيط و الاستثماروالخصخصة

عصام فخرو: عندما نقول ان القطاع الخاص ينادي بعدم التهميش فلنتكلم عن الموضوعات التي يمكن لهذا القطاع ان يلعب دورا فيها ولنأخذ مثلا التخطيط، وقلنا في غرفة تجارة وصناعة البحرين ان التخطيط بصورة عشوائية لن يخدم أحدا وكيف يمكن ان نساهم بشكل جيد في هذا الموضوع اذا لم تكن هناك استراتيجية واضحة للتخطيط كما لا يوجد مجلس مختص بالتخطيط وهذا ما طالبنا به منذ فترة طويلة.

جهاد بوكمال: هناك سؤال رفع من السلطة التشريعية بشكل رسمي الى السلطة التنفيذية كحكومة بخصوص طلب جدول زمني بالتواريخ للمشروعات التي ستطرح للخصخصة، وكان الجواب انه لا نسمح لأنفسنا بتسريب معلوماتنا قبل ان ننفذ الخطط المرسومة لذلك. وذلك يعني انه لا توجد هناك خطط بهذا الخصوص.

عصام فخرو: نقطة أخرى أحب أن أطرحها وهي اننا طالبنا على مر السنين الماضية بوضع قانون للاستثمار وقد قام مجلس النواب بطرح ذلك من خلال اقتراح بقانون. ونحن نقول هنا ان القطاع الخاص ليس مقتصراً على البحرينيين فهناك استثمارات أجنبية، وهذه الاستثمارات تريد أن تعرف ما لها وما عليها للدولة وما هي حقوقها وواجباتها وذلك لن يكون معروفا من دون وجود قانون خاص بالاستثمار. وعندما طرحنا هذا الموضوع قيل لنا ان هذا الموضوع جزء من الاقتصاد الشمولي.

والآن يدور حديث حول جمع القوانين الخاصة بالاستثمار وطرحها في كتيب خاص سيطلق عليه «دليل المستثمر» ولا نعرف متى سيصدر هذا الدليل.


لا إصلاح اقتصادي من دون إصلاح إداري

ويواصل فخرو: المشكلة ليست محصورة في عدم وجود قوانين واضحة للاستثمار ولكن تصدر أحيانا قرارات تنسف القوانين الموجودة. ولنأخذ مثلا ما حدث في شهر رمضان فيما يخص القطاع السياحي، فقد اصدر مسئول من الدرجة الرابعة أو الخامسة فتوى في هذا الخصوص وطبقها على هذا القطاع. فلو كان هناك قانون يحمي المستثمرين لما استطاع هذا المسئول ان يغلق المرافق في الفنادق بهذه السهولة.

ولنتحدث عن نقطة اساسية أخرى هي انه لا يمكن ان يكون هناك اصلاح اقتصادي قبل ان يحدث اصلاح إداري، فهناك مشكلات كبيرة نعاني منها كقطاع خاص من الممارسات البيروقراطية ولدينا أمثلة كثيرة من المحاكم والهجرة والجوازات ووزارة العمل ووزارات وإدارات كثيرة لا يوجد فيها نظام واضح في التعامل. فكيف يمكن ان نتحدث عن اصلاح الاقتصاد قبل ان نقوم بعملية الاصلاح الإداري.

ان القطاع الخاص يقول ان غرفة تجارة وصناعة البحرين مهمشة ونحن نقول ان هناك طريقتين لحل هذه المشكلة، إما ان تواصل في طرح رؤاك الخاصة وبشكل مستمر حتى تتحلحل المسألة بشكل تدريجي وإما ان تكون على اتصال مباشر مع السلطة التشريعية لطرح وجهة نظر القطاع الخاص وذلك جزء من عملية مهمة جدا ونحن نسعى لأن نطبقها في المستقبل بشكل أكبر. وأقول من دون مبالغة ان الاخوة النواب كان لنا استثناء لديهم وكانت لديهم آذان صاغية لكل ما نطرحه ولكن للأسف فإننا كقطاع خاص كان لدينا نوع من الاستحياء في مواصلة ذلك نتيجة عدم الدخول في التجربة السياسية، ولكن الأمور بدأت تتضح الآن. إنني أريد ان أسمع من الحضور، ما الخطوات التي تقترحونها لكي نضع حدا لهذا التهميش.


القطاع الخاص خجول وفي المقعد الخلفي

جهاد بوكمال: لدي نقطة أحب ان اطرحها قبل الانتقال إلى موضوع الحلول، هي ان الخجل المستمر للقطاع الخاص الى متى سيبقى؟ نريد ان نكون أكثر جرأة في طرح مشكلاتنا على الملأ في العلن. الخجل والمصالح الشخصية ربطت عنق من يتزعم القطاع الخاص ويتحدث بلسان حال القطاع الخاص.

وهناك نقطة أخرى، فنحن كقطاع خاص دائما نكون في موقف المتلقي ونريد ان نبدل مقعد القطاع الخاص من مقعد المتلقي الى مقعد المتحدث، لنكن أكثر وضوحا فإننا عندما نزور القيادة فإننا نكون متلقين ولسنا متحدثين واذا لم نشخص الوضع بشكل صحيح فإننا لن نحل مشكلاتنا أبداً.


تراجعنا أكثر والإصلاح الإداري أصبح ضرورة

جاسم حسين: بعيداً عن القطاع الخاص فإن المؤشرات الاقتصادية تشير إلى أن القطاع العام لم يقد العملية التنموية بشكل جيد. ولنأخذ مثلا تقرير التنافسية، فنحن الآن في المركز على مستوى العالم ونأتي بعد الامارات وقطر والكويت على مستوى العالم العربي فالكويت سبقت البحرين الآن.

وفي تقرير الشفافية تراجعنا من المركز الى وبعد عمان والامارات وقطر على مستوى العالم العربي. وفي تقرير التنمية البشرية كنا في مركز واصبحنا الآن في مركز بعد قطر والامارات على مستوى العالم العربي بعد ان كنا في المركز الاول سابقا وهذه هي السنة الأولى التي لم تحتفل فيها البحرين بتقرير التنمية البشرية. فهناك أكثر من مؤشر يدل على تراجع البحرين.

الجمري: ان ما تطرحه من توصيف للحال الراهنة نحن متفقون معه جميعاً، فنحن نتراجع يوماً بعد يوم وما نريد ان نخرج به من هذا الحوار هو ومضات عما يمكن فعله لكي نخرج من هذه الحالة فربما ان الوقت لم يفت بعد ومازال القطاع الخاص يمكن ان يقدم الكثير فما الاشياء التي يمكن ان نقوم بها في هذا المجال؟

علاء اليوسف: لنأخذ المانيا مثالاً، فعندما وصلت نسبة البطالة فيها لحد فاقت فيه جميع الدول الأوروبية لمدة ثماني أو عشر سنوات منذ توحيد الشطرين ومع تدني مستوى المعيشة فإن المانيا حاولت اصلاح الإدارة فيها.

ومن تجاربنا سواء على المستوى الدولي أو حتى الاقليمي فإن التغيير باتجاه السرعة في اجراء الاصلاحات لا يأتي الا عن طريق احدى القناتين، إما ان تكون هناك أزمة سياسية واقتصادية تعصف بالبلد وتجبر الإدارة على تغيير سياستها أو ان يكون هناك اصلاح ذاتي في الإدارة.

فالدول التي نتحدث عنها نماذج ساطعة حدثت فيها اصلاحات إدارية. ولذلك، فإنني اثني على كلام عصام فخرو فيما يخص ضرورة اجراء الاصلاح الإداري.

ان الظروف الحالية من ناحية الرخاء الاقتصادي الذي نمر به بسبب ارتفاع أسعار النفط أجلت القرارات الضرورية فإن الدولة في الوقت الراهن في بحبوحة ولذلك لا يوجد أي شعور بالأزمة وبالتالي التغيير.

إنني لا أرى أي ظواهر حقيقية من ناحية الاصلاح الاداري لأن التراجع في المؤشرات ليس بالضرورة ان يكون بسبب تراجع في أداء البلد وانما قد يكون بسبب التقدم في أداء البلدان الأخرى وذلك يعني أن الرضى والقناعة بالأمر الواقع والسير بسرعة السلحفاة لم يعد مقبولا الآن.

خالد جناحي : إن ما ذكره عصام فخرو من انه يجب المواصلة في طرح مشكلات القطاع الخاص شيء أكيد، فإنك ان توقفت عن ذلك فإن شيئاً لن يحدث. ولكن عندما اتحدث عن القطاع الخاص فإنه يجب اشراك النواب في هذا الموضوع والا فإننا سنسير بسرعة السلحفاة، فإن الاصلاح الإداري لن يأتي بنفسه ومادامت هناك مبادرة موجودة وهي مبادرة سمو ولي العهد للاصلاح الاقتصادي واصلاح سوق العمل واصلاح التعليم، فإن كانت للقطاع الخاص رؤى في هذه الاصلاحات فإنه يجب طرحها ومناقشتها.


هل إصلاح سوق العمل هو الأولوية؟

يواصل جناحي: يمكن ان الخطأ هو في البدء باصلاح سوق العمل قبل التعليم والاصلاح الاقتصادي الذي يجب ان يكون البدء منه لأن الاصلاح الاقتصادي يلزم بإصلاح إداري. ولو تم تطبيق الاصلاح الاقتصادي أولا فإن المجتمع المدني سيكون أكثر قبولاً للاصلاحات ولن يلقى أي معارضة.

ان رجال الاعمال ناقشوا مع القيادة موضوع الاصلاحات ولكن تم التركز فقط على موضوع اصلاح سوق العمل ورفضوا ان يأخذوا جميع الاصلاحات كحزمة واحدة.

جهاد بوكمال: لقد طرح القطاع الخاص هذه النقطة، وقال انه يريد ان تبدأ جميع الاصلاحات في وقت واحد وقال يجب البدء أولا بالاصلاح التعليمي والتدريبي لأنه شريان نجاح خطة الاصلاح.

خالد جناحي: نحن الآن أوقفنا خطة الاصلاح بصورة نهائية لأن التركيز أصبح منصبا على اصلاح سوق العمل وتم اهمال المسارين الآخرين في حين كان من الممكن البدء باصلاح سوق العمل ومن ثم الدخول في عملية الاصلاح الاقتصادي واصلاح التعليم. وأرى اننا كقطاع خاص يجب ان نعمل بشكل أكثر جدية وبصورة عملية مع أعضاء البرلمان والتشريعيين.

جواد حبيب: أريد ان اقول انه مع طريقة تفكير المسئولين في الوضع الحالي فإنه لن يترك لنا المجال في طرح أية عملية للاصلاح وان ما سنحاول طرحه فانهم سيفرغونه من مضمونه كما أفرغ مشروع سمو ولي العهد. فإن سمو ولي العهد أتى بمشروع إصلاحي متكامل واصلاح سوق العمل ما هو الا جزء من هذا المشروع. في حين قام المسئولون بافراغ هذا المشروع ووضعونا في دوامة الدولة واتهمونا بهضم حقوق العمال والأجانب، وأوجدوا صداما بيننا وبين المشروع الاصلاحي بسبب ما سيدفعه القطاع الخاص من ضرائب بمبلغ ديناراً اذ انهم افرغوا مشروع سمو ولي العهد من مضمونه ولذلك اقول انه في هذا الوضع فإن اي توجه قد نراه سيفرغ، انني اعتقد بأن المطلوب من القطاع الخاص والمهتمين بشئون البلد ان يكون لديهم نوع من الحوار الصريح مع القيادة العليا بوجوب احترام القطاع الخاص والفعاليات الوطنية الأخرى وان تكون لهم كلمة مسموعة.


دور أصحاب الأعمال

عصام فخرو: دعونا نستعرض تجارب الغرف التجارية في الدول الديمقراطية والمتقدمة وما تقوم به لايصال وجهة نظرها للمسئولين فهل تقوم الغرف التجارية في أميركا مثلا بالاجتماع مع رئيس الولايات المتحدة وتطرح عليه مطالبها؟

الجمري: ان ما يحدث في الدول المتقدمة مختلف تماما فإن طوني بلير يفتخر بأنه سمح له حضور مؤتمر الـ (CBI) احدى مؤسسات القطاع الخاص في بريطانيا. كما ان القطاع الخاص في هذه الدول يفكر في انه هو المالك الحقيقي لأسهم الشركات والمصانع الكبرى ويريد من المسئولين ان يديروا الدولة على هذا الاساس كشراكة متساوية.

ومن خلال اختلاطي ببعض رجال الاعمال في البحرين فإن لدى رجال الاعمال قوة كبيرة في التحليل والفهم ولكنهم وحتى الآن - ومع تغير الظروف - يخافون من ان تقوم الحكومة باستبعادهم من الدخول في المناقصات والمشروعات الكبرى التي تقوم بعرضها على القطاع الخاص، او التضييق عليهم بوسائل اخرى، فيما لو حاولوا التحدث بصراحة مع الحكومة.

عصام فخرو: على رغم وجود بعض الثغرات في طريقة ارساء المناقصات في الوقت الحالي عن طريق مجلس المناقصات فإن التجار أصبحوا الآن أكثر ثقة بعدالة ارساء المناقصات كما ان الخوف من حجب المناقصات عنهم أصبح اقل منه في الماضي وهذا أحد الحلول. فرجال الاعمال المهمون في الساحة أصبح خوفهم الآن اقل من السابق بحكم آلية تطبيق ارساء المناقصات مع الانفتاح.

وفيما يخص دور القطاع الخاص في الغرب أقول عندما يستحوذ هذا القطاع على الاقتصاد هناك فمن الطبيعي انه لن يتم تهميشه.

جهاد بوكمال: لقد قمنا بزيارة الكونغرس الاميركي ووجدنا ان كل عضو في الكونغرس كان يسوّق لاحدى الشركات التي تنتمي الى مقاطعته أو محافظته، بمعنى ان القطاع الخاص متمثل في القرار والتشريع الموجود في الكونغرس من خلال ممثليه ولكن نحن مع الأسف الشديد القطاع الخاص كان يتخوف من المشاركة المباشرة وغير المباشرة في التجربة البرلمانية، والآن وصل الى قناعة بضرورة المشاركة.


القطاع الخاص والتدخل في السياسة

عصام فخرو: عندما قمت بطرح مبادرة مشاركة الغرفة في الشأن السياسي، فقد طرحتها على وسائل الاعلام قبل أخذ موافقة مجلس الإدارة اذ كان لدي احساس بأنها قد لا تلاقي القبول من بعض الاعضاء.

جهاد بوكمال: انك طرحت نقطة مهمة وهي انه بتناغم القطاع الخاص والسلطة التشريعية فإنه بامكاننا ان نصل الى نتائج مهمة. كما أحب ان انوه هنا إلى ان ليس كل من يدخل المجلس التشريعي يكون همه تفعيل وتطوير النمو الاقتصادي لأن هناك الكثير منهم من يجهل هذا الطرح ولذلك، فإن دور القطاع الخاص يبدأ في ايصال من يفهم رؤاه التي يطرحها. نحن نريد ان نجعل المواطنين في وضع افضل، لكن ليس من خلال المكرمات بل من خلال تفعيل انتاجية المواطن ومن خلال تطوير قدرته على التعاطي مع المتغيرات.

لقد سمعنا الكثير من أعضاء مجلس النواب الذين يطالبون بالمكرمات الملكية وان كانت هذه المكرمات ممكنة في الوقت الراهن فإنها لن تكون كذلك في المستقبل، ولذلك فنحن لا نريد ان نخدع المواطنين ولكن نريد ان نكاشفهم ونثبت لهم أنهم سر نجاح التنمية الاقتصادية، فعلى المواطن ان ينمي من قدراته.

خالد جناحي: ان سؤال عصام فخرو عما يمكننا فعله مهم للغاية، واتفق معه على أهمية الاصلاح الإداري، ولكننا الآن لدينا مبادرة سمو ولي العهد التي تطرح الاصلاح الاقتصادي والذي بدوره سيعجل من الاصلاح الإداري شئنا ذلك أم أبينا. ان الحماس الذي رافق طرح مبادرة سمو ولي العهد بدأ يخف الآن، ولذلك فإني اطالب القطاع الخاص بدعم هذه المبادرة.

عصام فخرو: اننا جميعاً متفقون على توصيف المرحلة التي يمر بها القطاع الخاص في البحرين ولكن هناك من يشكك في صدقية الاصلاح السياسي والاقتصادي في المنطقة وهناك من يربط ذلك بمبادرة الشرق الأوسط التي طرحها الرئيس الاميركي جورج بوش. ولذلك، فإن مسألة الاصلاح لم تلق القبول لدى الكثيرين حتى من قبل بعض الأنظمة.

جواد حبيب: حول ما طرح من أهمية دخول القطاع الخاص الى المعترك السياسي فإنني اقول هنا ان ذلك ليس بالمسألة الهينة وخصوصاً مع طرح الكثيرين أن القطاع الخاص في البحرين هو قطاع جشع ويدافع عن مصالحه الخاصة فقط من دون أي اعتبار للمواطنين.

كما ان القوى اليمينية تعادي القطاع الخاص لأسباب عدة ولذلك، فإن الحوار مع القيادة العليا أسهل كثيراً لأنها أكثر تفهما لدور القطاع الخاص كما انها تعي جيدا أن فترة الطفرة النفطية لن تستمر الى الابد ولذلك فانها ستحتاج الى القطاع الخاص.

وعلى القطاع الخاص في هذه المرحلة ان يأخذ من هذا الطرح منطلقاً للحوار لكي يكون هناك اعتراف مشترك بدور كل من الحكومة والقطاع الخاص في عملية التنمية وخصوصا ان هناك مفهوماً لدى المواطنين أن القطاع الخاص شريك استراتيجي للحكومة وان مصالحه مرتبطة بها.

ولذلك، اقول ان حوارنا الاساسي يجب ان يكون مع القيادة لايجاد شراكة فعالة تنتج عنها نقلة نوعية وفعلية لعملية التخطيط ولكي نكون مستعدين بكامل قوانا عندما تريد الحكومة الخروج من عملية التحكم في الاقتصاد وتسليم ذلك الى القطاع الخاص.


تحالفات القطاع الخاص

الجمري: ان جواد حبيب طرح انه يجب على القطاع الخاص ان يوجد حوارا مع الحكومة في حين طرح جهاد بوكمال ان على هذا القطاع ان يصنع تحالفات مع السلطة التشريعية، وانني ربما اطرح ان على القطاع الخاص ان يجد له تحالفات مع القوى المؤثرة في الشارع البحريني فيما يطرح خالد جناحي ان على القطاع الخاص ان يوجد له تحالفاً مع المنتديات العالمية.

ولذلك فنحن من الممكن ان نخرج بنتيجة انه بما ان القطاع الخاص يمر بظروف صعبة بسبب التناقضات الموجودة في الشأن السياسي، فلذلك يجب عليه ان يوجد تحالفات مع جميع القطاعات. وربما أخطأ القطاع الخاص في وقوفه ضد مشروع سمو ولي العهد.

عصام فخرو: نحن لم نقف ضد مشروع سمو ولي العهد وانما ابدينا وجهة نظرنا وقلنا انه يجب التدرج في تنفيذ هذا المشروع لكي لا يسبب ارباكا للاقتصاد. ومع ذلك نحن نؤكد ان مشروع سمو ولي العهد مشروع نبيل، الهدف منه الاصلاح والقضاء على البطالة التي ان لم يوضع حد لها فستستفحل.

ان هنالك من يقول ان القطاع الخاص قد وقف ضد مشروع سمو ولي العهد وهذا كلام خاطئ اذ عندما تسلمنا نسخة من المشروع قمنا بتشكيل فريق عمل من اصحاب الاختصاص من داخل مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين ومن خارجه لكي تكون هناك صدقية لما نطرحه من آراء وقمنا برفع وجهة نظرنا إلى مجلس التنمية الاقتصادية.

جهاد بوكمال: نحن كسلطة تشريعية اخذنا في الاعتبار مرئيات الغرفة بشأن اصلاح سوق العمل وكانت هناك بعض الامور التي وقفنا معها. ولذلك قمنا بالتوفيق بين المشروع كما قدم الينا ومرئيات الغرفة كما جاءت لنا، وقد وفقنا في رفع تمثيل الغرفة من عضو واحد في صندوق سوق العمل الى عضوين.

الحزم والاحتراف

الجمري: أرى أن هناك نقطتين مهمتين طرحتا ويجب التوقف عندهما وهما ان صوت القطاع الخاص يحتاج الى الحزم والتفعيل كما يحتاج الى المزيد من الاحتراف والوضوح لكي يستطيع ان يبرز وجهة نظره للجميع. اما النقطة الثانية فهي ان القطاع الخاص يحتاج الى تحالفات منها تحالفات مع اطراف من الحكومة لأن القطاع الخاص لا يستطيع الاستغناء عن الحكومة كما ان الحكومة لا تستطيع الاستغناء عن القطاع الخاص. كما يحتاج القطاع الخاص إلى تحالفات مع السلطة التشريعية لأن هذه السلطة أثبتت انها تستطيع ان تؤخر دور القطاع الخاص كما انها تستطيع ان تدفع بهذا القطاع إلى التطور والنماء. ويحتاج القطاع الخاص الى تحالفات دولية كما انه يحتاج الى تحالفات مع القوى المسيطرة على الشارع البحريني.

خالد جناحي: ان هناك مبادرة يجب على القطاع الخاص اخذ الزمام لتنفيذها بدلا من ان يكون عائقا أمامها، ان هذه المبادرة تهدف الى اصلاح الاقتصاد عموما وما اصلاح سوق العمل إلا جزء من هذه المبادرة.

جواد حبيب: الخطأ الحاصل الآن ان كل التركيز شعبيا وسياسيا وحكوميا على اصلاح سوق العمل مع انه ليس من مصلحتنا التركيز على ذلك وانما من مصلحتنا التركيز على الاصلاح الاقتصادي.

عصام فخرو: لقد تم البدء في تنفيذ الاصلاح الاقتصادي منذ منتصف العام الجاري وكجزء من التنفيذ تم انشاء شركة حكومية ومن المفترض ان يبدأ تنفيذ مشروع إصلاح سوق العمل مع مطلع سنة 2006 ومادمنا ندرك أن الاصلاح الاقتصادي هو الأهم فإنني اتساءل: لماذا تم التركيز على اصلاح سوق العمل؟ ان هذا أحد الاخطاء التي ارتكبها القطاع الخاص.

علاء اليوسف: ان مجمل الحديث مبني على فرضية واحدة هي ان القطاع الخاص هو وحدة واحدة متكاملة ومصالحه متجانسة تماماً. ولكن في الواقع، القطاع الخاص يتكون من عدة فئات مثله مثل أي قطاع آخر وأهم ميزة في القطاع الخاص هي المنافسة. اذاً كيف نحل معضلة جوهرية هي التعاون اثناء التنافس وكيف يمكن للتاجر ان يتعاون مع منافسيه لمصلحة أكبر.

عصام فخرو: عند الحديث عن الاصلاحات فإن التشريعات لا تواكب هذا العصر، فبعض هذه التشريعات جيء بها من العراق أو مصر من قبل 50 أو 60 سنة ماضية وهي مازالت يعمل بها إلى الآن.


إعادة صوغ قانون الشركات

كمال بوجهاد: يجري الآن اعادة صوغ قانون الشركات وأتمنى أن يكون أكثر اتساعا بحيث يستوعب حتى حماية الاستثمار.

جواد حبيب: نحن ورثنا منظومة متكاملة من التشريعات من أيام الحماية البريطانية للبحرين وقد استوردت من مصر ولم تطور أو طورت بشكل بسيط جدا. ان هذه المنظومة لا تؤهل التاجر البحريني لأن يتطلع إلى الاستثمار في الخارج كما لا تؤهل المستثمر الأجنبي للاستثمار في البحرين. فليست المسألة تقديم تسهيلات بسيطة مثل الغاء تأشيرات الدخول أو الاقامة فقط.

وقلت سابقا: حبذا لو فتح للاقتصاد كما فتح للعمالة الأجنبية، فقد وجدت طريقة لجلب العمالة السائبة ولكن لم توجد طريقة تجعل القطاع الخاص يتنفس بحرية. ولذلك نحتاج اليوم إلى تغيير هذه المنظومة القانونية من القانون المدني أساسا الذي يتحكم في جميع التشريعات. فمثلا انني كشركة عائلية اطرح 20 في المئة أو 30 في المئة للاكتتاب العام وهذه هي النسب الطبيعية ولكن ذلك غير مسموح به ويجب اخذ موافقة مجلس الوزراء على ذلك، والذي يصر على تطبيق القانون الذي ينص على وجوب طرح 60 في المئة من أسهم الشركة.

ولذلك، يجب ان يكون للقطاع الخاص دور كبير في احداث نقلة نوعية في أنظمتنا التشريعية بما في ذلك ايجاد قانون للاستثمار وايجاد هيئة لضمان التصدير وهيئة لضمان الاستثمار في الخارج تحمي المستثمر البحريني.

الجمري: اعتقد أن الحديث عن متطلبات القطاع الخاص سيستمر. ولكن هناك قناعة بأنه على رغم جميع المصاعب والمشكلات التي نواجهها فإن القطاع الخاص يملك من القوة ومن القدرة ما يجعله يتحرك ذاتيا ويتحالف بالطريقة التي تؤدي الى حماية مصالحه على ان يتوحد وان ينطلق بصوت واحد. وان كانت الحكومة قد ضلت الطريق فعلى القطاع الخاص ألا يفعل ذلك.

العدد 1159 - الإثنين 07 نوفمبر 2005م الموافق 05 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً