العدد 1162 - الخميس 10 نوفمبر 2005م الموافق 08 شوال 1426هـ

الأسد باتجاه المواجهة الدولية

خطاب رئاسي متشدد وأزمة داخل الحكومة اللبنانية

اعتبرت الخارجية الأميركية خطاب الرئيس السوري بشار الاسد الذي ألقاها أمس أنه «يثير الاشمئزاز». وقال المتحدث آدم ايريلي: «إن ملاحظات الأسد لا يمكن النظر إليها إلا على أنها تحد لقرارات» مجلس الأمن.

وكان الرئيس السوري، تناول في خطابه الذي دام ساعة وربع الساعة الموضوعات التي تشغل بال السوريين والرأي العام العالمي، وموضوع التعاون مع لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والموقف من الوضعين العراقي واللبناني، كما تناول جوانب من الموضوع الداخلي باعتباره يمثل الشق الآخر من هموم السوريين.

النقطة الرئيسية في خطابه ركزت بصورة حاسمة على أن التعاون مع اللجنة الدولية، لن يؤدي إلى نتيجة سوى الضغط على سورية. والسبب، كما قال الأسد، أن تقرير لجنة التحقيق الدولية الذي بني عليه قرار مجلس الأمن كانت له دوافع سياسية، هدفها إدانة سورية في كل الاحوال.

وتشدد خطاب الأسد في التعامل مع لبنان ونخبته وإعلامه، فوصف لبنان بأنه تحول إلى «مرتع للمؤامرات على دمشق»، ووصف رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة بأنه «لم يتمكن من الالتزام أو لم يسمح له بالالتزام لأنه عبد مأمور لعبد مأمور»، وهو أمر ترك ظلالاً قاتمة على الوضع السياسي اللبناني وخصوصاً على موقف حزب الله.

وخطاب التشدد السوري يؤشر إلى سير دمشق نحو المواجهة الدولية، لأنه يجزم بالبراءة قبل أن تستجوب لجنة التحقيق المسئولين الستة الذين طلب ميليس التحقيق معهم في بيروت، الأمر الذي سيكون سبباً في تحرك دولي قد يسبق منتصف ديسمبر/ كانون الأول، موعد تقديم ميليس تقريره النهائي، ما يفتح الباب نحو اتخاذ «إجراءات» دولية ضد سورية وفقاً للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يتضمن عقوبات تصل حد استخدام القوة.

وكما هو واضح في لهجة الخطاب، فإن الأسد يذهب في اتجاه المواجهة الدولية من موقع المتشدد إزاء لجنة التحقيق الدولية من جهة والوضع اللبناني من جهة ثانية، لكنه يراهن على انفتاح وتعاون مع الوضع العراقي. أما في موضوع الداخل السوري، فإنه يقف في منتصف الطريق، واعداً بالاستمرار في سياساته ومسيرته «الاصلاحية» من دون أن يذهب خطوات باتجاه المعارضة ومطالبها، التي لا ترى في سياسات النظام تلبية لاحتياجات سورية. وهذا إن كان يعني شيئاً فإنما يعني الذهاب إلى مواجهة حاسمة من دون تعزيز قوته الداخلية معتمداً فقط على قوة النظام في خطوة تتقارب في معناها ومبناها مع خط الرئيس العراقي السابق صدام حسين عشية الحرب الأميركية - البريطانية على العراق في العام .

وادى خطاب الاسد إلى أزمة في مجلس الوزراء اللبناني حين إنسحب وزراء التحالف الشيعي بقيادة حزب الله وحركة أمل المؤيدين لسورية من الجلسة احتجاجاً على مناقشة خطاب الأسد، لأنه لم يكن مدرجاً على جدول أعمال الجلسة.

وعلى رغم الانسحاب بحث المجلس الخطاب، وقال وزير الإعلام غازي العريضي للصحافيين إن المجلس أبدى استغرابه ورفضه لمضمونه، وأبدى ثقته برئيس الوزراء فؤاد السنيورة، مؤكداً حرصه على أواصر التعاون بين لبنان وسورية.

في المقابل، وصف النائب وليد جنبلاط هجوم الرئيس السوري على حكومة بلاده بأنه «غير مقبول»، وأكد أن موقف سورية من التعاون مع لجنة التحقيق في اغتيال رفيق الحريري بات غير واضح. كما عبّر نواب ينتمون إلى الأكثرية البرلمانية التي يتزعمها سعد الحريري عن ذهولهم من تشدد الأسد.


مؤكداً أن أمام المنطقة العربية خيارين إما المقاومة أو الفوضى

الأسد لا يرى أملاً كبيراً في تجنب الضغوط على سورية

عواصم - وكالات

قال الرئيس بشار الأسد في كلمة ألقاها في جامعة دمشق أمس إن سورية ستتعاون بصورة كاملة مع تحقيق الأمم المتحدة في مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري لكنه عبر عن أمل ضئيل في أن يؤدي ذلك إلى تجنب الضغط على دمشق. وقال الرئيس الشاب في كلمة نقلت مباشرة عبر التلفزيون السوري إن تعاون سورية لا يعني أنها مستعدة للتضحية بأمنها واستقرارها محذرا من أن أي ضرر يلحق بسورية سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. وقال الأسد في كلمة عبر التلفزيون: «مهما قمنا باعمال ومهما تعاونا سيكون في النتيجة بعد شهر أن سورية لم تتعاون (...) يجب أن نعرف هذه الحقيقة أعجبتنا أم لم تعجبنا. يجب أن نكون واضحين لا يجوز أن نطمر رأسنا في الرمال ولا نرى الحقيقة»، لكنه استدرك قائلاً: «المهم أن نقوم بواجبنا».

وأمام المحقق الألماني رئيس لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الحريري ديتليف ميليس مهلة لغاية الخامس عشر من ديسمبر/ كانون الأول المقبل لإنهاء تقريره وتقديمه إلى مجلس الأمن وتأكيد ما إذا كانت سورية تعاونت مع التحقيق أم لا. وكرر الأسد أقوال سورية السابقة وأكد مجدداً رفض بلاده لتقرير ميليس الذي صدر الشهر الماضي ونفى تورط أي من المسئولين السوريين في قتل الحريري قائلا إن التقرير وراءه دوافع سياسية. وقال: «مبدأنا لايزال ثابتاً في التعامل الإيجابي مع المنظمات الدولية وقراراتها ومع لجنة التحقيق انطلاقاً من ثقتنا بأنفسنا وبصحة موقفنا وبراءتنا من كل الاتهامات التي أسقطت عليها وفي مصلحتنا الأكيدة في أن تصل التحقيقات إلى غايتها».


ميليس رفض الدعوة لزيارة دمشق

وقال الأسد إن ميليس رفض دعوة لزيارة دمشق لمناقشة التعاون. وكان ميليس طلب أن يستجوب فريقه ستة مسئولين سوريين من بينهم صهر الأسد آصف شوكت في لبنان.

ولم يتطرق الأسد إلى طلب ميليس بصورة مباشرة. وقال: «القضية لم تعد قضية جنائية دعونا لا نضيع الوقت في التفكير في ذلك، سورية غير متورطة لا على مستوى الدولة ولا على مستوى الأفراد».


الأسد يهاجم كتلة الحريري

اتهم الأسد كتلة الحريري باستغلال مقتله لمآرب سياسية. وقال: «هذا التيار (تيار الحريري) مرة شتم الحريري ومرة خونه بهدف شتم سورية وتخوينها والحقيقة أن هؤلاء غالبيتهم عبارة عن تجار دم، خلقوا من دم الحريري بورصة وهذه البورصة تحقق مالا وتحقق مناصب. كل مقال له سعر وكل موقف له سعر وكل ساعة بث تلفزيوني لها سعر». واتهم الأسد رئيس وزراء لبنان فؤاد السنيورة المقرب من الحريري بالسماح لبلاده بأن تكون ممراً للمؤامرات على سورية بينما كان الحريري يتعاون بالكامل مع دمشق حينما كان في منصب رئيس الحكومة. وأوضح الأسد «في الحقيقة أن ما نراه الآن أن لبنان هو ممر ومصنع وممول لكل هذه المؤامرات». وأضاف «يعني أن السنيورة لم يتمكن من الالتزام أو لم يسمح له بالالتزام لأنه عبد مأمور لعبد مأمور». وفي السياق ذاته، أكد الرئيس السوري أن المنطقة العربية بأسرها أمام خيارين هما «الفوضى أو المقاومة والصمود»، مشدداً على تمسك بلاده بالشرعية الدولية. واستطرد «نحن ملتزمون بالشرعية الدولية ولكن ليس على حساب التزاماتنا الوطنية». وأضاف أن «المنطقة تواجه خيارين لا ثالث لهما المقاومة والصمود أو الفوضى، والمقاومة لها ثمن والفوضى لها ثمن، ولكن ثمن المقاومة أقل من ثمن الفوضى. أما الابتزاز، فإذا كانوا يحاولون ابتزاز سورية فنقول لهم العنوان خاطئ». وأكد أن «الأسد لن يكون الرئيس الذي يخفض رأسه وشعبه لأحد في العالم»، مشيراً إلى أن مواقف دمشق تصدر عن «تقدير عال للمسئولية التاريخية التي تقع على عاتقها من خلال موقعها الجيوسياسي وارتباطها المباشر بساحات الصراعات المحيطة بها».


برنامج زمني لانسحاب القوات من العراق

ودعا الرئيس السوري إلى وضع برنامج زمني لانسحاب القوات الأجنبية من العراق لحفظه من الانقسام الداخلي. وحذر من أن «ما يحدث في العراق مصدر قلق لكل عربي ولا أحد يعرف متى يحدث الانفجار الكبير». ورأى أن الخطر الأكبر الذي يهدد العراق هو «تذويب هويته وطمس عروبته تحت عناوين ومضامين كثيرة (...) ما يمهد الطريق أمام خطر تقسيم العراق».


قضية الإصلاح الداخلي

وتطرق الأسد إلى قضية الإصلاح الداخلي في بلاده وكان حديثه حديثاً معمقاً عن قضايا الداخل المتعلقة بالإصلاح وتسريع وتيرة التحولات وخصوصاً نحو الديمقراطية ومكافحة الفساد والبيروقراطية. وأكد أن ذلك «كان مطروحاً من قبل إنما تحقيقه الآن يشكل رافعة مهمة لمواجهة التحديات».


عنان: لا مؤشر على هجوم أميركي

على صعيد متصل، قال الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان انه لا يوجد مؤشر على أن الولايات المتحدة تخطط لمهاجمة سورية بصرف النظر عن نتيجة التحقيق الدولي. إلا انه قال إن جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي يريدون من سورية التعاون بشكل كامل مع التحقيق.


معتقل سوري يتعرض لضغوط للإدلاء باعترافات

أنقرة - أ ش أ

ذكرت صحيفة «زمان» التركية الصادرة أمس أن السجين السوري لؤي سقا المتهم بانتمائه لتنظيم «القاعدة» والتخطيط لتفجير سفن سياحية إسرائيلية في ميناء أنطاليا التركي يتعرض حالياً لضغوط هائلة من جانب أطراف أجنبية مجهولة للإدلاء باعترافات وأقوال ضد سورية لتوريطها في اغتيال الحريري. وقالت الصحيفة نقلاً عن محامي لؤي سقا إنه تسلم رسالة خطية من موكله مكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية يبلغه فيها أن بعض الأشخاص الأجانب تم السماح لهم بمقابلته في سجن كاندرا التركي المعتقل فيه حالياً، إذ مارسوا عليه ضغوطاً هائلة بلغت حد التهديد بقتله ما لم يدل بأقوال وتصريحات ضد سورية وأن يذكر أن سورية وعناصر من المقاومة العراقية تقف وراء عملية الاغتيال.


تقرير سري: واشنطن لا ترى بديلاً لنظام الأسد

القدس المحتلة - يو بي آي

ذكر تقرير سري إسرائيلي أن الإدارة الأميركية تعتقد بأن نظام الرئيس السوري بشار الأسد «أفضل من أي خيار آخر» في المرحلة الحالية. وأشارت الإذاعة الإسرائيلية العامة أمس إلى وجود تقرير «سري» أعدته دائرة التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الإسرائيلية لتحليل عما سيكون عليه موقف كل من واشنطن وتل أبيب حيال دمشق في هذه المرحلة التي تتسارع فيها الحوادث في الشرق الأوسط. وقالت الإذاعة الإسرائيلية إن دائرة التخط

العدد 1162 - الخميس 10 نوفمبر 2005م الموافق 08 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً